لبنان: خيار الرئاستين أم الفوضى المنظمة؟
في ذلك الطريق المليء بالأشواك والاحتمالات التي تتراوح بين الوصول الآمن الى الاستحقاق الرئاسي، أو الفراغ الرئاسي، وربما خيار الرئاستين أو "الفوضى المنظمة"، يصبح الحديث عن الرئاسة متلازما مع الحديث عن الدستور، وتستعاد في الوقت نفسه أسئلة التسوية اللبنانية الرجراجة تاريخيا وقدرتها على الصمود، خاصة عندما يكون لبنان محاطا بمثل هذا اللهب الاقليمي ويفتقد للكتلة التاريخية القادرة على اجتراح الحلول الجذرية التي تحول دون استمرار تصاعد الخط البياني باتجاه التأزم، ما يهدد مجددا باشتعال الحريق اللبناني الذي أخمد قبل 17 سنة، ولو أنه ظل مستمرا بصيغة "الحرب الباردة"، بفعل الاستعصاء الطائفي الداخلي والرعايات الخارجية.
جاء الطائف وليد لحظة دولية واقليمية نكاد نفقد كل صورها. كل شيء من حولنا يتغير. ثمة مرحلة انتقالية في العلاقات الدولية يتقدم فيها الدور الروسي ولكن بمنطق المصالح وليس الايديولوجيا، كتفا الى كتف مع أدوار كبرى أبرزها للمارد الصيني. ثمة عراق محتل وقبله أفغانستان وفيهما وحولهما مئات آلاف الجنود الأميركيين يستعيدون ويعيدون لأميركا صور فيتنام التي لا تنتسى. هذه اسرائيل تجرّب طعم الهزيمة في لبنان، وبينما كان ينتظر أن يُستثمر هذا الانتصار التاريخي وطنيا وقوميا، وجدنا فلسطين تتحول متاريس داخلية، فتضيع القضية وتصبح مهمة سلطة "حماس" في غزة ادخال المؤن والمحروقات بالقطارة عن طريق سلطة "ابو مازن". خسرنا "حماس" المقاومة ولم نربح "حماس" السلطة، أما حكومة "فتح" في الضفة فبالكاد يعطيها الإسرائيليون حاجزا. نسيت "فلسطينها" وانضمت الى معسكر مواجهة "أعداء الأمة الجدد".
صار "البعبع" سواء "القومي" او "المذهبي" يتقدم على ما عداه. وجدت فئة لبنانية نفسها منخرطة في هذه اللعبة. سرعان ما تراجعت موجة المخاوف الطائفية الإسلامية المسيحية في لبنان لمصلحة تقدم المخاوف المذهبية، مستظلة بما يجري من فرز ومن حديث عن مشاريع وخيارات استراتيجية متناقضة على مستوى المنطقة.
الحقيقة المرة
صار اتفاق الطائف "عدة النصب" بين اللبنانيين، وصار الشعب اللبناني متعلقا الى درجة الغرام والانتقام باتفاق الطائف التاريخي، بوصفه العقد الميثاقي الجديد، بعد سنوات طويلة من الصراع على السلطة و"السيادة".
اما الحقيقة المرة، فهي أن أغلبية الطوائف والنخب تناقش، في السر وليس في العلن، تسوية الطائف، وتطرح اسئلة أساسية حول ما بقي من هذه الصيغة وهل ما زالت تجيب على الأسئلة اللبنانية القلقة أم أن الزمن قد تجاوزها وصار لزاما علينا أن نبحث عن صيغة جديدة بين اللبنانيين؟
ولعل الأخطر من ذلك هو النقاش الجاري في بعض دوائر ومراكز القرار الدولي والإقليمي، ولا سيما في الولايات المتحدة وفرنسا وبعض الدول الأوروبية، كما في بعض العواصم الإقليمية حول اتفاق الطائف وصيغة تقاسم السلطة في لبنان ومسألة السيادة الوطنية من زاوية الدور السوري في لبنان أو الخطر الإسرائيلي على لبنان أو من زاوية انضمام لاعبين خارجيين جدد.
