سليمان: طالما نحن ملتزمون بالطائف فلا خوف على لبنان
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، في حديث الى جمعية الصحافيين الكويتية، "ان علاقة لبنان مع الكويت هي علاقة تاريخية وعظيمة، وهناك شبه كبير بين الشعبين والدولتين ولا سيما على الصعيد الديموقراطي"، لافتا الى "دور أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح المعروف تجاه لبنان والذي ساهم في الاعداد والتحضير والوصول الى اتفاق الطائف الذي ارسى الدستور اللبناني".
وقال: "طالما نحن ملتزمون بالطائف فلا خوف على لبنان من حروب او فتن اهلية، وكل المظاهر والتحركات التي نشهدها في مناطق متفرقة لن تجتمع لتشكل حالة فتنة في لبنان. هذه الحوادث يجب الا تحصل ونحن نعالجها ولكن ستبقى دون حدود الفتنة طالما الطائف ارسى شبكة امان على لبنان ومظلة امنية معقولة جدا سنحافظ عليها ونتمسك بها".
واذ هنأ سليمان العالم الاسلامي بحلول شهر رمضان المبارك، تمنى "ان يكون شهر خير وسلام ووئام على المنطقة العربية وعلى الكويت ولبنان بصورة خاصة". وأمل "في نهاية هذا الشهر ان يمضي الكويتيون الاعياد في لبنان". وقال: "صحيح ان التواجد الكويتي والخليجي قد خف بسبب حلول شهر رمضان المبارك وهم يفضلون قضاء هذا الشهر في ربوع بلادهم، ولكن بعد العيد نحن ننتظر قدومهم الى لبنان"، مضيفا "نحن عندما نتحدث عن السياحة الخليجية لا نحصي الارقام، انما يهمنا النوعية، هناك صداقة مع الكويت هي اعمق بكثير من عدد السواح والمصطافين القادمين الى لبنان".
وتناول الرئيس سليمان دور الاعلام، قائلا: "ان للاعلام دورا كبيرا جدا في عملية البناء، فهو يظهر الحقيقة من اجل تحقيق العدالة وللدفع باتجاه محاسبة للمسؤول وحماية المظلومين واطعام الجياع، وليس دور الاعلام التخريب. لذلك على الاعلام دور كبير"، مثنيا على قناة "ام.تي.في" "التي اخذت قرارا بعدم نقل اي مشهد اعتراضي خارج القانون"، وقال: "هذا تصرف راق ووطني بامتياز من قبل هذه القناة، آمل من جميع القنوات التلفزيونية ان يحذوا حذوها بما يشكل صحوة اعلامية حقيقية لا تخفي الحقيقة، انما تجعل هدف الحقيقة هو الاصلاح وليس التخريب. وهذا الامر يحتاج الى برنامج يحدد كيفية اظهار الحقيقة لخدمة المصلحة العامة والوطنية والقضية اللبنانية والعربية والفلسطينية".
وتطرق الرئيس سليمان الى الموضوع السياحي ورأى "انه في بعض الاحيان، يصدر بعض التصريحات عبر الاعلام وهو ليس مسؤولا عنها، انما من يطلق هذه التصريحات يجعل من لبنان وكأنه بؤرة اضطراب وتوتر". وقال: "هناك شكوى من خدمات البنى التحتية كالكهرباء على سبيل المثال، انا اقول نحن دفعنا ثمن الديموقراطية عشرات السنوات، وهذه الديموقراطية التي يبحث عنها في الوطن العربي، نحن دفعنا ثمنا غاليا للحفاظ عليها. ومن ضمن هذا الثمن، البنى التحتية التي لم نستطع بناءها. ولكن، هناك وسائل بديلة تؤمن الخدمة ولا اعتقد ان هذا هو السبب الذي يحول دون مجيء السائح الخليجي الى لبنان. وضعنا خطة الكهرباء وسنباشر بها، وخلال بضع سنوات وتدريجيا تتأمن الكهرباء بشكل دائم. ونحن اليوم ايضا بصدد بداية التنقيب عن الغاز وهذه ثروة تضاف الى ثروة لبنان الطبيعية والانسانية الموجودة".
وأكد الرئيس سليمان ان زيارته الى دولة الكويت هي "زيارة صداقة وشكر لامير الكويت على كل ما تقدمه بلاده للبنان عبر صندوق التنمية الكويتي وعبر الصندوق الانمائي الذي طرحه امير الكويت واصبح على مستوى الجامعة العربية، وايضا لاطلاع سمو الامير على حقيقة الوضع في لبنان لانه اذا تم الاستناد الى بعض التصريحات قد يظن الاخوة العرب وخصوصا الكويتيين بأن وضع لبنان متدهور. لذلك كان من الضروري جدا شرح حقيقة الموقف اللبناني والوضع الداخلي انطلاقا مما اجمعنا عليه في اعلان بعبدا الذي انبثق عن هيئة الحوار الوطني الذي يتضمن 16 بندا اهمها تحييد لبنان عن الاضطرابات في المنطقة وعدم جعل لبنان ممرا او مقرا لتسليح او لانطلاق اعمال مسلحة ضد سوريا".
