ياغي: «الأورثوذوكسي» مقدمة لخراب لبنان... والحل في "الطائف"
رأى نائب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي دريد ياغي في الطرح الاورثوذوكسي لقانون الانتخاب «مقدمة لخراب لبنان»، ولفت الى أنه «يؤدي بالفعل الى انعزال الطوائف وتحويلها الى كانتونات»، معتبراً انه «يخالف صيغة العيش المشترك ويتناقض مع مبدأ المواطنة ومع وثيقة الوفاق الوطني والدستور اللبناني تناقضاً كاملاً».
كلام ياغي ورد في حديث خاص لـ «النهار» أكد خلاله أن «الحل الامثل موجود بين ايدينا في نصّ اتفاق الطائف، وهو مجلس شيوخ طائفي ومجلس نواب غير طائفي»، واشار الى انه «اذا ذهبنا بهذا الاتجاه نكون قد وضعنا استراتيجية مدنية علمانية تنهي الصراع الطائفي في لبنان، خصوصاً ان من صلب اتفاق الطائف انشاء الهيئة العليا لالغاء الطائفية السياسية»، منوهاً الى انه «لا يجوز ان يتجه جميع من حولنا الى ربيع ونتجه نحن ببلدنا الى خريف، بل من المفترض ان نكون نحن قدوة للعالم العربي»!
وعن موقف رئيس الحزب وليد جنبلاط الوسطي قال ياغي ان «التكتل الوسطي لم يتخذ حتى الآن شكله النهائي، لكن ثمة توافقا مع رئيسيْ الجمهورية والحكومة»، ولفت الى انه «لولا هذا الموقف الذي اتخذناه في السنتيْن الاخيرتيْن مع الرئيسيْن، لكان لبنان معرضاً لازمة شرسة، في حين أن وجودنا في الوسط ومساهمتنا في تعزيز الحوار جنّبا لبنان الكأس المرة».
وبالنسبة لتأجيل الانتخابات النيابية، شدد ياغي على «ضرورة احترام المواعيد الدستورية»، واستدرك انه «اذا تأجلت الانتخابات لفترة قصيرة ريثما يتفق الفرقاء على القانون الانتخابي، فلا ضير في ذلك، شرط ألا يطول التأجيل وان يتم الاستحقاق في النهاية، وفق قانون انتخابي يكون اقرب الى وحدة اللبنانيين من توزّعهم واختلافهم».
أما في الشأن السوري، فرأى ياغي أن «حل الازمة السورية بات اصعب، خصوصاً ان اصحاب العلاقة الذين كانوا مسؤولين عن حل هذه الازمة تعاطوا بـ «لا أخلاق» سياسية دولية مع شعب يذبح ومع قضية محقة للناس، وتركوا الشعب السوري لهذا القدر الصعب»، متسائلاً: هل يوجد عاقل في هذا العالم يقبل بان يقتل رئيس شعبه ثم يطلب منه انتخابه؟!.. تفاصيل الحديث مع ياغي في الحوار الآتي نصّه:
بدايةً، ما رأيك بالجدل الدائر حول الطرح الاورثوذوكسي لقانون الانتخاب، ولماذا يعارضه رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط؟
لبنان محكوم باتفاق الطائف، الذي اتفق عليه ونتج عنه دستوراً لبنانياً. وبالتالي، فإن أي مشروع قانون أو اقتراح قانون يأتي من الحكومة أو من النواب، يجب أن يراعي وثيقة الوفاق الوطني والدستور اللبناني. وهذا الامر لا يتوفر على الاطلاق في مشروع النائب ايلي الفرزلي، وصفة القانون الاورثوذوكسي تسقط عن هذا الطرح، لأن مطران الاورثوذوكس في لبنان الياس عودة صرّح بأن لا علاقة له او لطائفته بهذا القانون. كما ان اكثرية القيادات الاورثوذوكسية في لبنان، بدءاً من نائب رئيس مجلس النواب، مروراً بميشال المر وبقيادات اخرى في 14 آذار والكثير من المستقلين، يرفضون جميعاً هذا الطرح. والاهم من كل ذلك هو ان هذا القانون يخالف صيغة العيش المشترك ويتناقض مع مبدأ المواطنة، بمعنى تساوي المواطنين اللبنانيين امام القانون. وبالتالي، فإن اي تمييز بين اللبنانيين يخالف الدستور، وهذا القانون يطرح التمييز بصيغة الطوائف والمذاهب وهذا أمر غير مقبول. ثمة أسباب كثيرة اخرى تدفعنا لمعارضة هذا الاقتراح، لكن الاهم بينها هو أن هذا الاقتراح يتناقض مع وثيقة الوفاق الوطني والدستور اللبناني تناقضاً كاملاً، لأن وثيقة الوفاق الوطني دعت الى انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، كما أن هذه الهواجس التي يعبّر عنها البعض يمكن تبديدها من خلال مجلس الشيوخ المنصوص عنه «الطائف». فما هو السبب الذي يمنعنا من تطبيق صيغة مجلس الشيوخ في لبنان، حيث تتمثل الطوائف ويكون من صلاحيات هذا المجلس كل القضايا الوطنية الكبرى والهامة. وبالتالي، نبعد كأس الطائفية والمذهبية عن المجلس النيابي او التشريعي، الذي ينصرف عندها الى تشريع القوانين والاهتمام بشؤون الناس، وتقديم المقترحات التقدمية المتعلقة بمستقبل لبنان واللبنانيين.
