مروان فارس أكد أن توقيع اتفاق الطائف في الخارج دليل على حاجة لبنان للتدخلات
أعرب النائب الدكتور مروان فارس عن اعتقاده بأن نهاية الشهر الحالي لن تشهد انتخاب رئيس للجمهورية، وان التحالفات الداخلية وامتداداتها الخارجية وتطابقها مع الخصومة الايرانية - السعودية، تمنع الاتفاق المحلي، وان نظامنا السياسي في ازمة. ورأى في هذا الحوار مع الصياد ان توقيع اتفاق الطائف خارج لبنان تأكيد على حاجة الساحة الداخلية الى التدخلات الخارجية، سواء ما تم في الطائف او ما تم في الدوحة. وربط فارس بين تحسُّن صحة الاقتصاد اللبناني وانتهاء الازمة السورية، وقال ان لديه معلومات بأن اعادة اعمار سوريا تبدأ من مبلغ ٣٠٠ مليار دولار وصعوداً، وان هذه العملية ستحتاج الى عدد كبير من المهندسين اللبنانيين. وعلى الصعيد الدولي رأى ان روسيا عادت بقوة الى الساحة الدولية، وانها لن تتنازل عن نفوذها في سوريا، وان الولايات المتحدة ستجد نفسها مضطرة الى القبول بذلك، وهذا يعني فشل اميركي جديد في الشرق الاوسط بعد الفشل في فيتنام وفي افغانستان وفي العراق.
والى نص الحوار:
ماذا تقول كتلتكم النيابية: هل هناك انتخاب قريب لرئيس الجمهورية؟
- نحن بانتظار موعد الجلسة الذي حدده رئىس مجلس النواب في ٣١ الشهر الحالي.
ولكن في الأفق هناك خلافاً لا يوحي بانتخاب رئىس، للان هناك اختلاف داخلي عميق بين القوى السياسية الموجودة على الساحة اللبنانية، خصوصاً بالنسبة الى الغموض في عين التينة وفي بيت الوسط. وان الرئىس سعد الحريري لم يتراجع بعد عن ترشيح النائب سليمان فرنجيه الى منصب الرئاسة، كما ان فرنجيه أعلن غير مرة وركز من عين التينة مؤخراً انه مستمر في الترشّح لرئاسة الجمهورية، وطالما ان هذا الاستمرار يحظى بدعم قوى سياسية، فان ذلك يعتبر عائقاً امام ترشيح العماد عون، الذي هو ذاته لم يعلن ترشحه بعد. ولم يُجري اتصالات، ولم يتحدث الى القوى السياسية بعد. يجب ان يجروا هذه الاتصالات، فهم يقولون انهم سيجرون اتصالات بالقوى السياسية. العماد عون يجب ان يجري اتصالات مباشرة، ويجب ان تسمع القوى السياسية منه شخصياً...
لكل هذه الامور اعتقد ان المهلة التي حددها الرئىس بري ستتمدد وسيتم تحديد موعد لجلسة جديدة. وهذا يجعلني اعتقد انه الى الآن ليس هناك فرصة لانتخاب رئيس للجمهورية.
لماذا لم يعلن الجنرال عون ترشيحه حتى الآن؟
- يريد التيار الوطني الحر ان يحصل على ضمانة سياسية من القوى الفاعلة قبل الاقدام على اعلان الترشيح. وبناء عليه يمكن ان يبدؤوا باجراء الاتصالات.
الرغبة السعودية
هل لديكم معلومات او قراءة عن الموقف السعودي بالنسبة لانتخاب رئىس الجمهورية؟
- المعطيات الملموسة على هذا الصعيد، اعادت الى الاهتمام خيار مرشح تسوية، كالوزير والنائب السابق جان عبيد، ولكنه لم يتحرك في الميدان كما فعل غيره، امين الجميل وسليمان فرنجيه وتحديداً العماد عون.
وباعتقادي انه بعد التغريدة التي اطلقها القائم بالاعمال السعودي بخصوص جان عبيد حكيم كل وزراء الخارجية العرب صار متوقعاً ان يتحرك عبيد باتجاه القوى السياسية، ليواكب ما تمت قراءته على انه رغبة سعودية. وهذا يحتاج الى موقف من الرئىس الحريري الذي جاء بترشيح فرنجيه. انما المشهد السياسي ما زال لم يتحرك نحو اي جديد، فاذا تخلّت السعودية عن ترشيح فرنجيه فحري بالرئىس الحريري ان يؤكد ذلك التخلي عبر الانتقال الى مربع انتخابي جديد... علماً بأن كثير من القوى السياسية يؤيد ترشيح فرنجيه لرئاسة البلاد.