من الواضح أن هذا النقاش يأتي امتدادا لأزمة ليست وليدة هذه اللحظة السياسية المتأزمة، بل عمرها من عمر صدور القرار 1559، قبل ثلاث سنوات، وتفاقمت مع اغتيال رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005، ومن ثم خروج سوريا من لبنان عسكريا وتراجع نفوذها السياسي لا بل انتهاء "الحقبة السورية"، وهي النسخة الوحيدة التي تعرف عليها اللبنانيون بعد البدء بوضع اتفاق الطائف موضع التنفيذ في أعقاب الغزو العراقي للكويت في عام 1990 وبدء "حرب الحلفاء" لتحريرها بمشاركة سوريا الى جانب القوات الأميركية وغيرها من قوات التحالف العربية والأجنبية.
لقد أعطى صدور القرار 1559، معنى جديدا للطائف، كونه عبّر عما يسمى اعادة الاعتبار للمطلب المسيحي التاريخي، المتمثل في تقديم مطلب السيادة الوطنية على ما عداه، والذي يعني في مضمونه التوجس المسيحي من الدور السوري في لبنان، لكن مع فارق جوهري تمثل في تحول الطائفة السنيّة في لبنان بقيادة "تيار المستقبل" (سعد الحريري) العمود الفقري لما اسميت "الحركة الاستقلالية الجديدة"، وذلك في سياق منحى بدأ التعبير عنه منذ اللحظة الأولى لاغتيال رفيق الحريري واطلاق شعارات لم تألفها بيروت، التي طالما كانت متهمة تاريخيا بشعاراتها القومية الوحدوية.
من وحي الطائف
أصبحنا نجد أنفسنا أمام واقع مفاده أن من يدافع عن السيادة والاستقلال وحياد لبنان في الصراع العربي الاسرائيلي ويطالب بنزع سلاح المقاومة وينادي بالدولة المركزية القوية يتذرع باتفاق الطائف... وفي المقابل، فإن دعاة السيادة الوطنية بشقها المتعلق بالاحتلال والخطر الاسرائيلي وبأن لبنان بات جزءا لا يتجزأ من الصراع العربي الإسرائيلي ربطاً بوجود أرض محتلة وأسرى وقضية لاجئين فلسطينيين على أرضه، انما يستند في ذلك الى اتفاق الطائف، فضلا عن تأكيده على ميثاقية الصيغة الجديدة(الطائف) وتكريسها الديمقراطية التوافقية (المشاركة)، في اطار الدولة المركزية القوية والقادرة والعادلة والعلاقات المميزة بين لبنان وسوريا.
لا بل، صار المجتمع الدولي والعربي يزايد على اللبنانيين في غيرته على "طائفهم"، وصارت قرارات "التدويل" المفتوحة، تجد من يضع لها أسبابا موجبة من "وحي" الطائف حمّال الأوجه والتفسيرات!
ولعل الموقف الأكثر غرابة والتباساً، هو ما نقل عن أليوت أبرامز، أحد صقور الفريق الجمهوري الأميركي المحافظ والمعروف بانحيازه الشديد للاسرائيليين من جهة و "تورطه" حتى العظم في الملف اللبناني منذ لحظة صدور القرار 1559 من جهة ثانية، فضلا عن متابعته التفصيلية لكل الأحداث التي أعقبت "ثورة الأرز" وخاصة حرب تموز/يوليو 2006.
وينقل أحد الموفدين الأوروبيين الذين زاروا بيروت مؤخرا عن أليوت أبرامز تقديمه صياغة جديدة لعلاقة بلاده بالمنطقة مفادها أنه "لا بد من ترحيل المسيحيين من الشرق وأن ندع المسلمين يجدون حلا لمشكلاتهم (المذهبية(... وبعد ذلك (بعد أن ينتهون!)، نعيد صياغة علاقتنا بهم وبكل المشرق الجديد".
