مسرّة، سليمان، قربان، العبد، في ندوة حول "مرصد الطائف": إطلاق العدد الأول من المجلة
أقيمت في "دار نقابة الصحافة اللبنانية" ندوة إحتفائية بمناسبة صدور العدد الأول من مجلة "مرصد الطائف"، بدعوة من "اللجنة الثقافية في النادي الثقافي العربي"، و"لجنة مرصد الطائف".
في مستهل اللقاء، رحّب ممثل نقيب الصحافة الأستاذ عوني الكعكي، الدكتور فؤاد الحركة، بإسم النقيب بالحضور، وفي مقدّمهم دولة الرئيس فؤاد السنيورة و ثلّة من رجالات السياسة والقانون والإعلام،حيث قال: سررت بهذا اللقاء الذي دعا إليه "النادي الثقافي العربي"، بمناسبة صدور العدد الاول من مجلة "مرصد الطائف"، الذي يشارك فيه مدير تحرير مجلة "مرصد الطائف" الدكتور عارف العبد، والدكتور حارث سليمان رئيس تحرير المجلة، والدكتور أنطوان مسرة، والدكتور أنطوان قربان، وأتمنى للقيّمين على هذه المجلة، النجاح لتكون مع القراء على بيّنة من دستور الطائف، و أسأل الله أنْ يوفّقكم لخير لبنان العربي، عشتم وعاش لبنان".
الدكتور عارف العبد شكر نقيب الصحافة الأستاذ عوني الكعكي، مُمثَّلا بالدكتور فؤاد الحركة، وروى للحضور مسار إنطلاق مشروع مرصد الطائف قائلا: في العام 2018 كان اللقاء الأول، مع اقتراب الإحتفاء بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس "النادي الثقافي العربي"، حيث أطلق النادي رئيسا وأعضاء، ورشات عدة من النقاش الفكري والثقافي، وتحديدا ورشة نقاش "وثيقة الوفاق الوطني" وما تتعرض له من إنتهاكات، وبنتيجة هذا النقاش تمّ تشكيل لجنة "مرصد الطائف"، لكي ترصد الانتهاكات التي بدأ يتعرض لها الدستور اللبناني، في ذلك الوقت. هذه اللجنة ناقشت كل جوانب الانتهاكات التي تُمارَس ضد اتفاق الطائف، وقرّرت أن تصدر نشرة دورية، ترصد هذه الانتهاكات بمقالات ودراسات أكاديمية وقانونية. وقد أصدرت اللجنة ثلاثة أعداد تجريبية رقم"صفر". واليوم، نحن نجتمع لنحتفل بصدور العدد الأول من مجلة "مرصد الطائف"، وفيه مجموعة من المقالات الأكاديمية والقانونية التي تتابع ما يتعرض له الدستور اللبناني من خروقات، خاصة في الفترة الأخيرة. وأنا هنا أحيل الكلام إلى أستاذي الدكتور أنطوان مسرة، عضو"اللجنة القانونية الدستورية" هذه اللجنة التي وضعت لائحة مفصلة بالانتهاكات التي يتعرض لها الدستور من قبل رئيس الجمهورية. وأترك الكلام له، لكي يضعنا في هذه الصورة ويضعنا في توجيهاته لمرصد الطائف، وما يجب أنْ نعمل.
