الصحافة اليوم: «ثورة» جنبلاط على الحريري.. والأخير يرد لن نكون «فشّة خلق» لأحد

النوع: 

 ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية صباح اليوم الاثنين 4 شباط 2019 على مواضيع عديدة كان ابرزها التصعيد الجنبلاطي في وجه الحريري، ومرده الشعور بـ “مرارة الخديعة” والوقوع في هفوة التعاطي مع “خفايا لقاء باريس” الذي جمع الحريري بالوزير باسيل… حتى بات زعيم المختارة على قناعة بأن رئيس الحكومة يفرّط بالطائف من خلال تحالفه مع الرئيس ميشال عون.

*  الاخبار

"ثورة" جنبلاط على الحريري أين الطائف؟

تتسّع دائرة الخلاف بين النائب السابق وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري، حتى بات رئيس الحزب الاشتراكي مقتنعاً بأن رئيس الحكومة يفرّط بالطائف من خلال تحالفه مع الرئيس ميشال عون.

الحكومة الجديدة والتوازنات الدرزية والتحوّلات الإقليمية، كلّها، تدفع جنبلاط إلى «إدارة» استنفار العصبية في قرى الجبل، مع شعوره بحملة ممنهجة لاستهدافه

من سمع صرخة النائب السابق وليد جنبلاط قبل أيام من الانتخابات النيابية، «شو صاير فيك يا سعد الحريري؟»، يدرك أن التحالف القديم بين الرجلين، مهما رقّعته الظروف وحاولت القوى الخارجية لملمته، مصيره الافتراق. فعلاقة التكامل التي أوجدها اتفاق الطائف بين الحريرية السياسية وزعامة المختارة، تسقط على دفعات مع التآكل الذي يصيب الطائف نفسه، منذ الخروج السوري من لبنان ثم مع وصول الرئيس ميشال عون إلى سدّة الرئاسة، وصولاً إلى الحكومة الحالية.

الثّقة باتت شبه منعدمة بين الطرفين، إلى الحدّ الذي بات فيه جنبلاط معزولاً نحو تحالف وحيد مع حزب القوّات اللبنانية وعلاقة تاريخية مع الرئيس نبيه بريّ، فيما الحريري مطوّق بمستقبله السياسي بالتحالف المصلحي مع الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل.

ومع كلّ الجهد الذي بذله المصريون لاقناع الحريري وجنبلاط بعدم «كسر الجرّة» بينهما، وحضور السفير المصري نزيه النجاري العشاء الأخير الذي جمعهما عشية تشكيل الحكومة، لم يُفلح في منع الخلاف من الوصول إلى ما وصل إليه أمس، والاتهامات والمتبادلة بين الطرفين بالتنازل لعون وباسيل.

جنبلاط بقّ البحصة، رافعاً سقف الانتقاد للحريري بعد اجتماع كتلة اللقاء الديموقراطي، متّهماً إياه بالتنازل عن صلاحياته وعن اتفاق الطائف، لصالح دور باسيل عون، مذكراً بأن «كل مجلس وزراء، كان يضع على الطاولة اتفاق الطائف، اتفاق الطائف، لم يوضع هذه المرة، وهذا لعب بالنار، ويؤدي إلى خلل كبير في البلد، ولسنا مستعدين أن نقبل بهذا الخلل».

زعيم الاشتراكي حدّد أسباب غضبه أكثر، مع إشارته إلى وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، قائلاً إن «لونه سوري»… لكنّه فتح باباً كبيراً للاشتباك مع الحريري نفسه في ملفّ النازحين، مع قوله «سنقوم بمعركة، لأننا لن نتخلى عن حماية اللاجئين السوريين في لبنان، ولن ننجر إلى رغبة الفريق السوري في الوزارة بإرسالهم بأي ثمن إلى المحرقة والسجون، وإلى التعذيب في سوريا». فالحريري، وإن كان لا يزال يتمسّك بمواقفه التقليدية العلنية اتجاه سوريا، إلّا أنه يعتمد على مجموعة من الوزراء من قوى سياسية قريبة من سوريا، وكان يعوّل على عون، لاستعادة شعرة معاوية مع الرئيس بشار الأسد.

