سمير فرنجية من صيدا: " اتفاق الطائف .. حل أم مأزق؟"

النوع: 

قال عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق سمير فرنجية ان وجود اتفاق الطائف هو من الايجابيات الوحيدة اليوم في وضعنا كلبنانيين ولو لم يكن موجودا لكنا دخلنا جميعا في كمية مراهنات ومغامرات لا نعرف الى اين كانت ستوصل . ورأى أن الاستقلال الأول عام 43 كان قرار البقاء معا بلحظة كانت امكانية الإنفصال واردة ، بينما اتفاق الطائف هو قرار بالعودة معا ، من بعد محاولات

للإنفصال ، لكن اتفاق الطائف لم ينتج كتلة عابرة للطوائف ، ولا انتج ثقافة الطائف لأن الحياة السياسية بقيت محكومة بعقلية الحرب ، وبقينا محكومون بالصراع ما بين احزاب طائفية ..

كلام فرنجية جاء خلال لقاء حواري معه نظمته منسقية تيار المستقبل في صيدا والجنوب بعنوان " اتفاق الطائف .. حل أم مأزق ؟!" وذلك في مقر التيار في صيدا وحضره : النائب بهية الحريري وممثل الرئيس فؤاد السنيورة طارق بعاصيري ومسؤول حركة حماس في منطقة صيدا وسام الحسن وممثل قيادة الجماعة الاسلامية في الجنوب محمد زعتري ورئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في صيدا والجنوب عبد اللطيف الترياقي ، رئيس رابطة مخاتير صيدا ابراهيم عنتر ، رئيس دائرة اوقاف صور احمد جودي ، المفتش التربوي رفعت بلبل، السفير عبد المولى الصلح ومنسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود واعضاء مكتب المنسقية ومسؤولو قطاعات ولجان التيار وحشد من المدعوين .

واعتبر فرنجية أن فريق 8 آذار لا يريد اتفاق الطائف ، والدليل أنهم ابتكروا افكارا جديدة انطلاقا من اتفاق الطائف ، مثل انهم عطلوا مجلس الوزراء بنظرية الثلث المعطل وقالوا انها موجودة في اتفاق الطائف وهي ليست موجودة في اتفاق الطائف ..

ورأى أنه في 14 آذار 2005 ظهرت لأول مرة في تاريخ لبنان بوادر هوية وطنية لكن قوى 14 آذار لم تعرف كيف تكمل بهذه اللحظة التاريخية والفريق الآخر ضرب هذه الامكانية . والعماد ميشال عون هو الذي لعب الدور الأساسي في ضرب هذه الامكانية وفي اعادة الفصل بين اللبنانيين بأنه اسس فور عودته لمشكل طائفي بين مسيحيين وحلف رباعي آنذاك ، واستكمله فيما بعد بالفصل باتجاه المسلمين السنة ، باتهامهم بالتوطين والتطرف السلفي وغيره، والآن آخيرا اعاد واحيا نظرية تحالف الأقليات ضد الأكثرية وهي نظرية قديمة اول من طرحها اسرائيل ، ثم عمل عليها النظام السوري ، ومؤخرا رأيناها في كلام النائب آلان عون في مجلس النواب يذهب بهذا الاتجاه .

واعتبر فرنجية أن ما قاله الرئيس نبيه بري في آخر جلسة لمجلس النواب عبّر لأول مرة وبدقة عن مشاعر الناس ، قال ان هناك حالة قرف لدى الناس .

وقال: في اللحظة التي نحن فيها الآن ، على 14 آذار أن تعود وتحدد بوضوح تمسكها باتفاق الطائف وان تساهم وتساعد في اطلاق دينامية مدنية عابرة للطوائف .. وان علينا ان نرى كيف نعيد بناء هذا البلد ، الذي يحتاج بداية الى تأكيد أننا لسنا ذاهبون لنجدد الصراع الأهلي في لبنان ، وان هذا البلد ليس ملكا لا لـ14 ولا لـ8 آذار ، بل هو ملك كل انسان في هذا البلد .. وانه لا يجب أن نأت بالآخر الينا ، ولا أن نذهب نحن اليه ، هناك هذه الأرض المشتركة بيننا التي اسمها الدولة التي يجب أن نلتقي عليها بهذه الشروط التي انا وانت تفق عليها ..