بلغت كلمات أبرامز المختصرة، آذان بعض القيادات السياسية اللبنانية، كما بلغتها النقاشات التي دارت في قصر الإليزيه فور تسلم الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي، مع موفدين من احدى عواصم المنطقة، حيث كان "المستشارون" الفرنسيون هم المبادرون الى طرح أسئلة وهواجس قالوا إنها تعبر "عن قلقهم على مستقبل وضع مسيحيي المشرق وخاصة لبنان".
الأسئلة الفرنسية
سأل الفرنسيون ضيوفهم هل أن اتفاق الطائف ما يزال يشكل اساسا صالحا للوفاق اللبناني وهل الظروف ناضجة لصياغة اتفاق جديد أو هل هناك ضرورة لادخال تعديلات على اتفاق الطائف، وأعطوا مثالا على ذلك، باعتماد المثالثة (الشيعة والسنة وكل المسيحيين) بدل المناصفة (بين المسلمين والمسيحيين)، وسأل الفرنسيون بشكل واضح "ماذا اذا حصلت مداورة بين الشيعة والسنة والموارنة على منصب رئاسة الجمهورية اللبنانية، وهل يمكن أن يعاد النظر بعدد محدد من بنود اتفاق الطائف"؟
وبين الأسئلة الفرنسية مدى قدرة صيغة الطائف التي حلّت اشكالية اسلامية مسيحية تاريخية، على حل الاشكالية السنية الشيعية المستجدة والتي تعتبر أبرز اشكالية تواجه لبنان في هذه المرحلة التاريخية، بينما كان المسلمون عموما يتحلقون قبل الطائف حول مطلب الاصلاح السياسي للوصول الى المشاركة الفعلية في القرار السياسي، لا بل إن المسلمين الشيعة والدروز كانوا منذ ولادة صيغة عام 1943 يفوضون ادارة امورهم في الاجتماع السياسي اللبناني للمسلمين السنة.
لم يسمع الفرنسيون أجوبة محددة من ضيوفهم، لكن المفاجىء أن الجهة التي كانت متوجسة من الأسئلة الفرنسية فوجئت بالسفير الفرنسي السابق برنار ايمييه يحاول في آخر مهماته "البديعة" لبنانيا ترويج أخبار عن وقوف الإيرانيين وراء هذه الطروحات حول "المثالثة" وغيرها، بينما كان الإيرانيون يلتزمون دبلوماسيتهم الصامتة ازاء ما كان ينقل عنهم زورا، فيما المحاضر تشي بعكس ذلك، ولا سيما لجهة تشديدهم على وجوب التمسك باتفاق الطائف.
وفي لقاء حواري لبناني غير رسمي، ضم معارضين وموالين، عقد في سويسرا في الربيع الماضي، بدعوة من الحكومة السويسرية، كان اتفاق الطائف، الحاضر الأبرز في مناقشات المشاركين واجماعهم على مرجعيته، مع محاذرة واضحة لأي خوض في "البدائل"، خاصة في ظل العاصفة الاقليمية والدولية التي تحاصر لبنان وتمنع في المدى المنظور التوصل الى أي اتفاق شبيه بالطائف.
الضرورات تبيح المحظورات
ويقول أحد المطارنة الموارنة إن الطائف وعلى الرغم من محاولة تصويره في لحظة ولادته على قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"، وكأنه في مضمونه يستهدف محظورات المسيحيين، الا أن الواقعية تقضي القول إن هذا الاتفاق كرّس معنى الشراكة والميثاقية بعد سنوات لا بل عقود طويلة من الصراع، وميزة الطائف انه يشكل مظلة حامية للمسيحيين في ظل الوقائع الديموغرافية التي باتت تهدد وجودهم في لبنان والمشرق، لذلك عليهم أن يتمسكوا به وان يسعوا الى تطبيق بنوده بما في ذلك الغاء الطائفية السياسية، في اطار توجه طويل المدى لبناء الدولة المدنية اذا كان تعبير الدولة العلمانية يستفز باقي الطوائف.
