فؤاد السنيورة لـ"تلفزيون اليوم السابع": شحنة انفجار بيروت ممنوع دخولها لبنان.. واللبنانيون فقدوا الثقة فى الوزارء

النوع: 

 

كشف فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق، عن العديد من الكواليس والأسرار خلال حواره مع تليفزيون اليوم السابع، سواء ما يتعلق بحادث انفجار مرفأ بيروت، أو ما يتعلق بالوضع السياسي والاقتصادى فى لبنان، حيث أكد على أن الأحزاب الطائفية والمذهبية والمليشيات لاسيما حزب الله، هى السبب فيما وصل إليه لبنان من تدهور على كافة الأصعدة.

وقال السنيورة خلال حواره  إن الذى جرى فى لبنان أمر كبير جدا وبالتالي الذى آثار الغضب ليس فقط هذه الخسائر البشرية والجرحى ومعاناتهم والخسائر المادية الهائة التى لحقت بمدينة بيروت ومرفأها ومواطني هذه المدينة، بل ما تتكشف معه هذه الامور الآن هو هذا القصور والتقصير فى معالجة مشكلة ليست بنت البارحة، لكن مضى عليها 6 سنوات رغم أن الانفجار وقع منذ 4 أيام .

وتابع فؤاد السنيورة، أن هذا الانفجار يحمل معه الكثير من التساؤلات والشكوك والريبة بشأن هذه الباخرة التى كانت متجهة من جورجيا إلى موزمبيق فى أفريقيا، وبالتالى جاءتها كما يبدو أوامر أن تتجه إلى لبنان، وأن تحمل أحمالا إضافية، لكن تبين هذه السفينة لا يمكنها أن تحمل احمالا إضافية بالتالى أصبحت هناك مشكلة وأصبحت غير صالحة للابحار، حيث تعانى من تسرب المياه، ومن ثم جرى إفراغ الحمولة وبعد ذلك غرقت السفينة، وصارت المشكلة فى المواد التى أودعت فى عنابر المرفأ، وتبين الآن أن هناك مفترض من كان يلفت الانتباه، وأن هناك قصورا عن فهم مقدار المخاطر التى تحملها هذه الشحنة من المواد التى هى اصلا ممنوع دخولها إلى لبنان.

وقال السنيورة لتلفزيون اليوم السابع، إن نترات الامونيوم تأتى من المركزات المختلفة، والمركزات العالية هى التي تستعمل لتصنيع المفرقعات، وأما المركزات المنخفضة جدا فتستعمل كأسمدة كيماوية، وتابع: المشكلة أن لبنان يمنع دخول مثل هذه المركزات التى تبلغ نسبة تركيزها بـ 34.7% وبالتالي هذا الأمر يدخل الكثير من الشكوك حول الجهات المعنية فى هذا الامر.

وتابع رئيس وزراء لبنان الأسبق، إن هناك تقصيرا شديدا من جانب المسئولين والجهات المعنية أدى لكارثة انفجار مرفأ بيروت، مؤكدا ان المواد المخزنة فى المرفأ هى مواد ممنوع دخولها إلى لبنان من الأساس.

وأضاف، إن الجهات المعنية بوجود وتخزين هذه المواد التى أدت إلى الانفجار، هو الجيش اللبناني والأمن العام وأمن الدولة والجمارك وكافة الجهات المدنية، وبالتالي هم المسئولون عما جرى، وعن تأخر معالجة المشكلة.

وتابع، كما تبين من الأخبار أن شركة فى موزمبيق، قالت إنها تريد أن تستورد هذه الشحنة، ولكنها لم تصل  إليها، وبالتالى قالوا لن ندفع ثمنها، وكأن هذه الباخرة ربما تعرضت لعملية قرصنة، وهذا الأمر لم يكن واضحا حتى الآن بالنسبة للمواطنين اللبنانيين.

وأكد السنيورة أن هذه الشحنة ممنوع دخولها إلى لبنان، وهذا النوع من المركزات من نترات الأمونيوم، ممنوع دخوله، حتى الشحنات المنخفضة التركيز يتطلب موافقة من مجلس الوزراء على دخولها ، وبالتالي  هذا الأمر يثير الشكوك والريبة.

