الرئيس السنيورة في حوار مع (ال بي سي) : رئيس الجمهورية يعمل لتبديل النظام الديمقراطي البرلماني اللبناني بنظام رئاسي ونحن نرفض ونتصدى له
أجرت المذيعة ومقدمة البرامج في محطة (ال بي سي) ريمي درباس حواراً مع الرئيس فؤاد السنيورة تناول آخر التطورات في لبنان في ما يلي نصه:
س: بعد أربعة أشهر على انفجار الرابع من آب فجّر طلب المحقق العدلي القاضي فادي صوان الى الاستماع الى رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب كمدعى عليه، فجر قنبلة ستكون لها تداعيات أكبر بكثير على ما يبدو من تداعيات الانفجار ومنذ ذلك الحين لم يسلم صوان من الانتقادات اللاذعة لخطوته التي اعتبرت ان الاتهام يتجاوز شخص الى الموقع وحتى الى الطائفة. والى تداعيات الاستماع الى دياب اشتباك سياسي دستوري بين الرئاستين الأولى والثالثة لا ينتهي عند حدود اتهام القاضي العدلي او المحقق العدلي بأنه تحرك بأمر مهمة من قبل فريق سياسي.
ما سبب هذا الاحتضان لحسان دياب وما سر هذا الالتفاف حوله؟ ما الذي يمنع من الاستماع الى دياب وهل الخوف هو فعلا على مقام الرئاسة الثالثة ام على من تولوا هذا الموقع منذ العام 2013 وحتى اليوم؟ اين أصبح ملف تشكيل الحكومة وهل عدنا الى النقطة صفر؟ ما مصير المبادرة الفرنسية عشية زيارة الرئيس الفرنسي وماذا يقول عن رفع الدعم؟
كل هذه الأسئلة سنطرحها على ضيفي اليوم في هذه الحلقة من نهاركم سعيد في اللقاء الخاص مع دولة رئيس الحكومة الأسبق من دارته فؤاد السنيورة. نهارك سعيد دولة الرئيس.
ج: نهارك سعيد وصباح الخير لك وللفريق الذي معك وإلى كل اللبنانيين الذين يشاهدوننا هذا الصباح. وهذه اول مرة أظهر فيها على هذا البرنامج. ولذا فأنا سعيد بهذا اللقاء شكرا.
س: دولة الرئيس، أودّ أن أسأل ما الذي يجري منذ أن أعلن عن خطوته القاضي صوان، شو عدا ما بدا حتى تحوَّل الرئيس دياب الى رئيس، اسمح لي أن أقول، كان منبوذاً من طائفته عندما تمت تسميته عند تشكيل الحكومة، إلى أن أصبح حامي مقام الرئاسة الثالثة؟
ج: أنا أعتقد أنّ هناك الكثير من الأمور التي تحصل، لكن بطريقة طرحها تؤدي إلى تشويش في عقول الكثيرين، هذا مما يستدعي العمل من أجل أن يصار الى تصويب الأمور، وبما يسهم في النظر اليها بشكل واضح. وأنا اعتقد أنّ المستهدف، وفي المقام الأول من كل ما يجري هو الدستور اللبناني.
س: مش مقام الرئاسة الثالثة؟
ج: استهداف الرئاسة يأتي بعد ذلك. ولكن أول شيء، الدستور اللبناني هو المستهدف.
لنبدأ بداية بالقول أنّ جريمة تفجير مرفأ بيروت هي بمثابة جريمة العصر. وهي قد طالت جميع اللبنانيين مسلمين ومسيحيين. ولقد أدّت الى استشهاد عدد كبير بالمئات وأصيب جراءها الآلاف وتسببت بدمار كبير أصاب عدداً كبيراً من اللبنانيين في منازلهم وأملاكهم، كما أصاب الاقتصاد اللبناني بأضرار هائلة. وبالتالي، فإنه ينبغي النظر إلى هذه الجريمة بأنها قضية كبرى بكونها تحمل معها الكثير من الارتياب والشكوك والتساؤلات بشأن كل ما يتعلق بها. وهو الامر الذي استدعانا وفي الساعات الأولى من الانفجار ان نطالب بتحقيق دولي أو عربي على الأقل حتى يتمكّن اللبنانيون من معرفة الحقيقة كاملة، وأن نُجَنِّبَ القضاء اللبناني بذلك الكثير من الاحراجات والضغوط التي يمكن أن تمارس عليه. ولقد تبين وحتى الآن أنّ حدسنا وتخوفنا من ذلك كان صحيحاً.
س: لماذا توقعتم ان يكون هناك احراجات؟
ج: بداية كما يقول المثل السائد: "ليش عم تنفخ على اللبن لأن الحليب كاويني". إذ أنه، ومنذ فترة طويلة يعاني اللبنانيون من التدخلات السياسية في القضاء اللبناني وهناك سوابق كثيرة وأمثلة كثيرة على هذه التدخلات.
الامر الثاني يعود إلى أهمية هذه الجريمة. فأمر هذه الجريمة لا ينحصر فقط في البحث في تفجير كميات من هذه المواد بل الأسئلة التي يبدو أنه يصار إلى التعمية عليها تعود إلى كل ما سبق التفجير، وأوصل إلى الاتيان بتلك الكميات وإنزالها في مرفأ بيروت وخزنها في العنبر رقم 12. وبالتالي، فإنّ السؤال هو من كان وراءها ومن هو صاحبها ومن هي تلك اليد الخفية التي كانت تسعى بشكل او بآخر إلى أن يستمر وجود تلك الكميات في المرفأ طوال هذه المدة، وحيث أصبحت المسألة موضوع تقاذف بين المسؤولين في الإدارات والأجهزة القضائية والعسكرية والأمنية عبر كم كبير من الرسائل والاحالات التي كانت تتم فيما بينها ودون أن يتوصل أولئك المسؤولون إلى قرار بإنهاء وجود تلك الكميات الخطيرة في عنابر مرفأ بيروت. وبالتالي، فقد كان هناك عملاً كبيراً ومريباً للتعمية على الأسباب الحقيقية لمجيء وايداع وخزن تلك الكميات في مرفأ بيروت. والغريب في الأمر، وعلى ما بدأ يتضّح، أنه كان سهلاً الوصول إلى تلك الكميات بدليل وجود فتحة في الجدار كانت مفتوحة ويجري تهريب كمية كبيرة من تلك المواد عبرها، وما يدل على ذلك أنّ حجم الانفجار كان أقلّ بكثير مما كان يمكن أن يسببه الحجم الكامل لتلك الكميات.
الأمر الثاني الذي يجب التشديد عليه هو أنّ هناك أمراً أساسياً ألا وهو أنه من حق اللبنانيين الذين أصيبوا والذين لم يصابوا أن يعرفوا كامل الحقيقة.
والأمر الثالث أنّه ليس هناك من خيمة على رأس أي أحد ويحمي أي أحد كان يمكن أن يكون متورطاً أو مهملاً في هذا الشأن.
س: بما أنه من حق اللبنانيين ومن حق اهل الضحايا أن يعرفوا ما الذي حدث. قاضي التحقيق عم يعمل شغلوا. فهو أول ما بدأ وقال ان بدي استمع وادعى على رئيس الحكومة، خرجت الصرخة والأصوات المعترضة؟
ج: من هنا نبدأ وعلينا أن نقر بأمر أساس ينبغي أن يكون ناظماً لكل الأمور. كلنا يجب أن نعمل تحت غطاء الدستور. الدستور هو الحامي للجميع، الحامي للبنان والحامي لجميع اللبنانيين، وهو الإطار الذي يحمي كل مواطن. وبالتالي عندما نلجأ إلى أساليب قد تؤدي إلى الاخلال بالدستور او الى خرق الدستور، فإنه عندها لا تعود هناك حماية لأحد. المحقق من حقّه ومن واجبه أن يحقق. علماً أني لا أزال أؤمن أنّ الطريقة الاسلم والاصوب للتحقيق في هذه الجريمة، وحتى تظهر جميع المعطيات والحقائق الكاملة حول هذه الجريمة، فإنه كان من المفترض ان يصار الى الاستعانة بلجنة تحقيق دولية، أو عربية بالحد الأدنى، من أجل أن لا يكون هناك أمر يصار إلى التعمية عليه أو عدم إظهاره، وحتى تظهر الحقيقة الكاملة، ولا سيما في هذه القضية المعقدة والشائكة، والتي تتطلب تقنيات ومهارات لا تتوفر لدينا في لبنان.
س: ما قام به الفرنسيون والامريكان...
ج: يجب أن يكون ذلك بالتعاون مع الدولة اللبنانية وليس عملاً انفرادياً لكل دولة بمفردها. فالتحقيق يجب ان يكون مبنياً على القدرات والكفاءات والتقنيات الضرورية لإتمام هذا العمل. لأنّ هناك الكثير من الأمور التي تستدعي الحصول على هذه المعونة بشكل رسمي، وليس أن يكون ذلك على طريقة كل واحد فاتح على حسابه، بل أن يكون ذلك بالتعاون والتنسيق مع الدولة اللبنانية وبما يجنّب القضاء اللبناني الضغوطات والإحراجات.
س: ولكن الطلب ان يذهب الملف الى تحقيق دولي هل لأنه في خوف أنه ينفتح الملف من الـ2013 ويطال رؤوس كثيرة. يعني عم تهربوا من التحقيق الداخلي الى التحقيق الدولي؟
ج: بالعكس، لأنه عندما يكون هناك تحقيق دولي، فإنّه لا يعود هناك من محظورات أو اعتبارات لأي أحد يمكن أن يعيق التحقيق. نحن نخاف أن يصار الى ان يكون هناك اعتبارات لاحد بحيث يصار في المحصلة إلى تمييع الأمر من هنا أو من هناك.
ودعيني أذكّر هنا بما حصل، إذ أنه لما وقعت الجريمة وبدأ التحقيق عبر القضاء اللبناني، استمع المحقق للوزراء واستمع لرئيس الحكومة وهذا من حقه وواجبه. وهو قام بعدها بإرسال رسالة الى مجلس النواب وقال في رسالته أنّ عنده شبهات جدية على جميع رؤساء الحكومة والوزراء المعنيين الاثني عشر. وبالتالي أودع مجلس النواب ذلك الخطاب، ولم يودعه كما ينبغي الملف الكامل. ثم قام بعد ذلك بأخذ المبادرة بأن عاد عن تلك الرسالة. وبالتالي، فهو قد تصرف بذلك بدون أن يبدي حرصه على احترام الدستور. في هذا الصدد، فإنّه يجب علينا أن نعرف وأن يصار إلى تحديد ما هي طبيعة هذه الجريمة.