هناك قضيتان تمحورت حولهما كل مشاريع التسويات والحلول منذ الوثيقة الدستورية في عام 1976 وحتى ولادة الطائف، وهما الاصلاح والسيادة. محور الاصلاح بوصفه كان يمثل مطلبا "اسلاميا" جاء مستندا الى وقائع تاريخية عمرها من عمر ولادة دولة لبنان الكبير عام 1926، وثاني القضايا، هي السيادة بوصفها مطلبا مسيحيا تاريخيا، وتعني في مضمونها العلاقات اللبنانية السورية وليس الشق السيادي المرتبط بالموقف من اسرائيل واحتلالها وخطرها..
حسم الطائف هاتين القضيتين ليس من خلال نصوصه أو روحيته، بل من خلال موازين قوى ارتسمت في أعقاب حرب الخليج الأولى وانضمام سوريا إلى "حرب الحلفاء" لتحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1990.
لقد سمحت إسرائيل والولايات المتحدة، في الثالث عشر من تشرين الأول/اوكتوبر 1990، لطلعة عسكرية سورية واحدة بأن تمر فوق القصر الجمهوري في بعبدا، ليبدأ زمن الإحباط المسيحي في لبنان بسبب كسب الفريق الآخر الاصلاح والسيادة معا، ما أدخل لبنان في معادلة الغالب والمغلوب، أو انتصار مشروع وهزيمة مشروع آخر.
من الصعب القول إن ما طبق على مدى 17 سنة مضت هو اتفاق الطائف ومن الصعب أيضا افتراض العكس. لقد حصل تطبيق انتقائي للعناوين الاصلاحية والسيادية، ربطا بموازين قوى كانت تقرر تقديم بند على آخر أو التلويح ببند مقابل آخر وخير نموذج على ذلك، تلويح القيادة السورية أو بعض حلفائها اللبنانيين بمطلب الغاء الطائفية السياسية كلما ارتفع صوت مسيحي يثير مسألة اعادة انتشار القوات السورية في لبنان.
ورب قائل إن الطائف بمعناه الاصلاحي انتهى لحظة اقرار التعديلات الدستورية في مجلس النواب واعتبارها جزءا لا يتجزأ من الدستور اللبناني الجديد بمعزل عما نفذ أو لم ينفذ منها حتى الآن، أما الشق السيادي، فقد أعطى لسوريا أكثر مما أخذ منها بفعل التفويض العربي والدولي لدورها "التحكيمي"، ودائما بعكس ما كان يشتهي المسيحيون.
زمن القناصل
بهذا المعنى، يمكن اعتبار القرار 1559 تعبيرا مسيحيا في بعده السيادي، حيث نادى بخروج القوات السورية وليس اعادة انتشارها وتم تنفيذه عبر مجلس الأمن وليس عبر الآليات الداخلية أو اللبنانية - السورية التي تحدث عنها الطائف أو الاتفاقات اللبنانية - السورية التي ابرمت في مطلع التسعينات. أما ما نشهده من تجاذب حول الموضوع الرئاسي أو سلاح المقاومة أو السلاح الفلسطيني (باقي مكونات القرار الدولي 1559)، فانه يأخذ بعين الاعتبار أن مرحلة التحكيم السورية للطائف قد انتهت وحلت مرحلة جديدة من الوصايات الأجنبية ومن عودة زمن القناصل الى بيروت، بحيث صارت أدوار السفارات والسفراء تتحكم في مفاصل الحياة السياسية، لا بل إن أحد السفراء، لا يجد حرجا في ابلاغ التعليمات بواسطة لائحة موجودة في هاتفه الخلوي وعبر نظام رسائل ال"اس ام اس"!