وقال السنيورة تعليقا على مسئولية رئيس حكومة لبنان السابق عن حادث مرفأ بيروت، أنه لا يريد تحميل أى مسئول المسؤولية قبل أن يُجرى تحقيق، مضيفا حول اجتماع رؤساء الحكومة السابقين ، انه ولا شخص منهم  كان على علم أو جرى إطلاعه على هذا الأمر أو تفاصيله. وتابع: قبل ان يتم توجيه التهم جزافا، فإن الأمر يتطلب التحقيق وانتظار نتائجه، مشيرا إلى أن ما حدث فى لبنان يأتى بعد مرحلة طويلة معقدة بالبلاد انهارت فيها الثقة ما بين اللبنانيين والحكومة ورئيس الجمهورية والقطاع السياسي، وهذا ما أدى لتفاقم الأمر بعد حدوث الانفجار.

وأضاف السنيورة: إن هذا الانفجار جاء ليضيف هما كبيرا إلى هموم سابقة،  ورأى اجتماع رؤساء الحكومة السابقين أن هذه القضية فى منتهى الخطورة، ويتطلب الامر جلاءها والوصول إلى الحقيقة، وهذه هي الوسيلة الوحيدة من أجل طمانة اللبنانيين الغاضبين والذين تعرضوا لمخاطر وتحملوا هذه المعاناة وهذه المشكلات.

وأوضح السنيورة ، أن موقف رؤساء الحكومة السابقين هو أن نسارع فى معرفة الحقيقة، وأن يتم الاستعانة بمحققين محايدين، لأنه لا يمكن أن نسلم التحقيق إلى من كان موجودا بالمنطقة الجمركية بالمرفأ، وهو على علم بالوقائع والأمور تجري تحت نظره، وبالتالي لن يكون هناك جدوى، وهذا ليس تشكيك فى أحد، و لكن الأمر يتطلب الاستناد لفريق تحقيق يتمتع بالحيادية ليعطى صورة واضحة ويهدأ من غليان الشارع اللبنانى، والمجتمعين العربي والدولى المعنين بلبنان.

وحول احتمالية أن يكون هذ الانفجار جاء من خلال مؤامرة على لبنان، قال إنه ليس بإمكانه استعمال كلمة مؤامرة، لكن ما يؤكد عليه هو أن  أمام هذا الحادث هناك ريبة وشكوك تحوم حوله، متسائلا، كيف لباخرة طالعة من جورجيا متجهة إلى موزمبيق أن تتوجه إلى لبنان؟ . وشدد على أنه لابد من أن يسارع التحقيق ويكون من خلال جهة سيادية ومحايدة، وأضاف ردا على تصريحات رئيس الجمهورية وقوله إنهم لا يريدون طلب من أحد يقوم بالتحقيق من خارج لبنان لأنه أمر يمس بالسيادة، هل المساس بالسيادة أن تستعين بخبرات عربية ودولية أم المساس بالسيادة يكون على يد من يتولى الإطباق على الدولة اللبنانية كحزب الله، و من يستعمل الأسلحة التى لديه ويوجهها إلى صدور اللبنانيين، ليس ذلك فقط بل يتدخل بها و يستعمل هذا السلاح ضد صدور السوريين والعراقيين واليمنيين ، وبالتالي كيف تستقيم هذه الأمور؟.

وكرر فؤاد السنيورة القول إن الشكوك حول حادث انفجار بيروت غير مطمئنة على الإطلاق، مضيفا أن هذا الانفجار جاء بعد سلسلة لا تنتهى من القصور والتقصير، وقال: لا أحد يضع هذه المواد القابلة للانفجار على مسافة أمتار من المنطقة السكنية، وهذا ما يدفعنا للقول بأننا نريد تحقيقا محايدا يطمئن اللبنانيين ويطمئن كل الذين لهم علاقة بلبنان.