ما رأيك بوجهة نظر المؤيدين لهذا القانون أو الطرح، وهم يعتبرون ان «الاورثوذوكسي» ينقل الصراع الدائر بين الطوائف الى داخل كل طائفة ويؤسس بالتالي لالغاء الطائفية السياسية على المدى البعيد؟
هذا «عذر اقبح من ذنب». ويكفينا صراعات. فلكل قانون هدف واستراتيجية معينة. وانا لا أريد ان ادخل في تلك الصيغة المهمة التي اتى بها «الطائف» لجهة المساواة والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، إلا ان «الاورثوذوكسي» سيفسح المجال لتساؤل الكثير من الناس حول حقوقهم في هذا المجال. من ناحية ثانية، من سينتخب رئيس الجمهورية بعد تطبيق هذا الطرح؟ ومن ينتخب كذلك رئيسي الحكومة والمجلس النيابي؟ ثمة الكثير من الامور التي من شأنها أن تخلق تناقضات كثيرة بين اللبنانيين، وان تضعها في مواجهة صراعات نحن بغنى عنها. ما نقوله نحن هو أن الحل الامثل موجود بين ايدينا في نصّ اتفاق الطائف، وهو مجلس شيوخ طائفي ومجلس نواب غير طائفي. فلنذهب اذاً بهذا الاتجاه، وبذلك نكون قد وضعنا استراتيجية مدنية علمانية تنهي الصراع الطائفي في لبنان، خصوصاً ان من صلب اتفاق الطائف انشاء الهيئة العليا لالغاء الطائفية السياسية. فكيف يمكن انشاء الهيئة بعد انتخاب مجلس نيابي طائفي بامتياز؟
لكن النائب الفرزلي يعتبر أن هذا الطرح يعتبر بمثابة خطوة اولى على طريق انشاء مجلس الشيوخ...
انا لا اوافق على هذا الامر، لأن مجلس الشيوخ وحده يمكن ان يزيل هواجس الطوائف وان يؤمن تمثيلها بشكل صحيح، وتكون مهمته محصورة بالقضايا الوطنية الكبرى، ويترك للمجلس النيابي حل مشاكل العمال والمعلمين والدين العام وغيرها من قضايا معيشية. وإلا فكيف يمكن حل هذه القضايا. من ناحية ثانية انا لا افهم لمَ اختراع الضدّ؟ لم الذهاب الى اقصى المعارضة لاتفاق الطائف؟ أمِن اجل تأمين حسن انتخاب 64 نائباً؟
أوليس من حق هؤلاء النواب البحث عن سبل تؤمن حسن انتخابهم؟
طبعاً من حقّهم.. لكن هذا الامر يمكن ان يتحقق بوسائل اخرى، بصرف النظر عن المجلس النيابي خارج القيد الطائفي، وذلك من خلال قانون يعتمد طريقة معينة في تقسيم الدوائر بشكل يؤمن حسن تمثيل المسيحيين، مع الحفاظ على التعايش المشترك في هذه الدوائر. فاذا ما حذفنا جبل لبنان، الذي يعتبر الثقل المسيحي الاساسي، يمكن اجراء بعض التقسيمات في طرابلس والشمال، في جزين وحاصبيا، وربما في البقاع وزحلة، وفي بعلبك الهرمل التي يمكن تقسيمها ايضاً الى ثلاث دوائر حسب الانتشار الجغرافي للطوائف، وهي مهمة سهلة في معظم المناطق. بهذه الطريقة نحل مشكلة المسيحيين وغيرهم ممن لديهم هواجس في مناطق معينة. ولنفترض اننا سنخسر نائباً او اكثر، فهل خسارة البلد افضل من خسارة نائب هنا او هناك؟ برأيي ان الطرح الاورثوذوكسي مقدمة لخراب البلد.
