خالد قباني: قوانين الانتخابات المتعاقبة لم تلتزم مبادئ الطائف

النوع: 

 

حاضر الوزير السابق خالد قباني في مركز "رابطة اصدقاء كمال جنبلاط" عن "اتفاق الطائف: خلفيات وإشكالات"، بحضور الوزير السابق عادل حمية، النائب فادي الهبر، وعدد من الشخصيات الاكاديمية والفاعليات السياسية والاجتماعية.

النشيد الوطني، فكلمة ترحيب من عضو الرابطة سعيد الغزي، ثم تحدث قباني، فعرض لخلفيات الاتفاق المذكور، "الذي لم يكن وليد ساعته"، معددا "المحطات التشاورية التي سبقته، الى أن حصل لقاء البرلمانيين اللبنانيين في مدينة الطائف في30 ايلول 1989 وانتهى في 22/10/1989، متوجا باتفاق سمي اتفاق الطائف عبرت عنه وثيقة للوفاق الوطني والتي تضمنت مجمل الاصلاحات السياسية والاخرى الاقتصادية والاجتماعية والقضائية والاعلامية وغيرها، وتصدرته مقدمة احتوت على التوجهات والمبادئ العامة الدستورية للمجتمع اللبناني"، موضحا انه "كان له شرف المشاركة والمساهمة في جلسات العمل، ولا سيما في لجنة ال17 والتي سماها الرئيس حسين الحسيني لجنة الشغيلة".

وذكر ان "اتفاق الطائف أقر مجموعة من القواعد والمبادئ الاساسية للحكم وانتظام عمل المؤسسات، لكن لم تجر الامور على قدر الاماني والتطلعات، لأن الممارسة السياسية جاءت عكس هذه الاماني والتطلعات، ولم يترجم الدستور في الحياة السياسية، بل جاءت الحياة السياسية على نقيض الدستور".

وطرح اسئلة حول ما إذا كان اتفاق الطائف قد استنفد مفاعيله، وهل بتنا بحاجة لطائف جديد كما يطرح البعض؟ وهل تم تنفيذ اتفاق الطائف كاملا ؟ أليس من الاجدى ان نستكمل تنفيذ ما لم يتم تنفيذه منه، وان نصحح المسار لنعود الى تطبيقه بحسن نية وانطلاقا من احترام الدستور".

ولفت الى "ما نص عليه الدستور من السمة الخاصة للنظام البرلماني الذي يقوم على مبدأ فصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، ومن قواعد هذا النظام قيام اكثرية تحكم من خلال حكومة منسجمة وفاعلة بحكم انسجامها وتضامنها، وأقلية تراقب وتسائل وتحاسب وتستقطب الرأي العام الى جانبها"، مشيرا، الى أن "اتفاق الدوحة الذي جاء على اثر ازمة دستورية وسياسية أدت الى شل عمل المؤسسات، كاتفاق استثنائي مؤقت لحل هذه الازمة، فتضمن قيام حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الاقلية الى جانب الاكثرية مع تعهد من القوى السياسية بعدم اعاقة عمل الحكومة، الا أن الإشكالية في الامر، هو ان الفريق السياسي المعارض في ذاك الوقت قد اعتبر انه يجب الاستمرار في تنفيذ ما انطوى عليه اتفاق الدوحة من قواعد في تشكيل اي حكومة لاحقة"، موكدا "أن ما يسمى بالتوفيق بين اكثرية ومعارضة في حكومة واحدة هي تسمية لا علاقة لها بالعلم الدستوري، ونظامنا السياسي، وهو أشبه بتربيع الدوائر، لأنه لا يمكن التوفيق بين مصالح متضاربة ومتعارضة ضمن حكومة واحدة، كما لا يمكن الجمع بين هذه المصالح، وقد أدى هذا الجمع بالنتيجة الى نقل الصراع السياسي الى داخل الحكومة وتسبب بشل عملها".

ورأى قباني ان "هذا النوع من الصيغ الدستورية في الحكم يؤدي الى شلل عمل المؤسسات وجمود النظام، فضلا عن ان اعتماد صيغة الديموقراطية التوافقية في نظام سياسي كالنظام اللبناني القائم على تعددية الطوائف من شأنه ان يتخطى حتى النظام الفيديرالي وأن يلامس الكونفدرالي، مما يشكل بالتالي خطرا على وحدة الدولة، وعلى العيش المشترك الذي جعله الدستور الركيزة الاساسية لكيان الدولة اللبنانية".

