بري وجنبلاط يتوحدان لمواجهة المس بالطائف… وتجويفه‎"

النوع: 

 

انضم رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط، بشكل صريح، أمس، إلى رئيس مجلس النواب ‏نبيه بري، في معركة "حماية اتفاق الطائف" التي يخوضها بري في وجه "التيار الوطني الحر"، على ضوء ‏خلافات يقول الطرفان إنها تمسّ اتفاق الطائف، وهي المقاربة التي ينفيها "الوطني الحر" الذي يواظب مسؤولوه ‏على تأكيد تمسكه بالاتفاق الذي أنهى الحرب اللبنانية في عام 1989، ويرون أن المشكلة في تفسير بعض بنود ‏الدستور. وبينما أعلن بري، أمس، أن "الذي يطبق اليوم على اللبنانيين: اللاطائف واللادستور"، حذر جنبلاط من ‏‏"تجويف (الطائف)"، قائلاً في تغريدة له في "تويتر": "خلف كل قرار تقريباً من مجلس الوزراء يجري تعميق ‏وزيادة العجز بدل الحد منه، لكن الأخطر يجري تجويف وتفريغ (الطائف) بدل التمسك به وتطويره‎".‎

‎ ‎وبدا تصريح جنبلاط، إعلاناً واضحاً للانضمام إلى جبهة بري في "الدفاع عن (الطائف)" إثر الخلاف مع رئيس ‏الجمهورية ميشال عون حول مرسوم منح الضباط من دورة 1994 أقدمية عام من غير توقيع وزير المال علي ‏حسن خليل. وقال عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل أبو فاعور بعد لقائه بري موفداً من جنبلاط، إنه "باتت ‏هناك مخاوف فعلية وجدية من أن هناك من يريد أن يتعامل مع (الطائف) كأنه نص مهمل أو روحية لا تستحق ‏الوقوف عندها". وإذ أكد "أننا ما زلنا في الدوامة نفسها فيما خص مرسوم الأقدمية لضباط المؤسسة العسكرية"، ‏قال: "يبدو أن النقاش في هذا الموضوع بات يستطرد نقاشاً آخر حول مسألة (الطائف) واحترامه نصاً وروحية. ‏لا يمكن القبول بالمنطق الذي يقول بأن مرسوم الأقدمية أصبح خلفنا وبالتالي يجب تجاوز النقاش في هذا الأمر. ‏المرسوم لم يصبح خلفنا ولم يصبح نافذاً. لا تزال هناك إشكالية دستورية حول هذا الأمر، ولا تزال هناك إشكالية ‏وطنية وسياسية يجب أن تعالَج بالاتصالات‎".‎

‎ ‎وإذ أشار إلى أنه "كان للرئيس سعد الحريري في الأيام الماضية، محاولة أولى نأمل أن تُستكمل وأن يُكتب لها ‏النجاح في إيجاد مخرج لهذا الأمر"، قال: "لكن النقاش الاستطرادي من هذه الأزمة هو أنه يجب إعادة التذكير ‏باحترام (الطائف)، و(الطائف) ليس فقط مجرد نص بل هو روحية، وهذه الروحية تعني المشاركة، المشاركة ‏الوطنية في القرارات وفي المؤسسات، ونأمل ألا تكون هناك رغبة أو استسهال لدى أيٍّ من الأطراف للقفز فوق ‏‏(الطائف) سواء كان نصاً أو روحية‎".‎

‎ ‎ولا يقتصر هذا الدفع بالتحذير من تجاوز "الطائف" على الخلافات الأخيرة حول مرسوم الأقدمية، رغم أنه ‏أبرزها، إذ تراكمت ملفات منذ العام الماضي، أظهرت أن "هناك فهماً مغلوطاً لاتفاق الطائف لدى البعض، ‏ومحاولة تطويع بعض بنوده لمصلحة طرف سياسي معين"، حسب ما قالت مصادر واسعة الاطلاع على موقفي ‏بري وجنبلاط لـ"الشرق الأوسط‎".‎