د. ناصر حمود

استهل اللقاء الحواري بالوقوف دقيقة صمت لروح الرئيس رفيق الحريري ، ثمب النشيد الوطني اللبناني ، فكلمة ترحيب من منسق عام تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود قدم فيها المحاضر فاعتبر أنه "من بيت سياسي وطني ، نَهِلَ من ينبوع والده حميد فرنجية حب لبنان الوطن السيد الحر المستقل... لبنان المنفتح على محيطه العربي والمتضامن مع قضاياه العادلة وفي مقدمتها قضية فلسطين. فالوزير حميد فرنجية ... احد آباء الاستقلال ووزير خارجية لبنان ... أكد تأييده للقضية الفلسطينية وطالب في 23 تموز 1947 بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. متوقفا عند بعض مواقفه وآرائه في موضوع اتفاق الطائف وتساءل حمود : هل سيكون اتفاق الطائف الذي انهى " رحلة لبنان الى أقاصي العنف " الأساس الذي سيرتكز عليها لبنان الرسالة للإبحار في رحلة الى اقاصي السلم الاهلي والى كنف الدولة القائمة على "العيش المشترك" الذي يحرر اللبنانيين من عقدة "الخوف من الآخر"؟

سمير فرنجية

ثم تحدث فرنجية فقال: ربما من الايجابيات الوحيدة اليوم في وضعنا كلبنانيين هو وجود اتفاق الطائف .. ولو لم يكن موجودا لكنا دخلنا جميعا في كمية مراهنات ومغامرات لا نعرف الى اين كانت ستوصل ، وربما اليوم في ظل التغيير الحاصل في المنطقة ، قد يكون هذا الاتفاق اتفاقا نموذجيا ..وهذا الموضوع اليوم مطروح البحث فيه داخل 14 اذار لأننا واصلون لوضع يفترض علينا كقوى وكقوة سياسية في هذا البلد أن نقول ما هو المخرج لهذه الأزمة التي نعانيها . واليوم أكثر من اي يوم مضى ، لأن الرهان الآخر سقط ، سقط بما اسميها الثورة المضادة التي بدأت بعد العام 2005 وبعد خروج الجيش السوري ، وكانت ربما اول اشارة لهذه الثورة المضادة اغتيال سمير قصير . تبعها موجة اغتيالات ومحاولات اسقاط الحكومة بالقوة في العام 2006 باحتلال وسط بيروت ، وفي العام 2007 بمحاولة اقامة امارة في نهر البارد ، وفي العام 2008 احداث 7 ايار وصولا الى اسقاط الحكومة في بدايات العام 2011 ، والصدفة لحظة انتصار الثورة المضادة هي كانت بنفس الوقت لحظة بداية النهاية للنظام الذي قام بهذه الثورة المضادة .. اي بين سقوط الحكومة وبداية الثورة شهر ، وبالتالي اليوم المطلوب منا ان نرى كيف نعيد تأسيس ...

واضاف: لدينا هذه الورقة بين ايدينا ، على قاعدة هذه الورقة كيف يمكن أن نعيد تأسيس البلد .. فهناك عدد من المشكلات مطروحة ، اي عندما نحكي عن اتفاق الطائف ، اول سؤال : هل اتفاق الطائف عقد بين الطوائف لإعادة اقتسام السلطة فيما بينها . يعني هل اتفاق الطائف هو مشروع تحديث لنظام طائفي وضعه مأزوم؟.. كثيرون من اللبنانيين يعتبرونه كذلك ، وكثير من القوى السياسية تعتبره كذلك.. القوى السياسية تتعاطى مع هذا الاتفاق بمنطق الحصص الطائفية .. اذاً اتفاق الطائف هو لإعادة تجديد اسس العيش المشترك فيما بيننا ، وهنا ايضا هناك معضلة ، العيش المشترك هو عيش مشترك بين طوائف ؟ ، او عيش مشترك بين مواطنين ينتمون الى طوائف ..

وقال: ميثاق العام 1943 والاستقلال كان قرارا بالبقاء معا في لحظة كانت امكانية الإنفصال واردة ، واتفاق الطائف كان قرارا بالعودة معا ، من بعد محاولات للإنفصال .. اما الفارق بين التجربتين ، ففي العام 1943 تشكلت كتلة سياسية عابرة للطوائف خاضت معركة الاستقلال ومعركة حماية الاستقلال وبناء الدولة على قاعدة هذا الاستقلال ، وبنفس الوقت تشكلت ثقافة استقلالية ... لكن اتفاق الطائف لم ينتج كتلة عابرة للطوائف ، ولا انتج ثقافة اسميها ثقافة الطائف ، وهذا تفسيره ليس فقط ان النظام السوري في وقتها هو الذي تولى تنفيذ اتفاق الطائف بالشكل الذي يريد.. ولكن ايضا بقيت الحياة السياسية محكومة بعقلية الحرب ، وبقينا محكومون بالصراع ما بين احزاب طائفية تبحث ماذا تستطيع ان تحسن في مواقعها ..