وأضاف: "أحببت اطلاع اخي سمو امير الكويت على هذا الموقف الذي اجمعنا عليه. ومطلب الحياد هو قديم في لبنان، في الماضي كان السؤال هل الحياد عن فلسطين، بالطبع لا حياد في القضية الفلسطينية، نحن مع هذه القضية وضد اسرائيل، ولا حياد في الاجماع العربي والقضايا الانسانية، ولكن في النزاعات التي تحصل داخل الدول العربية وغير العربية، نحن قررنا الحياد عن هذه المواضيع. كان من الضروري شرح هذا الموقف لامير الكويت المعروف بصوته العالي في الدفاع عن الحق. وايضا بحثت مع سموه موضوع تحذير الرعايا من القدوم الى لبنان. لعل السبب هو تصوير الوضع في لبنان وكأن الحكومة هي ضد فئة من الناس ومع فئة اخرى، كان من الضروري ان نؤكد عدم صحة ذلك. الزيارة حملت ايضا رسالة الى اللبنانيين عن علاقتنا مع دول الخليج ومع الكويت بصورة اساسية بأنها علاقة طبيعية غير متأثرة بما يجري مع سوريا. ورسالة لاهلنا في الكويت والخليج بأننا نرحب بقدومهم الى لبنان ونحرص على علاقتنا الجيدة والممتازة معهم ونبذل الجهود الكاملة لعدم التعرض للسواح".
وتابع: "أثرت ايضا مع سمو الامير موضوع المخطوفين اللبنانيين الـ11 في سوريا وطلبت منه عبر اتصالاته المساعدة في الافراج عنهم. الزيارة كانت مفيدة لوضعية وموقع لبنان لدى الكويتيين وابناء الخليج ولموقع لبنان في العالم وهي تشير الى ان لبنان غير معزول، ولتعزيز العلاقة الثنائية بين لبنان والكويت والتي لم تتأثر سلبا".
ولفت الرئيس سليمان الى ان جولته "شملت كل دول الخليج لان شعوبها كانت معنية اكثر من غيرها بمسألة الخوف من القدوم الى لبنان وكانت مناسبة لاجراء هذه الاتصالات لشرح الموقف اللبناني الحقيقي مما يجري وكيفية تعاطي الحكومة اللبنانية والرئيس اللبناني مع الاستحقاقات المقبلة".
وتابع: "العلاقة مع المملكة العربية السعودية علاقة ثابتة ومستقرة وجيدة. طبعا الكويت والسعودية ولبنان يريدون ان يرعى رأس الدولة هذه العلاقة، ولكن علاقتنا اصبحت على مستوى المؤسسات والمجتمعات، ونحن عندما نريد ان نتباحث حول امر ما مع الكويت لسنا دائما بحاجة للحديث مع امير البلاد، هناك تنسيق وتعاون بين مؤسسات البلدين وهناك شعب ومجتمع ومؤسسات تعليمية. وفي ظل العلاقة الممتازة مع السعودية ورعاية ومحبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للبنان لسنا بحاجة لكي نبحث معه المواضيع التنفيذية الاجرائية لانها تسير بشكل طبيعي بين المؤسسات وهذه هي الديموقراطية، اي عندما تصبح العلاقة غير مرتبطة بالحاكم او بالنظام انما بالمؤسسات وبالمجتمعات مع ضرورة رعايتها من قبل رئيسي الدولتين وحكومتي البلدين انطلاقا من عدم السماح للعلاقة بالذهاب بالاتجاه السلبي، نحن نقول للجيش انت تتعاون مع الجيش الفرنسي او الكويتي او السعودي ( ..) وعلى المؤسسات ان تبلور صيغة واوجه التعاون (..) عندما نربط كل الامور بالنظام فقط لا تعود الممارسة ديموقراطية لان الانظمة والاشخاص يتغيرون وتبقى العلاقة التي ارسيت بين المؤسسات والمجتمعات".
واضاف: "بعض الاحداث التي حصلت في لبنان من قطع الطرق المتكرر واحداث طرابلس (..) أدى الى خوف لدى حكومات هذه الدول من تعرض رعاياها لسوء ما فأصدروا تحذيرا، ويعتبرون ان واجب الحكومة القيام بذلك وليس منع السفر. واكبر دليل ان سمو امير الكويت ابلغني ان افرادا من العائلة المالكة موجودون في لبنان والامور لا تتخطى ذلك.