وفي ملفّ النازحين تحديداً، بات موقفه أقرب إلى موقف عون، أو على الأقل، استطاع عون فرض رؤيته عليه، وهو ما سيبدو واضحاً في البيان الوزاري في ما يتعلّق بهذا الملفّ، على الرغم من مواقفه العلنية المؤاتية للرؤية الغربية في مسألة النازحين.

ليس هذا فحسب، فالاتفاق الضمني الذي كان لا يزال سارياً بين جنبلاط والحريري على عدم المسّ بالضابط وائل ملاعب المتّهم من قبل قوى الأمن بالفساد، كسره المدير العام لقوى الأمن الداخلي عماد عثمان في اللحظة التي بدا فيها التوتّر قائماً بين الحريري وجنبلاط، ومنح القضاء حقّ ملاحقة الأخير، ما دفع جنبلاط إلى الاعتقاد بأن الحركة جزء من حملة تشنّ عليه، مطالباً عثمان بكشف كل الفساد في المديرية، وأن «يضبط المصالح الكبرى والتهريبات الكبرى والفضائح الكبرى، في مطار بيروت، حيث هناك توازنات إقليمية ربما، وأتمنى ألا يكون موضوع ملاعب، هو تصفية حسابات، وإذا ثبت عليه أي شيء فهناك قانون"

ولم ينسَ جنبلاط في كلامه أمس، التوجّه لحزب الله من دون أن يسمّيه، بالإشارة إلى الانتقادات اللاذعة التي يوجّهها الوزير السابق وئام وهّاب لمدعي عام التمييز سمير حمود وعثمان على خلفية إشكال الجاهلية، وذكّر أيضاً بقضية الشويفات، مطالباً بتسليم أمين السوقي المسؤول في الحزب الديموقراطي، في ما يبدو هجوماً مضاداً على حيوية التحالف الذي قام مؤخّراً بين النائب طلال أرسلان ووهاب، واللقاء الذي حصل أمس في خلدة لتبقّي التهاني بتوزير الغريب، وحضره شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز ناصر الدين الغريب، الذي يعتبره جنبلاط كسراً لاحتكاره المؤسسة الدينية الدرزية الممثّلة بشيخ العقل نعيم حسن.

وتناول جنبلاط أيضاً مسألة طلب الحريري منه التنازل عن وزارة الصناعة لبري كرمى لبقاء وزارة البيئة في عهدة التيار الوطني الحر، بعد أن نفى أكثر من مسؤول الاشتراكي الأمر الأسبوع الماضي. وهذا الأمر، دفع جنبلاط إلى توجيه أكثر من رسالة إلى الحريري بسقف مرتفع من الانتقاد، ثم مع الوزير غطّاس خوري.

ردّ الحريري، لم يكن أقلّ حدّة، وبدا لافتاً أن ردّه حمل توقيع رئاسة مجلس الوزراء، حين اعتبر أن «رئاسة مجلس الوزراء لا تجد في الكلام الذي يحاول النيل من دورها ومكانتها وأدائها في معالجة الأزمة الحكومية، سوى محاولة غير بريئة للاصطياد في المياه العكرة»، مضيفاً أنها «محاولة للتعويض عن المشكلات التي يعانيها أصحاب هذا الكلام والتنازلات التي كانوا أول المتبرعين في تقديمها». وهنا يعود الحريري في ردّه إلى التنازل الذي قدّمه جنبلاط حين تراجع عن موقفه المطالب باحتكار الوزراء الدروز في الحكومة وقِبَل بتسمية عون للغريب، برعاية النائب جميل السيد، الأمر الذي سبب أيضاً امتعاضاً لدى بري. فيما يقول الاشتراكيون إن تنازل جنبلاط جاء بعد معلومات عن أن الحريري كان قد عقد اتفاقاً مع عون للسير بالحكومة من دون حزب القوات اللبنانية وعزل جنبلاط، في مقابل الاتفاق على التعيينات الشاغرة واتفاقات مالية أخرى.