هل هي جريمة تتعلق بالإخلال بالمهام الدستورية الملقاة على عاتق الوزراء ورئيس الحكومة ام انها جريمة عادية؟ هذا الامر يجب أن يبينه المحقق العدلي. أنا باعتقادي أن هذه جريمة تتعلق بالإخلال بالمهام الدستورية للوزراء ولرئيس الحكومة وأيضا لرئيس الجمهورية. لأنه وكما تبين لنا بأنه قد حصل إعلام رسمي، بوجود تلك المواد الخطرة، لرئيس الحكومة، كما حصل إعلام رسمي بذلك لرئيس الجمهورية. وأنا شخصياً استمعت وبأذني إلى ما قاله رئيس الجمهورية أنه في العشرين من تموز قد جرى إبلاغه بذلك، وهي مدة 15 يوم، وهي مهلة كافية لو كان في عنا قنبلة نووية لكان بالإمكان تفكيكها.
أودّ هنا أن أقول أنّ رئيس الجمهورية: "ليس رئيس عادي". هو قائد جيش اسبق بما معناه أنّ هذه الجريمة تتناول مواد قابلة للتفجر. وبالتالي هو الأعلم من غيره بما يعني وجود تلك الكميات الخطرة في المرفأ على مقربة من المناطق السكنية. وبالتالي هو أعلم بالمخاطر التي يمكن أن تنجم عنها. وبالتالي كان ينبغي عليه المسارعة وفور العلم بذلك إلى الحرص على اتخاذ وتنفيذ ما ينبغي من إجراءات ومتابعة الأمر وبشكل مثابر حتى الوصول إلى الحؤول دون حصول أي خطر يمكن أن يحدث.
س: ولكن اسمح لي هي أسمدة زراعية بالشكل ما بتنفجر إلا إذا كان في صاعق. وبالتالي المقاربة أنه هو قائد جيش وكان لازم يعرف، هي موجودة على انها اسمدة زراعية؟
ج: صحيح ولكن هذه الأسمدة الزراعية غير الخطرة إذا كانت بكثافة أدنى بكثير من الـ34.7%. فإنّ ضررها عند ذلك أقل بكثير. أما وأنها بهذه الكثافة 34.7، فهي المحظر إدخالها الى لبنان. إذ أنه تبين أنه ممنوع إدخال أي كيلوغرام من هذه المواد بدون الحصول على موافقة مسبقة من مجلس الوزراء.
س: أين مجلس الوزراء عندما أتوا هذه الكميات؟ كان عارف؟
ج: لا يبدو أنّ إعلام مجلس الوزراء قد حصل. وهذا من المفروض على قاضي التحقيق أن يتحقّق منه. أنا ما أقوله لك، أنه عندما وصل إلى عِلْم رئيس الجمهورية بوجود هذه الكميات وبهذه الكثافة 34.7 وكميتها 2750 طن كان عليه أن يتصرف بما يمليه حجم المخاطر الناجمة عن هذا الأمر. وبالتالي هو الاقدر على أن يبادر بكونه يعرف ما الذي يعنيه وجود هذا النوع من المواد القابلة للتفجر، والقابلة للاستعمال كمتفجرات، وذلك بحكم علمه العسكري. هذه الأشياء لا يعرفها أو لا يدركها المواطن العادي أو المسؤول العادي مثل ما يفترض أن يعرفها رئيس الجمهورية بحكم خبرته العسكرية.
س: ورئيس الحكومة أيضاً تبلغ؟
ج: صحيح والاثنان مسؤولين. وهنا مسؤوليتهما أنهما قاما بأدائهما وبمهامهما الدستورية في العمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لدرء الخطر عن اللبنانيين.
نرجع واستناداً إلى الاخلال بالمهام الدستورية فهي واضحة، فإنه يفترض بالمحقق العدلي ان يحيل الملف الى المجلس النيابي الذي ينبغي أن يتولى التحقيق في هذا الامر بطبيعة الأشخاص التي توجه إليهم هذه التهم.
المحقق أرسل الرسالة إلى مجلس النواب ودون أن يرفق فيها المستندات الخاصة بها، وبالتالي لم يعطهما تلك المستندات للمجلس النيابي. وهو قد تصرف على أنه أرسل رسالة وقال أنا أحتفظ بحقي. ولكن هذا الامر ما بينعمل بدون أن يتم التشاور مع رئيس المجلس النيابي، ويرى عندها ما الذي يجب عمله. هذا الامر أدى الى التسبب بمزيد من المشكلات بالبلد، وهو قد فجر قضية كنا بغنى ان نقع في هذا الفخ في التنازع بموضوع الصلاحيات، إذ ليس الأمر مسألة سباق بل هو مسألة دستورية.
لذلك أنا اعتقد انه يجب ان نعود في كل الأمور الى الطريقة الواضحة والصريحة. أي إلى الأوتوستراد بدلاً من الضياع في الزواريب الصغيرة، و"الأوتوستراد" هو العودة إلى احترام الدستور واحترامه يعني أن تعاد وتُحوَّل هذه القضية الى المجلس النيابي. وأنا اعتقد أنّ القاضي عندما يقوم بذلك، فإنه بذلك يحمي القضاء ويحمى البلد ويبعد عنه وعن اللبنانيين مشكلات طويلة عريضة. وأنا أعود وأؤكد وهو أمر يتأكد لنا كل يوم، أنه كان من الأفضل ان يصار الى التعاون مع لجنة تحقيق دولية او حتى لجنة عربية بالحد الأدنى من أجل معرفة كل الحقيقة ومن أجل حماية القضاء.
س: اليوم وصلنا لهون. تم استدعاء رئيس الحكومة وقامت القيامة.
ج: القاضي لما أرسل رسالته إلى المجلس كان عليه أن يتبصر حول ما هو الانطباع الذي سيتولّد عند الناس. هو بعث رسالة يقول أنا عندي شبهات جدية بشأن أربع رؤساء حكومة و12 وزيراً، وما رأيناه أنه يتهم ويدعي على رئيس حكومة و3 وزراء فقط.
س: هو لم ينته بعد؟
ج: ربما ولكن السؤال الذي كان ينبغي أن يتنبه له القاضي يعود إلى هذا الانطباع الذي تسبب به عند الناس. إذ يجب أن يطمئن الناس أن ما يقوم به هو بشكل واضح وعادل، وأن لا يميز من خلال عمل انتقائي. هو قال انا عندي شكوك بـ12 وزير. فبالتالي كان من الاحرى به أن يعاملهم جميعاً سواسية لا أن يختار مجموعة بطريقة انتقائية.
ولكن أعود إلى القول إنه كان على القاضي بدايةً أن يحسم هذا الامر. إذ كان عليه أن يقول رأيه ويحسم الأمر حول الجريمة، أهي جريمة عادية ام هي جريمة إخلال في أداء المهام الدستورية.
س: برأيك لماذا عمل هيك القاضي صوان؟
ج: أنا أظنّ أن هذا الامر قد يشير أكثر فأكثر على ماهية التدخلات بالجسم القضائي. وانا أود أن أتساءل هنا بشأن الذين يتباكون على القضاء الآن وعلى أهمية احترام القضاء واستقلالية القضاء. أليس أحرى بهم ان يوقعوا التشكيلات القضائية؟ ألم يكن من الافضل إعطاء صورة حقيقية للبنانيين وللمجتمعين العربي والدولي بشأن موضوع احترام الحوكمة الصحيحة في لبنان بأنه لا يجري أي تدخل بالقضاء.
سأعطيك مثال على ذلك وكل لبناني يستطيع ان يرجع للعام الـ2005 والعام 2006 عندما طرح موضوع التشكيلات القضائية، وأنا كنت في حينها رئيس حكومة، وكنت أقول أنا عندما تصلني التشكيلات القضائية وموافق عليها من المجلس القضائي الأعلى انا سأوقعها دون ان اطلع عليها وهذا ما فعلته. فبالتالي هذا الامر، وهكذا كان يجب ان تجري الأمور. وإذا كنا نتباكى على القضاء الآن، فيجب علينا ان نبادر ونعطي الرسالة الصحيحة إلى اللبنانيين والعالم، والتي هي رسالة مهمة ومن ضمن مجموعة كبيرة من الرسائل التي يجب أن يرسلها لبنان ويرسلها رئيس الجمهورية بالذات والحكومة اللبنانية وأن يصار إلى إرسالها إلى اللبنانيين وإلى المجتمعين العربي والدولي بأننا في لبنان ملتزمون باحترام القضاء وبأننا سنوقع التشكيلات القضائية وذلك على سبيل المثال فقط.
س: برأيك رئيس الجمهورية اليوم وفريقه، يسخرون القضاء لمصالحهم؟
ج: انا اعتقد ان رئيس الجمهورية يتدخل بالقضاء ويخرق الدستور وهذا الدستور هو الذي يحمي اللبنانيين ويُجْمِعُ اللبنانيون مع بعضهم بعضاً على احترامه. ورئيس الجمهورية هذا في الأصل هو دوره. في الأساس ينبغي أن يكون رئيس الجمهورية حاضناً لجميع اللبنانيين، وأن يكون هو الحامي للدستور. ولاسيما أن الدستور أعطى رئيس الجمهورية هذه الصفة وهذا الدور وهذه الوظيفة ولم يعطها لاحد غيره. هو الوحيد الذي يحلف على الدستور وهو الآن الذي يخرق الدستور.
س: يعني رئيس الجمهورية هو الذي يخرق الدستور اليوم؟
ج: نعم، هناك امثلة عديدة على ذلك.
س: مثلاً؟
ج: مثلاً قصة التأليف قبل التكليف. لقد أمضى فخامته 50 يوماً من اجل تحديد موعد الاستشارات، وكان يُجري عملية التأليف قبل إجراء الاستشارات الملزمة. الدستور قال انها استشارات ملزمة صحيح أنه لم يحدّد وقت لإجرائها لكنها ملزمة وهذا الامر الواضح وهي فقط للتسمية.
س: هل صحيح اليوم أن تفجير ورقة التحقيقات والدفاع عن موقع الرئاسة هوي في وجه ورقة الصلاحيات ومن يسمي وردا على التشكيلة التي قدمها رئيس الجمهورية الى الرئيس الحريري عندما طلع وقدم تشكيلته للحكومة.
ج: دعيني أكون واضحاً وصريحاً. أنا لا انظر الى هذا الموضوع من الناحية الطائفية والمذهبية. وهذه اعتبارات صحيح أنها موجودة بلبنان. والواقع أنه قد جرى إبراز وإظهار القضية هكذا وعلى غير ما يجب ان تظهر عليه. انا اعتقد ان القضية في أساسها يجب أن تظل واضحة هي للدفاع عن احترام الدستور. لأنه وكما يقول السيد المسيح: "إذا فسد الملح فبماذا يُملح؟". عندما يصير هناك خرق للدستور لا تعود هناك من حماية لاحد ولا يكون ولا تبقى هنالك أي ضوابط. لذلك بادرنا كرؤساء حكومة إلى القول أنّ هذه ا لأمور تؤدي إلى المسّ بالركائز التي يقوم عليها لبنان. الركائز هو اتفاق الطائف الذي يحمي اللبنانيين، والذي يجمع عليه اللبنانيون. ولذلك، فإنه عندما يجري المسّ بالدستور وباتفاق الطائف فمعنى ذلك أنه لم يعد هناك ضوابط تحمي اللبنانيين وتحمي عيشهم المشترك.