واكد سليمان "اننا طبقنا الحياد وسنكمل به لانه قرار وانا رئيس الدولة ارى مصلحة لبنان بهذا الخيار وكذلك الحكومة، وفي اول جلسة حوار صدر اعلان بعبدا الذي اصبح اعلانا ميثاقيا وأبلغ الى الامم المتحدة وجامعة الدول العربية ويتضمن تحييد لبنان عن انعكاسات الازمات المحيطة بنا. بالنسبة الينا، فان السوريين متساوون وعلاقتنا معهم جميعا، ونتمنى ان يقرروا امورهم بهدوء وان تستقر الامور عندهم على ديموقراطية يختارونها بأنفسهم ونحن معهم في الخيار الذي يتفقون عليه ولكن لا يمكننا الوقوف مع طرف ضد الآخر".
وتابع: "نحن نقوم باستقبالهم وعلاجهم ونقوم بواجبنا رغم حاجتنا للمساعدة. ولكن اذا كان هناك لبنانيون لا نستطيع تأمين كل العلاج الذي يريدونه، فإننا لا نستطيع ان نوفر للسوريين كل العلاج الذي يريدونه ايضا، هناك الامور الطارئة الدولة تساعد فيها وتقوم بجهدها لتأمين الاعتماد، ونحن كنا في ازمة ميزانية ولم تنته بعد بصورة نهائية. وهناك شكوى من قبل وزارة الصحة والهيئة العليا للاغاثة، لكن الحالات الضرورية يتم علاجها بسرعة".
واعتبر سليمان ان "المطلوب ايقاف العنف وان يعتبروا مما حصل في لبنان سابقا وما حصل الى الآن في سوريا. نحن في لبنان مارسنا العنف لـ20 سنة وغرقنا في دوامته وساعدنا السوريون على الخروج منه. لذلك الأولى مساعدة انفسهم وان يتفقوا على النظام والدستور وقانون انتخابي مقبول من الجميع وان يذهبوا الى الديموقراطية لان ما يحصل الآن هو وقوع خسائر بشرية ومادية، وفي النتيجة لا حل الا بالحوار واعتماد الديموقراطية، و"نصيحة مجرب" ان يذهبوا مباشرة الى الحوار بين كل الافرقاء والاطراف دون استبعاد اي طرف من الحوار، معارضة ونظام ومستقلين، لاختيار النظام الديموقراطي الذي يجب ان يسيروا عليه".
وعن الربيع العربي، قال "أتمنى ان يكون ربيعا لكنه لم يزهر بعد بشكل كاف، رغم وجود مظاهر جيدة كانتخابات مصر، والمهم المتابعة وكيفية التعاطي مع الهيئات والسلطات الدستورية اذا كان التعاطي صحيحا فهذا امر جيد"، مشيرا الى ان الانتخابات في ليبيا حصلت بشكل ديموقراطي الى حد كبير وهذا جيد. ونحن ننتظر انتهاء العنف، لان هدف الديموقراطية هو السلام والانماء واذا لم يحصل الامران، فلا ديموقراطية لانها ليست اسما انما فعل".
واشار الى ان "لبنان بلد يتألف من نسيج متنوع وهذه هي الميزة اللبنانية، هذه المكونات لها علاقات وارتباطات مع دول اخرى ولا سيما على صعيد المرجعيات الدينية، هذا امر طبيعي لكن ان نجعل هذه الارتباطات تؤثر على مواقف لبنان فهذا مرفوض، اذا كان ذلك للخير نحن معه واذا كان سيؤدي الى الابتعاد عن موقف الحياد الايجابي الذي اجمعنا عليه فلن نقبله. نحن نطبق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بايران وغيرها من الدول واذا كان القرار يعني لبنان مباشرة نطبقه ايضا. وهذه قوتنا في لبنان، ولا نستطيع الخروج عن قرارات الشرعية الدولية وهذا مكرس في الدستور وكنا مساهمين ببناء هذه الشرعية الدولية. عندما بدأت الدعوات لاجتماعات لاصدقاء سوريا لدعم المعارضة السورية كان ردنا اننا اصدقاء لجميع السوريين وهذا الاجتماع هو للصداقة مع بعض السوريين ولذلك اعتذرنا. وعندما رغبت ايران بانشاء محور رباعي لاجل سوريا كذلك لم نستجب. علاقتنا جيدة جدا مع ايران، وهي علاقة واعدة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ولكن التأثير في الشؤون الداخلية فهذا امر يتعلق بالسيادة اللبنانية وقرارانا الداخلي اللبناني".
