ندوة حول كتاب التاريخ إما أن يكون كل تاريخ لبنان وتاريخ كل لبنان، أو يكون مشروع إنقسام جديد في البلاد

النوع: 

عقدت قبل ظهر اليوم ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بعنوان: حول كتاب التاريخ إما أن يكون كل تاريخ لبنان وتاريخ كل لبنان، أو يكون مشروع إنقسام جديد في البلاد،، برئاسة رئيس للجنة الأسقفية لوسائل الإعلام، المطران بولس مطر، شارك فيها منسق اللجنة المركزية في حزب الكتائب، الشيخ سامي الجميّل، والنائب والوزير السابق ادمون رزق (ألذي اعتذز عن الحضور) والدكتور عصام خليفة،  ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام، الخوري عبده أبو كسم، وحضرها عدد من أعضاء الرابطة المارونية، والمهتمين والإعلاميين.

بداية رحب المطران مطر بالمنتدين والحضور وقال:

“إنَّ مشكلة تدوين التَّاريخ وكتابته الموضوعيَّة هي من أصعب المشاكل حلاًّ وتسهيلاً. فالسُّؤال المطروح في الأوساط الفكريَّة عامَّةً يتمحور حول إمكانيَّة أيٍّ كان أن يكتب التَّاريخ بصورة موضوعيَّة، أيْ بوضع مسافة بين ذاته وذاته؟ كما أنَّ التَّاريخ في الماضي البعيد والقريب كان يكتبه المنتصِرون، أو قادة الشُّعوب الَّذين يفرضون ظلالهم عليه. وكان تدوين التَّاريخ في بداية الأمر يقتصر كما هو معروف على سرد أحداث الحروب والتَّحرُّكات الظَّاهرة للحكَّام الَّتي غالبًا ما تُضيء على الوجه السِّياسيِّ للأحداث أو الوجه العسكريِّ دون الولوج في أعماق الحقائق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة الَّتي تعرفها الشُّعوب. وهناك من جهةٍ ثانيةٍ موقف معروف يُفيد أنَّ الأفكار هي الَّتي تقود العالم. فيرتكز المؤرِّخون إلى هذه المقولة، ليكتبوا التَّاريخ على أساسٍ أيديولوجيٍّ تفسيريٍّ، حيث الرَّأي في الأحداث يسبق الأحداث، وحيثُ الفكر هو القائدُ الحقيقيُّ لتفسير الأمور بصورةٍ مسبقةٍ، فيقع الكتَّاب في سجن الذَّاتيَّة الجماعيَّة وفي استعمال الأحداث لإثبات أفكارٍ شخصيَّةٍ ونظريَّاتٍ معيَّنةٍ على حساب الحقيقة والواقع”.

تابع: “وما من شكٍّ في أنَّ هذه القراءات العقائديَّة لأحداث التَّاريخ، قد تتسرَّب تطبيقات لها في كتابة أيِّ تاريخ، في لبنان أو في أيِّ بلدٍ آخر أو شعب ومنطقة. من هنا أهمِّيَّة البحث الهادف في هذا الموضوع الشَّائك ليأتي أيُّ كتابٍ للتَّاريخ موضوعيًّا بقدر الإمكان أيْ وعاكسًا لحقيقة الأمور الَّتي يحياها شعبٌ على ما هي أيْ بتعقيداتها وتلوُّناتها الكثيرة”.

أضاف: “ولقد أوجز هذا المنحى مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعه الشَّهريِّ الأخير عندما تضمَّن بيانُه المعلن ملاحظةً حول كتابة تاريخ لبنان مفادها أنَّ هذا التَّاريخ يجب أن يكون تاريخ كلِّ لبنان وكلِّ تاريخ لبنان، وألاَّ يكون الاجتزاء فيه نقيصة تنمُّ عن اجتنابٍ للحقيقة تؤدِّي بالتَّالي إلى قصورٍ في جمع المواطنين حول ما قيل فيه أو يقال”. فإذا كان اللُّبنانيُّون شعبًا متنوِّعًا وواحدًا في الوقت عينه فلا ضير أن يعكس كتاب تاريخ لبنان حقيقة هذا الشَّعب كما هو بتنوُّعه ووحدته في آنٍ معًا. وإذا كان اللُّبنانيُّون يتطوَّرون في مواقفهم حيال أيِّ موضوع، فيجب على كتاب التَّاريخ أن يبيِّن هذا التَّطوُّر لأنَّه يكون حقيقة تاريخيَّة موضوعيَّة أكيدة. وإذا ما حدث للُّبنانيِّين أن اختلفوا في أمرٍ من أمورهم فلا ضيرَ إذا كتبَ التَّاريخ عن هذا الاختلاف لعلَّهم ينظرون إليه مع الزَّمن نظرةً موضوعيَّةًً تساعدهم على تَخطِّيه وعلى تلافي الأخطاء حياله.