س: يعني هل هي معركة ضد مقام الرئاسة الثالثة انطلاقا من الصلاحيات وأنتم قلتم أنه: "عم بتدقوا برئيس الحكومة". يعني الرئيس الحريري نزل على السراي لذلك؟
ج: الرئيس الحريري ذهب إلى السراي تضامناً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال من أجل الدفاع عن الدستور. وأنا أعتقد أنّ هذه الزيارة هي من المظاهر. ولكن الأساس هو الدفاع عن الدستور لأنّ المسّ بالدستور هو ما يوصلنا الى هذا التردّي الفلتان وإلى هذا التشنج الداخلي. وبالتالي المهم الآن العودة الى الأصول. الأصول التي يجب التركيز عليها أنّه ليس هناك من خيمة على رأس أحد تحميه إذا كان مرتكباً أو مقصّراً. إذ أنه ينبغي أن يكون الجميع خاضعين للمحاسبة والمساءلة. ولهذا فإنّ الدستور قد حدّد وسائل للمحاسبة والمساءلة. فإذا كان التقصير بموضوع الأداء للمهام الدستورية للوزراء أو لرئيس مجلس الوزراء، وان القاضي قد حدّدها كذلك وبالتالي فإن الذي هو مطلوب منه الآن هو ان يصار الى تطبيق الدستور وإحالة الأمر إلى مجلس النواب. وبالتالي ما في حدا عليه أي حماية أو تغطية، اما ان يصار إلى الاجتهاد في معرض وضوح النص، فإنّ ذلك يعتبر محاولة للمس بالدستور، وهذا غير مقبول. إذ أنّه بهذه الطريقة اعتقد اننا نُدخِلْ البلاد بكثير من المشكلات، ونحن في غنى عن ذلك ولا يجوز أن ندخل البلاد في مشكلات من هذا القبيل.
س: ولكن دولة الرئيس نحن صحيح نتحدث عن خرق للدستور ولكن لماذا يرفع دائما صوت فيما خص الخطوط الحمر يعني انت اول خط احمر تحدث عنه المفتي دريان. رجعنا اليوم وعم نشوف الرئيس السنيورة ولكن هوي الرئيس دياب أنه خط احمر دائما نلجأ الى الموضوع الطائفي واسمح لي ان الطائفية هي التي تتحكم بكل المواضيع السياسية والقضائية لحتى نرجع نأجج البلد. لماذا نلجأ الى الخطوط الحمر؟
ج: ممنونك لأنك طرحت هذه المسألة. أول شيء أنا استدعيت للشهادة من قبل المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم وذهبت وأدليت بشهادتي. وهو قد استمع لي لمدة ثلاث ساعات ونصف، وكان ذلك مثلي مثل أي مواطن. أما بشأن مسألة الخط الأحمر، فلهذه قصة يمكن أن أرويها باختصار.
س: طب ما الذي يمنع أنه يروح الرئيس دياب للتحقيق ويقول اللي عندو؟
ج: القاضي استمع إلى الرئيس دياب، وذلك ما قاله رئيس حكومة تصريف الأعمال. بالنسبة لي عندما استمع إليّ القاضي، كنت مواطناً عادياً لما استمع لي لم أكن رئيس حكومة. صحيح سألني عن مواضيع كنت وقتها رئيس حكومة وقبلها وزير مالية.
الذي جرى بشأن الخط الأحمر أني وفي الأول من آذار 2019، عقدت مؤتمراً صحافياً للردّ على مسائل وادعاءات واتهامات باطلة. لقد استشاط من روَّج لتلك الادعاءات غضباً بعد أن ظهر هشاشة تلك الاتهامات. ولذلك، فقد عمدوا بعدها إلى مهاجمتي شخصياً، وأطلقوا شائعات أخرى غير صحيحة، وقتها كنت في زيارة للعراق. تلك التهجمات الشخصية استدعت سماحة المفتي ان يدافع ويقول أنّ الرئيس السنيورة خط احمر.
لذلك عندما عدت الى لبنان عرفت بهذا الموضوع. لذلك بادرت واتصلت بسماحة المفتي، وقلت له يا سماحة المفتي انا بدي اشكرك على دعمك، ولكن انا مش خط احمر الا بقدر ما انا حريص على احترام الدستور وحريص على احترام القانون وحريص على المال العام وعلى الإدارة السوية للدولة اللبنانية. ولما أنا بكون هيك وطالما انا هيك انا خط احمر، ولاسيما عندما يعتدي عليّ أحدهم زوراً وبهتاناً وأنا بريء. بهذا المعنى أنا خط أحمر. ولكني لست على الاطلاق خط احمر عندما أكون مخالفاً للقانون أو أنني أسيء إلى إدارة الشأن العام أو المال العام. وقلت له انني أقول له هذا الكلام حتى يكون الأمر واضحاً بالنسبة له.
وقتها قال لي سماحة المفتي أنني أكلمه وهو موجود داخل اجتماع للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى المنعقد وسألني إذا كان بإمكانه أن يضعني على الـspeaker، وهو حوّلني على الـspeaker على مسمع من 32 عضواً من أعضاء المجلس الشرعي الأعلى وبالتالي اعدت عليهم القول أنني لست "خط أحمر" إلا اذا تعدى عليّ أحد زوراً وبهتاناً فأنا خط احمر. أنا خط احمر فقط عندما أنا أكون ضمن القانون. وعندها بالتالي يسري عليّ كما يسري على أي مواطن بريء يجري التعدي عليه زوراً وبهتاناً. وهذا المواطن عندها هو خط أحمر. أنا خط احمر لا يعني أنا ضد الاستماع لي من قبل القاضي.
الخوف هو عندما يجري خرق للدستور لا تعود هناك قواعد ولا ضوابط فبالتالي قلت ذلك أمام كل أعضاء المجلس الشرعي الأعلى، وكم أنا حريص على ان يطبق القانون وبالتالي انا لست خطاً أحمر بغير هذا المعنى. ورجعت وكررت مرة ثانية ذات الموقف في اجتماع لاحق للمجلس الإسلامي الأعلى بعد ما انتخب بـ 21 تشرين الأول 2019 وعلى مسمع من كامل أعضاء المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى. ولذلك، فأنا من أشد المؤمنين بوجوب العودة إلى احترام الأصول والدستور وبالتالي ما في حدا خط احمر عندما يكون مذنباً أو متواطئاً أو مقصراً أو مهملاً.
س: وإذا تبين أنّ الرئيس دياب متورط بطريقة ما؟
ج: عندما يصار إلى الالتزام بتطبيق الآلية الصحيحة للتحقيق والموضحة بالدستور وعبر المجلس النيابي وعبر القضاة المعنيين في هذا الخصوص، عندها يجب أن تطبق العدالة على الجميع ولا تلطي لأحد بأي عذر أو حجة.
س: يعني الحل اليوم ان يعود الملف الى الأصول وهو الخطوة اللي تحدث عنا وتسربت معلومة انه سيكون هناك خطوة يقوم بها رئيس المجلس باسترداد الملف. يعني اليوم ننتظر ان يسترد الملف رئيس المجلس وتعود هذه القضية وتسير في اطارها؟
ج: وأنا اعتقد ان اللبنانيين جميعا معنيون بأن يلاحقوا هذه القضية وأن يصار إلى إحقاق الحق وتطبيق العدالة على الجميع.
س: ولكن داخل المجلس النيابي حضرتك بتعرف انو بدنا نروح لقصة الثلثين بهذا الموضوع.
ج: بتقديري هذه العملية وبما يتعلق بتطبيق الدستور ستتم على اعين جميع اللبنانيين ولا اظن ان أي نائب يمكن أن يتجرأ على مخالفة ضميره عندما يكون هنالك اتهامات واضحة وثابتة ويستطيع بالتالي أن يخالف أمر إحقاق الحق.
س: ما الذي يضمن ذلك؟
ج: أنا اعتقد أنّ هذا الامر فعلياً هو الدور الذي يجب أن يلعبه اللبنانيون والرأي العام اللبناني كفيل بالضغط على الجميع لإحقاق الحق وتطبيق العدالة. ولكن أن نحاول عكس ذلك بأن ندفع اللبنانيين الى ممارسات تؤدي الى الاخلال بالدستور فهذه مضرة كبيرة على اللبنانيين جميعاً. حيث أننا عندما نسمح أو ندفع باتجاه مخالفة الدستور سترين أنّ هناك مخالفات كبيرة سيصار إلى ارتكابها من كل فريق ومن كل حدب وصوب. وبالتالي لا تعود هناك حماية لأحد. خوفي أن هناك من يقصد ويحاول أن يحوّل هذا النظام من نظام ديمقراطي برلماني الى نظام رئاسي، ونحن سنتصدى له.
س: يعني نحنا عم نحكي مش رمانة قلوب مليانة؟
ج: لا ليست مسألة قلوب مليانة أبداً. هناك ممارسات تتراكم نعم. ولكن المشكلة هناك من يتولى الأمور بالبلد ومن اول مجيئه وفي ممارسته يتبين أنه لا يؤمن باتفاق الطائف. الذي نراه اليوم هو بالفعل إعلان الحرب على اتفاق الطائف وعلى الدستور، والتي هي حرب على جميع اللبنانيين وحرب على المسيحيين بالبداية وهذا الذي لا نرضاه ولا نقبل به.
س: شفنا مبارح البيانات والبيانات المضادة. برأيك اليوم ان هذه ردة الفعل التي قام بها رؤساء الحكومات السابقين امام أهالي الضحايا والشهداء الذي سقطوا بالمرفأ برأيك للحظة ما لح يقولوا انو هني ما عم بخلوا التحقيق يوصل ليقول من قام بتفجير المرفأ؟ مش هيك بينتوا انتو؟
ج: بداية، نحن كما غيرنا من اللبنانيين نريد معرفة الحقيقة كاملة. هناك بعض من يحاول أن يشوّه الحقائق ويصور الأمور خلافاً لحقيقتها، ويحاول ذلك عبر إثارة ردات فعل لدى جمهور اللبنانيين. ولهذا فإنّ المسؤول يجب ان يتصرف كمسؤول حتى في بعض الأحيان عندما يكون هناك حالة غضب عند الناس، فإنّ على المسؤول أن يتبصر ويجب عليه أن ينظر لبعيد ويكون همّه كيف يحمي اللبنانيين من الذين يحاولون أن يحرفوا اللبنانيين عن حقيقة مصلحتهم، والتي هي في الأساس الحفاظ على الدستور والحؤول دون خرقه. نحن في الوقت الذي نسمح بمخالفة الدستور ونسمح بممارسات تؤدي الى تغيير جوهر النظام الديمقراطي البرلماني فإننا نرتكب جريمة كبرى بحق اللبنانيين جميعاً.