ودافع الحريري في بيانه عن دوره في حماية الطائف، معتبراً أن «رئاسة مجلس الوزراء، المؤتمنة على الطائف وعلى الصلاحيات التي أوكلها اليها الدستور، لن تكون مكسر عصا أو فشة خلق لأحد، وهي لا تحتاج إلى دروس بالأصول والموجبات الدستورية من أي شخص، ولن يكون من المجدي لأي كان تزوير الوقائع، لا سيما ما يتعلق باعداد البيان الوزاري، والايحاءات التي تحاول تعكير المسار الحكومي بدعوى العمل على تصحيح الأوضاع».

بات موقف الحريري

من مسألة النازحين قريباً

من موقف عون

وفوق توتّر جنبلاط لناحية علاقته بالحريري وشعوره باستكمال عون عدّة الهجوم عليه، جاءت حادثة الاعتداء على «قناة الجديد» ورمي قنبلة عليها، على خلفية عرضها «سكتش» اعتبرته شريحة كبيرة من مشايخ طائفة الموحدّين الدروز مستفزّاً بسبب تقليد شخصيّة رجل دين بطريقة ساخرة. إلّا أن التوتر في الشارع الدرزي، ليس جديداً، وجاء «الاسكتش» ليظهّر شعور القلق الذي يسود في بعض دوائر الاشتراكي والمشايخ، والتي تدفع الاشتراكي إلى رعاية بعض مظاهر التسلّح في القرى، أوّلاً لشدّ العصب وثانياً لسحب البساط من تحت أقدام بعض المتشدّدين في الطائفة، في ظلّ شعور عام بعدائية يتعامل بها العهد مع جنبلاط وشارعه.

البيان الوزاري يتبنى المبادرة الروسية

الى ذلك، تنعقد اليوم اللجنة الوزارية لصياغة البيان الوزاري، بعد توزيع المسودة على القوى السياسية في الأيام الماضية. وعلى ما علمت «الأخبار»، فإن الجزء المتعلّق بالمقاومة، والتأكيد على حقّ «اللبنانيين بالدفاع عن أرضهم» ستبقى كما وردت في البيان الوزاري السابق. وفي ما خصّ مسألة القوانين الدولية، فإن الصيغة الحالية، تلحظ «التزام لبنان بكل القرارات الدولية بما فيها القرار 1701»، وهو الأمر الذي من المفترض أن يدخل عليها تعديل أن لبنان «يحترم القرارات الدولية ويلتزم بتطبيق القرار 1701»، لأن الصيغة الأولى تعني التزام لبنان بالقرار 1559 وغيره من القرارات التي تصبّ في صالح العدو الإسرائيلي. ولعلّ الأمر الأبرز في الصيغة، هو ترحيب لبنان بالمبادرة الروسية لحلّ أزمة النازحين السوريين، واعتبارها المبادرة الوحيدة التي تقدّم حلّاً عمليّاً للأزمة. كما تذكر صيغة البيان تبنّي الحكومة للمبادرة والعمل على تفعيل اللجنة الأمنية اللبنانية – الروسية المشتركة لمتابعة تنفيذ المبادرة. إلّا أن أكثر من مصدر معني بمناقشة البيان، أكّد لـ«الأخبار» أن المتوقّع أن يعترض الاشتراكي والقوات على صيغة بند النازحين، من دون أن تحدد المصادر تطوّرات الاعتراض وتأثيره على الاتفاق على البيان.