تابع: “التَّاريخ هو كتاب الحقائق الإنسانيَّة، والحقيقة يجب ألاَّ يخاف منها أحدٌ لأنَّها وحدها تحرِّر، فيما الاختزال وإخفاء العِلل وتبسيط الأمور أو تلوينها المسبق بموجب مواقف خاصَّةٍ مهما كانت، هي كلُّها مواقف لا تساعد على النَّظرة الموضوعيَّة ولا على تَخطِّي المشاكل الَّتي يعرفها أيُّ بلد، لا بل تسبِّب أضرارًا وتفسُّخاتٍ جديدة”.

وختم: “كيف يُكتَب إذًا تاريخُ لبنان؟ إنَّ هذا السُّؤال جوهريٌّ وأساسيٌّ ويجب الإجابة عليه قبل الشُّروع بوضع أيِّ كتاب عن هذا التَّاريخ”. ونحن إذا ما أردنا قيام هذه النَّدوة فلكي نساعد عبر مَن نستقبلهم اليوم بفرحٍ واعتزاز على تسليط الضَّوء على هذه الأسُس بالذَّات لعلَّنا نفيد بها مجتمعنا وشبابنا إفادةً أكيدةً. إنَّنا نريد لبلادنا أن تَتخطَّى أيَّ عنفٍ مقيتٍ وأن تعود إلى العقلانيَّة الصَّافية في تدبير أمورها. لذلك فإنَّنا نتطلَّع إلى عدم تكرار ما حدث أثناء تظاهرةٍ طلابيَّةٍ كان القائمون بها يُطالبون بأن يَعكس تاريخُ وطنهم حقيقةَ نضال جميع اللبنانيِّين من أجل لبنان، من دون استثناء، وأن لا يُغيَّب أيُّ نضالٍ عن طريق الحذف والاجتزاء. فإنَّ الاعتراف بالآخر والاعتراف بالحقيقة الكاملة هو السَّبيل إلى جمع الصُّفوف في وحدةٍ كاملةٍ متكاملةٍ. وعلى سبيل التَّندُّر فإنَّ في عِلم الحساب عمليَّاتٍ لها أسماء مستغربة تتمثَّل بالطَّرح والقسمة والضَّرب، كما أنَّ هناك عمليَّة رابعة أجمل من سابقاتها ألا وهي عمليَّة الجمع. فلعلَّنا نتمسَّك معنويًّا بهذه الأخيرة لا بغيرها، فنجمع دون أن نطرح أو نقسم وبخاصَّةٍ دون أن نضرب”.

 

 

 

ثم كانت مداخلة د. عصام خليفه جاء فيها:

“إن أهداف تدريس التاريخ هي: “تعريف الطالب على هويته الوطنية حيث أنها مهددة من قبل أخطار داخلية (عصبيات الطوائف) وأخطار خارجية (أطماع العدو والتدخلات ومحاولات فرض النفوذ والوصاية من الأصدقاء والحلفاء)؛ وامتلاك الثقافة التاريخية لا سيما من حيث التاريخ الاجتماعي والديمغرافية التاريخية والتربية والثقافة والحضارة المادية؛ وأهمية المواطنية وأولوية الانتماء للبنان الوطن لجهة بلورة وعي ما فوق طائفي لدى الطلاب، يبعدهم عن الأفكار التعصبية الفئوية والتمترس عند تراث الطائفة الواحدة.”

وشدّد على أن “معلم التاريخ هو محور العملية التربوية وعلى ضرورة اعتماد سياسة حازمة لتنمية قدرات المعلمين وتحسين مهاراتهم التربوية وتجديد معارفهم، بهدف اثباب الهوية الوطنية اللبنانية وبناء جيل يحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسيادة الدولة.”

بعد ذلك تطرق إلى اللجان التي أُلفت بهدف وضع كتاب التاريخ، وآخرها مع الوزير السابق حسن منيمنه، نصفها من الأكاديميين المستقلين، ونصفها الآخر من أكاديميين ممثلين للقوى السياسية، توصلت إلى وضع مناهج للمرحلتين الابتدائية والتكميلية؛ واشار إلى أن “إصرار كل طرف على طرح روايته للحرب وتفاصيلها قد يؤدي إلى عدم التوصل إلى منهج للتاريخ.”

