الميثاقية سياسية أم دستورية؟
فجر التيار الوطني الحر طاولة الحوار الوطني بعدما استبق خطوته هذه بالانسحاب من مجلس الوزراء. تمترس خلف "الميثاقية"، زاعماً أن حرب إلغاء سياسية تُشن عليه. لكن ما هي هذه الميثافية، التي تعتبر ركيزة من ركائز القواعد الدستورية التي تحكم نظامنا السياسي؟
يجمع الدستوريون على أن الميثاقية المستمدة من صيغة العهد غير المكتوب في العام ١٩٤٣، أضحت ركناً ثابتاً من أركان النظام بعدما تم تكريسها عبر إتفاق الطائف في العام ١٩٨٩، "من باب عدم نقضه، وتزخيمه تحت عنوان الشراكة الوطنية"، وفق الوزير السابق سليم جريصاتي.
يلتقي الوزير السابق خالد قباني مع جريصاتي. ويقول لـ"المدن" إنه "منذ العام ١٩٤٣ تم الاتفاق على انشاء دولة سيدة ومستقلة يتعاون فيها الجميع على أساس المساواة والعدالة، ويتساوى فيها الجميع من كل الطوائف في الحكم والإدارة. وأتى اتفاق الطائف ليدخل هذه المبادئ في صلب الدستور، عبر المشاركة في الحكم من خلال السلطة التنفيذية والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين والإنماء المتوازن...".
ومن وجهة نظر الوزير السابق زياد بارود فإن "ميثاق ١٩٣٤ رغم كونه شفهياً إلا أنه كان ومازال أقوى من الدستور نفسه، لناحية الصفة الإلزامية". ويوضح بارود هذه النقطة، غير المتفق عليها عند القانونيين، بالقول إن "الميثاقية موضوع دستوري قبل أن يكون سياسياً، فهي تعطي ضمانات وحقوقاً وضوابطَ لمختلف مكونات البلد، وهي تُعنى بحماية الأقليات السياسية والنظر إليها من منطلق طائفي خطأ كبير".
ويشير بارود إلى أن المادة ٦٥ من الدستور، التي نصت على أكثرية الثلثين في مجلس الوزراء في الملفات الكبرى، كانت ترجمةً منطقيةً للميثاقية، التي ترفض الأكثرية الموصوفة في المواضيع الحساسة، وتُلزم بـ"قدر كبير من الاتفاق عليها".
وإذا كانت المقاربة اليوم عند القوى هي سياسية، وفق بارود، فإن "الحل لن يكون إلا بالاحتكام للدستور".
يرد جريصاتي على هذا الرأي بالقول إن "المسألة ليست عددية، والمعايير هي معايير التمثيل النيابي طالما نتكلم عن ديمقراطية برلمانية. فالتمثيل هذا في المكون المسيحي هو للتيار الوطني الحر. وبالتالي، فإن الميثاقية في الحكومة مفقودة لأن التمثيل المسيحي فيها لا يعبر عن الوجدان المسيحي".
ويعتبر جريصاتي "أننا في كونفيدرالية طوائف، وفي حال لم يستكن كل مكون إلى يومه وغده ومصيره لا نستطيع أن نطلب منه الذهاب إلى دولة المواطنة، التي يتوقف فيها العد".
هنا، يستند قباني إلى النص، فيشير إلى أن "هناك قواعد مقررة في الدستور تحدد آلية الحكم وفقاً للنظام الديمقراطي البرلماني. فغياب بعض ممثلي الكتل السياسية في الحكومة لا يجعل اجتماع الحكومة غير ميثاقي، ذلك أن تأمين نصاب عقد الجلسة يجعل الاجتماع دستورياً وفقاً لأحكام المادة ٦٥ من الدستور التي حددت النصاب بالثلثين".