أين الحريصون على الطائف من طرح إلغاء الطائفية السياسية؟؟
نواف الموسوي لـ"الانتقاد نت": الخلط في هذا الموضوع بين المقاومة والميليشيا انقلاب على الطائف
بإعلانه الاتجاه للعمل على تطبيق احد بنود اتفاق الطائف لناحية تشكيل هيئة الغاء الطائفية السياسية، بدا وكأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ضرب على الوتر الحساس، او لمس من حيث لا يدري "عش دبابير" حتى فارت بوجهه الانتقادات والمواقف اللاسعة من قبل العديد من الفرقاء السياسييين وبالتحديد قوى 14 اذار، حيث حل موضوع الغاء الطائفية السياسية في لبنان وتشكيل الهيئة الوطنية الخاصة بذلك ـ كما نص اتفاق الطائف منذ عشرين عاما ـ ضيفا ثقيلا على ساحة الطروحات السياسية بالنسبة الى 14 اذار، فتسارعت من هنا وهناك الى الصدور مواقف متحفظة على الطرح وبحجج عدة.
وفيما من المعلوم ان النظام اللبناني ما زال حتى الان قائما على اعتماد الطائفية، اي الاساس الطائفي في توزيع الوظائف في الدولة، فإن احد اهم بنود اتفاق الطائف كان نص على تشكيل هيئة وطنية لالغاء الطائفية السياسية، على اعتبار ان ذلك من شأنه تخفيف الفرز الطائفي على المستوى السياسي والشعبي، وهو امر من شأنه ايضا اعتماد الكفاءة في اسناد الوظائف، وليس المعيار الطائفي والتوازن في العدد بين الطوائف.
مواقف مستغرَبة لـ"حريصين" على الطائف
المتابع للامر يتذكر انه كان طُرح في التداول عام 1995 ثم سحب لظروف خاصة، ومرت التواريخ الى ان ارتأى رئيس مجلس النواب في هذه الفترة التي تلت الانتخابات وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، العمل على اتخاذ الخطوات اللازمة لتشكيل هذه الهيئة، واكد انه ماض في تطبيق اتفاق الطائف كاملا، ومن لا يُرد تطبيقه فليقل ذلك صراحة، اي اراد من كلامه التأكيد ان من يرفض ذاك وكأنه يفضح نفسه سياسيا في موضوع وثيقة الوفاق الوطني في الطائف. وأدار بري مسألة اختيار هيئة مكتب المجلس النيابي لاسماء الاشخاص المكلفين والمولجين تشكيل هيئة الغاء الطائفية السياسية في خطوة دلت على انه بالفعل ماض في اقران القول بالفعل.
الا ان الرئيس بري لم يطرح هيئة الغاء الطائفية لوحدها بل مشاريع اخرى مصاحبة، بحيث يبدأ برنامج البرلمان الجديد من مشروع اللامركزية الادارية مرورا بالهيئة وصولا الى تشكيل مجلس الشيوخ. وقد جاء تاكيد من بري ان طرح الامر ليس مناورة، وان الرئيس سليمان يؤيده فيه؛ وفي سياق تأكيده ضرورة طرح الامر الان اشار الى انه إما ان تشكل الهيئة الان وإما فلا اعتقد ان لبنان يستطيع البقاء، لافتا الى ان هناك عدوين للبنان: الطائفية السياسية واسرائيل.
وبرغم ان المطروح ليس إلغاء الطائفية السياسية، بل تشكيل الهيئة الوطنية لإلغائها، ومن مهامها وضع خطة مرحلية لتطبيق هذا البند وفي اطار توافق وطني كما اكد الرئيس ميشال سليمان، فقد جاء الرفض لهذا الطرح من اساسه، وقد كان اللافت مسارعة نواب من تيار المستقبل الى التحفظ ثم سمير جعجع ونواب القوات والكتائب والى جانب هؤلاء ظهر رفض من قبل الامانة العامة لقوى 14 اذار، فيما بدا ان الموضوع يتجه الى اتخاذ منحى تصاعدي في المواقف قد يكسر الاجواء التهدوية السائدة، اي ظهر ان 14 اذار مستعدة لكسر هذه الاجواء دفاعا عن موقفها المعارض لهذا الطرح الذي يبدو انه شكل لديها حساسية عالية. وإن اجمع افرقاء 14 اذار على رفضه فإن التبريرات تفاوتت، وعلى الشكل التالي:
-اعتبار الطرح مهماً بالمبدأ ولكن ليس في وقته لانه يتطلب استقرارا سياسيا اكبر.
