لبنان على أبواب أزمة جديدة من بوّابة «الطائف»
في خضمّ الأزمات المتفاقمة، تمخّضت الساعات القليلة الماضية عن نيّة الرئيس اللبناني ميشيل عون توجيه رسالة إلى المجلس النيابي، من أجل تفسير المادة 95 من الدستور، التي تنصّ على إلغاء الطائفية السياسية، التي لم تُطبّق بعد، كونها خطوة اعتراضيّة أولاً، هدفها محاولة حسم الجدل الدائر باستمرار حول طائفية الوظائف.
وفيما نُقِل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري ترحيبه بالرسالة التي ينوي عون توجيهها إلى المجلس، فإنّ الترحيب الشكلي، وبحسب مصادر نيابيّة، لا يعبّر عن القلق الذي ينتاب رئيس المجلس من أن تكون الرسالة فاتحة للدعوة إلى تعديلات دستورية تُقابَل بتعديلات أخرى، ما يطيح «اتفاق الطائف»، أو يدخل البلاد في دوامة من الصراعات والمطالب والشروط المتقابلة. في المقابل، تبدي رئاسة الحكومة، مع رؤساء الوزراء السابقين، حذراً حيال أي انقلاب على «الطائف».
التعطيل الحكومي
أما النقاش حول انعقاد مجلس الوزراء، فلم يقف عند حدود مخاطر التعطيل الحكومي وتداعياته، ذلك أن «اتفاق الطائف» حضر مجدّداً، من باب المطالبة بتعديل جذري للموازين التي فرضها هذا الاتفاق على القوى اللبنانية، وهو الذي وُلِد قبل أكثر من ربع قرن، وتحديداً في 22 أكتوبر 1989، بشراكة سعودية- سورية- أميركية، وبحضور 62 نائباً لبنانياً من أصل 73، وأنهى الحرب الأهليّة اللبنانية (1975- 1990).
يومها، أقرّ «الطائف» تعديلات أعادت تحديد شكل النظام اللبناني، وحدّدت صلاحيات السلطات الثلاث في لبنان، وثبّت نهائية الكيان مؤكّداً أن «لبنان عربي الهوية والانتماء»، ثبّت المناصفة والمشاركة في الحكم بين جميع الطوائف، قلّص صلاحيات رئاسة الجمهورية لصالح مجلس الوزراء مجتمعاً ورئيس مجلس الوزراء الذي أصبح شريكاً أساسياً في الحكم. وإذ حرم رئيس الجمهورية من حقّ حلّ مجلس النواب وقيّده بمهل زمنية لنشر وتوقيع القوانين والمراسيم، فإنّه منع إصدار القوانين إذا لم تُعرض على الهيئة العامة لمجلس النواب، وجعل من ولاية رئيس المجلس أربع سنوات بدلاً من سنة واحدة.
لم يطبّق
وفي حين لا تلوح في المدى القريب أيّ إمكانية للاستغناء عن هذه التسوية التي لا تزال تستمدّ قوتها من غياب البدائل، فإنّ ما يزيد الطين بلّة هو أن «الطائف» لم يُطبق منذ ولادته بشكل كامل، ذلك أنه، ومذ لحظة صوغ نصوصه الأولى، تعرّض للانتهاك، فكان النواب يتفقون على شيء بين الأروقة المغلقة