*  اللواء

سؤال جنبلاطي مثير بالتزامن مع البيان: أين الطائف؟

عون يتريّث بتحديد موعد للقاء الديمقراطي.. والحريري يرد: لن نكون «فشّة خلق» لأحد

قد تكون من المرات القليلة، ان تبدأ حكومة في صياغة البيان الوزاري على وقع تصعيد من قبل طرف رئيسي فيها: هو الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب السابق وليد جنبلاط، الذي جمع كتلة اللقاء الديمقراطي في كليمنصو، في خطوة وصفت بالتصعيدية، إن لجهة سؤاله: عمّا وصفه بأحادية تشكيل الحكومة وشبه غياب لمركز رئاسة الوزارة، «وكأن وزير الخارجية جبران باسيل وضع الخطوط العريضة للبيان الوزاري محذراً من اللعب بالنار»، واصفاً ما حصل ويحصل بأنه طعن بالطائف.. وسأل: الطائف إلى أين؟.. وإذا كان الحريري يريد التخلي عن الطائف فهذا يشكل أزمة كبرى في البلد، و«لسنا مستعدين ان نقبل بهذا الخلل».

وكشف عن ان وفدين من اللقاء الديمقراطي سيزوران بعبدا وعين التينة، حاملين إلى الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي سؤالاً: الطائف إلى أين؟

ولم يتأخر ردّ الرئيس الحريري الذي أكّد ان رئاسة مجلس الوزراء المؤتمنة  على الطائف، وعلى الصلاحيات التي اوكلها إليها الدستور، لن تكون مكسر عصا أو فشة خلق لأحد، وهي لا تحتاج إلى دروس بالاصول والموجبات الدستورية من أي شخص.

ويرأس الرئيس الحريري عند الساعة 12.30 ظهر اليوم في السراي الكبير اجتماعا للجنة البيان الوزاري، لإدخال ما يلزم من تعديلات واضافات، في ضوء اجراء الانتخابات النيابية ومؤتمر سيدر، والموقف من سوريا وعودة النازحين السوريين، فضلا عن مكافحة الفساد وانتظام أمور الدولة.

وأكّد مصدر واسع الاطلاع لـ«اللواء» ان صيغة البيان، بدأ اعدادها منذ شهرين، وهي تخضع لرتوش، بعدما وزّعت نسخة عن بيان الحكومة السابقة، الذي يعتبر الأساس الذي تنطلق منه المناقشات أو تدور حوله.

اشتباك الحريري – جنبلاط

وإذا كان عنوان «حكومة العمل» الذي اختير في أوّل انطلاقة جلسات مجلس الوزراء، لالتقاط الصورة التذكارية، وتشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري، لم يكن عبثياً، في إشارة إلى حرص الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على العمل لتعويض ما فات، فإن ما شهدته البلاد غداة أوّل اجتماع للحكومة الوليدة، من اشتباك سياسي ما كان يفترض ان يكون بين حليفين ولو كانا لدودين، عكس أجواء محمومة يخشى ان ينعكس على جو العمل نفسه داخل الحكومة، خصوصاً وان الاشتباك جاء سريعاً ومفاجئاً، رغم انه كان متوقعاً ومحسوباً، نتيجة الملابسات التي رافقت مفاوضات تشكيل الحكومة، ولا سيما في اليومين الأخيرين اللذين سبقا صدور المراسيم، حيث رفض رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط التخلي عن حقيبة الصناعة لتعويض ما يريده «التيار الوطني الحر» من وضع يده على وزارة «البيئة» والتي كانت من حصة الرئيس نبيه برّي.

يومذاك لم يشأ لا جنبلاط ولا الرئيس الحريري، ان يعملا مشكلة من هذه الحقيبة، خاصة وان الحريري نجح في إقناع صديقه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بأن يتخلّى عن الثقافة للرئيس برّي مقابل التنمية الإدارية «للقوات»، وحرص الرجلان: الحريري وجنبلاط في ان يسلطا الضوء على ما يواجهانه من حملات وضغوط سياسية عليهما، على خلفية احداث الجاهلية والتحالفات المستجدة بين خصوم الأمس داخل الطائفة الدرزية، والتي تبقى في تقدير مصادر سياسية، في خلفية العوامل الأساسية التي دفعت بجنبلاط إلى شن هجومه العنيف على الحريري، واضعاً الوزير جبران باسيل منصة لاطلاق النار من خلاله على رئيس الحكومة، في توقيت اختار ان يكون غداة صدور مراسيم تشكيل الحكومة لاعلان معارضته السياسية للعهد من داخل الحكومة وخارجها.