‎ ‎وتراكمت الملفات أخيراً، وكان آخرها الكشف عن إيقاف مراسيم تعيين أشخاص اجتازوا اختبارات مجلس الخدمة ‏المدنية وفازوا بوظائف في القطاع العام، من غير أن تصدر مراسيم تعيينهم في وظائفهم. وقد أُوقفت تلك المراسيم ‏بذريعة غياب "التوازن الطائفي"، في إشارة إلى المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في الوظائف الحكومية. ‏وحسب مطلعين، فإن عدد الفائزين بتلك الوظائف من المسلمين يتجاوز عدد المسيحيين، علماً بأن وظائف الفئتين ‏الرابعة والخامسة لا تلحظ مبدأ المناصفة، حسب ما يقول هؤلاء‎.‎

‎ ‎وبدأ التحذير من المساس باتفاق الطائف، عقب مطالبة وزير الخارجية جبران باسيل قبل أشهر، بأن تكون رئاسة ‏مجلس الشيوخ من طائفة الروم الأرثوذكس، مع أن الاتفاقات في اتفاق الطائف تحدثت عن أن هذا الموقع من حصة ‏طائفة "الموحدين الدروز"، لكن "الوطني الحر" طرحه من باب "تحقيق التوازن في الرئاسات"، بحيث تكون ‏رئاستا الجمهورية ومجلس الشيوخ من حصة المسيحيين، بينما تكون رئاستا الحكومة ومجلس النواب من حصة ‏المسلمين‎.‎

‎ ‎وتتجدد التحذيرات من خرق اتفاق الطائف، عند كل منعطفٍ سياسيٍّ أو خلافٍ له مقاربة قانونية وميثاقية. ولا ‏ينفي "الحزب التقدمي الاشتراكي" أن موقف جنبلاط اليوم يحذّر من المساس بالاتفاق، إذ أكد مفوض الإعلام فيه ‏رامي الريس "إننا في الحزب نحذر سلفاً من أن أي محاولة لإضعاف (الطائف) أو تهميش النص الذي أصبح ‏دستوراً واتى لحظة إقليمية ودولية وضعت حداً للحرب وأرست قواعد جديدة"، مشدداً في تصريح لـ"الشرق ‏الأوسط"، على "إننا متمسكون بالاتفاق، ونرى أن أي مغامرة للتلاعب به هي بمثابة القفز في المجهول". وقال: ‏‏"هناك مسائل أقل أهمية من مسألة تنظيم السلطة السياسية والعلاقات بين المكونات، يعجز اللبنانيون عن التفاهم ‏حولها، فكيف الحال باتفاق ميثاقي حسم عدداً من القضايا التي أثارت خلافات حولها بين اللبنانيين؟". وأمل الريس ‏‏"ألا تذهب أي قوى سياسية للقفز فوق (الطائف) أو التعرض له أو تجاهله، لأن ذلك سيعيد عقارب الساعة إلى ‏الوراء ويمسّ بالتوازنات الدقيقة التي أرساها (الطائف)، ولا مصلحة لأحد بذلك‎".‎

‎ ‎لكن "التيار الوطني الحر"، الذي يواظب على التأكيد أنه "متمسك باتفاق الطائف"، يرى أن الأزمة مرتبطة ‏‏"بتفسير الدستور الذي تمّ تعديله بناءً على وثيقة الطائف". وتقول مصادر نيابية في "تكتل التغيير والإصلاح" إن ‏‏"الرئيس عون ينطلق من وضوح النصّ حول توقيع المراسيم، بينما يرى رئيس المجلس النيابي أن الدستور ‏المعدّل كرّس لوزير المال حقّ التوقيع على جميع المراسيم. وفي الواقع، يتضمّن الدستور مطبّات عدّة تحتاج في ‏كلّ مرّة إلى تفسير. وهذه أيضاً صلاحية لا إجماع بشأنها، عما إذا كانت تعود لمجلس النواب أم للمجلس ‏الدستوري‎".‎

التاريخ: 
الثلاثاء, يناير 23, 2018
ملخص: 
خلف كل قرار تقريباً من مجلس الوزراء يجري تعميق ‏وزيادة العجز بدل الحد منه، لكن الأخطر يجري تجويف وتفريغ (الطائف) بدل التمسك به وتطويره‎".‎