من وحي الجو الإيجابي المفاجئ: نعم للمؤتمر التأسيسي ولا للمثالثة
في سياق الأجواء الحوارية الإيجابية المستجدة بين حزب الله وتيار المستقبل، التي انطلقت إثر مبادرة السيد حسن نصرالله ثم التفاعل الإيجابي لسعد الحريري معها، عادت خلال الأيام الفائتة مجموعة من التعابير إلى التداول في السوقين السياسي والإعلامي، أبرزها على الإطلاق "المؤتمر التأسيسي" و"المثالثة".
وبما أن من أطلق التعبيرين المذكورين قد لا يعرف معناهما الحقيقي على الأرجح، لا بد من تعريف واضح.
فما هو "المؤتمر التأسيسي"؟ إنه بكل بساطة اجتماع القوى الممثلة للشعب لإعادة البحث في الدستور، ولاسيما الثغرات التي ظهرت بعد سنوات الممارسة.
وما هي "المثالثة"؟ إنها بكل بساطة أيضاً، استبدال المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، بمثالثة بين المسيحيين والشيعة والسنة.
من حيث المبدأ، ليس عيباً عقد مؤتمر تأسيسي للبحث في ثغرات اتفاق الطائف والتعديلات الدستورية التي انبثقت عنه، والتي يشكو من تداعياتها من يحذر من المؤتمر المذكور قبل سواه. فالظروف الخارجية والداخلية التي أحاطت بولادة اتفاق الطائف عام 1989 زالت بالكامل، ما يحتم إعادة النظر بما وصف حينها "بوثيقة الوفاق الوطني"، علماً أن حسناتها القليلة أهملت، فيما شرها الكثير طبق على أكمل وجه. لكن الأهم في هذه النقطة، أن المؤتمر لم يطرحه أحد، لكنه يتحول تدريجياً إلى أمر واقع، من خلال تمسك بعض الأفرقاء بعدم تطبيق اتفاق الطائف، عبر الإصرار على انتخاب رئيس ضعيف، وعرقلة إقرار قانون انتخاب يصحح التمثيل، يحول المجلس النيابي اللبناني إلى مؤتمر تأسيسي دائم.
أما المثالثة، فشعار تخويفي طرحته قوى الرابع عشر من آذار في إطار حملتها الانتخابية عام 2009، للإيحاء بأن وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله تهدف إلى التخلي عن جزء من حصة المسيحيين في الدولة ليحصل عليها الشيعة، وهو موضوع وارد. هذا مع العلم أننا نعيش الآن نوعاً من المثالثة، جراء سوء تطبيق الطائف، بحرمان المسيحيين التمثيل الإداري والوزاري والنيابي والرئاسي الصحيح. فالمناصفة التي يستشرس البعض في الدفاع عنها قائمة في النصوص ومغيبة في التطبيق.