وحول استقالات النواب والوزراء قال ، هو وسيلة للتعبير عن هذه المجموعة من المشكلات المتفاقمة، والتي طغى عليها حاليا الانفجار الكبير ، لكن المشكلة الكبيرة ليست الانفجار وحده ، وإنما مجموعة من المشاكل التي تراكمت والتي أدت إلى أن تصبح الدولة اللبنانية مختطفة من قبل الأحزاب الطائفية والمذهبية والمليشيات، لاسيما حزب الله .

وتابع، هذه المشكلات أدت إلى التخريب الكبير الذى طرأ على الأوضاع السياسية والأمنية فى لبنان وبالتالي كانت له أبعاده الاقتصادية، وهذا الأمر جاء فى أعقاب ما يسمى إطباق هذه الأحزاب على المؤسسات اللبنانية، فأصبحت الوزارات والحقائب الوزارية والإدارات هى مزارع للأحزاب الطائفية والمذهبية، بحيث كل حزب يريد أن يتمسك بوزارة معينة، ويقوم بتعيين اتباعه، بالتالي هؤلاء يعينون استنادا إلى ولائهم لأحزابهم وليس استنادا لكفاءتهم، هذه هي المشكلات التى تفاقمت وتأججت وكانت متراكمة وانفجرت مع الانفجار الكبير.

و ردا على سوء الأوضاع فى لبنان ورفض الشعب لكل الطبقات السياسية بما فيها حكومته بعد اتفاق الطائف، قال السنيورة: بلا شك إن اتفاق الطائف الذى توصل إليه اللبنانيون بموافقة كبيرة من لبنان وموافقة البطريركية المارونية وبمباركة من الفاتيكان وجاءت برعاية عربية وسورية ومصرية وسعودية، ودولية من روسيا والاتحاد الأوروبى، وأيضا من الولايات المتحدة، هو - بنظري - أوصلنا لأهم صيغة يعتمدها لبنان لأنها قائمة على الازدواج بين إرادة الفرد وإرادة الجماعات ، وبالتالي فإن اتفاق الطائف كان يقتضي ان يكون هناك أيضا مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف.

وتابع، المشكلة إن اتفاق الطائف لم يستكمل تنفيذه لأنه أولى الأمر إلى النظام السوري الذى أشرف على تطبيق هذا الاتفاق، وكانت النتيجة عدم تنفيذ كل  بنوده، والذى جرى بعد ذلك هو الممارسة التى أدت إلى إدخال الميلشيات إلى جسم الدولة اللبنانية ، فجرى ابتلاع الدولة واختطاف أجزاء منها، فالمشكلة ليست في النظام ولكن في الممارسة، لأنه ليس هناك نظام قادر على أن يحكم فئات متنوعة متعددة.

وضرب السنيورة مثالا يرجع للعام 1998 وقال: "كنت أنا وزيرا للمالية ورئيس الوزراء كان وقتها رفيق الحريري، كنا نعد مشروع قانون لتعديل الرواتب والأجور، وكان هناك مشروعا اصلاحيا من أجل إعادة الاعتبار والاستناد إلى الكفاءة والجدارة فى المناصب ومن هم يستحقونها، وحصل فى ذلك الحين أن انتخب الرئيس اميل لحود، وهو الذى أصر على منع اقرار مشروع القانون".

وتابع السنيورة، هذا هو جوهر المشكلة التي تعود إلى ذلك الحين، وهذا الأمر بالذات استمر لسنوات طويلة، فمنذ 3 أسابيع، كان هناك مشروع أقره مجلس النواب بوضع معايير للتعيين فى مناصب ومؤسسات الدولة ، وحين عرض على الرئيس تم الغاؤه واعترض عليه ، فهذه هى الصورة فى لبنان، وهى ما أدت إلى ما يسمى هذا الاطباق الذى تمارسه الأحزاب الطائفية والمذهبية وأدت إلى انهيار الأوضاع الاقتصادية وانهيار الليرة وانهيار مستوى المعيشة.