هذا الامر هو الذي دفعنا بداية الى المطالبة بتحقيق دولي وهاجسنا الخوف من قلب الحقائق وحرف الانتباه عن المشكلات الحقيقية من أجل التعمية عليها. ويدفعنا هذا الأمر الآن بالتأكيد على موضوع احترام الدستور بشكل كامل، ولا يجوز أن تكون هنالك تنازلات من هنا وهناك. الامر الذي تؤكدين عليه في معرفة الحقيقة كاملة، وفي أن لا حماية لأي أحد لمعرفة الذي جرى، وليس مقبولاً لأي أحد مهما كان موقعه أو مركزه أن يتلطّى بأي مرجعية دينية أو غير دينية. وعلى ذلك، عندما يجري نقل هذا الملف لهذه الجريمة الى مجلس النواب فيما خصّ أولئك الأشخاص المشتبه بتورطهم أو إهمالهم في هذا الصدد ممن تشملهم المواد 70 و71 و80 من الدستور فإني أعتقد جازماً أنه لن يجرؤ أي نائب ان يفعل شيئا يخالف فعلياً مبدأ الوصول إلى معرفة الحقيقة كاملة وإحقاق العدالة. أي أنه لا حماية لأي أحد لأنها ستكون محاكمة فعلياً على اعين كل اللبنانيين ويجب على اللبنانيين جميعا ان يتابعوا ويدافعوا عن حقّهم.
س: هناك سيحصل اتفاق مسبق قبل الذهاب الى المجلس النيابي من اجل التمييع في الوقت؟
ج: هذه الجريمة هي جريمة كبرى ولا يجوز السكوت عنها أو تمييعها أو حرف الانتباه عن معرفة كامل الحقيقة. وأنا أعتقد أنّ أي سياسي يحترم نفسه سيصر على ان يتابع هذه القضية الى نهاياتها، وأن لا يسمح الى حصول تمييع او تأجيل. الأمر شديد الوضوح، وهو أنه يجب ان يصار الى محاسبة كل واحد أسهم أو تورط أو تباطأ أو امتنع عن أن يتابع هذه القضية لإنهائها ويجب عندها أن يحاسب.
س: بالأمس النائب السابق وليد جنبلاط وردا على سؤال عن موقف الرؤساء السابقين بالدفاع عن الطائفة السنية يقول إذا كانوا يتموضعون تحت هيبة الرئاسة الثالثة فهم يحتقرون شعور اللبنانيين ويجب التحقيق مع أي كان لمعرفة من دمر بيروت وانا مع استدعاء رئيس الحكومة الى التحقيق، بدي ردك على الشقّ الأول من الحديث.
ج: الصديق العزيز وليد بك انا اعتقد أنه لو تبصر قليلاً يكتشف أن رؤساء الحكومة السابقون. هم ليسوا بصدد حماية أي مرتكب أو مهمل والمركز السني لرئاسة الحكومة ليس بحاجة الى حماية من أحد "هوي بيحمي حالو". بالتالي ما حدا يفكر أنه قادر على أنه يمرّق شيء على الناس أو يفرض سلطته من هون أو من هون. هذا كلّه ما بيمشي. في هذا الشأن، تجارب اللبنانيين طويلة في هذا الامر وما بتمرق محاولة الاستهانة بأحد. لذلك الحماية الحقيقية للبنانيين وكل من يعمل بالشأن العام هو في العودة الى الدستور والى الالتزام بأحكام الدستور والى الالتزام باتفاق الطائف. هذا هو الحامي الحقيقي لما يسمى العقد بين اللبنانيين. أم ان نسمح للعب بأصول وبجوهر العقد الذي ارتضاه اللبنانيون بين بعضهم بعضاً. فهذا غير مقبول ولا يمكن أن يحصل.
س: في المحور الأول دولة الرئيس تكلمنا عن موضوع المرفأ ومن كل جوانبه وهو مرتبط بطريقة او بأخرى بملف تشكيل الحكومة. اين أصبح ملف التشكيل اليوم بعدما أودع الرئيس الحريري تشكيلته التي قال انها ستكون من الاختصاصيين والتي كانت تراعي التوزيع الطائفي بحسب ما نقلت مصادره وماذا بعد تقديم رئيس الجمهورية تشكيلة أخرى مقابل تشكيلة الحريري. كيف قرأتم هذا الموضوع؟
ج: دعيني أكرر لك مرة ثانية، الذي يرضي كل الناس هو احترام الدستور واحترام الدستور. في هذا الصدد، فإنّ ما نفهمه عملياً إذا قرأنا المادتين 53 و64 من الدستور، واللتان تبينان هذا الأمر بأن رئيس الحكومة هو الذي يؤلف الحكومة ويتشاور مع رئيس الجمهورية والاثنين يوقعا هذا المرسوم. وبالتالي، رئيس الحكومة المكلف هو الذي يعدّ التشكيلة وبيصير هناك تشاور بشأنها قبل وبعد إلى أن يصار إلى الاتفاق عليها ويتم التوقيع عليها.
وانا من خلال تجربتي على مدى السنوات التي كنت فيها وزيراً في حكومات الشهيد رفيق الحريري وأيضا بالحكومتين اللتين ألفتهما. وبالتالي يجري هنالك تداول بهذا الشأن. ولقد جاء ذلك بعد كل المعاناة التي مرّت بلبنان بشأن تأليف الحكومات وهذه مسألة علينا أن نوضّحها. إنّ رئيس الحكومة هو الذي يتعرض للامتحان في مجلس النواب للحصول على الثقة، وإذا لم يحصل على الثقة فعندها يذهب رئيس الحكومة المكلّف إلى بيته وهذا امتحان عسير على رئيس الحكومة المكلّف أن ينجح به وهو ما يتطلب منه الكثير من التبصر.
أما بشأن لماذا وصلنا إلى هنا ولماذا حكومة الاختصاصيين؟ الحقيقة أنّ هذا كان بسبب معاناة ناتجة عن فترة طويلة لما يسمى الاستعصاء عن القيام بالإصلاحات. وهذه ليست ناتجة عن سنوات منذ الـ2011 حتى الآن فقط بل هي أيضاً تعود إلى ما قبل ذلك وهي سنوات عانى خلالها لبنان وعلى مدى سنوات طويلة من استعصاء على الإصلاح. وبالتالي، فقد تحمّل لبنان بنتيجة ذلك أعباء ثقيلة وتردياً في الأوضاع المالية والاقتصادية بسبب ان لبنان أيضاً كان قد تعرض لعدة صدمات خارجية وداخلية. ومن ذلك اجتياحات إسرائيلية عديدة مما تسبب بدمار كبير وتضحيات عظيمة. كذلك أيضاً بسبب التسلّط على لبنان الذي مارسه الجهاز الأمني السوري- اللبناني وكذلك أيضاً بسبب كل الصدمات الأخرى الآتية من الخارج وأيضا الاستعصاء الداخلي على القيام بالإصلاحات التي عانينا منها على مدى تلك السنوات، وبالتالي كانت هذه كلّها بمجموعها تؤثر على مسيرة الاقتصاد اللبناني وهي قد تسببت بما أصاب لبنان من دمار وتراجع. كان يجب ان يكون هناك إصلاح، وأنا شخصياً عانيت الكثير من ذلك وتحديداً في أمرين أساسيين: الأول، من استمرار الفساد السياسي في لبنان والذي يتمثل بتسلط الأحزاب السياسية والطائفية والمذهبية على الدولة اللبنانية وفرضهم على الدولة من أجل أن يصار إلى تعيين محاسيبهم في المناصب الأساسية في الدولة اللبنانية بإداراتها ومؤسساتها، وحسب التجارب السابقة لا يكون ذلك بناء لكفاءاتهم أو جدارتهم ولكن يصار إلى تعيينهم بناء لولائهم لأولئك الزعماء. والأمر الثاني، في الاستعصاء المفروض على إقرار قوانين التدقيق المحاسبي والإداري. وذلك في عدم إخضاع إدارات ومؤسسات الدولة للتدقيق اللاحق من قبل مؤسسات التدقيق الدولية كرافد وداعم لما يفترض أن يقوم به التفتيش المركزي وديوان المحاسبة.
س: ولكن أنتم أول من اتهمتم بالفساد؟
ج: دعني أقول لك شيئاً من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر، كل الأحزاب مارست هذه الطريقة في استتباع الدولة، وهذا خطأ كبير، ويجب ان لا يكون أحد بمنأى عن المساءلة والمحاسبة. وأنا أتحدث عن تجربتي لأني أنا من أعددت أكثر من قانون من أجل إعادة الاعتبار والكفاءة والجدارة وإيلاء المناصب لأكْفائها وأنا الذي عانيت كثيراً لأنه ودائماً كان يصار الى افشال تلك المشاريع مرة بعد مرة منذ سنة 1998 من اليوم الذي أقرّ فيه مجلس النواب قانون سلسلة الرتب والرواتب وكان فيها أيضاً تحديد الآليات من اجل التأكيد على الالتزام باختيار المسؤولين على أساس قواعد الكفاءة والجدارة وأيضاً التأكيد على احترام قواعد المحاسبة والمساءلة للمسؤولين وذلك على أساس الأداء. كلّ هذه كان يجرى تفشيلها مرة بعد مرة. وكذلك أيضاً، كانت معاناتي شديدة بموضوع تدقيق الحسابات، إذ كنت أنا أول من طالب بتدقيق الحسابات. ولقد أعددت عدة مشاريع قوانين لإخضاع حسابات الدولة للتدقيق، والتي جرى إفشالها، ولاسيما بالعام 2006 عندما اقر مجلس الوزراء مشروع قانون أرسلناه إلى مجلس النواب ووضع في الادراج، والذي ينص على إخضاع جميع إدارات ومؤسسات الدولة اللبنانية للتدقيق اللاحق الذي تجريه مؤسسات التدقيق الدولية.
س: محاسبة مؤسسات مش اشخاص؟
ج: طبيعي عم نحكي عن مؤسسات. واساسا بالمحاسبة بدك تحاسبي الأشخاص اللي تسببوا بالإشكاليات. على أي حال، أنا الذي أقوله أنه في موضوع الإدارة الحكومية كان هناك استعصاء مستمر على الإصلاح وبالتالي كان هناك تفشيل مستمر لكل عمل يؤدي إلى ذلك من قبل المنظومة السياسية في لبنان.