الدكتور أنطوان مسرة:
الوثيقة التي أصدرناها في "اللجنة القانونية الدستورية" بمشاركة القاضي شكري صادر وآخرين، تأتي لتؤكد أن "مرصد الطائف" هو ضرورة وطنية، فمواثيق لبنان مرت بمرحلة ولادة ثم طفولة ثم مراهقة، ولم تبلغ سن الرشد ميثاقيا، كدول عريقة مثل سويسرا وغيرها. هذا هو أساس الموضوع. لا أعبّر هنا عن رأي ولا عن موقف، بل أعبّر عن تجربة إختبارية في سياق مواثيق إتفاق الطائف بالذات، فإنّ أكثر السجالات التي تدور حولها تفتقر إلى منهجية:
أوّلا: تفتقر إلى الأخلاق. أذكر في سنوات السبعينات إلى التسعينات، كنت دائما أتكلم عن ميثاق لبنان ورياض الصلح وبشارة الخوري، وكنت أتعرض للسخرية لحديثي عن هذه التسوية. هناك مبدأ قديم يدعو إلى احترام المواثيق. وكلمة ميثاق في الإسلام وفي اللغة العربية، بالغة الغنى، هي تعني العهد، وليس التعهد، العهد أبعد من التعهد. إنّ احترام المواثيق جزء أساسي من ممارسة المواطنية، وأنا أتساءل ماذا نحترم في لبنان؟
ثانيا: عندما توالت شعارات الحرب في العام 1975 و 1976 مرورا بمعركة الجبل، قال رشيد كرامي عن (ميثاق 43) " لنعمل ما يغنيه ولا يلغيه". ما هذه الحكمة! نحن ماذا عملنا اليوم بالنسبة لميثاق الطائف، عملنا ما يغنيه ولا يلغيه، من أجل التمسك به. اليوم، يوجد مخادعة تتداول بين قانونيين ولا أقول حقوقيين، يتكلمون عن مرحلة ما يسمى قبل الطائف وبعد الطائف، وكأن وثيقة الطائف خرّبت كل المنظومة الدستورية في لبنان، وأحد المحامين الكبار كتب أن وثيقة الطائف قلبت الأمور رأسا على عقب، كلا ثم كلا ثم كلا. إن وثيقة الطائف كرست ثوابت لبنانية منذ المماليك، وحافظت على كل شروط النظام البرلماني، هي تكريس لثوابت دستورية. رئيس الجمهورية هو من هذه الثوابت، في عهد الرئيس فؤاد شهاب وعهود الرؤساء الآخرين. كل الثوابت اللبنانية أكدت عليها وثيقة الطائف وحافظت بها على النظام البرلماني، ولكن الممارسة هي نقيض ذلك تماما، وهناك نص للوزير الصديق مروان حمادة سنة 2005 في مجلس النواب قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كان الرئيس الحريري قد كلفه لصياغة البيان الوزاري، فاطّلع عليه الرئيس الحريري وطلب إلقاءه في سلة المهملات وقال لمروان:" بدك تروّحنا يا مروان؟" هذا لمجرد ذكر وثيقة الطائف!
إنّ المسألة ليست مسألة صلاحيات رئاسة الجمهورية، بل لإنّ وثيقة الطائف تتضمن إعادة تمركز الجيش السوري في لبنان، هناك نقص غريب في ذاكرة اللبنانيين، وكل من طالب بتعديل وثيقة الطائف، كنت أطرح عليه سؤالا ماذا تريد أن تعدّل فيه؟ فلا يرد. إنّ من يريد أن يعدل في بند ما منه، فليتذكر كم استغرق كل بند فيه من مداولات ومناقشات. وثيقة الطائف هي إنتاج لبناني أصيل، مثل "الكشك بالقورما" مثل "المنقوشة"، ما عدا البند المتعلق بإعادة انتشار الجيش السوري، فهذا الامر تسبب بخلاف مع لجنة عربية، وبعض المشاركين في الطائف، قيل لهم إنّ الرئيس حافظ الأسد كتب البند بيده، ومنْ يريد تعديله يتصل به شخصيا. وبشكل عام، أي منظومة دستورية في أرقى المجتمعات، في سويسرا نفسها، ألمانيا، الدنمارك، لا ينتظم فيها أي نظام دستوري في حال الاحتلال. والاحتلال بالفعل قلب كل المنظومة بشكل آخر، وكان من المحظور طرح موضوع إعادة تمركز الجيش السوري في لبنان أو مناقشة الالتزام بوثيقة الطائف.
برأيي، المسألة ليست مسألة صلاحيات، وكلمة قبل الطائف وبعد الطائف، هي مخادعة طويلة عريضة، تفتقر إلى المنهجية، وغالبا ما تتصف بطابع إيديولوجي وشعبوي.