هل يمهّد الخطاب الطائفي الذي نسمعه مؤخراً واستخدام عبارات كانت تردد في الحرب الاهلية اللبنانية مثل عبارة «الانعزال المسيحي» التي قالها وليد جنبلاط، لحرب طائفية جديدة في لبنان في حال تم الاتفاق على الطرح الاورثوذوكسي؟
كلا لا أحد يريد الحرب عملياً. الا اننا ننبّه بأن الطائف اتى بعد دفع لبنان ثمناً غاليا جداً. فلماذا يعيدوننا الى الازمة ذاتها؟ وهل علينا ان ندخل في حرب جديدة الآن للتخلص من هذه المشكلة التي يطرحها البعض بطريقة خاطئة؟ برأيي ان المطلوب هو التعقل والانتباه جيداً، لأن هذا المشروع يؤدي بالفعل الى انعزال الطوائف وتحويلها الى كانتونات.
لكن هذا الواقع موجود حالياً والطوائف منعزلة عن بعضها البعض عملياً بدليل هذا الخطاب الطائفي المستهجن.
هذا الكلام صحيح مئة بالمئة، ولذلك المطلوب ان نغيّر هذا الواقع لا أن نتمسك به. علينا ان نلعن هذا الامر الواقع وان نسعى للتخلص منه عبر الوثيقة الوطنية والدستور، ومن خلال تعديلات يمكن ان تؤمن انتخابياً المزيد من حسن التمثيل للمسيحيين وغيرهم. فلقد عاد ميشال عون من الدوحة رافعاً شعار النصر لأنه نجح بتحصيل المزيد من الحقوق لابناء طائفته، ونحن نقول له اليوم اننا منفتحون على أية تعديلات في القانون الانتخابي تؤمن لطائفته المزيد المزيد من حقوقها المشروعة، فماذا يريد اكثر من ذلك؟ وهل يجوز خراب لبنان من اجل حقوق طائفة؟ واذا ما تكلمنا من زاوية حضارية، فهل يعقل للبنان بلد الاشعاع والعلم، بلد الحريات والديموقراطية ان يرجع الى قوانين متخلفة؟ لا يجوز ان يتجه جميع من حولنا الى ربيع ونتجه نحن ببلدنا الى خريف، بل من المفترض ان نكون نحن قدوة للعالم العربي.
ذكرت العماد ميشال عون، لكن ليس وحده المطالب بالطرح الاورثوذوكسي، بل ثمة التفاف مسيحي كبير حوله...
فلنتوقف عن المبالغة بالنسبة لهذا الالتفاف المسيحي، لأن ثمة تيارا مسيحياً كبيراً في المقلب الآخر من مسيحيي الوسط، وهؤلاء عقدوا مؤتمراً حضرته عشرات الشخصيات المسيحية المحترمة ممن لا يجوز تجاهلهم.
لكن ماذا عن حزبيْ «القوات» و»الكتائب اللبنانية»؟ وهل صحيح ان تمسكهم بالطرح الاورثوذوكسي يأتي من منطلق تصفية حسابات سياسية مع وليد جنبلاط؟
كلا بل على العكس. فأهم شيء في العمل السياسي هو ان يتمتع الانسان بتطلع نحو الافق، وان يفكر بالمستقبل لا ان يبقى اسير الماضي واحقاده ومشاكله. ومسألة نائبان زيادة او نقصاناً من السهل التضحية بها في سبيل مستقبل وطن.