استمرار هذا الاستعصاء كان ان انفجر في 17 أكتوبر وخرج الناس مطالبين بنمط جديد من التفكير، وبالتالي للبدء بممارسة جديدة في أصول الحكم. والكلام الفاضي "كلن يعني كلن" غير سليم وليس هكذا تدار الأمور. اللبنانيين كانوا عم يطالبوا بنفس جديد وتفكير جديد وأسلوب جديد في الحكم بحيث يصبح كل المسؤولين خاضعين للمساءلة والمحاسبة من أجل أن يتحقق الحكم الرشيد.
وبالتالي، فقد استقال الرئيس الحريري وجاء الرئيس دياب الذي لم يفِ بما وعد به بأنه عمل نفس الشي حكومة من المسيرين من الأحزاب وكل واحد من أعضاء الحكومة يتلقى التعليمات من رؤساء الأحزاب التي ينتمي إليها على التلفون شو لازم يعمل ولذلك كانت الكارثة.
س: لنعود الى تشكيلة الرئيس الحريري اليوم واللي عم يشكلها مش كمان ح تكون اختصاصيين ولكن من الأحزاب اللي هني ح يسموهن؟
ج: لحظة شوي. بعد ذلك جاءت جائحة الكورونا وكارثة تفجير المرفأ. وبالتالي جاء الرئيس الفرنسي. فعليا هو أعاد صياغة هواجس الناس وصياغة مطالب الناس بالورقة التي تقول إنه يجب ان يكون هناك حكومة انقاذ من المستقلين غير الحزبيين ومن غير التابعين للأحزاب. وبالتالي حكومة انقاذ وهي حكومة لفترة محددة بما يعني أن يأخذ السياسيون إجازة قصيرة وهني بالنهاية لن يكونوا غائبين عن السلطة. إذ أنهم هم الذين يعطوا الثقة للحكومة وهم اللي بدن يسحبوا الثقة إذا لم يعجبهم أداؤها. طبيعي وبالتالي بتكون هذه العملية مش استجابة لما يطالب به الرئيس ماكرون بل هي بالفعل استجابة لما يطالب به اللبنانيون. وبالتالي كانت الفكرة ان تأتي الحكومة من مستقلين. ولقد أصبح بموجب ذلك الرئيس المكلف مصطفى أديب. وهو قد واجه بالتالي عدة مشكلات تسببت فيها احداث لم تكن بالحسبان وتحديداً ما يسمى بالعقوبات الأميركية التي أتت لتغيير النمط والتفكير عند بعض الأحزاب. وبالتالي تراجعوا عما كانوا يقولون انهم موافقون على 90% مما قاله الرئيس ماكرون في وقتها. وما هي الـ10% سأل الرئيس ماكرون قالو له أنهم غير موافقين على انتخابات نيابية مبكرة أو على تغيير قانون الانتخاب. عندها قال أتكلم على الـ90% كلكم موافقين عليها قالوا له نعم. وطبعاً صارت قصة العقوبات واخذوها ذريعة من اجل التخلص من تعهداتهم.
البعض أصبح يريد الإمساك بالورقة اللبنانية لتكون ورقة تستخدمها إيران للتفاوض مع الرئيس القادم للولايات المتحدة ولتحسين شروطهم في التفاوض مع الأميركيين، ومش عارفين متى يتسلّم الرئيس القادم بايدن مسؤوليته. والآن يريدون الاحتفاظ بورقة الحكومة اللبنانية واستعمالها مع الرئيس اللي بدو يستلم في 20 كانون الثاني وكأن الرئيس الأميركي الجديد ليس لديه ما يشغله إلاّ موضوع لبنان، وبالتالي يظن البعض أنّ يوم 20 كانون الثاني القادم ستكون أول شغلة بدو يطلع عليها رئيس الولايات المتحدة هي مسألة لبنان، وهذا غير صحيح. فالعالم قبل الكورونا وحتماً بعد الكورونا أكثر من أي وقت مضى لديه مشاغله واهتماماته أكثر بكثير من لبنان. وما لم يتنبه اللبنانيون إلى وجوب أن يقوموا بواجباتهم ويمارسوا دورهم في الاهتمام بقضاياهم ويبدأوا باعتماد الإصلاحات اللازمةلإقناع العالم بمساعدتنا فإنّ أحداً لن يهب لمساعدة لبنان.
س: يعني ناطرين الضو الأخضر الخارجي؟
ج: أنا أعتقد أنّ هناك استعصاءان: الأول في موضوع امساك إيران بالورقة اللبنانية، والتي يحملها حزب الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية. والاستعصاء الثاني هو عند الرئيس عون الذي يطالب ان تكون حكومة من الحزبيين وان يكون له الثلث المعطل. وهذا الامر يعني أنّ اللبنانيين لم يفهموا شيئاً مما حصل ولم يستوعبوا بعد ان ليس هكذا تحل مشكلاتهم.
س: الم يكن يعلم الرئيس الحريري بإنو إذا رشح نفسه لتأليف أي حكومة بهذا الوقت لح يرجع يصطدم بهذه العقبة اللي هوي قال انو لح يرجع يتفاهم مع كل الأطراف وانو لح يرجع يلتقي مع رئيس الجمهورية ويقول الجو إيجابي واتفاهمنا.
ج: صحيح، كان الرئيس الحريري دائماً يتفاهم مع الرئيس عون بس من بعد ما يطلع من عند الرئيس عون يأتي الوزير جبران باسيل ويغير رأي رئيس الجمهورية.
س: هيدي معلومات اكيدة؟
ج: هيدي معلومات ثابتة.
س: يعني اليوم المعطل هو الوزير جبران باسيل؟
ج: حتى نكون واضحين. عملياً الآن رئيس الحكومة المكلف المفروض به أن يتشاور مع كل الأحزاب ويستمع إلى مطالبهم. ولكن الدستور كان واضحا عندما لم يذكر انها استشارات ملزمة. رئيس الحكومة المكلّف عليه أن يؤلف حكومة منسجمة ويحدد أهدافها وماذا عليها أن تعمل. وبالتالي بدو يروح للامتحان. امتحانه واحد ما عندو 100 امتحان عندو امتحان واحد وين؟ بمجلس النواب اللي بدو ياخد الثقة منه وبالتالي بيعمل التشكيلة إذا عمل تشكيلة وما وافقوا عليها النواب هو الذي يذهب إلى البيت. ورئيس الجمهورية بكون وقع على المرسوم بس ليس هو الذي يذهب إلى البيت. رئيس الحكومة اللي بروح عالبيت. وهوي اللي بيتحمل المسؤولية. بالتالي هوي اللي بيحط التشكيلة وهوي اللي عليه يدافع عنها. وبالتالي همّه في أن يكون قادراً للوصول فيها على المجلس ويحصل على الثقة.
هلا اللي بدو يألف الحكومة اللبنانية الآن لنكون واضحين وصريحين عندو خيارين: الأول، أن يرضي السياسيين. والثاني، هو أن يرضي اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي وهذان خياران لا ثالث لهما. فإذا أرضى السياسيين تولد حكومة ميتة لا تستطيع ان تفعل شيئا ولا تستطيع ان تقدم شيئا للبنانيين ولن تحصل لا على قبول منهم ولا على قبول واستعداد للمساعدة من المجتمعين العربي والدولي. وإذا عمل من اجل إرضاء اللبنانيين عليه أن يقدم أسماء منسجمة من أصحاب كفاءات واختصاص مستقلين من غير الحزبيين. طبيعي مش شغلتو انو يجيب أسماء مستفزة وما في داعي. وهذا ليس من صالح أحد. عليه أن يأتي بتشكيله منسجمة من أصحاب كفاءة واختصاص مستقلين وغير حزبيين قادرة على أن تعمل كفريق عمل منسجم وغير مستفز لأحد وان تكون قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة ولكن الضرورية.
س: ولكن رئيس الحكومة المكلف هوي بحد ذاته هوي رئيس تيار ليش هوي بيحقلو يجيب اختصاصيين ويكون على رأس حكومة وغيرو ما بحقلو يسمي.
ج: أنا قبل تكليف مصطفى أديب كان عندي رأي انو ما فيكي تجيبي للطيارة حتى تطير كابتن وكامل أعضاء الفريق crew بعمرن ما فاتو على مقصورة القيادة. بدك تجيبي واحد على الأقل عندو تجربة طيران والمهم انو تجيبي قائد الطيارة تكون عنده علاقات وازنة وتجربة حكومية جيدة. مش ضروري يكون رئيس حكومة سابق بس على الأقل يكون عندو تجربة حكومية.
س: الرئيس دياب كان وزير؟
ج: هيديك الحكومة برئاسة حسان دياب تألفت وكانت بالاسم من وزراء مستقلين. وهي بالفعل لم تكن كذلك وهي لم تستطع أن تقدم شيئاً ولم تقرّ أي إصلاح.
الآن نتكلم بشأن الحكومة التي يزمع سعد الحريري تأليفها من مجموعة من المستقلين. وبالتالي من أصحاب كفاءات واختصاص ومستقلين وغير حزبيين ويكونوا منسجمين ليعملوا فريق عمل متعاون. آخر النهار الحكم على الأمور بخواتيمها. هوي عندما تعرّض التشكيلة وسيتبين فعليا انو ولا واحد من أولئك الوزراء هو منتمي الى أي فريق سياسي ولا واحد منهم مستفز لأي فريق سياسي هيدا من شروط الحكمة والتبصر لرئيس الحكومة أن يعمل على الاتيان بأشخاص غير تابعين لأي من تلك الأحزاب أو المجموعات السياسية. لأنه إذا فعل ذلك يكون فعلياً عم بقدم حكومة ميتة لا تستطيع ان تقدم شيئا للبنانيين.
نحنا هنا نرى أنّ السؤال المطروح: هل نستطيع ان ننهي حالة الانكار التي نعيش فيها. لحد الآن بعدنا عم نفكر ونستعمل نفس الطريقة وكأننا ما عنا ولا مشكلة بينما نحن نواجه كل هذا الكمّ الكبير من المشكلات المتراكمة والمتفاقمة. وبالتالي الهم الكبير هو كيف نستطيع أن نستعيد الثقة التي انهارت. هذه الحكومة عندما تتألف بهذه الصيغة من المستقلين ومن أصحاب الكفاءات ستظهر من أول عشر دقائق: "يا بتعيش يا إما ما بتعيش". السؤال الأساسي: شو بكون انطباع الناس عنها: يا هيدي الحكومة اللي نحنا كنا ناطرينها أو أنها مثلها مثل كل الحكومات التي سبقت. إذا مثلها مثل البقية يعني خلص خلصت. وهذا الامر سيكون كذلك بالنسبة لردة فعل المجتمعين العربي والدولي. بدنا ما ننسى انو نحنا لدينا كمّ كبير من عدم الثقة المتراكم او ما يسمى بانهيار الثقة لدى اللبنانيين بالدولة اللبنانية وبرئيس الجمهورية وبالحكومة اللبنانية وبالمنظومة السياسية من المسؤولين السياسيين. الآن نريد أن نرى كيف يمكن ان تتمحور هذه الحكومة حول رئيس حكومة بصيغة تكون مقبولة من اللبنانيين ومن أشقائنا وأصدقائنا. وهذا هو التحدي حتى تستطيع هذه الحكومة أن تبدأ ومن خلال الأداء الجيد بوقف الانهيار.