واقترح د. خليفة: “وضع ملاحظات اللجنة الوزارية التي الفت مؤخراً بتصرف اللجنة الأكاديمية، والحوار من خلالها للتوصل الى تسوية ترتكز على المرتكزات الثلاثة التي طرحتها: (الاكتفاء بالاسباب والكلفة والعِبَر). وبالنسبة للكتاب الموحد لتدريس التاريخ فان له وجهة نظر اختصرها بالنقاط التالية:

‌أ-    من الضروري وجود لجنة عليا من المؤرخين والباحثين الذين لا يرقى الشك الى موضوعيتهم تشرف على وضع الكتاب الموحد (بالتنسيق مع المركز التربوي)

‌ب-    يمكن اصدار اكثر من كتاب لتدريس التاريخ شرط الاشراف عليه من اللجنة المشار اليها اعلاه. وهذا يعني انني ضد الكتاب الموحد، ولكن مع مناهج موحدة ومع رقابة عليا على الكتب التي قد توضع بمتناول التلامذة.

‌ج-    ان نجاحنا في وضع كتب مدرسية قبل تدخل الوزير الأسبق عبد الرحيم مراد – ومن وراءه – يدل على ان الباحثين والمؤرخين اللبنانيين من كل المواقع يستطيعون التوصل الى صياغة هذا الكتاب.

‌د-    ان استمرار الوضع على ما هو عليه يؤدي الى الاضرار بالهوية الوطنية لدى طلابنا، ولا شك ان هذا الوضع يلائم من يريد فرض ايديولوجيته ومشروعه الفكري والسياسي على الطلاب من خلال المدارس التي يسيطر عليها.

‌ه-    من الواجب تخصيص ساعتين اسبوعياً لمادة التاريخ وليس فقط ساعة واحدة كما هو الأمر حالياً، ولا ضرورة لتكرار اهمية هذه المادة في تكوين المواطن الصالح.

‌و-    تابع:”اذا كانت المناهج والكتاب المدرسي من الامور الجوهرية في العملية التربوية، فان المعلم هو محور هذه العملية. من هنا فان اعتماد سياسة حازمة لتنمية قدرات المعلمين عموماً، ومادة التاريخ بوجه خاص، هي هدف بالغ الاهمية”.

وفي الختام قال: “إن الزلزال الحاصل على امتداد العالم العربي يتطلب من كل اللبنانيين الاعتصام بالوحدة الوطنية والتشبث بالمواثيق الوطنية. وعلينا أن نأخذ العبر من الكوارث التي مرّ بها شعبنا في الحروب المركبة والاحتلالات التي توالت على أرضنا وإذا أحسنا قراءة واستيعاب امثولات تاريخنا الحديث المعاصر، نستمر فاعلين في هذا المشرق العربي، ولكن إذا عدنا إلى لعبة التفتت والعصبيات والتعبئة الفئوية والعنف نسقط في هوة الإنهيار لا سمح الله”.    

ثم كانت كلمة الشيخ سامي الجميّل وقال:

وافق الجميّل على الأقتراحات التي تقدّم بها الدكتور عصام خليفة لا سيما ضرورة وجود لجنة عليا من المؤرخين والباحثين لدراسة هذا الموضوع، و إمكانية إصدار أكثر من كتاب تدريس، مشيراً إلى إمكانية توصل الباحثين والمؤرخين إلى صياغة هذا الكتاب.وأبدى ملاحظة على الصياغة التي تمّ التوصل إليها ووصفها بأنها  ليست مقبولة.

وشدّد على “ضرورة وجود كتاب تاريخ موحد في بلد تتربى فيه أجيال بمنأى عن بعضها البعض ولا تعرف بعضها، بمعنى أن الأولاد التي تتربى في الجنوب لا تعرف شيئاً عن الأجيال التي تتربى في جبل لبنان، و من يتربى في جبل لبنان لا يعرف شيئاً عمن يتربى في الجنوب وهذا خطير جداً لأن اللبنانين لا يتحسسون معاناة بعضهم البعض وينشأون بنمط تفكير ومعتقدات بمعزل عن اللبنانيين الآخرين، وهذا ناتج عن عدم وجود تاريخ موحد، لأن كتاب التاريخ كما نطرحه اليوم يسمح لكل اللبنانيين التعرف على بعضهم البعض، والإطلاع على نضال  وتضيحات بعضهم البعض، ي وهذا أساسي إذا أردنا بناء وطن وليس مزرعة تعيش فيها كل فئة على حدة؛ ونحن نتربى في مزرعة منقسمين كل على حدة وهذا ليس منطقياً”.

