الحسيني: هيئة الحوار سلطة منحلّة

النوع: 

 

خمسة هي ابرز البنود التي لم تُطبَّق في "اتفاق الطائف" كما يعدّدها حافظ أسرار ومحاضر الطائف رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني الذي استعاد المراحل التي مرّ بها "اتفاق الطائف" منذ إقراره، مروراً بالتحوّلات الاقليمية والدولية التي أدّت الى تبدّل الدور السوري من دور مساعد في حلّ الازمة اللبنانية الى دور المشارك في ادارة الازمة اللبنانية من دون حلّها، ونقل الملف اللبناني-السوري من الرئيس الراحل حافظ الأسد شخصياً الى لجنة برئاسة عبد الحليم خدام الذي استسهل ادارة الازمة عن طريق ميليشيات الاتفاق الثلاثي.

والبنود الخمسة التي علّق تطبيقها هي :

١- قانون الانتخاب الذي يؤمّن برلمانية النظام والمراقبة والمحاسبة إذ لا سلطة بلا مسؤولية.

٢- نقل السلطة من رئيس الجمهورية الشخص الى مجلس الوزراء المؤسسة التي تنعقد برئاسة رئيس الجمهورية ساعة يشاء، وله في النظام اللبناني صلاحيات وسلطات كابحة عديدة تضمن حسن سير العمل في مؤسسات الدولة، ولم ينقلها الدستور من رئيس الجمهورية الشخص الى رئيس مجلس الوزراء الشخص بل الى مجلس الوزراء المؤسسة.

٣- قانون السلطة القضائية المستقلّة المقرّرة في الدستور حيث النظام يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها.

٤- قانون الدفاع الوطني وفقاً لأحكام الدستور الذي ينصّ على ان رئيس الجمهورية يرأس مجلس الدفاع الاعلى، اي انه اصبح مؤسسة دستورية وفقاً للدستور ومن المتوجّب وضع قانون وتبيان صلاحياته بوضع نظامه.

٥- خطة التنمية الشاملة التي خصّها الدستور بمبدأ اساسي في مقدمته وفي "الميثاق الوطني"، وهي "لم تطبّق لا هنا ولا هناك".

يُقلِّب الرئيس الحسيني في صفحات كتابَي الدستور و"وثيقة الوفاق الوطني"، ليظهّر "هذه البنود الخمسة التي لم تطبّق ليكون لدينا مؤسسات شرعية تستطيع إتمام المسيرة التي تبدأ بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية التي تحتاج ايضاً قانوناً تطبيقياً يبيّن مواصفات شخصياتها، وهي وفق المادة 95 من الدستور، الى رئيس الجمهورية ورئيسَي مجلسَي النواب والوزراء، شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية. وعند إتمام هذه الهيئة مهمتها بوضع خطة مرحلية لإلغاء الطائفية السياسية وانتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، عندئذٍ يُستحدَث مجلس الشيوخ وفق المادة 22 من الدستور، وتتمثّل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية، وكان يفترض وضع قانون يحدّد آلية عمل هذه الهيئة".

"غير الشرعية والمغتصبة"

"ومكلّف الأشياء عكس طباعها متطلّب في الماء جذوة نار"، بِبيت الشعر هذا يصف رئيس مجلس النواب السابق طلب سلطة، يصفها بـ"غير الشرعية والمغتصبة"، تطبيق الدستور في المواد التي تمّ نبشها في "اتفاق الطائف" كمجلس الشيوخ والهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية واللامركزية الادارية، معتبراً "ان فاقد الشيء لا يعطيه، والقانون كي يطبّق يجب ان يستحوذ ثقة الناس، والسلطة التي تقرّر مثل هذه القضايا هي سلطة غير شرعية، فالطاقم الحاكم للبنان منذ 1992 رتّب اموره بواسطة حكمه للدولة، وتنكّر للنظام الديمقراطي البرلماني، وأقام نظام المحاصصة بين الميليشيات وأركان "الاتفاق الثلاثي"، فأنشأ لكل ميليشيا سواء مالية ام مسلّحة صناديق لتمويل استمراريتها بدءاً بـ"مجلس الإنماء والاعمار" و"الهيئة العليا للإغاثة"، و"مجلس الجنوب" و"صندوق المهجرين"، و"كارتيل النفط"، (لأن هؤلاء هم أولياء الشركات التي تستورده للسوق اللبناني)، وما يفعلونه اليوم بشأن تقاسم ثروة نفطية قبل استخراجها، هو الأسلوب نفسه من الحكم الخارج عن الدستور والذي أدّى الى عبء دين عام يفوق الـ 110 مليارات دولار".

من وجهة نظر الرئيس الحسيني "أن من طبيعة هكذا نظام إنشاء الازمات وافتعال تراكمها والعجز عن معالجتها كالكهرباء والمياه والنفايات، وكل الازمات الاخرى القائمة التي لا يمكن معالجتها في غياب المؤسسات." الرئيس الحسيني لم يُغيِّر رأيه في "هيئة الحوار" لا بل انه يعتبر "ان خمس او ست شخصيات يربطون البلد بإرادات متناحرة في الخارج، ويلهون الناس بمثل هذه الحوارات التي لا طائل منها، وليس من شأنها سوى تمديد عمر الازمة التي اصبحت ازمة حكومة وازمة حكم بما في ذلك الفراغ في رئاسة الجمهورية، وأزمة نظام وصولاً الى وضعنا اليوم امام ازمة كيان".

لذلك، يرى الحسيني، "انهم يحتاجون الى مجلس نيابي منتخب شرعيًّا ليقرّر بشأن مجلس الشيوخ وإلغاء الطائفية السياسية واللامركزية الادارية، وليس الى سلطة منحلّة كطاولة الحوار". وهو أعطى مثلاً "إعلان بعبدا" الذي لم يلتزم به أحد، سائلاً "ما هي صلاحيات "هيئة الحوار"؟ ومن أنشأها؟ وما هو محلها في الدستور؟". ورأى "أنها طاولة إلهاء وحرف الأنظار عن الامور الاساسية بينما أرضنا ما تزال محتلة في الجنوب، وما زلنا عرضة لكل المخاطر، ولا وجود لأي سلطة مسؤولة (وشرط السلطة ان تكون مسؤولة)". واستحضر الحسيني جملة من خطاب استقالته في مجلس النواب في العام 2008 عندما قال: "وكأننا نريد دولة بلا مؤسسات ووطناً بلا مواطنين"، مضيفاً "ورغم ذلك يدعوننا الى واجب تقديم الشكر على بقائهم في سلطة يغتصبونها ويهدّدوننا بالحرب الأهلية..." وختم: "وما زلنا في مؤتمر الدوحة الشهير الذي علّق قيام الدولة وألغى مؤسساتها". الا انه مصرّ وبتفاؤل على "أننا لا يمكن ان نذهب الى مؤتمر تأسيسي، بل قد نصل الى قانون شعبي يقرّر النظام النسبي للانتخابات النيابية وفرض هذه الانتخابات لاستعادة الشرعية لمؤسساتنا الدستورية إذ إن الشعب هو السلطة الشرعية القائمة الآن".

الكاتب: 
هدى شديد
المصدر: 
التاريخ: 
الأحد, سبتمبر 11, 2016
ملخص: 
لا يمكن ان نذهب الى مؤتمر تأسيسي، بل قد نصل الى قانون شعبي يقرّر النظام النسبي للانتخابات النيابية وفرض هذه الانتخابات لاستعادة الشرعية لمؤسساتنا الدستورية إذ إن الشعب هو السلطة الشرعية القائمة الآن".