إن الأمور الأساسية في المواد 9،و65، و19، و95 من الدستور لم تتغير، بل بقيت هي نفسها مع ديكور جديد، وأي تعديل لوثيقة الطائف في المستقبل سيكون ديكورا جديدا أسوأ من السابق. وأرى أنه يجب التمييز بين أربعة مستويات في الفكر والمعالجة، وهي ماذا يقول المبدأ، وماذا يقول الخطاب، وماذا يقول النص وماذا تقول الممارسة التي يمكن أن تكون مناهضة للنص. هناك خبراء تختلط عليهم هذه الأمور في مقالاتهم دون الوقوف عند هذه المستويات الأربعة.
في إيرلندا الشمالية هناك سيناتور ديمقراطي ماروني النشأة من أم لبنانية وأب عراقي، إسمه جورج كيتشه، أرسله الرئيس بيل كلينتون إلى إيرلندا، واستطاع أن يعالج قضية إيرلندا. سيقال عني هنا إنني أدافع عن الصيغة، أنا لا أدافع عن الصيغة، بل فعلا أقول إن المنظومة الدستورية اللبنانية هي إنتاج لبناني أصيل، وضعها لبنانيون عباقرة، لكنها للأسف ، باتت الأسوأ عالميا من حيث التطبيق والممارسة. وأختم هنا مشددا على أن ما يجري اليوم في لبنان من حيث الكلام عن الثلث المعطل، لا علاقة له بالمادة 65 التي أنتجها هؤلاء العباقرة، بل إنّ الثلث المعطل معاكس لها تماما.
الدكتور حارث سليمان:
لست مختصا قانونيا أو عالما في الدستور، إنما من موقعي كناشط سياسي، أردت الانخراط في هذا العمل.
يستمر إنهيار لبنان مدوّيا وشاملا كل المناطق وكل الاتجاهات السياسية، وإذا أردتم، كل البيئات، سواء كانت حاضنة لأحزابها أم خارج الأحزاب. ويستمر التراجع في دور الدولة وتآكلها في المعنى. والجريمة الأولى في تفكك الدولة هو ضياع معناها، وضياع المعنى جوهره إنتهاك المعايير، كل المعايير، ما كان يستند إلى الدستور وسيادة القانون، أو ما كان يستند إلى الأخلاق والقيم الاجتماعية التي رسّختها ثقافة الشعوب وتجاربها الانسانية، فلا دولة حين تتولى السلطة منظومة سياسية تحكم خلافا لأحكام الدستور وأعرافه، وتُخضِع المؤسسات بقرارات تؤخَذ بإسمها من خارجِها. لذلك كان إنحيازي لمرصد الطائف، لا دفاعا عن طائف يُعتَبر جهلا أنه فقط ورقة لإنهاء حرب، ولا دفاعا عن طائف يُعتبر تحصيلا لحقوق طائفة على حساب طائفة أخرى، وهذا أيضا تزوير للحقائق. إنّ انتسابي لهذا العمل هو إنحياز لوثيقة الوفاق الوطني من أجل الحفاظ عليها، ومن أجل تطوير مشروع "مرصد الطائف". إنحيازي هو إنحياز لدولة تعمل وفق الدستور ووفق سيادة القانون، لأن المشاكل التي يرزح تحتها الشعب اللبناني اليوم، من سلسلة أزمات بدءا من البنزين والمازوت والكهرباء والدواء، مرورا بغياب القانون وغياب المساءلة وغياب الاحتكام إلى المؤسسات والإحتكام إلى الدستور، فعندما يغيب الاحتكام إلى الدستور، تغيب تدرّجا المؤسسات وتُستتبع، ويغيب تطبيق القانون ويُستتبع، ويغيب القضاء ويُستتبع، ومن ثم نذهب إلى الفوضى وإلى الاقتتال في كل حي ومنطقة وبلدة وقرية.