س: لماذا يحق لسعد الحريري انو هوي ينقي الوزراء السنة ولا يحق لرئيس الجمهورية انو هوي ينقي الوزراء المسيحيين. هل إذا صار العكس بيقبل الرئيس المكلف؟
ج: يجب أن نوضح هنا أمراً أساسياً. ان رئيس الجمهورية هو رئيس لكل اللبنانيين وليس رئيس حزب أو هو فقط لجماعة أو أنه بدعم فريق من اللبنانيين ضد فريق آخر. رئيس الجمهورية له الحق أن يسأل عن كل عضو في هذه الحكومة. مش عن حصتو أو عن المسيحيين فقط. حصته هي بالوزراء جميعهم والوزارة بكاملها. لذلك عليه ان يتطلع على هذا الأمر بمقاربة مختلفة وعليه ان يطلع عليها بعقل جديد ومقاربة جديدة. هو قد دخل في السنة الخامسة وعليه أن يفكر جدياً ماذا سيترك لدى اللبنانيين من ما يسمى سمعة لهذا العهد؟ هل يريد المشاركة في تأليف حكومة لتحل مشكلة ام لتخترع مشكلات جديدة. وبالتالي عليه أن يؤكد على ان يكون جميع أولئك الوزراء من أشخاص مستقلين. وأنا أقول امراً آخر ومثل ما سمعنا وقاله الرئيس الحريري أنّ أربعة من الأسماء الذين طرحهم الرئيس الحريري تقدم بهم الرئيس عون، وهو ما يظهر مدى التعاون الذي أظهره الحريري في تعاونه مع الرئيس.
س: ومن الأساس كان المفروض رئيس الجمهورية يقعد مع الرئيس المكلف؟
ج: هذا ما كان يجري في كل مرة كان الحريري يتباحث مع الرئيس عون بشأن الأسماء المقترحين للتوزير كان يجيبه الرئيس عون: "عظيم تمام وان الأسماء جيدة". ولكن بعد ذلك يتغير كل شيء.
س: اليوم بداية ما كان عارف الرئيس الحريري انو لح يوصل لهون ثانيا بعد ما قدم الرئيس الحريري تشكيلته الخوف أن يتبين للرأي العام والى رئيس الجمهورية انو أنا عملت شغلتي وصارت الطابة بملعبك، بدك توافق بدك ترفض هيدا بعود لالك، وكأنو عم يحشر رئيس الجمهورية خاصة أن المجتمع الدولي وقبيل عودة الرئيس الفرنسي يلي هوي صاحب المبادرة الفرنسية؟
ج: أول شي انا بعتقد انو الرئيس الحريري من حقو ومن واجبو انو يقول انا أريد أن استنفد كل الفرص التي يمكن ان تتاح للبنان من أجل تأليف الحكومة الجديدة، وهذا من حقه وكذلك من واجبه. وأنا اعتقد انه كان يراهن على انه لا بد وأن السياسيين اللبنانيين قد تعلموا شيئاً.
هون بدي اسمح لحالي ان استشهد بقول قاله وزير خارجية فرنسا قبل مئتي سنة بعد عودة الملكية إلى فرنسا وهو الوزير الداهية تاليران. وذلك بعد أن شاهد كيف يمارس الفرنسيون ممارساتهم السياسية بعد عودة الملكية وكأن شيئا لم يحدث في فرنسا. إذ قال عندها: "السياسيون الفرنسيون لم يتعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا من مخازيهم".
لكم يبدو هذا القول يسري وبشكل واضح وكبير على عدد كبير من السياسيين اللبنانيين. الآن مشكلة تأليف الحكومة يجب ان ندرك ان هذا هو المسار الوحيد الباقي للبنانيين من اجل الخروج من المآزق التي نحن في أتونها.
وبالتالي على اللبنانيين جميعاً أن يستوعبوا ويدركوا شيئاً وهو حقيقة أساسية أنه غير صحيح ان العالم عم بدور حول لبنان وانه ما عندو أي قضية يفكر فيها غير لبنان.
نعم هم حريصون على لبنان، حريصون على نموذج العيش المشترك في لبنان، وعلى هذه الصيغة الأساسية التي سماها البابا يوحنا بولس الثاني ان لبنان هو الرسالة، هو رسالة للعالم كلّه، رسالة ليس فقط للبنانيين ولكن لمحيطه وكذلك للعالم. وهي قضية العيش المشترك وفكرة قبول الآخر، ولاسيما لما نشهده في هذه السنوات من تأجج للعصبيات في العالم، ولما يسمى الهويات المتقاتلة وبالتالي هذا الامر علينا أن نفهمه كلبنانيين، انو الآن عنا رسالة واحدة علينا ان نوصلها وبوضوح إلى اللبنانيين وإلى أشقائنا وأصدقائنا انو نحنا واعيين لمشكلاتنا واننا فعلاً نريد أن نحل مشكلاتنا وأننا حاضرين أن ننتهز هذه الفرصة المتاحة لنا من أشقائنا وأصدقائنا. فالفرص لا تأتي كل يوم ولكن أهمية الأمر هو أن يرى ويقتنع المجتمع العربي والدولي ان لبنان يريد أن يقتنص الفرصة عندما تأتي لأجل حلّ مشكلاته. المشكلة الكبرى هي عندما يترك اللبنانيون هذه الفرص لتمر دون الاستفادة منها مثل ما يحدث الآن فهذا أمر خطير. لذلك انا اعتقد اننا- وياللأسف- على مقربة كبيرة من الارتطام الكبير إذا لم نسارع لإنقاذ بلدنا وإنقاذ اللبنانيين.
س: ماذا سيقول الفريق السياسي، الطبقة السياسية الرئيس المكلف رئيس الجمهورية للرئيس ماكرون عندما يعود الى لبنان للمرة الثالثة؟ عم نأجل وما في حكومة لحد الآن والآن سوف ينفجر بوجهه موضوع التحقيقات والاتهامات أيضا. عم نرجع نقدم صورة عن تفكك في هذه الطبقة السياسية؟
ج: في الواقع هذه الطبقة وهذه المنظومة السياسية في لبنان، يؤسفني القول، انها تقدم نموذجاً سيئاً وهي وكأنها تعلن على الملأ بأنها انتهت وان كانوا لا يقرون بذلك ولكنهم الآن هم في استعصاء وفي حالة إنكار لما أصبحت تسير عليه الأمور. الآن في لبنان يجب ان يدركوا أنه لم يعد هناك مجال للمراوغة. يجب أن تعود الأمور مرة ثانية الى الأصول فيما يتعلق بموضوع احترام الدستور بداية. وبالتالي يجب أن يدرك السياسيون بأن عليهم ان يمارسوا أفضل ما لديهم من ممارسات من اجل حماية لبنان واللبنانيين من حالة الارتطام الكبير. صحيح أنّ من حق السياسي انو يشتغل سياسة من اجل ان يعاد انتخابه وبالتالي عليه ان يعمل كل هذا الجهد اللازم لذلك، ولكن لا أن يستعمل الدولة كوسيلة أو مادة من اجل الاستفادة السياسية او المادية على حساب المصالح الحقيقية للناس.
الصيغة الحكومية التي يدافع عنها الرئيس الحريري والتشكيلة التي سيقدمها ستكون البرهان، وهي الصيغة التي جرى فعلياً التداول بشأنها مع رئيس الجمهورية، وهو قد استفاد من مقترحات لدى رئيس الجمهورية بأسماء محددة، وهيدا من حق الرئيس أن يقترح أسماء من كل الطوائف مش من طائفة وحدة. عندها يكون رئيس الجمهورية يتصرف كرئيس للجمهورية حقاً ورئيس الكل ولمصلحة جميع اللبنانيين، وانه غير منحاز لأحد أو لفريق منهم ومش همه ان يرضي فريق على حساب فريق آخر، لكونه فوق كل السلطات وفوق كل الصراعات والحزازات والنكايات وبذلك يستحق عندها أن يكون رئيس جمهورية ويتصرف بالتالي على هذا الأساس.
س: ولكن الرئيس المكلف اليوم إذا قبل مع الفريق الشيعي انو وزارة المالية يكون من حصتن بكون عم يرضيهم وهيدا من حق المسيحي انو يقول وانا كمان أريد أم تكون لي حصة؟
ج: الدستور اللبناني واضح شديد الوضوح ان ليس هناك من حقيبة حكرا على طائفة وليس هناك من طائفة ممنوع على أحد أعضائها ان يتسلم اي حقيبة. وهذا هو تراثنا السياسي اللبناني الحقيقي. هذا مما يعني ان الفكرة كانت عند الرئيس الحريري ان الثنائي امل وحزب الله طلعوا على الشجرة. ولذلك كان السؤال: كيف وما هي الوسيلة لنزولهم عنها. من حقهم ان يستلموا وزارة المالية؟ نعم من حقهم بس مش من حقهم أن تكون حكراً للشيعة هنا الفرق بين الاثنين. بهذا الموضوع ولهذه الحكومة صار في استثناء ولكن نحنا هون بدنا ننقذ البلد. وهذا التنازل المؤسف ليس تنازلاً بالمعنى الحرفي للكلمة لأنه ليس دائماً. صحيح أنه ليس هكذا تعالج هذه المسألة.
س: طب ليش ما منعمل استثناء لبقية الافرقاء؟
ج: هنا تبرز أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه رئيس الجمهورية في اجتراح المخارج والحلول. عندها تعا لنشوف كيف يمكن ان يتصل رئيس الجمهورية بالثنائي الشيعي وان يتصل الرئيس بحزب الله وبحركة امل ويقلن تعو خلينا نتفق ونشيل هالقصة من هذا الجدال العقيم. إذ أنّ حلّها مش انو انا كمان رئيس الجمهورية بدو يتمسك بحقائب وبدو حصته. مش معناها بالتالي انو انا بدي حصتي بهالوزارة وهالوزارة. بعتقد لازم يتصل رئيس الجمهورية حتى يجد حلولاً أن يبادر تعا يا نبيه (بري) انا بدي احكي بهذا الموضوع تعا نعملها ونتكل ع الله ونشيل كل هذه العمليات من هذا الجدال العقيم وفي هذه الحكومة، أي ما معناه أن لا احد يستمر في الاحتفاظ بنفس الحقيبة. هيك لازم يعمل رئيس الجمهورية ويحلّ المشكلة وليس بأن يقول هذا أخذ حصته وأنا بدي حصة. إذا أراد أن يساعد هذه هي الطريقة للجمع بني اللبنانيين لإيجاد الحلّ الصحيح.
