محاولة البعض اللعب بـ'الطائف' قد تقود إلى أبعد من 'الصبيانيات'!

النوع: 

 

ضمّ مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان صوته إلى صوت كل من الرؤساء: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، في تأكيد حرصهم على أهمية التمسك بصيغة العيش المشترك الإسلامي المسيحي التي تعتبر الركيزة الأساس التي يقوم عليها لبنان ويتعزز سلمه الأهلي وتقدمه واستقراره، وتقوم عليها قيمة رسالته الحضارية في محيطه والعالم. وكذلك تأكيدهم على أهمية التمسك باتفاق الطائف وبالدستور اللبناني، والحرص والحفاظ على حيادية ومهنية إدارات الدولة ومؤسساتها الرسمية في تعاملها مع كافة الفرقاء من دون تحيّز أو افتئات.

هذه الصرخة لم تأت من فراغ، بل هي نتيجة ممارسات خاطئة يقوم بها بعض السياسيين، الذين ربما لم تسنح لهم ظروف نشأتهم السياسية الحديثة عيش القيم المشتركة بين جميع اللبنانيين، التي تكرّست بالممارسة اليومية، وهي التي تميزّ لبنان عن غيره من الدول، وهي التي دفعت قداسة البابا القديس يوحنا بولس الثاني إلى إعتبار لبنان رسالة، وهو بذلك رفع قيمة لبنان من مجردّ كونه بلدًا عاديًا ووضعه في مصاف الرسالات، لأنه لمس لمس اليد، بعد زيارته التاريخية للبنان، مدى أهمية صيغته الفريدة، التي يجب أن تكون قدوة في عصر يعصف فيه التعصب.

قد يسهل على بعض الذين لم يختمروا ولم يختبروا أهمية هذه الصيغة التي يعيشها لبنان، على رغم بعض الهفوات، أن يحاولوا تجاوزها من خلال طروحات تتجاوز بروحيتها مفهوم الشراكة الوطنية، بحجة الدفاع عن حقوق الطائفة التي يمثلونها، خصوصًا أن هذه الشراكة قائمة على توازنات دقيقة لا يمكن التهاون بها أو اللعب بأسسها، وهي التي تعمّدت بإتفاق الطائف، بعد معاناة اللبنانيين الطويلة بفعل الحروب العبثية التي كادت تهدّد الكيان اللبناني.

وقد حذّر الرؤساء الثلاثة، وهم من أعمدة الصيغة، ممارسة وإيمانًا، من محاولات  بعض الوزراء والسياسيين فتح سجالات وملفات خلافية ليس من المفيد العودة إلى فتحها وإثارتها، ولاسيما لأنه قد جرى حسمها في اتفاق الطائف وفي الدستور اللبناني، ولما تعنيه إثارتها من جديد من تداعيات خطيرة على الوفاق الوطني والسلم الأهلي.

وما ورد بين سطور بيان الرؤساء الثلاثة تطرق إليه المفتي دريان في خطبة عيد الفطر السعيد، وكان لكلامه المباشر الأثر الفعال في مختلف الأوساط السياسية، خصوصًا أنه أشار بالبنان إلى لبّ المشكلة السياسية القائمة حاليًا، والتي تتخطى بأبعادها مجرد كلام عابر، وهو قال كلامًا واضحًا، وكأنه يحاول تذكير البعض بأن التلاعب بإسس إتفاق الطائف قد يقود بالبعض إلى الذهاب إلى أبعد من "صبيانية" البعض، وقال: "إنَّ رِئاسَةَ الحكومةِ ليستْ مَنْصِباً إدارِيّاً يُمْكِنُ التَّلاعُبُ بِهِ مِنْ هذه الجِهَةِ أو تِلك . بل هي قَلْبُ التَّوَازُنِ الوَطَنِيّ ، وهي حَافِظَةُ المُؤسَّسات، وصانِعَةُ اسْتِقْرارِها، هَكذا نَفْهَمُ نحن هُوِيَّةَ رِئاسَةِ الحكومَةِ وَوَظائِفَهَا ، وَلنْ نَقْبَلَ أنْ تَقَعَ في إسارِ الاسْتِئثارِ والتَّحَزُّبِ والتَّخْرِيب ، لكي لا يُصْبِحَ الاخْتِلالُ الوطَنِيُّ الحَاليُّ غَيرَ قابِلٍ لِلشِّفَاء. نقولُ هذا كُلَّه، ليسَ لِشُرَكاءِ العَيشِ الوَطَنِيِّ وَحَسْب؛ بل ولِأنْفُسِنَا ولكلِّ القُوى السياسيةِ الفَاعِلَة، وَالعَامِلَةِ على السَّاحَةِ اللبنانية، الذينَ يَنْبَغِي أنْ يَجْتَمِعُوا على صَونِ الأركانِ الوَطَنِيَّةِ مِنَ الزَّعْزَعَةِ وَالافْتِئات".

المصدر: 
التاريخ: 
الثلاثاء, سبتمبر 3, 2019
ملخص: 
التلاعب بإسس إتفاق الطائف قد يقود بالبعض إلى الذهاب إلى أبعد من "صبيانية" البعض، وقال: "إنَّ رِئاسَةَ الحكومةِ ليستْ مَنْصِباً إدارِيّاً يُمْكِنُ التَّلاعُبُ بِهِ مِنْ هذه الجِهَةِ أو تِلك . بل هي قَلْبُ التَّوَازُنِ الوَطَنِيّ ، وهي حَافِظَةُ المُؤسَّسات