هل تعتقد ان الساحة السياسية المحلية، ما زالت بحاجة الى تكتيك لحرق مرشح او مرشحين وتعويم آخر او آخرين؟
- لمجرد ان تصدر تغريدة سعودية من بيروت، فان لهذا دلالات سياسية، وان هناك تحضير لخيار سعودي. ولكن الى الآن لا توجد حركة جديدة تحاكي خياراً سياسياً، حتى عند جان عبيد ذاته.
هل تستطيع جهة خارجية وحدها ان توصل الى قصر بعبدا رئيساً جديداً؟
- باعتقادي ان التقاء سعد الحريري ونبيه بري وجنبلاط على خيار ما، بيمشي الحال!!!
حتى من دون موافقة حزب الله؟
- عندما ننظر الى التحالفات يمكن ان نعرف أين توجد المشكلة.. عون يُعتبر حليفا لحزب الله والحزب حليف لايران، التي تمر العلاقة بينها وبين السعودية في اسوأ مراحلها، من هنا يمكن قراءة المشكلة في لبنان!!
كأنك تقول أنه لا حظ لعون في الرئاسة، اذاً لماذا ما زال متمسكاً بالترشيح وحزب الله متمسكاً به؟
- هذا حقه.. قد تكون ظروف ترشحه صعبة، ولكن هناك قوى سياسية معه، وهو شخصية سياسية قوية في حزبه وفي طائفته، ومن الطبيعي ان يستمر في المعركة وله الحق في ذلك.
هل تتحدث اليّ الان ولديك أمل بأن تجري الانتخابات بمعزل عن الازمة في سوريا، هل يمكن ذلك؟
- الوضع في سوريا يتجه نحو الحسم... فحلب الآن على طريق الحسم، وبذلك لا تستبعد ان يصبح الوضع في معظم المناطق السورية عادياً كما هو في دمشق وحمص وحماة.
وأريد ان اقول لك انه ربما قبل نشر هذا الحوار في الصياد، اي خلال ايام قليلة سيتم فتح طريق حمص بعلبك، وهذا يعني ان هناك حركة باتجاه لبنان وهذا تمهيد لحركة اعادة اعمار سوريا.
لبنان والاعمار السوري
الا تعتقد ان هذا الحديث ما زال مبكراً؟
- انا اعتقد ان الاستعداد لهذه المهمة قائم، وان لبنان سيتولى مهمة كبيرة في اعادة الاعمار التي ستكون بحاجة الى عدد كبير من المهندسين اللبنانيين.
وهذه العملية ستكون بحجم ٣٠٠ مليار دولار وصعوداً... ومعلوماتي ان الشركات بدأت بالاستعداد.
حتى ان وليد جنبلاط طلب من ابناء فتوش ان يصدّر عبرهم ترابة سبلين الى سوريا، فقالوا له طالما ان موقفك من سوريا لم يتغير كيف تريدنا ان نفعل ما تطلبه؟
هل حصل مرة انتخاب رئيس جمهورية من دون عقد تفاهمات مع القوى السياسية؟
- هناك ازمة في النظام السياسي. حيث توجد قوى سياسية متمسكة باتفاق الطائف وهو تم التوقيع عليه خارج لبنان، وهذا يعني ان العامل الخارجي فاعل واساسي.
وأنت تعلم ان وضع لبنان مرتبط اليوم بوضع سوريا، واذا كانت سوريا تتجه نحو الحسم، لذلك فان الامور معقدة الى ان تنكشف الحالة في سوريا.
اليوم يحمّلون التعطيل الحكومي مسؤولية الازمة الاقتصادية، هل تعتقد ان تفعيل هذه الحكومة يمكن ان يحل تلك الازمة؟
- لا اعتقد ان لبنان قادر في هذه الظروف الاقليمية على معالجة ازمته الاقتصادية، فهي متشعبة ولها ارتباط بعدد من المعطيات الواقعية، اولها النزوح واللجوء، الذي بات حجمه اكبر بكثير من قدرة لبنان على تحمل اعبائه.
ولكن الظاهرة المهمة في البلد، هي انه برغم الواقع الاقتصادي هذا، فان المسألة النقدية محمية من التأثير، وذلك بالفعل، بسبب كفاءة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي اعتبر من أهم حكام المصارف في العالم.
وعندما يؤكد الحاكم ان وضع الليرة مستقر عندنا، فهذا يعني ان الوضع الاقتصادي مستقر.