وحول مساندة الدول لبنان قال: بدون شك الرئيس الفرنسي ماكرون قام بمبادرة إيجابية، وما فعله فى زيارته بنزوله مباشرة إلى مواقع الانفجار  أنه استمع إلى الشباب اللبناني وإلى غضبهم وعاملهم بكل تقدير، وقال ما جئت لأدعم الحكومة وانما اللبنانين، وأرسل رسالة واحدة إلى المسئولين بأن عليهم ان يقوموا بالاصلاحات ليساعدوا أنفسهم ، كما أن مبادرته لمؤتمر باريس لمساعدة لبنان والذى حضرته دول عدة من أجل مساعدة لبنان هي خطوة جيدة أيضا.

وأضاف، نتمنى أن يحدث أى شيء يحل مشكلة لبنان، لكن همومنا لن تنحل إلا من خلال الاصلاحات، والجميع يؤكد أن هذا لن يتحقق إلا بمساعدة لبنان لنفسه فى البداية. 

وقال: "المشكلة أن هناك تقاعسا واستعصاء من اللبنانيين فى أن تقوم الحكومة والرئيس بالاصلاحات، وهذا ما يجعل الآخرون يتدخلون، ولولا هذا ما كنا في هذا الموقع أو نطلب تدخل أحد ليعطينا نصائح ،  وهنا لا أقلل مما فعله الرئيس ماكرون،  لكن كان بامكاننا أن نتولى هذا الأمر ونقوم نحن به".

وعن فترة رئاسته للحكومة قال السنيورة إنه ليس نادما على أي قرار اتخذه حين كان رئيسا للحكومة وأنه لو عاد به الزمن لفعل ما فعل.

وأضاف حول فترة وجوده فى رئاسة الحكومة ولماذا لم يقوم بالإصلاح المطلوب خلال تلك الفترة: "أنا شخصيا لو عاد بى الزمن مرة ثانية للفترة التى كنت فيها وزيرا للمالية والفترة التى كنت فيها رئيسا للحكومة، وفى ظل ما يحدث الآن، لفعلت ما فعلت، ولست نادما على الإطلاق على أى شيء قمت به" وتابع:"احيانا الفاشلون من السياسيين الذين لا يعملون على الإطلاق يطلقون أحيانا التهم على الناس، لكن هناك فرق بين الذي يقود السيارة و الذي قاعد في المقعد الخلفي".

وحول رؤيته لإصلاح الأمور فى لبنان ونهضة لبنان من جديد قال، أولا بالعمل على استعادة الثقة ويعنى ذلك استقالة الحكومة، وتغيير نهج وتفكير ومقاربات رئيس الجمهورية.

وأضاف: أنا لست مرشحا  لأى منصب لكنني مع اقتراح تأليف حكومة جديدة من حياديين وليس من تابعين لهذه الأحزاب الطائفية والمذهبية، ويكون على رأس الحكومة شخص له خبرة فى العمل الحكومي ويقود البلد إلى الإصلاح، وإلى احترام اتفاق الطائف، وإلى احترام الدستور والقوانين واللبنانية، واحترام الدولة وعدم تسييس القضاء، وأن تكون كل التعيينات فى الدولة بالكفاءة والجدارة المطلوبة وعلى أساس التنافسية، وليس على أساس الولاء.

وعن الشخصية التى يراها مؤهلة لتقوم بإعادة الثقة بين اللبنانيين والحكومة من جديد، قال أكثر شخص مؤهل لذلك هو سعد الحريري، لأن الشعب أصبح لا يثق في الحكومة والرئيس فقط بل أيضا في أي سياسي.

 

الكاتب: 
حوار: محمد السيسي ورغدة بكر/إعداد:هدى أبو بكر
التاريخ: 
الاثنين, أغسطس 10, 2020
ملخص: 
مع اقتراح تأليف حكومة جديدة من حياديين وليس من تابعين لهذه الأحزاب الطائفية والمذهبية، ويكون على رأس الحكومة شخص له خبرة في العمل الحكومي ويقود البلد إلى الإصلاح، وإلى احترام اتفاق الطائف، وإلى احترام الدستور والقوانين واللبنانية، واحترام الدولة وعدم تسيي