وتابع: ان اتفاق الطائف جاء ليعيد تأسيس الحياة السياسية والعيش المشترك بين مواطنين ينتمون الى اديان مختلفة ، فمعنى ذلك ان اتفاق الطائف يعطي الأولوية للإنسان الفرد على الجماعة . وبالنقاش السياسي الدائر في البلد اقسم الناس الى قسمين : من يقول نحن او انتم هذا عقل جماعاتي طائفي .. والذي يقول انا وانت هذا يتعاطى معي كفرد ولا يرى من ورائي شيئا آخر . فهل هذا يعني أن البلد مقسوم ما بين ناس افراد وناس طائفيين ، ربما ليس بهذه الدقة ، ولكن الواحد منا هو خلاصة كمية انتماءات ، اين يعطي وأين يضع الأولوية .. وفي السياسة الشيء المشترك الذي يجمعنا هو صفتنا المواطنية كأفراد ، واتفاق الطائف من هذه الناحية اتصور أنه حاسم بأن هذا العيش المشترك الذي يعيد تأسيسه ، يتم تأسيسه على قاعدة المواطنة .. وشعار الغاء الطائفية السياسية حول اتفاق الطائف الى شيء آخر وهو فصل الطائفية عن الدولة وحصرها في مكان واحد محدد هو مجلس شيوخ ، وبالتالي حرر الدولة نظريا من ضغط الطوائف عليها .

وقال: اليوم الفريق الآخر فريق 8 آذار لا يريد اتفاق الطائف ، والدليل أنهم ابتكروا افكارا جديدة انطلاقا من اتفاق الطائف ، مثل انهم عطلوا مجلس الوزراء بنظرية الثلث المعطل ويقول لك هذه موجودة في اتفاق الطائف ، لا ليست موجودة في اتفاق الطائف .. عطلوا مجلس النواب في مرحلة أولى واقام طاولة حوار عمليا بديلة عن المجلس وأيضا لم يحترم قراراتها ..

واضاف: اللحظة الأساسية كانت في 14 آذار 2005 حيث ظهر لأول مرة في تاريخ لبنان بوادر هوية وطنية ، ولأول مرة في تاريخ لبنان تكون رأي عام ، وهذه كلمة جديدة علينا ولم يكن هناك سابقا رأي عام بل كان هناك رأي جماعات مختلفة .. هذه اللحظة قوى 14 آذار لم تعرف كيف تكمل بها والفريق الآخر ضرب هذه الامكانية ايضا . وربما الذي لعب الدور الأساسي في ضرب هذه الامكانية وفي اعادة الفصل بين اللبنانيين كان العماد ميشال عون الذي بدأ اول عودته بأنه اسس لمشكل طائفي بين مسيحيين وحلف رباعي آنذاك ، استكمله فيما بعد بالفصل باتجاه المسلمين السنة ، توطين وتطرف سلفي والى آخره والآن آخيرا اعاد واحيا نظرية تحالف الأقليات ضد الأكثرية وهي نظرية قديمة اول من طرحها اسرائيل ، ثم عمل عليها النظام السوري ، ومؤخرا رأيناها في كلام النائب آلان عون في مجلس النواب يذهب بهذا الاتجاه . هذا المنطق، الفصل ، اساسي للمنطق الطائفي ، هو لا يقدم للناس شيء سوى انه يخيفهم وفي نفس الوقت يعطيهم حمايته .. وافضل نموذج عن هذا المنطق هو النموذج الاسرائيلي ، أنهم يخوفوا ليستطيعوا ان يعبئوا ، وماذا يقدموا في الداخل وماذا يفعلون هذا موضوع آخر .. هذا برز بقوة في آخر جلسات مجلس النواب ، فما قاله الرئيس نبيه بري ربما لأول مرة عبر بدقة عن مشاعر الناس ، قال ان هناك حالة قرف لدى الناس .

وخلص للقول : في اللحظة التي نحن فيها الآن ، على 14 آذار أن تعود وتحدد بوضوح تمسكها بهذا الاتفاق خاصة بعد اللغط الذي جرى في المرحلة الأخيرة ، البعض طرح لامركزية ادارية موسعة وحكي بفيدرالية وغيرها .. علينا ان نحدد ماذا نريد ، وثانيا : مهمة 14 آذار قد تكون تساهم وتساعد في اطلاق دينامية مدنية عابرة للطوائف .. علينا ان نرى كيف نعيد بناء هذا البلد ، وبناء هذا البلد بداية تحتاج الى تأكيد أننا لسنا ذاهبون لنجدد الصراع الأهلي في لبنان ، وان هذا البلد ليس ملكا لا لـ14 ولا لـ8 آذار ، بل هو ملك كل انسان في هذا البلد .. لا يجب أن نأت بالآخر الينا ، ولا أن نذهب نحن اليه ، هناك هذه الأرض المشتركة بيننا التي اسمها الدولة التي يجب أن نلتقي عليها بهذه الشروط التي انا وانت تفق عليها ..

التاريخ: 
الجمعة, أبريل 27, 2012
ملخص: 
ربما من الايجابيات الوحيدة اليوم في وضعنا كلبنانيين هو وجود اتفاق الطائف .. ولو لم يكن موجودا لكنا دخلنا جميعا في كمية مراهنات ومغامرات لا نعرف الى اين كانت ستوصل ، وربما اليوم في ظل التغيير الحاصل في المنطقة ، قد يكون هذا الاتفاق اتفاقا نموذجيا