وبحسب المعلومات، فإن أي اجتماع «اللقاء الديمقراطي» لم يكن مقرراً أمس الأحد، لكن مجرّد الدعوة إلى أن اجتماعاً استثنائياً سيعقد في الخامسة من غروب أمس في كليمنصو، أوحى للمتابعين، بأن الاجتماع سيكون على مستوى كبير من الأهمية، خاصة وان جنبلاط الأب حرص على ان يحضره شخصياً، من ثم أعلن ان هناك أحادية في تشكيل الحكومة، وشبه غياب لمركز رئاسة الوزارة بحسب اتفاق الطائف، لافتاً إلى ان المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجية جبران باسيل بدا وكأنه يضع الخطوط العريضة للبيان الوزاري من دون استشارة أحد، معتبراً بأن هذا الأمر يطعن بالطائف الذي كان دائماً يوضع على طاولة مجلس الوزراء، لكنه هذه المرة لم يوضع، وهذا لعب بالنار ويؤدي إلى خلل كبير في البلد، ولسنا مستعدين ان نقبل بهذا الخلل.

ثم رفع جنبلاط من حدة تحامله على الحريري، عندما سأله: «أين الطائف الذي بناه ابوك واستشهد من أجله؟ إلا انه استدرك انه لا يتهم أحداً، لكنه يريد ان يعلم أين الطائف واين البلد ذاهب، مشيرا إلى ان وفداً من «اللقاء الديمقراطي» سيزور الرؤساء الثلاثة لسؤالهم إلى أين الطائف، متمنياً على رئيس الوزراء ان يقدم جواباً واضحاً.

وفي أوّل تعليق له على توزير صالح الغريب لشؤون النازحين السوريين، قال جنبلاط: «التحالف الجديد المضاد فرض وزيرا لشؤون اللاجئين لونه سوري»، متعهداً بأنه «سيقوم بمعركة لأننا لن نتخلى عن حماية اللاجئين السوريين في لبنان، ولن ننجر إلى رغبة الفريق السوري في الوزارة بإرسالهم بأي ثمن إلى المحرقة والسجون وإلى التعذيب في سوريا».

ردّ الحريري

وحيال هذا الاتهام المباشر، كان من الطبيعي ان يرد الحريري على جنبلاط باللهجة نفسها، لكنه الرد الذي شاء الحريري أن يأتي على لسان رئاسة مجلس الوزراء، لم يشر إلى كلام زعيم المختارة مباشرة، الا انه وضعه في خانة «محاولة غير بريئة للاصطياد في المياه العكرة، والتعويض عن المشكلات التي يُعاني أصحاب هذا الكلام والتنازلات التي كانوا أوّل المتبرعين في تقديمها»، في إشارة إلى تنازل جنبلاط عن تسمية الوزير الدرزي الثالث.

وشدّد بيان المكتب الإعلامي للحريري على أن رئاسة مجلس الوزراء مؤتمنة على الطائفة وعلى الصلاحيات التي اوكلها إليها الدستور، وانها «لن تكون مكسر عصا أو فشة خلق لأحد، وهي لا تحتاج إلى دروس بالاصول والموجبات الدستورية من أي شخص، ولن يكون من المجدي لأي كان تزوير الوقائع، لا سيما ما يتعلق باعداد البيان الوزاري والايحاءات التي تحاول تعكير المسار الحكومي بدعوى العمل على تصحيح الاوضاع».