أضاف: “إذا أردنا بناء دولة حقيقية يجب على اللبنانيين أن يتحسسوا مع بعضهم ويستوعبوا بعضهم، وهذا لا  يمكن أن يتحقق  إلا من خلال كتاب التاريخ”. وشدّد على ضرورة أن يتعلّم  الأولاد ويعرفوا عن تضحيات أهالي الجنوب ومعاناتهم وكم سقط من الشهداء، وأن يشعر  اهل الجنوب لازم ا بمعاناة أهل جبل لبنان بنضالهم وتضحياتهم والكوارث التي تعرضوا لها من جراء الاحتلال السوري وقصفه ومجازره في لبنان لكي نتمكن من بناء وطن”.

تابع:”قد تكون مشاكلنا السياسية ناتجة عن عدم تحسسنا لمعاناة بعضنا البعض،  لو كان حزب الله وأهلنا في الجنوب مطلعين على نضالنا في وجه الاحتلال السوري في كتاب التاريخ ويعرفون مقاومتنا وتضحياتنا وهول الكارثة التي تعرضنا لها من 1976 إلى 2005 لكانت ردة فعلهم تجاه 14 آذار 2005 وتجاه الإنقسام السياسي الحالي  وتجاه مطالبتنا بكتاب تاريخ  منصف، غير ما هي عليه اليوم. ولكانوا شعروا بما نشعر به”.

أضاف: “طالما لا نملك كتاب تاريخ موحد لن نتمكن من بناء مجتمع ودولة كما يجب ولن نتمكن من خلق تضامن وطني ومواطنية لبنانية حقيقية وسيبقى كل واحدٍ منا يحيا في زاويته”.

وتابع: “انطلاقاً من هنا نرى ضرورة إنجاز كتاب التاريخ الموحد”. وذكّر بمطالبة حزب الكتائب بوزارة التربية عام 2009 من أجل صياغة كتاب التاريخ الموحد ونحن ندرك أهمية هذا الموضوع”.

وأعتبر أن “ملاحظات حزب الكتائب على ما أنجز حتى الأن ليست سياسية أو محاولة ألغاء للآخر أو تسييس، منتقداً قول د. خليفه بضرورة ترك السياسيين الأمر للأكاديميين والمؤرخين، لأن عدم إنصاف الناس والتمييز بين مواطن لبناني وآخر، ووصف لبنانيين بأنهم مقاومين وآخرين بأنهم ميليشيات، ينزع صفة الأكاديمية عن العمل، ونحن لا نقبل أن تحصر المقاومة بفريق واحد”.

أضاف: “نحن لم ننكر نضال أحد ونحن أول من اعترف بتضيحات أهل الجنوب وشهداء حزب الله ونضاله في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ولم نعترض على السرد الوارد في هذا السياق في كتاب التاريخ بل اعترضنا على عدم إنصافنا كمقاومة لبنانية وكجزء أساسي من المجتمع اللبناني الذي قاوم واستشهد دفاعاً عن لبنان في وجه الإحتلال السوري والوجود الفلسطيني المسلّح”.

وقال: “المشكلة أن الآخر يحاول إلغاءنا ويمنعنا من تحصيل حقوقنا ونحن في هذا الموضوع في موقع الدفاع عن النفس. لهذا نحن لا نقبل أن يحكى عن مقاومة ضد إسرائيل وعن أحداث بين “الجبهة اللبنانية” والجيش السوري في لبنان، وبالتالي تصنيف اللبنانيين بأن بعضهم مقاومة وبعضهم الآخر ميليشات، وفي هذا تصنيف لبعض اللبنانيين بأنهم “أوادم” وبعضهم الآخر بأنهم “زعران”، وإفهام طلابنا بأن هناك من قاتل بشرف وأن هناك من قاتل بلا شرف، وبأن هناك من يمتلك الحق بحمل السلاح دفاعاً عن أرضه وأهله وشرفه ويحرم الآخرين من هذا الحق”.