س: دولة الرئيس، بما أنه عم نحكي عن ملفات الحكومة وعن التحقيقات في المرفأ. قبل شوي كان جميل السيد له تغريدة كتب فيها: الحريري والسنيورة لا يجوز اقحام القضاء باتهامات سياسية وانتقامية كنتم مع عصابة سعيد ميرزا اول من سيَّس القضاء وشهود الزور في اغتيال الحريري واعتقال الضباط وبالأمس كنت تريدون رأس دياب وحققتموه، حماستكم اليوم ليست حرصا عليه بل خوفاً على أنفسكم من ملاحقتكم مستقبلا بالفساد.
ج: أنا لا اشاطره الرأي على الاطلاق واعتقد انه يجب عليه أن يتبصر كثيراً فيما يقوله.
س: ما في شيء من الواقع مما يقوله؟
ج: لنكن واضحين، نحنا مش خايفين من اي شيء ولنكون واضحين وبالتالي أي شخص وبرجع بكرر ومبارح كررها رؤساء الحكومة السابقين انو ما في حصانة لهم ولا لأي أحد وهذا الامر يجب أن يكون واضحاً أن لا حصانة لأحد. هناك أسلوب يجب ان يتبع كما ينص عليه الدستور. وهناك اتهام موجه الى رئيس حكومة تصريف الأعمال والوزراء. هذا يقتضي أن يطرح الأمر على مجلس النواب. وبالتالي أن يكون ذلك على أعين جميع اللبنانيين ويصار الى اجراء ذلك الاتهام وأن تجري المحاكمة. وإذا كانت جريمة عادية، وانا لا اعتقد ذلك. بالتالي، فإنّ هذا الامر الذي يسري عليهم أي على الوزراء فإنه بالتالي أيضاً يسري على رئيس الجمهورية بإن هذا الموضوع كمان ينبغي على قاضي التحقيق أن يبلغ مجلس النواب بالأمر ومجلس النواب هو الذي له الحق توجيه الاتهام الى رئيس الجمهورية كما تنصّ عليه المادة 60 من الدستور.
س: اللواء السيد يمكن عم يحكي عن الفساد لانو نحنا هلا بفترة فتح ملفات الفساد.
ج: يجب ان لا يكون هناك حظر على بحث أي موضوع أو منع التدقيق بأي موضوع أو ملف أو أي شيء، ولكن شريطة ان يكون وان يتم هذا العمل بالطريقة المؤسساتية الصحيحة، وحسب الأصول المحاسبية الدولية المعتمدة وليس عبر اعتماد التشهير والتهجمات الإعلامية. وبالتالي ما يسمى بالمحاكمات الميدانية. بتعرفي شو يعني المحاكمات الميدانية؟ ذلك كيف كان يتم أيام الثورة الفرنسية، أيام المدعي العام "روبسبيير" كان يحاكم بكلمتين ويحطو المتهم بغض النظر عن براءته عالمقصلة ليس هكذا تتم المحاسبة. يجب ان تتم حسب الاصول المؤسساتية. كيف بتحاسبي الرؤساء والوزراء بتاخديهن على مجلس النواب. أي واحد متهم بأي شغلة ما في خيمة على أحد ولا حماية لأحد بدون أدنى شك. الكل يجب ان يخضع للمحاسبة والمساءلة بطريقة مؤسساتية وصحيحة وعادلة.
لقد أرسلت على مدى السنوات التي كنت فيها وزيراً للمالية عدة قوانين للتدقيق أقر واحد منها وأيضاً أرسلت كرئيس حكومة واخرها القانون الذي اقره مجلس الوزراء، وكان وقتها الاجتماع برئاسة الرئيس اميل لحود لإرسال مشروع قانون بإخضاع جميع مؤسسات وادارات الدولة اللبنانية على كافة أنواعها، ودون أي استثناء للتدقيق، والذي ينبغي أن يتم بطريقة علمية وصحيحة وعلى أساس الأصول والمعايير العالمية المعتمدة، وعلى أن يتم ذلك لرفد رقابة التفتيش المركزي ورقابة ديوان المحاسبة وأن يكون بذلك قيمة مضافة.
س: يعني إذا التدقيق الجنائي طال فريقكم السياسي اليوم...
ج: الذي ارتكب يجب ان يتحمل مسؤوليته. الأسلوب المؤسساتي يجب ان يتبع اما الذي ارتكب فإنه لا خيمة ولا حماية لأي أحد، مين ما كان يكون. استشهد هنا بقول الرسول الذي قال بس للدلالة: "لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" ونقطة على السطر. هذا الامر يجب ان يكون واضحاً لجميع اللبنانيين ولكن بالأساليب المؤسساتية الصحيحة وليس بالأساليب الشعبوية والفضائحية وهي الأساليب اللي ما بتوصل إلى أي شي. على العكس فمثل هذه الممارسات تزيد من محاولات الاستعصاء والاصطفاف الطائفي والمذهبي.
دعيني أقول لك هنا حتى لا نستمر في توجيه الاتهامات فقط ونترك أموراً هامة أخرى. فنحن بقدر ما بدنا نهتم بالماضي بدنا تكون عيننا على المستقبل يعني مثلا لما انت بتسوقي سيارة بتفوتي على السيارة وتشغلي محرك السيارة وبتطلعي على المرآة التي تظهر لك ما هو في الخلف شوي وبتمشي إلى الأمام. اما إذا بقيتي كل الوقت عم تطلعي على المرآة شو بصير فيكي؟ بتعملي حوادث.
انا الذي أقوله يجب ان نمارس هذه المحاسبة الصحيحة على الطريقة المؤسساتية وأن لا خيمة على أحد وأيضا ان لا نتعامى في ذات الوقت عن رؤية المستقبل وكيف يبقى علينا أن نعالج قضايا المستقبل ومشكلاته.
هذا الامر شديد الأهمية بالنسبة الى تأليف الحكومة. انا أقول ان هذا هو دور رئيس الجمهورية، هو الاب والحامي وعليه أن يتصرف كرئيس جمهورية وأن يستمر في أدائه ليكون فوق كل السلطات مش انو يتصرف على انه رئيس حزب وأنه حريص على انو بدو أكثرية له وبدو ثلث معطل. هيدا الأداء ما بيوصل لنتيجة هيدا يؤدي إلى ولادة حكومة ميتة. وبالتالي ما منقدر على أساسها أن نجيب قرش واحد من أشقائنا وأصدقائنا لكي نبدأ بحلّ مشكلاتنا المتفاقمة.
هيدي حكومة إنقاذية ورئيس الجمهورية هو حامي الدستور هو الذي يقول ويستطيع بحكمته وتبصره وحياديته بين الجميع أن يحدد أين الخطأ وأين يجري خرق الدستور. هو عنده سيف كبير ولكن عندما يستعمله بطريقة صحيحة بيقدر يوصل لنتيجة ترضيه وترضي اللبنانيين. اما ان يكون همه كيف بدي حافظ على مكاسبي أو أن أحصل على حصتي هون أو هناك، هذه هي أول سقطة بيسقطها عندما يفكر بالحصص وبالتالي لا يعود هناك بلد نستطيع أن ننقذه.
س: بدي اسألك بعد عن مسألتين: موضوع ال 11 مليار الذي يرافقكم دائما من وقت ما كنت وزير مالية الى اليوم حتى من بعد ما صرت رئيس حكومة سابق. السؤال الأبرز وين الـ11 وماذا لو تم فتح هذا الملف من اول وجديد؟
ج: هيدي الـ11 مليار اكذوبة كاملة. آخر واحد حكى عنها هوي مدير عام المالية لما سُئل عنها قال هيدي الـ11 مليار موجودة ومسجلة قرش بقرش بوزارة المالية ومسجلّة في قيود كل الوزارات المعنية.
س: ليش بعد البعض بيرجعوا بيفتحوا هذا الملف؟
ج: هيدا الامر هو فقط لممارسة النكايات ولإطلاق الشائعات والتشويش والتشويه. وأنا مش اول مرة بحاولوا يتعرضولي بالسياسة انا من وقت ما فتت على وزارة المالية بسنة 1993، قاموا باقتحام وزارة المالية وبعد ذلك وبسنة 1998 طلعولي قصة محرقة برج حمود يلي كلها أكذوبة أيضاً وبعدين قصة الـ11 مليار وغير ذلك قصص كثيرة وكلّها من الأكاذيب من هذا النوع. باختصار انا لو عاد بي الزمن مرة ثانية لفعلت ما فعلت وأنا مقتنع أن ما قمت به والحمد لله إذ كان دائماً مسعاي أن أكون في خدمة بلدي وفي خدمة مصالح اللبنانيين وأني حافظت على المال العام، وعلى الخزينة اللبنانية بكل ما استطعت.
س: فريقكم السياسي متهم أيضا بأنه من اللي حط هذه السياسات الاقتصادية الفاشلة والتي أوصلت البلد الى هنا. من ضمنها عدم تقديم موازنات على مدى عشرة أعوام. ليش ما كان عم يتقدم موازنات؟ ليش لجأتوا الى الصرف على قاعدة الاثني عشرية؟ كل هالتراكمات أوصلت الى هنا عشان هيك عم نضطر نحكي بملف الـ11 مليار؟
ج: لنجيب على كل واحدة من هذه النقاط. أول شي بشأن إعداد وإحالة الموازنات. أنا لما كنت رئيس حكومة أعدت حكومتي كل الموازنات وأرسلت جميع الموازنات، موازنة 2005 و2006 و2007 و2008 و2009 تمّ إقرار على موازنة العام 2005، أما موازنات 2006 و2007 و2008. فقد رفض أن يتسلمها رئيس المجلس ولكنه تسلم موازنة العام 2009 ولكنه وضعها بالدرج. وبالتالي لم تجر مناقشتها في لجنة المال والموازنة. ولذلك لم تقرّ تلك الموازنات.
لقد أُعدت تلك الموازنات وقُدمت للمجلس النيابي بشكل صحيح بالرغم من انو الظروف السياسية كانت صعبة في تلك الفترة.
الموازنات الأخرى كانت من مسؤولية الحكومات التي أتت من بعدي وعلى أي حال لم تقر موازنات الأعوام 2010- 2016. وبالتالي كان غياب للموازنات العامة لإحدى عشرة سنة على التوالي.