لكن النائب جنبلاط متّهم اليوم بانه يعارض «الاورثوذوكسي» لأنه يحد من سلطته على نواب مسيحيين منصوين تحت لواء تكتله النيابي. فهل هذا صحيح؟
أعتقد ان وليد حنبلاط، عندما يختار اشخاصاً ينتمون لاحزاب سياسية وطنية مثل دوري شمعون او جورج عدوان، يعرف انه لا يمكن له ان يعارض الاكثرية الشعبية المسيحية، بل على العكس تماماً، فانا اعتقد ان الوحيد الذي يجب ان يؤدوا له التحية هو وليد جنبلاط، لأنه يبحث دائماً عن شخصيات مرغوبة مسيحياً للتعاون معها في الشأن الانتخابي. وليد جنبلاط يعرف قيمة الاشخاص والمذاهب والاديان، ولا يتعامل مع هذا الامر بالخفية والسطحية قد يلجأ اليها البعض. فلا يأتي بشخصيات مسيحية لا وزن ولا حيثية محلية لها، بل على العكس تماماً.
هل تعتقد ان ثمة افق لتطبيق الطرح الاورثوذوكسي، كأن يعرض للتصويت عليه في الهيئة العامة للمجلس النيابي مثلاً؟
كلا، فلا يستطيع رئيس المجلس النيابي او المجلس نفسه الاقتراع لما يخالف الدستور وصيغة العيش المشترك والوحدة الوطنية ومستقبل الاجيال في هذا البلد.
لماذا يرفض وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي مبدأ النسبية الذي أقر به اتفاق الطائف، والذي دعا إليه مؤسس الحزب كمال جنبلاط في السبعينيات؟
صحيح ان كمال جنبلاط هو من اقترح مبدأ النسبية، لكنه اقترحه عندما كان الصراع في لبنان يأخذ شكل اليمين واليسار. عندها اعتبرنا ان النسبية افضل ما يمكن اعتماده. اما اليوم، وبعد هذا الكلام الطائفي، وبعد هذا الانقسام المتعدد بين اللبنانيين، على اي اساس يمكن تطبيق النسبية، وثمة مناطق مقفلة انتخابياً على حساب مناطق اخرى؟ النسبية تتطلب تثقيف الناس ضمن هذا التنوع الغريب العجيب، وتتطلب الغاء الطائفية السياسية قبل كل شيء. النسبية داخل النظام الطائفي تشبه بتداعياتها الطرح الاورثوذوكسي. علينا أن نحرر المواطنين من ارتباطاتهم العقائدية الدينية، انتخابياً، ويتجه الى المواطنة الكاملة.
ما السبيل لتحقيق هذا الامر؟
السبيل موجود من خلال الربيع الذي ذكره وليد جنبلاط ومن خلال تطبيق اتفاق الطائف بانشاء مجلس شيوخ مذهبي ومجلس نواب غير طائفي. عندها تتمثل كل الطوائف وتتبدد هواجسها، ويتحرر مجلس النواب، وعندها ايضاً يتحرر المواطن في انتخاب الافضل. وعندها لا مشكلة في اعتماد النسبية، لأن المواطن سينتخب الافضل بغض النظر عن طائفته.
ننتقل الى موقع النائب وليد جنبلاط الوسطي. ما هو مفهوم الوسطية بنظركم، طالما أن وليد جنبلاط يفاجئنا احياناً بمواقف متقدمة 14 آذارية ، وبمواقف اخرى متقدمة 8 آذارية احيانا اخرى؟
هذا الموضوع احدث ارباكاً في صفوف بعض المواطنين، خصوصاً انه من الصعب عليهم تفهم الواقعية السياسية. وانا لا اقول طبعاً بأن الواقعية السياسية تتطلب نقل الآراء من جهة الى جهة، لكن اذا اتخذت قوى 14 آذار موقفاً غير صحيح، فهل نحن ملزمون به كحزب اشتراكي؟ واذا اتخذت قوى 8 آذار موقفاً جيداً، فهل نحن ملزمون بمعارضته؟ والعكس بالعكس ايضاً. من هنا برأيي انه، عندما حدث هذا الانقسام العامودي الحاد الذي ينذر بخراب البلد، وجدنا أن الحل الافضل هو اعطاء مساحة في الوسط بين هاتيْن القوتيْن، لكي نفسح المجال امام المواطنين للتفكير بصوابية، بدل التوجه الى احد الطرفيْن بشكل غير قابل للتعديل على الاطلاق. والواقعية السياسية تفترض انه يمكن ان يكون شأن معين في وقت معين صحيح، ويمكن مع تغير الاحوال وتبدلها ان ترسم علامات استفهام حول هذا الشأن نفسه. لذلك، عندما خرجنا من 14 آذار، لم نكن بوارد محاربة 14 آذار، بل لأننا وجدنا انفسنا وسط «بلوك سياسي» يطرح ما هو صعب التحقيق في الوقت الحالي، وما قد يشكل طرحه ضرراً على لبنان. لذلك ارتأينا الخروج، واعتبرنا انه، اذا ما رغبت اي جهة بتخريب لبنان تصبح مهمتها سهلة في ظل حدة انقسام هاتيْن القوتيْن، واعتبرنا ان الخروج الى موقع الوسط قد يساعد على تهدئة هذا الطرف والتحدث مع الطرف الآخر في محاولة للتهدئة. اما تعبير التكتل الوسطي، فلم يتخذ حتى الآن شكله النهائي، لكن ثمة توافقا مع رئيسيْ الجمهورية والحكومة. ولقد تبيّن انه لولا هذا الموقف الذي اتخذناه في السنتيْن الاخيرتيْن مع الرئيسيْن، لكان لبنان معرضاً لازمة شرسة. اما وجودنا في الوسط ومساهمتنا حتى الآن في تعزيز الحوار، فقد جنّب لبنان الكأس المرة.