وتطرق الى إشكالية النظام الانتخابي فقال " أن قوانين الانتخابات المتعاقبة لم تلتزم المبادئ التي وضعها اتفاق الطائف، بل جاءت ظرفية واستثنائية روعيت فيها مطالب ومصالح وتوافقات القوى السياسية المختلفة"، معتبرا "أن وضع قانون جديد حديث وعصري للانتخاب لا يزال إشكالية كبيرة، إن لجهة تقسيم الدوائر، أو لجهة اعتماد النظام الاكثري أو النسبي في الانتخابات، أو لجهة تأمين شفافية الانتخابات ونزاهتها وصحة فعالية التمثيل السياسين وكلها خيارات أساسية يتوقف عليها تصحيح الحياة الستورية والسياسية في لبنان وطبيعة النظام السياسي فيه".

كما تطرق قباني الى إشكالية إلغاء الطائفية السياسية وقال" أنه جاء في اتفاق الطائف مقترنا حكما بإنشاء مجلس الشيوخ، تتمثل فيه العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية، بحيث يشكل صمان أمان للعيش المشترك"، متسائلا "عما اذا كان اللبنانيون حقا يريدون إلغاء الطائفية السياسية؟".

وتابع: ان "إلغاء الطائفية السياسية لا يتم بقرار فوقي، ولا عن طريق الغلبة والاكراه، كما ان إلغائها يحتاج الى الثقة بين اللبنانيين"، ملمحا الى "ان الواقع الحالي لا يشجع على ذلك".

 

وطرح فكرة للتداول حول الغاء الطائفية السياسية وقال: "ماذا لو ابقينا على نظامنا الطائفي وتوزع السلطات على الطوائف، واستحدثنا مجلسا للشيوخ منتخبا، قبل الشروع بالغاء الطائفية السياسية، على أن يتم انتخابه مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وعلى اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، مما يعطيه قوة تمثيل واسعة للارادة العامة، ولنعهد اليه بمسألة البحث في الغاء الطائفية السياسية ووضع الدراسات اللازمة لذلك، بحيث يمارس صلاحيات الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية".

ثم عرض لإشكالية صلاحيات رئيس الجمهورية، ورأى "أن اتفاق الطائف اراد ان يضع رئيس الجمهورية في موقع سام ومتميز نظرا للدور المقدر له ان يقوم به كمرجع في الشأن العام والحكم في الصراع السياسي".

وعدد "الصلاحيات التي ما يزال يتمتع بها رئيس الجمهورية حسب اتفاق الطائف ومنها، ان يكون بعيدا عن الصراعات السياسية سواء داخل البرلمان او داخل السلطة التنفيذية، كي يحافظ على موقعه كصمام أمان للنظام، وان يكون على مسافة من السلطات واحترام الدستور، وأناط به الحفاظ على استقلال لبنان ووحدته وسلامة اراضيه"، مؤكدا "أن رئيس الجمهورية هو المرجعية وهو الحكم، مشيرا الى ان "من صلاحيات رئيس الجمهورية في ممارسة دوره هو ثلاث ممارسات يتفرد بها من دون ان يشاركه احد من الرئاسات او السلطات الدستورية، وهي صلاحية رد قرارات مجلس الوزراء، ورد القانون، وتوجيه رسائل الى مجلس النواب عندما تقتضي الضرورة".

وخلص قباني الى ان "مشكلة الحكم في لبنان لا تكمن في النصوص، بل تكمن في طريقة اداء الحكم وممارسة السلطة".

الكاتب: 
د. خالد قباني
التاريخ: 
الخميس, فبراير 16, 2017
ملخص: 
الصلاحيات التي ما يزال يتمتع بها رئيس الجمهورية حسب اتفاق الطائف ومنها، ان يكون بعيدا عن الصراعات السياسية سواء داخل البرلمان او داخل السلطة التنفيذية، كي يحافظ على موقعه كصمام أمان للنظام، وان يكون على مسافة من السلطات واحترام الدستور، وأناط به الحفاظ عل