وعن المساعي للافراج على اللبنانيين الـ 11 المخطوفين في سوريا، قال "هناك بعض البوادر الجيدة واسعى كل جهدي واجري اتصالات واعقد لقاءات دورية من أجل تحرير هؤلاء الابرياء الذين لا علاقة لهم بشيء، ولماذا أخذهم كرهائن وما الذي ارتكبوه. كل ما في الامر انهم يؤدون شعائر دينية ويعودون الى بلدهم. لم يقوموا باي امر مخالف، هذا ظلم يضر بالذين يطالبون بالديموقراطية. لانه، بالحد الادنى، في الديموقراطية عدم احتجاز الناس. لذلك ادعو المعنيين بالامر الى ان يبادروا فورا لاطلاق سبيل هؤلاء المظلومين لان هذا ليس عملا ديموقراطيا ولا يساعد اي قضية".
وردا على سؤال عن الوضع العسكري في سوريا، قال الرئيس سليمان: "هناك نظرية تقول ان العمل العسكري هو تكملة للعمل السياسي، اي ان العسكر يكملون ما عجزت السياسة عن انجازه. انا مع معالجة الامر بالطرق السياسية، والعسكري دائما يذهب الى معالجة سياسية للامور وسحبها من الشارع، لا يوجد جيش في العالم يرغب بالوقوف في مواجهة الناس. بالنسبة للسوريين فإن وصفهم للامور مختلف عن الآخرين، هم يؤكدون انفتاحهم على كل حل ديموقراطي ويصفون بعض الاعمال التي تحصل بأنها اعمال ارهابية وتقوم بها "القاعدة"، نحن لا نتدخل كثيرا في توصيف هذا الامر ولا نتعاطى به لعدم توفر المعلومات الكافية لكي نقول كيفية توزع الحالة في سوريا. هناك جزء من السوريين يريد الديموقراطية ولا يهمه في ظل النظام الحالي ام مع غيره، وهناك جزء آخر يريد التغيير الديموقراطي ولكن يريد اسقاط النظام، وهناك جزء يريد اسقاط الناس ولا يسأل عن الديموقراطية وجزء رابع يريد بقاء النظام الحالي. آراء السوريين متشعبة ومتنوعة، لذلك نحن نختصر موقفنا ونقول ان على السوريين الاجتماع والتحاور للوصول للصيغة التي يرونها مناسبة لشعبهم وهذه امنيتنا القلبية الصادقة، لان سوريا المضطربة تجعل لبنان وكل الدول العربية معرضة للاضطراب وكل الجوار كذلك. واتمنى لو ان الجامعة العربية تستطيع معالجة هذا الموضوع وان توجد رعاية لعملية سياسية في سوريا كما يطرح الآن كوفي انان اي رعاية عمل حواري يوصل الى حلول سياسية تتعلق بالدستور وقانون الانتخاب وتكون لصالح سوريا والا يسمحوا لاي تدخل خارجي في الشأن السوري واعني تدخل عسكري لانه يزيد العنف ويعزز مخاطر الانزلاق الى الحرب الاهلية. نأمل الا تصل الى سوريا الى المكان الخطر".
وتابع: "لا تمديد وارغب بألا يحصل التمديد. والفراغ يجب الا يقع وعلى اللبنانيين تدارك هذا الفراغ. والدستور اقفل باب الفراغ لانه ينص في حال شغور سدة الرئاسة، على ان تتولى الحكومة مجتمعة مهام الرئاسة، اكيد ليس هذا الحل الامثل انما البديل، اي حل الازمة، ولكن على اللبنانيين حسم خياراتهم، المحيط يذهب الى الديموقراطية فهل نعود نحن الى الوراء؟ لن اقبل بالتمديد لانه عمل استثنائي وشاذ يحتاج الى تعديل دستوري".
واعتبر سليمان ان "ما يحصل على طريق الجنوب خطأ كبير يرتكب لان الضرر الاساسي على ابناء صيدا كما يؤذي صاحبه، ومن يقطع طريق المطار فإن اول المتضررين ابناء الضاحية الجنوبية، واقفال مستديرة طرابلس الضرر ينعكس على اهل طرابلس. اعود واوجه الرسالة نفسها للجميع: لن تقع حرب اهلية في لبنان ومن يقوم بهذه الاعمال يؤذي نفسه قبل غيره ولن تجدي هذه الاعمال نفعا، هناك مساع تبذل لفتح هذا الطريق وان شاء الله في بداية شهر رمضان اتمنى ان يبادر المعتصمون، لمصلحة الوطن وابناء صيدا، الى ازالة هذا الاعتصام".