لعل التدويل الذي يحاصر لبنان في كل مفاصله منذ ثلاث سنوات حتى الآن، بات يؤشر الى أننا أمام مفترق جديد، تبدو معه الآليات الداخلية معطلة لمصلحة آليات دولية عبّرت عنها وما تزال منظومة القرارات الدولية التي تتجاوز الطائف، لا بل تحوّل لبنان الى ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية ولا سيما مع سوريا وإيران، فأي طائف يمكن الحديث عنه في زمن التدويل المفتوح للوضع اللبناني وهذا الصراع الحاد حول موقع لبنان الاقليمي؟
إعادة الاعتبار للطائف
عند هذا المفترق التاريخي، تبرز الحاجة ماسةً الى كتلة تغيير تاريخية تعيد الاعتبار للسياسة وتضع مسارا لبناء الدولة، وبالتالي لا يصبح همنا من سينفذ الطائف خارجيا بعد خروج سوريا من لبنان، بل أية دولة تضع الطائف على مساره الصحيح، خاصة أن المؤسسات الدستورية - كما ارتسمت بعد الطائف - صارت بحاجة دائمة الى من يتولى التحكيم في ما بينها، حتى في أتفه التفاصيل.
واذا كان هذا الخوض في الطائف، يتجدد مع كل أزمة سياسية، وخاصة مع كل استحقاق رئاسي، فإن كلاما واضحا صدر من جانب بعض قيادات المعارضة بأنها مستعدة لأن تقبل بأي رئيس للجمهورية شرط أن لا يستمر هذا الموقع مهمشا، لا بل قيل أوضح من ذلك، بأن المعارضة تقبل بأي رئيس شرط العودة الى صلاحيات رئيس الجمهورية ما قبل الطائف.
ان هذا المنطق يلتقي الى حد كبير مع منطق طائفي ساد منذ لحظة الغزو الأميركي للعراق، مفاده أنه من غير المعقول أن يقبل النظام السني العربي التخلي عن حكم السنة في العراق مجانا وبالتالي فان جائزة التعويض، هي في جعل أرجحية الحكم في لبنان لصالح المسلمين السنة.
ثمة عالم يتحوّل ومنطقة تغلي، والبعض يصر على رؤية لبنان من منظور أحجام الطوائف والمذاهب والعشائر. طوائف لم تعد تجد في الطائف تلبية لمطالبها الطائفية (المشاركة)، لا بل تتحدث عن هواجسها ولو بعناوين مغلفة بالاستئثار والتهميش والغلبة... الخ. بينما صارت مسألة السيادة مرتبطة كليا سواء بشقها المتصل بسوريا أو بإسرائيل مرتبطة بالتدويل وليس بالطائف الى حد ضاعت فيه بعض تعبيرات الطائف عن “العدو” و”الشقيق”، بحيث انقلبت المصطلحات رأسا على عقب.
يكفي نموذج انتخابات المتن الشمالي للتدليل على عقم الخطاب الطائفي، وهو الخطاب الذي يبدأ بالمناداة بأن ينتخب المسيحيون نوابهم، وينتقل بفعل "التجربة" للمطالبة بأن ينتخب كل مذهب مسيحي نوابه، وهكذا يصبح الأرمن أقرب الى آيات الله في طهران من الماروني ابن جبل لبنان!
يحكى أن الرئيس اميل اده اصطحب في زمن الانتداب الفرنسي، الشيخ يوسف الخازن الى باريس لمراجعة الحكومة الفرنسية بشأن تصرفات المفوض الفرنسي السامي في بيروت. وفي أحد الأيام، افتقد اده الشيخ الخازن في الفندق، وأثناء البحث عنه وجده يتحدث بانسجام تام مع أحد ماسحي الأحذية، أمام الفندق، فصاح به "هل نسيت أننا على موعد في الخارجية الفرنسية حتى وقفت تضيع وقتك بالحديث مع هذا "البويجي"، فاجابه الخازن ولكن هذا "البويجي" قد ترسله الخارجية غدا ليصبح حاكما لبلدنا، وقد قلت لنتخذه منذ الآن صديقا لنا"!
آن الأوان لكي يبحث اللبنانيون عن صيغ تعزز مواطنتهم - دولتهم المدنية - وإلا فان الغرق في هذا المستنقع الطائفي والمذهبي، سيستوجب دائما حماية لا يجدها اللبنانيون الا عند ماسحي الأحذية أو "الزبالين" في الغرب بصفتهم "مرشحين" لحكم بلدنا اذا استمر منطق التدويل ومعه ستأتي الدويلات والويلات... ولات ساعة مندم.