أما بشأن القاعدة الاثني عشرية فهي قاعدة تصلح لشهر واحد، وبالتالي بعد ذلك الشهر ما بتعود بتصلح. ولذلك كان الخطأ باعتماد تلك القاعدة لإحدى عشر سنة على التوالي وفي ذلك ما ترتب عليه عدة مشكلات.
الخطأ هو في عدم إقرار الموازنات، وهذا الامر أوصلنا الى هذا الكمّ الكبير من المشكلات.
أما الآن وبالنسبة لموضوع السياسة الاقتصادية، دعيني أعطيكي مثال قصة السيارة إذا انتي بدك تسوقي سيارة اول شغلة بتخضعي لامتحان وان تنجحي فيه وتتعلمي أنظمة السير ولكن ذلك غير كاف. لنفترض انتي قررتي أنك تسوقي سيارتك على الشمال، وليس على اليمين في لبنان شو بيصير معك؟ بتفوتي بالحيط وبتعملي حوادث. بعبارة أخرى، أن لكل سياسة اقتصادية لها مقتضياتها والتي يجب احترامها. وفي حال عدم احترامها في المخيم أن تكون هناك حوادث وربما تكون حوادث قاتلة. ان البلد عندما يصر على ان ينفق دون حساب ودون ضوابط ودون أن يسعى لتعزيز إيرادات الخزينة ويؤدي ذلك إلى ترتيب عجوزات كبيرة في الخزينة غير عابئ بالنتائج وبعد ذلك يلوم السياسة الاقتصادية فهذا غير صحيح. المشكلة لا تكون عندها بالسياسة الاقتصادية والمالية بل المشكلة عندها بالأداء.
حقيقة اللي صار انو هذه السياسات الاقتصادية التي اتبعت كان عليها إخراج لبنان من نتائج تداعيات الحرب ما قبل 1992 كما وان نواجه الحروب التي سادت بعد تلك الفترة. كل تلك الحروب مضافاً لها مجموعة الصدمات والاحتقانات والتشنجات الداخلية يتحملها الاقتصاد اللبناني. ولكن لم يتم الالتزام بالموضوع الإصلاحي، ولاسيما بعد ذلك ومنذ العام 2011 وحتى الآن. هذا الموضوع لما بيتكرر مرة بعد مرة بعد مرة، ويحدث إخلال بالشروط التي تؤدي الى انقاذ البلد، ومنها عدم القيام بالإصلاحات طبيعي عم بحكي عن فترة التسعينات وفترة عام 2002 عندما اجتمعنا والتزم لبنان بتنفيذ مقررات مؤتمر باريس-II الإصلاحية، إذ كان هناك جملة من الإصلاحات التي جرى عدم التقيد بها. على سبيل المثال، هناك ثلاثة قوانين صدرت في العام 2002 قانون الكهرباء وقانون الاتصالات وقانون الطيران المدني. وهذه القوانين مازالت حتى الآن حبرا على ورق. يقول الوزير جبران باسيل: "انا قانون الكهرباء مش عاجبني ما بدي طبقوا". هذا الامر يا سيدتي لم يعد مقبولاً الخروج على القانون، وهذا من شيم الدولة الفاشلة. ولنرجع لحكم القانون انتي لما بتنفذي القانون وإذا كان مش عاجبك القانون فإنّ عليك تطبيقه أولاً وبعدها بتروحي بتغيري وذلك من خلال إعداد مشروع قانون تتم مناقشته وإقراره في مجلس النواب. هذا أمر غير مقبول وهذا لا يؤدي إلاّ إلى الانهيار الذي أصبحنا نعاني منه الآن.
س: الرئيس الحريري كان هو والوزير باسيل كانوا شركاء بنفس الحكومة كانوا مع بعضن لكن اليوم اللي عم منشوفوا انو الرئيس المكلف عم بحمل المسؤولية الى الوزير باسيل وقد قالها مرة بالعلن انو الوزير باسيل؟
ج: يتحملون جميعاً المسؤولية. لنكون واضحين جدا أي خطأ ارتكب يجب ان يحاسب عليه المسؤول ومين ما كان يكون.
س: دولة الرئيس لو كنت وزير للمالية اليوم بظل هذا الانهيار الاقتصادي اللي نحنا وصلنا له. شو كنت عملت بداية وانت صاحب شعار الترشيد اللي عم نسمعو اليوم؟
ج: هما عبارتان الترشيد في السياسات وفي الممارسات والترشيق في حجم الدولة. أولاً يجب أن نعي أننا في حالة ما يسمى انهيار الثقة في لبنان داخلياً وخارجياً. وبالتالي، فإنّ هناك رسائل أساسية يجب ان تكون واضحة ويجب ان نرسلها للبنانيين ولأشقائنا ولأصدقائنا في العام. بداية، بأن نؤلف حكومة وبالتالي يجب أن تلتزم هذه الحكومة الجديدة باحترام الدستور وباتفاق الطائف وباحترام الشرعية العربية والشرعية الدولية، وأن نعطي في ذلك عدة رسائل سريعة جدا ومباشرة كأن يقول رئيس الجمهورية:
1) انا سأوقع التشكيلات القضائية.
2) انا بدي أدعم تطبيق القوانين، والتي هي القوانين التي أقرّت ولم تنفذ منذ العام 2002، وهي قوانين الكهرباء والاتصالات والطيران المدني.
3) بدي أدعم إخضاع جميع الإدارات والمؤسسات للتدقيق من الآن فصاعداً وكذلك سابقاً.
4) انا بدي أدعم إعادة الاعتبار للكفاءة والجدارة في تحمل المسؤوليات والمحاسبة على أساس الأداء وأنا سأدعم كل مشاريع الإصلاح، وهي الإصلاحات التي تؤمن التقدم على مساراته وتؤمن احتضان كافة فئات المجتمع الاجتماعية وبما يؤمن الخروج من المآزق والمشكلات المتفاقمة التي يعاني منها لبنان بأقل الأضرار الممكنة.
رئيس الجمهورية هو الذي يعطي تطبيق هذه المسارات جديتها. هو المفروض من وقت اللي اجا ان يعملها. ومع ذلك، فإنّ هذا لم يحصل. والآن بدأت سنته الخامسة وبالتالي ليس لديه الآن أي شيء يباهي به. بكرا شو بدن يقولوا الناس، شو عمل؟ هذا هو التحدي الكبير بالنسبة لرئيس الجمهورية.
س: انت عم بتحملوا مسؤولية كل ما وصلنا اليه اليوم؟
ج: هوي بيتحمل مسؤولية وانا مش عم قول إنه وحده من يتحمل المسؤولية. لأ والآخرون يتحملون المسؤولية. لكن الآن هذا الامر يلي عليه مسؤولية، فإنّ عليه ان يرسل رسائل أساسية لمعالجة أزمة الثقة. إذا بدك تسترجعي الثقة المنهارة بدك تقولي انا شو بدي اعمل. الناس مش بدن بس يسمعوا كلام يريدون ان يروا افعالاً وأيضا تنفيذا. عندما يقول رئيس الجمهورية أنا بدي عيد الاعتبار لما يسمى استقلالية القضاء، اتفضلوا انظروا ها قد وقعت مرسوم التشكيلات القضائية. كذلك أنا أدعم تطبيق هذه القوانين ويجب ان يبدأ لبنان بتطبيقها من الآن وفور تشكيل الحكومة يجب على الحكومة أن تعين الهيئات الناظمة لقطاعات الكهرباء والاتصالات والطيران المدني.
س: هو الذي يجب ان يثير كل هذه المواضيع؟
ج: هوي وغيره بس على القليلة هوي ياخد صف الناس اللي بدن الإصلاح مش ياخد صف الناس اللي ما بدن اصلاح. بالتالي هيدي الأمور اللي بتعطي رسائل للمجتمعين العربي والدولي عليه ان يبادر فعلياً ويقول بدي حيد لبنان عن الصراعات العربية والإقليمية. هيدي الأشياء هي اللي بدها تعطيه صورة إضافية وجديدة لرئيس الجمهورية وصورة تمسح ما علق على العهد من آثار سلبية بسبب تلك الممارسات وهي التي تسهم في إنقاذ لبنان وتسهم في خلق انطباع جديد عنه لدى اللبنانيين، وهو ما يسهم بالفعل باستنهاض اللبنانيين، والتالي بنهوض لبنان من جديد.
س: يعني انت اليوم الرئيس فؤاد السنيورة يدعو رئيس الجمهورية الى...؟
ج: ادعوه الى ان يكون ويمارس كرئيس جمهورية صحيح. رئيس جمهورية في نظام ديمقراطي برلماني ليس بنظام رئاسي، وهو ليس نظامنا وليس دستورنا. يجب عليه ان يقتنع أنه هو رئيس كل السلطات وان يمارس صلاحياته ويمارس توجهاته الإصلاحية الصحيحة ولا ان يكون منحازاً لأي فريق.
س: من باريس-1 وصولا الى سيدر، ليش بعدنا عم نعول على الدول الغربية بمساعدتنا وماذا يضمن اليوم إذا تشكلت حكومة ان نأخذ هذا الدعم الموعود؟
ج: الجميع يجب ان يدرك أنّ علينا أن نقوم بعملنا وما ينبغي علينا ان نقوم به وننفتح على الجميع. انا اعتقد انه علينا ان نعمل واجباتنا. في مثل لبناني ظريف يقول: "الديك عليه ان يصيح، طلوع الضو على الله" اول شي علينا انو نعمل شغلتنا علينا ان نصلح حالنا ان نشكل حكومة ونلتزم بهذه القواعد ونحاول أن نؤكد على أننا نحترم الدستور ونحترم اتفاق الطائف ونحترم الشرعيتين العربية والدولية، ونعمل من أجل تحييد لبنان، وان نمشي في طريق تطبيق هذه القوانين ونتصل بالصندوق النقد الدولي ساعتها بتشوفي الناس لح تجي لعندك. اللبنانيين والأشقاء والأصدقاء غير مستعدين للتضحية إذا العهد والحكومة ما عن يبرهنوا أنهم حاضرون من أجل أن يساعدوا حالهم. يقول المثل الإنكليزي Stand up to be counted بدك توقف حتى الناس توقف معك اما إذا انت مش واقفة مع حالك ما حدا فاضي لإلنا.
س: شو جايي الرئيس الفرنسي يقلنا وانتو شو لح تقولولوا؟
ج: الفرنسيون قالو لنا عشرات المرات وكذلك المجتمع الدولي قال لنا عشرات المرات. انا اعتقد وهو المؤسف أصبح لبنان وكأنه واحد بدو يكب حالو من ناطحة السحاب بتجي بتمسكيه بتربطيه بتقعديه عالكرسي بيحاول يفلت حالو ويركض ليرمي حاله من ناطحة السحاب.