وكان الحريري قد أمل، قبل اندلاع هذا الاشتباك ان يشهد مجلس الوزراء تعاوناً بين الوزراء، وان يكون متضامنا في اتخاذ القرارات المهمة المطلوبة، مشيرا إلى انه «ليس في امكاننا إضاعة المزيد من الوقت وحتى ليوم واحد» وتوقع إقرار البيان الوزاري بسرعة، طالما انه ليس هناك من بنود خلافية فيه، على اعتبار انه سيكون مشابهاً للبيان الوزاري للحكومة السابقة، وسيتضمن كل الإصلاحات الضرورية المطلوبة في مؤتمر «سيدر» وغيرها.

وأشار الحريري، في دردشة مع الصحافيين، جرت بعد عودته إلى السراي الحكومي السبت رئيساً للوزارة، حيث اعد له استقبال رسمي، إلى ان أكبر مشكلة تواجهها الدولة هي مبلغ الملياري دولار، الذي يصرف على الكهرباء حالياً، مشددا «على ضرورة تقليص عجز الموازنة بنسبة واحد في المائة من نسبة العجز إلى الناتج المحلي خلال السنوات الخمس المقبلة لارساء الاستقرار المالي».

وكشف انه جهز مسودة للبيان الوزاري ووزعه على أعضاء لجنة الصياغة التي شكلها مجلس الوزراء والتي ستجتمع قبل ظهر اليوم في السراي، آملاً الانتهاء من هذا الموضوع بسرعة، نافيا ان يكون الموقف الأميركي من تسلم «حزب الله» لوزارة الصحة يُشكّل احراجاً، مستعبداً ان تتأثر المساعدات الدولية لهذه الوزارة، ما دام المواطن هو الذي يستفيد من هذه الوزارة، لافتاً النظر إلى ان هذا المواطن الذي يُعاني مرضاً مستعصياً هو مواطن لبناني إلى أي حزب انتمى».

إطلالة نصر الله

وفي هذا الصدد أكّد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمود قماطي ان «حزب الله لن يدخل في سجالات او ردود على ما صدر وما قد يصدر من مواقف تتناول مواضيع سلاح المقاومة والعلاقة مع سوريا والضغوط الاميركية وسواها من مواضيع استراتيجية سياسية، خاصة اذا كانت صادرة من خارج اعضاء الحكومة. وان الاولوية لدى الحزب هي تحقيق الاستقرار في لبنان على كل المستويات ومعالجة مطالب الناس ومشكلاتها ولا سيما أوجاع النّاس وحاجياتها».

وقال قماطي لـ«اللواء» رداً على سؤال حول الاولويات التي سيحملها وزراء «حزب الله» الى الحكومة الجديدة: اولويتنا نحن كحزب هي استقرار البلد على كل المستويات لأنه يؤدي الى تثبيت الوحدة الوطنية التي شُكّلت هذه الحكومة على اساسها، وهذه الوحدة يجب ان تؤدي الى الاستقرار اولاً، والى مواجهة الاخطار الخارجية والاعداء الخارجيين لا سيما العدو الاسرائيلي.

وتوقع ان تكون مسيرة إنجاز البيان الوزاري ميسرة لأن كل الاطراف حريصة على ان تصل الى العمل المنتج ونيل الثقة من مجلس النواب وبدء الشغل، أكثر من الوقوف على كلمة من هنا وكلمة من هناك في البيان الوزاري، هذا ما لمسناه على الاقل في الجلسة الاولى للحكومة من كل الفرقاء، ونرجو ان تسير الامور كما نتوقع.

 

تجدر الإشارة إلى ان الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله، سيطل عند الساعة السادسة من غروب اليوم عبر شاشة «المنار» للحديث عن تشكيل الحكومة، مستبقاً الاحتفال الذي سيقيمه الحزب مساء بعد غدٍ الأربعاء لمناسبة انتصار الثورة الإيرانية.

الى ذلك، افادت مصادر وزارية لـ«اللواء» انه ما لم يبرز اي امر استثنائي فإن البيان الوزاري للحكومة الجديدة سيقر بسرعة قياسية، ولفتت الى ان ما من توقعات بأي اشكال خصوصا ان الحكومه تضم التركيبة نفسها للحكومة السابقة اما اذا كانت هناك من اضافات محددة فالأمر متروك للجنة.