الدفاع إذًا عن الدستور، هو دفاع عن دولة بها قانون وقابلة للحياة. لذلك كان مرصد الطائف كمؤسسة تُعنى بمسائل ثلاث:
أولا: هو مركز دراسات ونشر وتوثيق، ومنبر حوار فكري ودستوري، يُعنى بممارسة الرقابة من موقع موضوعي علمي غير منحاز سياسيا، يتابع الحياة السياسية وسير عمل المؤسسات الدستورية والسلطات العامة، ويُقيس أداءها بمعايير إتفاق الطائف والدستور اللبناني الذي انبثق عنه ويلتزم قواعد العيش المشترك في اللعبة الديمقراطية وأصولها.
ثانيا: في المركز بنك للمعلومات يجمع ويوثق كل ما يتعلق باتفاق الطائف، نصوصا وكتبا ومقالات ومحاضرات ومؤتمرات وحوارات، ويقوم المرصد بتصنيف هذه المواد وفهرستها وتبويبها عبر روابط إلكترونية تجعلها في متناول الباحثين والكتّاب والطلاب.
ثالثا: يُصدر المرصد تقريرا فصليا موثقا عبر نشرة دورية تنشر نتاج المقالات ونتاج الرصد الذي قامت به. وينشىء المركز مدونة إلكترونية تكون نتيجتها التفاعلية مع الناشطين والباحثين وأصحاب الرأي. ويكرس المرصد أيضا إهتماما خاصا للتفاعل مع جيل الشباب وطلاب الجامعات وأساتذتها، ويكرس جزءا من نشاطاته للتفاعل مع النخب الجامعية عبر مؤتمرات وورش عمل.
هذا هو إطار المرصد الذي يُصدر اليوم العدد الأول من مجلة "مرصد الطائف"، ونحن نعمل على مزيد من النشاطات المتعلقة به. وأشير أخيرا إلى أن الموقع الإلكتروني للمرصد هو: www.marsadtaif.com
الدكتور أنطوان قربان:
أنا لست قانونيا، أنا طبيب، وأعلم أن القانون هو هوية المواطن، فأنا لبناني بفعل سيادة قانون هذا البلد، والمواطن اللبناني اليوم متعب للأسف، وكرامة الجماعة تأتي قبل كرامة الفرد. وما نشهده اليوم هو دور الشرّ السياسي في تهميش قدسية الدستور.
عندما حكم إبراهيم باشا سنة 1831، عيّن واليا على مدينة بيروت، وهذا الوالي بدوره شكل لجنة من أبناء المدينة، فاختار ستة مسلمين وستة مسيحيين، لا علاقة لاتفاق الطائف بهذه المعادلة، ولا بمقولة أوقفنا العد. يقول الكبير حسن الرفاعي" المشكلة ليست في الدستور والنظام، بل بالرجال وبعقلية التسلط والانانية وبغياب الحس الوطني لديهم". ثم إنّ تسخيف النص الدستوري من قبل المسؤول عن حراسته، هو جريمة سياسية تدعى الخيانة العظمى، بحسب تحديد علماء الدستور مثل موريس دوفرجيه. وللأسف يبدأ الطغيان والشمولية والديكتاتورية دوما بزعزعة الإجراءات الدستورية والقانونية، وبتوظيف العدالة لصالح الشر السياسي، عن طريق ترهيب القضاء. الشرّ السياسي هو بمثابة ورم سرطاني في جسد الوطن ، وللأسف كل عضو في كيان الوطن يعتبر نفسه أنه هو الكيان، فيما الكيان تتآكله الاورام السرطانية ولا يُعالَج، فهل وصل لبنان الى المرحلة النهائية من الورم السرطاني الذي ينخر به، أوَ ليست الدعوة إلى الفيدرالية على أساس الهويات الطائفية وليس على أساس المناطق الجغرافية، دليلا على أننا وصلنا إلى نهاية مطاف سرطاننا؟ الفيدرالية لا تنتظم في لبنان، لأنها تحتاج إلى دولة مركزية قوية، أين منها الدولة اللبنانية اليوم!