سرّبت احدى المواقع الالكترونية اقوالاً نقلها زوار عن رئيس الجمهورية، مفادها انه لن يسمح بتمرير اي قانون انتخابي يجعل كتلة جنبلاط النيابية بيضة قبان في المعادلة السياسية، واكثر من ذلك حديثه عن كتلة وسطية مرتقبة تضمه هو ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولم يأت على ذكر لوليد جنبلاط فيها.. ما رأيك بهذا الكلام؟
طالما ان الكلام نقل عن رئيس الجمهورية، فهو يبقى على ذمة الراوي، لأن الرئيس سليمان كان ليعلن ذلك علناً لو أراده. اما بالنسبة لنا، فلم نتبلغ اي شيء من هذا القبيل من رئيس الجمهورية، ولا نعتقد انه صحيح، لأننا على حوار وتواصل دائم مع فخامته، ونحن متفاهمون معه على كل الخطوات التي يتخذها.
ننتقل للحديث عن مبادرة وليد جنبلاط الحوارية، والتي وصفها البعض بأنها ناقصة كونها لم تحتو على نقاط او خطة عمل واضحة. هل حققت أية نتيجة حتى الآن؟
أولاً لا يمكن لاحد ان يفرض مبادرة ما او خطة عمل ما على الاطراف. لذلك ارتأينا، وبعد نقاش طويل، انه من الافضل ان نستمع للاطراف جميعها، ومن ثم نأتي بخلاصة ما سمعناه ونحاول طرح حل ممكن. ما نفعله من خلال هذه المبادرة هو التوجه الى كل الاطراف بخطاب واحد، مفاده انه علينا في هذا الوضع الداخلي المتأزم، والاقليمي الشديد التأزم، والدولي الذي لا يأبه بلبنان ولا بسواه، أن نبتعد عن الخلاف والمعارضة والمواجهة والكيدية السياسية، وان نأتي الى كلمة سواء لنقضي على الفتنة ونمنع حصولها.
وهل انتم متفائلون من امكانية تحقيق هذا الالتقاء، بناء على الحراك الذي تقومون به؟
الجميع وافق على هذه الافكار عندما تحاورنا وتناقشنا حولها.
ما الذي يمنع العودة الى طاولة الحوار اذاً؟
لا اعلم. لكننا لم ننه جولاتنا بعد. وفور انتهائنا سيكون لنا موقف واضح وسنضع الرأي العام اللبناني في اجواء كل الاطراف ونواياهم الايجابية، علنا بذلك نقرّب سبل التواصل والحوار.
وهل لديكم أي تصور لحوار مختلف عن طاولة الحوار المزعومة؟
قد تتوسع طاولة الحوار قليلاً. لكن عموماً نحن مع الحوار مع الفرقاء المختلفين، ومن خلال هذا الحوار المثمر يمكن حماية لبنان.
في الملف الحكومي، هل انتم راضون عن اداء الحكومة الحالية؟ ام انه من الافضل تغييرها؟
منذ البدء قلنا ان المشكلات لن تحل بمجرد تغيير الحكومة. فاذا اسقطنا هذه الحكومة وعجزنا عن تشكيل حكومة جديدة سوف نقع في الفراغ. وان اسقطناها وتمكنا من تشكيل حكومة بديلة، فسوف تواجهنا المشكلات عينها التي نواجهها اليوم.