واكتفى وزير الشباب والرياضة محمد فنيش بالقول لـ«اللواء» ان هناك نقاشا سيتم داخل اللجنة التي يترك لها وضع البيان ولا يمكن بالتالي استباق الأمر رافضا التعليق على ما ذكره جنبلاط وقال: لن اعلق على الكلام السياسي.

بدوره قال وزير المهجرين غسان عطالله لـ«اللواء» ان البيان الوزاري سيمر بشكل طبيعي وان مؤتمر سيدر سيكون من ضمنه مستبعدا وجود اي نقاط خلافية سواء بالنسبة الى النأي بالنفس او موضوع المقاومة بعدما وضع البيان السابق للحكومة تفصيلا عن هذين الأمرين.

وردا على ما ذكره جنبلاط, قال الوزير عطالله: التركيبة الحكومية الموجودة اليوم في هذه الحكومة هي من وضعت البيان الوزاري فلماذا لم ننتبه الا الآن؟ معربا عن اعتقاده ان موضوع احد الضباط ترك جوا متشنجا لدى جنبلاط. (في إشارة إلى إحالة العقيد ملاعب إلى التحقيق من قبل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان).

اما باسيل، فقد عزا هجوم جنبلاط  عليه من دون ان يسميه بالتحقيق مع الضابط ملاعب ورد عليه من مكان اقامته في بروكسل حيث يُشارك في المؤتمر الأوروبي الخامس على مستوى وزراء الخارجية، تحضيراً للقمة العربية – الأوروبية التي ستعقد في شرم الشيخ في 25 شباط الحالي، فقال من دون ان يسميه «اذا كانت ملاحقة الفاسدين ستصبح كلماحصلت مساً بطائفة وزعيم، فهذا يعني ان الحساب لن يطال أي فاسد، فالفساد لا طائفة له ويجب ان نتحول إلى طائفتين: طائفة الفاسدين وطائفة الاوادم»، لافتاً إلى انه لم يعد مقبولاً كلما أردنا ان نحاسب تصبح هناك حماية سياسية، وكلما حاولنا القيام بإصلاح نقابل باستفادة سياسية.

وأشار إلى ان «عصابة الضباط التي تسمعون عنه فيها الدرزي والشيعي والسني والماروني والارثوذكسي، وكل الطوائف فلماذا لا يدخلون السجن جميعاً؟ ولماذا ينظر إليها وكأنها تستهدف احداً وهي مكونة من الجميع؟».

وفيما علم ان اي موعد بين الرئيس عون  ووفد «اللقاء الديمقراطي» لم يحدد بعد. اشارت مصادر مطلعة الى ان المسودة التي وزعت على الوزراء في اول جلسة السبت فمستوحاة من البيان الوزاري للحكومة السابقة مع بعض التعديلات، لكن تردد ان ملف العلاقة مع سوريا غير مدرج، على اعتبار ان البيان السابق لحظ تعزيز العلاقة مع الدول الشقيقة والصديقة وليس معروفا ما اذا كان سيطرح هذا الملف للبحث. بالطبع ستتم ازالة مسألة الانتخابات النيابية التي وردت في البيان السابق.

وعلم انه سيتم التشديد على معالجة شؤون المواطنين. اما ملف النزوح فبالطبع ستتم مقاربته انطلاقا مما تم التشديد عليه في التصور اللبناني في القمم التي شارك فيها لبنان وحظيت بموافقة الدول.

التاريخ: 
الاثنين, فبراير 4, 2019
ملخص: 
من سمع صرخة النائب السابق وليد جنبلاط قبل أيام من الانتخابات النيابية، «شو صاير فيك يا سعد الحريري؟»، يدرك أن التحالف القديم بين الرجلين، مهما رقّعته الظروف وحاولت القوى الخارجية لملمته، مصيره الافتراق. فعلاقة التكامل التي أوجدها اتفاق الطائف بين الحريرية