وتابع: “سنرجع إلى الطائف لنقول أنه أجرى هذا التصنيف؛ فإذا ورد خطأ في الطائف لا يجوز اصلاحه بخطأ آخر، وإذا كرّس انتصار فئة على أخرى وانكسار المسيحيين في الحرب اللبنانية ومعاقبتهم في التركيبة الدستورية وفي النظرة إلى نضالهم ودورهم في الحرب؛ وإن لم يتمكن المسيحيون من قول “لا” سنة 1990 للإحتلال السوري، فنحن سنة 2012 غير ملزمين باحترام تسوية تمّت على حسابنا، ووصف المسيحيين بالميليشيات ووصف الآخرين بالمقاومين، إذا أردنا بناء وطن يشعر فيه جميع اللبنانيين بأنه معترف بهم وبأنهم متساويين”.

واقترح “الأحتذاء بسويسرا الدولة التعددية التي تحترم خصوصية كل مكوناتها الثقافية وضرورة الاقتداء  بروحية المواطنة السويسرية المبتكرة هناك، وذلك من خلال إشعار كافة المكونات بإنتمائها إلى الدولة السويسرية من خلال الاعتراف بخصوصياتها، عبر إنشاء مدارس تعلّم  التاريخ، الهويات واللغات المختلفة”.

وختم بالقول: “بمقدار ما تعترف الدولة اللبنانية بتضحيات كل اللبنانيين بمقدار ما سيشعرون بالإنتماء إلى هذه الدولة”.

وقدر موقف الرئيس مقياتي “بسحب موضوع كتاب التاريخ من التداول بعد نضال قمنا به، مشدداً على ضرورة تصحيح الخطأ، وموافقاً د. خليفة على ضرورة إنجاز كتاب تاريخ موحد”.

واختتمت الندوة بكلمة الخوري عبده أبو كسم جاء فيها:

“مما لا شك فيه أن الزمن لم يحن بعد، لأننا ما زلنا منقسمين سياسياً ومرتبطين بمحاور إقليمية ودوليّة ولم نصل بعد إلى المستوى الذي يؤهلنا للخروج من منطق العصبيات المذهبية والطائفيّة وللدخول إلى منطق  الدولة والمؤسسات، نعم قد يكون كتاب التاريخ هذا أشبه بعبوة ناسفة معدّة للتفجير في أي وقت، وإن أتى ذلك الوقت عن أي تاريخ سنكتب؟”

تابع” “إن كتابة التاريخ ما كانت يوماً مشروع تسوّية ولا يجب أن تكون كذلك، ففي الواقع هناك اختلاف في المقاربات والرؤى بين اللبنانيين، اختلاف في الفهم المشترك، اختلاف حول معنى الوحدة الوطنية.” لهذا وقبل كتابة التاريخ المطلوب اليوم هو ما ينادي به صاحب الغبطة مار بشارة بطرس الراعي الكليّ الطوبى، العمل على صياغة عقد اجتماعي جديد يؤسّس لبناء الدولة المدنية التي تحفظ للطوائق حقوقها وتعزّز قيمة الشخص البشري وتزرع الروح الديمقراطية في المجتمع اللبناني وتصون الكرامة الإنسانية وتساوي بين اللبنانيين في الحقوق والواجبات، هذا العقد الاجتماعي الذي يرتكز على الميثاق الوطني وصيغة العيش المشترك ويضمن حقوق جميع اللبنانيين.”

أضاف: “عندها نستطيع أن ننطلق إلى مراجعة الأحداث على ارض الواقع، استناداً إلى ما هو موّثق في الصحف والمجلات وأرشيف المحطات الإذاعية والتلفزيونية والتي يجب أن تتصف بالموضوعية والواقعية. وإلى أن نصل إلى ذلك اليوم، أنهي مداخلتي كما بدأتها بسؤال كيف نستطيع أن نكتب تاريخ لبنان ما دام المجتمع اللبناني يذهب من أنقسامٍ إلى آخر على وقع أنغام المذهبيّة والطائفيّة؟ ألا هدانا الله جميعاً سواء السبيل.”

التاريخ: 
الجمعة, مارس 16, 2012
ملخص: 
وجود كتاب تاريخ موحد في بلد تتربى فيه أجيال بمنأى عن بعضها البعض ولا تعرف بعضها، بمعنى أن الأولاد التي تتربى في الجنوب لا تعرف شيئاً عن الأجيال التي تتربى في جبل لبنان، و من يتربى في جبل لبنان لا يعرف شيئاً عمن يتربى في الجنوب وهذا خطير جداً لأن اللبنانين