الجمهورية”: هكذا قرأ بري خطابات “البيال” و”طائف” جنبلاط
يتعاطى رئيس مجلس النواب نبيه بري مع القضايا الداخلية المطروحة في هذه المرحلة بكثير من الهدوء والعقلانية، على رغم ما يعتريه من قلق كالآخرين من المراجع والقيادات السياسية إزاء الأزمة السورية وما يحوط بها من مواقف عربية واقليمية ودولية.
ويرغب الرئيس برّي بشدة في ان يلتزم الجميع سياسة النأي بالنفس عن كل ما يجري بما يحفظ الاستقرار العام، ويتمنى أن يلتقي الجميع حول طاولة الحوار الوطني التي كان ولا يزال يطالب بها ويشجّع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على الدعوة اليها، وذلك في كل لقاء يعقد بينهما.
ولا يُهمل بري أي شاردة او واردة داخلية او خارجية، يراقب، يدقق ويحلل ويخرج بالاستنتاجات ويصوغ في ضوئها المواقف حيناً، والنصح حيث يجب النصح أحيانا، متمسكاً بثوابته ومواقفه التي يعرفها الجميع، ويلتزم دوره كرئيس للسلطة التشريعية تاركا للعبة البرلمانية تأخذ مجراها، ولا يتدخل حاسماً إلا عندما يشعر بشذوذ هذا الطرف أو ذاك إلى ما قد يهدد الانتظام والاستقرار العام.
وفي ضوء هذه الروحية، قرأ بري خطابات أركان فريق 14 آذار في مجمّع "بيال" في الذكرى السابعة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، قراءة الناقد المنصف، لا قراءة المنحاز لأي فريق فوجد فيها إيجابيات في جهة وسلبيات في جهة أخرى.
نقاط ايجابية
فقد وجد بري في كلمات الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب الكتائب امين الجميّل ورئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع "نقاطا ايجابية"، ففي رأيه ان الجميّل كان واضحا في كلامه حول المخاطر التي يمكن أن تترتب من التدخل في الشأن السوري وانعكاسه على لبنان، وكذلك "كان مصيبا" في موضوع حوار الحضارات.
أما خطاب جعجع فرأى بري أنه على رغم تصعيده في بعض النقاط، وردت فيه نقطة يمكن أن تصب في الإطار الايجابي عندما تحدث عن حزب الله جمعاً ووصفه بـ"شركاء اعزاء".
كذلك وجد بري في كلمة الحريري لجهة حديثه عن نبذ الفتنة ما يصب في خانة ايجابية، على رغم من انه تحدث بطريقة "الوصي" بحيث أوحى بأنه يملك وحده الحل والربط في شؤون البلاد، على حد قول بعض المتابعين.
والمهم في رأي بري، أنه في حال كانت النيات حسنة يمكن جمع هذه الايجابيات التي برزت في خطابات "البيال" وصوغها في خطاب ايجابي يؤدي للجلوس الى طاولة الحوار.
النقاط السلبية
وفي المقابل، فان بري وجد في خطابات "البيال" عددا من النقاط السلبية، ابرزها ان المتكلمين تحدثوا عن انهم يريدون الدولة ويدافعون عنها، لكن مواقفهم تناقض افعالهم، بحيث انهم يتجاوزون الدولة في كثير من المواقف والمواقع وعلى سبيل المثال تجاوزهم مبدأ "النأي بالنفس" عما يجري في سوريا والذي تلتزمه الحكومة، بحيث انهم اتخذوا موقفا الى جانب المعارضة السورية فيما يأخذون على الآخرين بعض المواقف في تأييدهم للنظام السوري، ولذلك فإنهم في هذا الموقف والتصرف يكشفون عن أن كل منهم "فاتح على حسابه" بعيدا عن مصلحة لبنان.
طائف جنبلاط
وفي معرض التعليق على قول رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط من ان اتفاق الطائف "قد انتهى" وأن "البلاد باتت تحتاج الى اتفاق طائف بين السنّة والشيعة"، يقول بري "ان المشكلة ليست مشكلة بين السنة والشيعة، صحيح أن هناك حساسية بين الطائفتين في المنطقة كلها وليس في لبنان وحده، لكن المشكلة في لبنان لا تقتصر على هذه المسألة، ولا تنحصر بها، وإنما هي في العقد الاجتماعي". ويضيف: "بعد سنين تبين أن جزءا من اتفاق الطائف لم ينفذ، وأن هناك خللاً برز نتيجة التجربة في بعض المجالات من مثل ما نشهده الآن في طريقة تفسير الدستور في ما يتعلق بعمل المؤسسات".
ويشير بري في هذا السياق الى انه لا يبالغ اذا قال أنه من موقعه قد نفذ اتفاق الطائف، بدءا من انشاء المجلس الدستوري الى المجلس الاقتصادي الاجتماعي "الذي أهملوه" وطرح تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية المنصوص عنها في المادة 95 من الدستور، مذكّرا بالإعتراض الذي لاقته دعوته الى تشكيل هذه في حينه. وإذ يسأل عن كثير من الأمور التي لم تنفذ من اتفاق الطائف يشير الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لوكان عاملا الآن لكان في امكانه ان يلعب دورا مهماً في الوضع الاقتصادي الاجتماعي القائم، فضلاً عن عدم تنفيذ قانون اللامركزية الإدارية، وعدم اقرار قانون الانتخاب وفق ما ينص اتفاق الطائف حتى الآن و"معلوم مَن يعارض تطبيق ما ورد في شأن هذا القانون في الطائف … والبقية تعرفونها".