نحن اللبنانيين أنجبنا كل أورامنا السرطانية لاننا لم نعِ أننا ضمن جسد واحد، إسمه لبنان، لقد حرّفنا رسالة لبنان في العيش سويا وجعلناه مستنقعا لأبشع أنواع الشرّ السياسي المتمثل بالمحاصصة. ولولا الغطاء الذي وفره اتفاق مار مخايل عام 2006، لما حصل حزب الله على البعد الوطني الخاص به اليوم، والذي مكنه من تقديم نفسه نموذجا للمكونات الأخرى، كي تتبع المسار نفسه، من أجل مصالحها الفئوية على حساب مصلحة الوطن. ولأن الشر السياسي يدمر البلد، فمطلوب منا التصدي لهذا الشر والعمل على تهميشه، لذلك نشأ مرصد الطائف، كي يراقب هذه الحالة السياسية وينقذ الكيان اللبناني من هذا الشر.
الدكتور عارف العبد:
أجدد شكري للجميع، وأحب أن أشير إلى أن مرصد الطائف أنشأ منصة إلكترونية موجود فيها كل الوثائق والدراسات التي نُشرت عن اتفاق الطائف، وهذه المنصة متاحة للجميع وهي بتصرف كل من يريد الاطلاع عليها مجانا.
وقبل الإختتام، تحدث الكاتب داود الصايغ معربا عن استيائه مما يحدث اليوم على صعيد تأليف الحكومة، ومن التصرفات المستهجنة دستوريا التي يقوم بها رئيس الجمهورية في هذا الإطار، مؤكدا أن المادة 65 من الدستور لا مشكلة فيها، فيما المادة 53 منه هي التي أثارت كل هذه التجاذبات والعراقيل فيما يتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية، فهل كان للمشترعين أن يحتاطوا في عملية تأليف الحكومة لكلمة بالإتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف؟ هل كلمة إتفاق تحتاج إلى تفسير دستوري؟هناك خلافات على الأسماء والحقائب والحصص، هل تعطل البعد الدستوري للوفاق الوطني؟ للأسف لم يعد الدستور هو المرجع.
وفي الختام، بادر دولة الرئيس فؤاد السنيورة إلى توجيه كلمة للحضور حول هذه المسألة، وقال: سمعت من الخبير الدستوري أطال الله في عمره، حسن الرفاعي يقول: "الدساتير تُقاس بمدى حسن نوايا القضاة". فما بالكم إذا كان الذي يطبق الدستور غير مؤمن به ولا يدافع عنه؟ نحن اليوم في مرحلة شديدة الصعوبة وتتطلب من المسؤول الأول، أي من فخامة الرئيس، كون الدستور أناط به هذه المسؤولية الأساسية الشاقة، حماية الدستور والدفاع عنه والتمسك به ومنع من يريد أن يخالفه ويتعدى عليه.
إننا نشهد في هذه المرحلة محنة كبيرة، تمنع فعليا من تأليف الحكومة. وعندما انطلقت المبادرة الفرنسية، كان إنطلاقها مستندا إلى ما سمعه الرئيس ماكرون من جمهور الشباب، حيث قالوا له "إنهم يريدون مقاربة جديدة وممارسة جديدة في الحكم" . وبالفعل نحن نرى أن الحكومات التي تشكلت بدءا من العام 2008 على أساس أنها حكومات وحدة وطنية، كانت حكومات للتعطيل، لأنها كانت فعليا إنعكاسا كاملا لتركيبة المجلس النيابي.
الحكومة هي مكان القرار، ومجلس النواب هو مكان الحوار والنقاش، الحكومة تتطلب أكثرية تحكم وأقلية غير مهمشة. المطلوب اليوم أن تتشكل حكومة من أسماء غير حزبيين وغير مستفزين، حكومة إختصاصيين تستطيع أن تبدأ العمل لوقف الإنهيار الحاصل.
أذكر أنني قمت في السادس من كانون الثاني من هذا العام، بزيارة للرئيس نبيه بري، وعندما خرجت من عنده، قلت آنذاك هناك خياران لا ثالث لهما أمام رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، إمّا أن تتألف حكومة يتم فيها إرضاء السياسيين عبر المحاصصات، ولكنها ستولد ميتة، ولن تستطيع أن تنفذ أي أمر إصلاحي، وإما أن تتشكل حكومة يتم فيها إرضاء الشعب، وهنا مسيرة إنقاذ لبنان.