-اعتبار انه يجب تطبيق بنود عدة من اتفاق الطائف قبل الحديث عن هذا الملف مثل تشكيل مجلس الشيوخ ونزع سلاح الميليشيات وغيرها.
-اعتبار انه لا يمكن تطبيق هذا الامر في ظل وجود خلل في التوازن الوطني بفعل السلاح.
وفي موضوع نزع سلاح الميليشيات فقد تم التحجج بهذا الامر للغمز من قناة سلاح المقاومة حيث برز بشكل لافت اتخاذ موقع التحفظ على هذا الطرح منبرا للتصويب على موضوع السلاح والغمز من قناة سلاح المقاومة تحت شعار احادية سلاح الدولة وضرورة بسط سيادة الدولة على اراضيها قبل أي حديث عن هذ الموضوع.
حزب الله الذي يؤازر الرئيس نبيه بري في الخطوة يؤكد ان المبادرة تاتي في سياق اتفاق الطائف الذي لطالما اعلنت القوى السياسية التمسك به وبتطبيقه. ومن هنا ياتي الاستغراب عبر النائب نواف الموسوي في حديث لـ"الانتقاد نت" لرفض هذا المبدأ، ويقول "من المستغرب ان بعض القوى التي لطالما نادت بتطبيق الطائف يصدر منها ردود فعل تبدو معترضة". والاستغراب هنا ينبع من عدم فهم طبيعة هذا الموقف فهل هو تراجع عن اتفاق الطائف؟؟ سؤال وجيه يطرحه الموسوي.
الموسوي يلفت ايضا الى ان الرئيس بري يدعو من خلال طرحه هذا الى تطبيق المادة 95 من الدستور التي تقول انه بعد انتخاب مجلس نيابي على اساس المناصفة، على المجلس ان يبادر الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لالغاء الطائفية السياسية وتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، وهذا ما بادر اليه الرئيس بري بعد انتخاب المجلس النيابي.
يرد حزب الله ايضا على الحملة على سلاح المقاومة او موضوع حل الميليشيات كحجة لعدم المضي في الغاء الطائفية السياسية، وياتي الرد بشكل حاسم ويقول الموسوي "بما يتعلق بحل الميليشيات فقد جرى حلها، وبالتالي ليس هناك ميليشيات، اما بالنسبة لبسط سلطة الدولة فسلطتها مبسوطة على كل المناطق باستثناء المنطقة التي لا تزال محتلة والتي تستوجب العمل على تحريرها".
محاولة الخلط بين المقاومة والميليشيا انقلاب على اتفاق الطائف كما يخلص الموسوي للقول انطلاقا من ذلك، لأن اتفاق الطائف لحظ اتخاذ كافة الاجراءات للازمة لتحرير لبنان والمقصود ضمنا بكافة الاجراءات، المقاومة المسلحة وليس فقط التحركات الدبلوماسية.
ويكشف الموسوي ان الاخضر الابراهيمي عند لقائه بقيادة حزب الله ـ وكان الموسوي حاضرا ـ تكلم عن هذا الامر، واشار الى ان هذه الصيغة جرى تضمينها في اتفاق الطائف واختيار هذه الجملة تفاديا للفيتو الاميركي، كما يلفت الموسوي الى ان الرئيس حسين الحسيني وهو من رواد الاتفاق يقول دوما ان المقاومة في صلب اتفاق الطائف، ومن هنا يعتبر الموسوي انه بالنسبة لموضوع الميليشيات فالأمر منته.
واذا كان من المبكر الحديث عن الوصول الى الغاء الطائفية السياسية خاصة اننا ما زلنا في طور الحديث عن تشكيل هيئة الغاء الطائفية فإن الطرح يكشف من هو الحريص فعلا على الدولة، فبري الذي يطرح موضوعا اصلاحيا وطنيا بعدما تأجل لسنوات طويلة نتيجة للظروف لا يطرح الغاء الطائفية غدا، بل تطبيق الاتفاق والنص الدستوري ضن اطار وفاق وطني، ولا يطرحه منفردا بل بالاضافة الى طرح مشروع اللامركزية الادارية، وهو طرح برسم من يتغنون باتفاق الطائف، فإذا جد الجد يتهربون لاسباب قد ترتبط بالمصالح الضيقة، "فلتأت الارادة الوطنية لتتجسد بصورة وحدة وطنية بعيدة عن الطائفية، فالهيئة ستدرس الامور وفي ضوئها نتوصل لتفاهمات حول اليات تطبيق الغاء الطائفية السياسية" كما يقول الموسوي، في اشارة منه الى الحرص على تطبيق الامر ضمن التوافق الوطني الجامع، وبهدوء، وعلى مراحل مدروسة.