ونحن اليوم عندنا تراجع في نسبة النمو وصل الى حوالى ١%. وهذا التراجع سببه الاشتباك السياسي، لذلك اذا ما هدأت الساحة السياسية وانتظمت امور الدولة بكل مؤسساتها فان نسبة النمو سترتفع، انما من دون ان تدعي معالجة الازمة الاقتصادية المعقدة، بشكل سليم.
ولكن اذا انتهت الازمة في سوريا، فان اموراً كثيرة ستتغير ومعلوماتي بهذا الخصوص اكيدة، وانا اعلم ان بعض المطلعين على الاوضاع يوجهون اولادهم لدراسة الهندسة، لان المرحلة المقبلة ستكون بحاجة كبيرة الى هذا الاختصاص، وبالذات المهندسين اللبنانيين.
تقول ان اعادة الاعمار في سوريا ستبدأ من مبلغ ٣٠٠ مليار دولار وصعوداً.. من اين ستأتي هذه الاموال؟ وهل تستطيع ان تتحمل سوريا عملية بهذا الحجم؟ وهل اقتصادها على هذا المستوى؟
- حتى اندلاع الحرب، لم تكن هذه الدولة مدينة بأي مبلغ... فهي دولة زراعية، وصناعية، وبرغم الحرب في حلب ما زالت الصناعة مستمرة والاعمال ماشية!!
يبدو انه انتهى زمن النفط في سوريا، من اين لها ان تتحرك من جديد؟
- معلوماتي ان العلاقات التركية - الروسية تنعكس على خط واحد مع سوريا. وان جديداً سيحصل على خط العلاقات التركية - السورية، ويتجه الروس الآن لتثبيت قاعدة بحرية ثابتة على الشاطئ السوري في طرطوس. والعلاقات الاقتصادية هي الاساس لكل العلاقات الاخرى...
ولكن هذا لا يسمح بتجاهل ذلك التوتر الكبير بين الروس والاميركيين على خط الازمة السورية. فهل تعتقد ان حلاً في سوريا حتى لو كان فيه حسم في حلب، يمكن ان يستقر من دون رضى الاميركيين؟
- لا تستطيع اميركا الا ان ترضخ الى ان الوجود الروسي في سوريا وجود تاريخي، وهو منذ ايام حافظ الاسد.
وهم يقومون الآن بتثبيت قواعدهم العسكرية في سوريا، الا يعلم الاميركيون ان مجيء السوخوي الى سوريا له سبب وله هدف، ماذا فعلوا؟
سيرضخ الاميركيون الى المعادلة القائمة، خصوصاً ان العلاقات الدولية واضحة.
السيناريو الجديد
ولكن نحن نشهد اليوم سيناريو جديد، لاقامة الشرق الاوسط الجديد وان تفجير الوضع في سوريا هو جزء من هذا السيناريو، فهل ستقبل الولايات المتحدة، ان يفشل في سوريا وان يفشّله الروس؟
- الاميركيون منشغلون اليوم بانتخاباتهم الرئاسية..
نحن نعلم ان اميركا دولة الاستراتيجيات، وسياستها ثابتة وان تغيرت الادارة العليا في الدولة، وهذه السياسة تقوم على استراتيجية السيطرة على العالم.
ولكن يجب ان تعلم بان روسيا اليوم غير روسيا الامس، وان فرصة اتيحت للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستعادة مجد الاتحاد السوفياتي على عاتق روسيا، وهو يسعى الى ذلك بكل جدارة. وبمجرد ان نراقب السياسة الروسية في التعاطي مع تركيا، خصوصاً بعد استيعاب حادث اسقاط السوخوي الروسية من قبل الطيران التركي، وبعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا، التي نتهم فيها الولايات المتحدة، هذه المراقبة تجعلنا نكتشف ان روسيا صارت لاعباً كبيراً على الساحة الدولية.
هل تتحمل الولايات المتحدة فشلاً جديداً لمشروعها للشرق الاوسط الجديد؟
- التاريخ الحديث يجعلنا نتأكد بأن اميركا ليست قَدَراً لا يرد، فهي فشلت في فيتنام سابقاً، وفشلت في افغانستان، وفي العراق... والآن استطيع القول ان مشروعها الذي ركب موجة ما سميت بالربيع العربي، متعثر، ولم يثمر الا خراباً وحروباً ليست قريبة نهايتها، في ليبيا والعراق وسوريا...
وحتى الآن ليس مؤكداً انها قادرة على إكمال تنفيذ المشروع الذي له هدف استراتيجي واحد هو حماية أمن اسرائيل، التي تعيش اليوم اسوأ احوالها الامنية، في ظل أفضل الخدمات السياسية.