سلاح حزب الله من رحم الـ” س- س”

النوع: 

لا يمكن لبنان، الرسمي والشعبي، ان يُحمَّل عبء تدخل حزب الله في اكثر من ساحة عربية، فيعاقب البلد واهله على خطايا ارتكبها الغير، فدفع لبنان ثمنها، ثم جاؤوا يعاقبون الضحية. للحزب فضل على لبنان لا يمكن انكاره، وهو إن اخطأ او اصاب مرات، فانه دفع اثمانا باهظة من دماء مقاوميه للوقوف في وجه آلة الحرب الاسرائيلية، ولكثيرين مآخذ عليه ايضا في هذا المجال، لانهم يفضّلون ان يعمل وفق استراتيجية دفاعية تشرف عليها الدولة وتوفر الغطاء الرسمي الشعبي لها، فلا تكون الحكومات مرغمة في بياناتها على تأييد المقاومة تحت ضغط اللاتأليف واللاثقة، او التهويل بأمور اخرى. ويعارض معظم اللبنانيين كل تدخل للحزب خارج حدود البلد، باستثناء ما أيده البعض من تدخل في سوريا، وحجته في ذلك استباق الارهابيين وإبعادهم عن حدود لبنان. وجمهور المقاومة نفسه لا يتحمس اطلاقا، ولا يجد ذريعة، وحجة دفاع، عن ذلك السلاح في اليمن والبحرين والسعودية والكويت… حتى ان البعض منهم لشدة عدم اقتناعه، ينفي وجود خلية العبدلي في الكويت ويقول انها شائعة.

لكن المشكلة الحقيقية في مكان آخر، وتعود جذورها الى بدء تنفيذ اتفاق الطائف، بعد انتهاء الحرب بتسوية اخرجت العماد ميشال عون من قصر بعبدا (وهو المعارض الاول لكل سلاح خارج الدولة) وحملت اليه الرئيس الياس الهراوي بتوافق سعودي – سوري وغطاء عربي – دولي. وكان اتفق في الطائف على نزع سلاح كل الميليشيات، وعند بدء التنفيذ، ووجهت الحكومة اللبنانية بإرادة سورية لاستثناء حزب الله لكونه حركة مقاومة ضد اسرائيل، وثمة حاجة الى هذا السلاح عبر الحدود، وان تجريد الحزب يخدم العدو.

ويروي الوزير السابق روجيه ديب كيف اعترض حزب القوات اللبنانية آنذاك على الامر، باعتبار السلاح، ايا تكن وجهته، اداة ضغط على الداخل، وقد يكون في خدمة مشاريع اخرى، واتصل الحزب بالمملكة العربية السعودية كأحد الرعاة الاساسيين لاتفاق الطائف، فكان الجواب ان الاتفاق مع النظام السوري يستثني سلاح الحزب “المقاوم”. واعتبر الفرنسيون بعد الاتصال بهم، ان سلاح الحزب يتخطى حدود لبنان، ويرتبط بالصراع الاقليمي الذي لم تتوافر له تسويات آنذاك. ولم يكن الجواب الاميركي بعيدا من مضامين الاجوبة الاخرى. واستمرت الحال على هذا المنوال، برعاية عربية دولية، وبالتنسيق مع سوريا، الى العام 2005، عندما بدأت رياح التغيير تهب. في هذه الاثناء كان الحزب راكم ترسانته، وطوّر خبراته، وحفر الانفاق، وأعدّ العدة لكل طارئ، ولم يعد تلك الميليشيا الصغيرة ، بل صار جيشا منظما يملك العديد والعتاد والقدرة الاستخباراتية وغيرها. وفرض نفسه قوة اقليمية لم يعد التعامل معها سهلا، وتداخلت حركته مع المصالح الايرانية والسورية، واحيانا الروسية والتركية والقطرية وغيرها.

انفرط عقد السين – سين، واستفاق العرب على “مارد” خرج من القمقم، ولا يمكن لبنان، الذي لم يكن له دور في هذا الاخراج، تحمّل تبعاته، ولا القدرة على اعادته اليه.

الكاتب: 
غسان حجار
المصدر: 
التاريخ: 
السبت, نوفمبر 18, 2017
ملخص: 
عندما بدأت رياح التغيير تهب. في هذه الاثناء كان الحزب راكم ترسانته، وطوّر خبراته، وحفر الانفاق، وأعدّ العدة لكل طارئ، ولم يعد تلك الميليشيا الصغيرة ، بل صار جيشا منظما يملك العديد والعتاد والقدرة الاستخباراتية وغيرها. وفرض نفسه قوة اقليمية لم يعد التعامل