سركيس نعوم: الحرب الأهلية انتهت رسمياً عام 1989 ولم تنته عملياً حتى اليوم
أكد الكاتب والمحلل السياسي الصحافي سركيس نعوم أن المحاصصة هي الدافع إلى جلسات مجلس الوزراء، لافتاً إلى أن قضية النفايات لم تكن لتستمر أكثر من 10 أشهر لو كان هناك جدية في التعاطي لحلها. واعتبر أن الاقتصاد اللبناني في وضع متردٍ جداً في ظل غياب السياحة والاستثمارات والواردات، محذراً من أن قطاع المصارف لن يصمد طويلاً في هكذا ظروف. وأشار إلى أن المجتمع الدولي راضٍ عن المؤسسات الأمنية لأنها تقوم بدورها كاملاً وخصوصاً في موضوع مكافحة الإرهاب إذ أعطت صورة جيدة عن لبنان الذي يبدو موحداً في هذه المعركة لأن الجيش يجمع مختلف شرائح المجتمع اللبناني.
كلام نعوم جاء خلال ندوة أقامها حزب الحوار الوطني تحت عنوان “لبنان إلى أين في ظل التطورات الإقليمية والمحلية؟”. ولاحظ يأس الرئيس نبيه بري الذي كان يدعو إلى لبننة الاستحقاقات والمشاكل القائمة إذ أعلن مؤخراً أنه سيعوِّل على التفاهم بين إيران والمملكة العربية السعودية. ورفض نعوم تحميل اتفاق الطائف ما آلت إليه الأمور إذ أنه لم ينفذ كما يجب وما لم ينفذ منه هو الأهم، داعياً إلى أن يتفادى لبنان المشاكل ويحاول ملء الفراغات خصوصاً في رأس الدولة.
وذكّر، في سياق حديثه عن الأزمات الحالية في لبنان وتعاطي الخارج معها، بأن بالحرب الأهلية التي انتهت رسمياً عام 1989 ولم تنته عملياً حتى اليوم حتى مع تغيّر أطرافها وهوياتهم، ليلفت إلى أن العالم العربي حينها كان مستقراً ولم نستطع الوصول إلى اتفاق الطائف إلا بعد 15 عاماً من الحرب، موضحاً أنه لطالما كان هناك من يساند القضية اللبنانية في المجتمع الدولي والإقليمي بوجوهها المختلفة. ولفت إلى أن المنطقة في هذه المرحلة متفجرة، فسوريا ملتهبة، والعراق مقسّم، واليمن على طريق التقسيم والدمار والقتل، وليبيا تحذو حذو سوريا والعراق واليمن، ولا أحد يستطيع أن يعرف إذا ما كانت هذه الموجة من عدم الاستقرار والأعمال الإرهابية والأمنية والحروب الأهلية لن تجتاح دولاً أو مجتمعات عربية أخرى.
ورأى نعوم أننا في دولة نصف فاشلة كي لا نصل إلى التشاؤم المطلق ونقول فاشلة، خصوصاً في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية على مدى 20 شهراً، علماً أننا عملياً عدنا إلى المربع الأولى في ظل التحركات والترشيحات المتبادلة مما يشي بإمكانية أن تطول مدة انتخاب رئيس. أما مجلس الوزراء الذي من المفترض أن يمارس صلاحيات رئاسة الجمهورية بحسب الدستور، فإن كل وزير فيه أصبح رئيساً للجمهورية، مما سبب تعطيل عمل الحكومة وعدم التوصل إلى آلية تسيّر أعمال الدولة، وبالتالي فقدنا الإنتاجية بعدما امتنعوا عن الاجتماع واتخاذ القرارات إلا في ما يخص القضايا التي لهم فيها حصص. وأشار إلى أن مجلس النواب مقفل، ولا يجتمع نوابه إلا عندما يقرر أمراء السياسة والطوائف والمذاهب أن يفتح المجلس ليس لتسيير عجلة العمل النيابي أو مراقبة عمل السلطة التنفيذية إنما لتمرير قضايا لها علاقة بالمحاصصة أو لتهدئة شارع معين.
وتحدث نعوم عن الإدارات العامة، مشيراً إلى أنها فاشلة وفاسدة. وعن القضاء، اعتبر أنه ومع وجود قضاة نزيهين إلا أن التفاحة الفاسدة تفسد الصندوق بكامله.
وعلى المستوى الإقليمي، اعتبر أن الوضع في سوريا سيؤول إلى ما يسمى بالتقسيم الواقعي De Facto partition، مشيراً إلى عدم إيمانه بأن التدخل الروسي يهدف إلى إعادة نظام الرئيس بشار الأسد حاكماً على كامل الأراضي السورية. ولم ينف التنسيق الروسي – الأميركي إلا أنه استبعد وجود تفاهم عميق حول مستقبل سوريا والمنطقة.
وكان لرئيس الحزب فؤاد مخزومي مداخلة تحدث فيها عن الوضع الإقتصادي في لبنان والمنطقة عموماً، مشيراً إلى أن نصف الشعب اللبناني تقريباً تحت سن الثلاثين، في ظل تفشي البطالة بنسبة 23 إلى 27%. ولفت إلى أن السياسيين لا يتطلعون إلى هذه المعادلة ما يدفع الشباب إلى رفض المشاركة بالحياة العامة.
واعتبر أن الحراك الشعبي الذي شهده البلد دفع السياسيين الذين لم يجتمعوا منذ سنتين إلى الاجتماع على طاولة واحدة، مؤكداً أن الخوف الأكبر يقع على الاقتصاد، إذ إن رجال الأعمال لا يتعاطون السياسة لكنهم يتحملون تبعات ما يرتكبه رجال السياسة والدولة.
وأكد مخزومي أن الأساس في هذه المرحلة هو الشباب اللبناني الذي يعاني الكثير من المشاكل على رأسها البطالة، مشيراً إلى أن مؤسسة مخزومي تستقبل آلاف طلبات التوظيف كل عام وقد استطاعت أن تؤمن عام 2015 حوالى 600 وظيفة، والعمل جارٍ على توسيع إطار عمل مركز التوظيف لإيجاد شبكة اتصال كبيرة تعمل على تأمين أكبر عدد من الوظائف للشباب.
ولفت إلى أننا لم نعد نستطيع أن نضغط أكثر على رئيس الحكومة تمام سلام الذي بذل كل ما في وسعه، علماً أن تركيبة الدولة عملياً تمنعه من اتخاذ القرار، معتبراً أن على رجال الدولة الذين يحتاجون إلى صوت كل شاب لبناني في فترة الانتخابات، أن يطرحوا مشاريع سياسية جديدة وأن يكون لديهم منبر يحاكون الشباب من خلاله.
إقليمياً، أكد مخزومي أن لبنان محكوم جغرافياً، فمن جهة سوريا التي تعاني من مشاكل كبيرة، ومن جهة أخرى فلسطين المحتلة، بالتالي لبنان لا يمتلك الجغرافيا المريحة ما يجعله المتلقي للقرارات الخارجية والدولية.