هل يعني هذا الكلام ان هذه الحكومة امر واقع مستمر حتى الانتخابات المقبلة؟
كلا، اذا اتفق الاطراف فليكن، ونلجأ عندها لتشكيل حكومة حيادية تشرف على الانتخابات وهذا افضل بالطبع. وإلا، فنحن ذاهبون نحو «ستاتيكو» سيبقى على حاله. وهنا اهمية الذهاب الى الحوار. وبرأيي ان اصحاب العلاقة اكتشفوا اهمية الحوار.
هل تتوقع تأجيل الانتخابات النيابية؟
نحن لا نتمنى ذلك بالطبع ونصر على احترام المواعيد الدستورية، اما اذا تأجلت الانتخابات لفترة قصيرة ريثما يتفق الفرقاء على القانون الانتخابي، فلا ضير في ذلك، شرط الا يطول التأجيل وان يتم الاستحقاق في النهاية، وفق قانون انتخابي يكون اقرب الى وحدة اللبنانيين من توزّعهم واختلافهم.
هل أنت راضٍ عن تعاطي الحكومة اللبنانية مع ملف النازحين السوريين؟
لا شك بان تعاطي الحكومة غير مثالي، لكن اذا ما نظرنا بمقياس الضرر والنجاحات، علينا ان نقر بأن هذا التعاطي سبّب تحييد لبنان نسبياً عن صراع ليس قادراً على الدخول فيه. لكن الامر الواقع الذي فرض على هذه الحكومة هو النزوح السوري الى لبنان، والذي شهدت الحكومة خلافاً بشأنه، استقر في النهاية على توافق حول التعاطي انسانياً مع هذا الملف، وضرورة تحضير انفسنا للتعاطي مع الملف عندما يكبر حجم النازحين. وهذا ما فعلته الحكومة مؤخراً. وحضور وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور بحضور وزير الخارجية اللبناني في مؤتمر وزراء الخارجية العرب له دلالات كبيرة، في ظل اختلاف الرأي بين الاثنين. والوزير ابو فاعور عبر عن موقف الحكومة بشكل واضح، فاكد استقبال النازحين لاسباب انسانية، وعدم التعاطي معهم من منطلقات سياسية، والامتناع عن ترحيل او ابعاد النازحين بسبب معارضتهم للنظام السوري. وثمة خطة واضحة لدى الوزير ابو فاعور واللجنة المكلفة متابعة ملف النازحين، لاستيعاب هذا الملف الكبير والخطير، والذي يتطلب جهوداً سياسية ودبلوماسية ودعماً مالياً من الدول العربية ومن الجهات المانحة الدولية. ويبدو حسب ما فهمنا من الوزير ابو فاعور ان هذا الامر يتجه الى الايجابية والى حصول لبنان على ما يحتاج اليه لاستيعاب هذا الملف.
في الملف السوري.، ما قراءتك للاوضاع هناك؟
لاشك بأن المعارضة السورية تقدمت، لكن للاسف على حساب الكثير من الدم والاحزان، إلا انهم كانوا مكرهين على هذا الامر، خصوصاً انهم ليسوا من بدأ بالحل العسكري، بل هم اجبروا على التخلي عن سلميتهم عندما قوبلوا بالقتل وبطرق وحشية لم نراها بعد. هولاكو، عندما احتل دمشق منذ ألف عام، لم يرتكب ما يرتكبه النظام السوري اليوم بحق شعبه. فهل يعقل هذا الكلام؟ لقد دمرت قرى ومدن واحياء بكاملها تدميراً منهجياً وحشياً. اما بالنسبة للحل، فاعتقد انه بات اصعب، خصوصاً ان اصحاب العلاقة الذين كانوا مسؤولين عن حل هذه الازمة تعاطوا بـ «لا أخلاق» سياسية دولية مع شعب يذبح ومع قضية محقة للناس، وتركوا الشعب السوري لهذا القدر الصعب.
هل تعتقد ان هذا التعاطي الـ «لا اخلاقي» كما وصفته يشجّع الرئيس الاسد على البقاء والترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة؟
أنا اتساءل هل يوجد عاقل في هذا العالم يقبل بان يقتل رئيس شعبه ثم يطلب منه انتخابه؟ لذلك تحدثت عن عدم اخلاق في التعاطي السياسي الحاصل اليوم.