مركز كارينغي للشرق الأوسط
لم يكن لدى مركز كارنيغي في العام الماضي أية أوهام حول نظام التقاسم الطائفي للسلطة في لبنان. فقد طرح الباحث الزائر في كارنيغي جوزيف باحوط مقاربة نقدية مفصّلة للنظام اللبناني، في ورقة بعنوان "تفكك اتفاق الطائف في لبنان: حدود تقاسم السلطة على أساس الطائفة". وفي وقت أقرب، ركّزت مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهى يحيَ على الأزمات في نظامي التقاسم الطائفي للسلطة في لبنان والعراق. وحملت ورقتها العنوان"صيف الحراك المدني: الطوائف والمواطنون في لبنان والعراق".
صاغت الأحزاب الطائفية اللبنانية المتنافسة نظاماً سياسياً قائماً على توازن دقيق، أصبحت هي بموجبه أقوى من مؤسسات الدولة. وعلى الرغم من هيمنة هذا النظام، أصبحت القوات المسلحة اللبنانية مؤسسة عسكرية وطنية أكثر قدرةً ومهنية عقب انسحاب القوات السورية من لبنان في العام 2005. لكنها، على الرغم من فشلها في الحدّ من استقلالية الأطراف السياسية اللبنانية، تمكنت من إبقاء القطاع العسكري في منأى عن التسيّس.
تبدو المخاوف من أن يتم جرّ لبنان إلى دورة عنف أكثر عمقاً واضحة وملموسة. إذ يعتبر مسؤولون أمنيون لبنانيون كبار أن البلاد في حالة حرب بالفعل، لكنها لم تُعلَن بعد. ومن المؤكّد أن الأوضاع الأمنية والسياسية قد تدهورت، وتلوح تهديدات جديدة في الأفق حيث قد يتسبّب القتال بين قوات النظام السوري والمتمرّدين في منطقتَي القلمون ودمشق في تدفّق موجات جديدة من اللاجئين إلى لبنان وفي توسيع رقعة الاشتباكات في مدينة طرابلس بشمال لبنان.
منذ بداية الاضطرابات التي عصفت بالشرق الأوسط في العام 2011، انهارت دول المنطقة التي تضم مجتمعات تعددية غير متجانسة، ما أدّى إلى تجدّد الاهتمام بنظم تقاسم السلطة الطائفية باعتبارها نماذج محتملة لإعادة تأهيل هذه البلدان. لبنان لديه مثل هذا النظام حيث تتقاسم الطوائف الدينية السلطة. وعلى الرغم من العيوب التي تعتريه وأنه يتفكّك في نواح كثيرة، إلا أنه ساعد في بقاء البلد في حالة سلام ويقدّم دروساً قيّمة للمنطقة.
نظام يتفكّك