تداعيات وشيكة لفتح الأزمة على الطائف

النوع: 

اثار كلام رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل عن الدعوة الى إلغاء المذهبية السياسية والذهاب الى دولة مدنية حفيظة دستوريين وافرقاء سياسيين كثر من باب اعتباره انه يطيح اتفاق الطائف ولو انه قال انه لا يطالب بتعديل الدستور. وفيما يقول الدستوريون ان اللغة التي يتم تداولها بين الرئاستين الاولى والثانية على خلفية مرسوم الأقدمية لضباط دورة ١٩٩٤ ليست اللغة الصحيحة او المناسبة على رغم تشبث كل من الرئيسين بموقفه وان الازمة لم تأت في مصلحة رئيس الجمهورية باعتبار ان فريقه الوزاري تخلى عن موضوعيته ثم ان هذا الفريق الذي أعلن مع الرئيس اقفال الموضوع على قاعدة رأي هيئة التشريع والاستشارات لم ينجح في ذلك بدليل استمرار الازمة وصولا الى كباش الوزيرين باسيل وعلي حسن خليل حول الطائف بناء على تصعيد جديد في هذا الاطار.

ازمة مفتعلة ام مدروسة لاعتبارات سياسية معينة ؟

هذا سؤال يؤخذ في الاعتبار لكن مع التسليم جدلا بأن الازمة فعلية لأن الرئيسين لم يتركا للمختصين الدستوريين بان يدلوا بدلوهم او ان يحيدوا المسألة عن صراع سياسي في الوقت الذي لا تبدو ازمة المرسوم بهذه الأهمية او المحورية بحيث تشكل محور صراع مستمر منذ شهرين. وقد تبين ان الافرقاء السياسيين لا يندفعون علنا للدخول في السجال الذي سجل فيه الوزيران باسيل وحسن خليل فصلاً جديداً نهاية الاسبوع المنصرم، لكن هناك تحفظات وملاحظات جوهرية يستعد سياسيون لإبدائها في الأيام المقبلة علما ان هناك رأيين: احدهما يسعى الى التخفيف من وطأة هذا الكلام وأهميته انطلاقا من واقع انه كلام انتخابي يهدف الى الإطلالة بعناوين تحفيزية يمكن ان تستقطب اللبنانيين الى التصويت في ظل غياب عناوين جذابة لهذا الاستقطاب وفي ظل يأس علني وواضح من الطبقة السياسية الحالية أقله بالنسبة الى غير الحزبيين او المناصرين. والرأي الاخر، وهو الاهم والاكبر، يسعى على العكس الى عدم التقليل من الكلام الذي قيل على خلفية مزدوجة اذ لا يلقى هذا الكلام عبثا او من اجل تسجيل شعارات انتخابية ليس الا فيما من جهة اخرى يوحي اداء رئيس الجمهورية بالنسبة الى هؤلاء بوجود نيّة من اجل محاولة ادخال أعراف او السعي الى تطبيق الطائف من وجهة نظر معينة استنادا الى الموقف المعروف للرئيس ميشال عون من اتفاق الطائف ورغبته الأصلية في ادخال تعديلات عليه تجعل من قراءة المواقف الاخيرة على هذه الخلفية بحيث لا يتم التعاطي معها على انها مجرد شعارات للاستهلاك الانتخابي فحسب. ومع ان هؤلاء يعتقدون ان اتفاق الطائف يحتمل اثارة واقع البنود التي يجب اعادة النظر فيها لكن هذا التوقيت ليس هو الوقت المناسب لذلك علما ان هؤلاء يعتبرون ان رئاسة الجمهورية تحاول ان تستفيد من هذا التوقيت بالذات اي التحالف بينها وبين رئيس الحكومة سعد الحريري علما ان السلطة اليوم في مجلس الوزراء وليست لدى رئيس الجمهورية واي دفع في هذا الاطار سيكون محرجا لرئيس الحكومة علما ان شخصيات سياسية في فريقه السياسي تتحفظ عما يذهب اليه باسيل في كلامه الاخير لكنها تلتزم الابتعاد عن الدخول في اي جدل مع فريق رئيس الجمهورية في هذا التوقيت. كما ان موقع رئيس الحكومة غدا بالغ الحساسية في الكباش القائم بين الرئاستين الاولى والثانية ومن غير المرجح ان يتدخل احد في السجال القائم بين الجانبين نتيجة حسابات معقدة بعض الشيء في هذه المرحلة اي قبيل الانتخابات وما تتطلبه من تحالفات. لكن الاكيد ان كلام الوزير باسيل لن يمر مرور الكرام علما ان افرقاء سياسيين يحاذرون الدخول في جدل مباشر يقولون انه يمكن ان يخدم حملته الانتخابية بان التيار يسعى الى ما يعتبره اصلاحا فيما هناك من يتصدى له.

لكن بالنسبة الى هؤلاء فان كلام باسيل ينطوي على نقاط لا يمكن تجاهلها وان كان عدم الخروج من ازمة مرسوم الأقدمية دفع الى فتح ملفات اتفاق الطائف على الغارب في ما يعد امرا سلبيا. ففي الأساس ان قانون الانتخاب النسبي الذي تم تشويهه إنما يبنى في الأساس على واقع ان هناك أحزابا سياسية تنتخب لوائحه على قاعدة ان له برامج واهدافاً والغاء المذهبية يثير التساؤلات الخطيرة عمن يمتلك الأكثرية اليوم هل هم الشيعة ام هم السنة في الوقت ان العيب الرئيسي في صياغة الطائف هو ان الطائفة الشيعية أظهرت ذكاء اكثر من السنة والمسيحيين معا من خلال التشبث بأربع سنوات لرئاسة المجلس النيابي مما جعل اي رئيس للسلطة التشريعية بمثابة سلطة موازية للسلطة التنفيذية او يستطيع التدخل فيها. ومع ان كل الازمة غدت تدور على خلفية عدم حصرية وزارة المال للطائفة الشيعية وهو امر صحيح لكنه يخشى ان يكون فتح باب لتأكيد او تثبيت ما لم يكن مطروحا على هذا النحو.

الايام المقبلة ستشهد على الأرجح تفنيداً للمنطق الذي خرج به كل من فريقي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب علماً ان هناك من يعتقد انه لا ينبغي تحت اي ذريعة ان يبدو الفريق المسيحي من يسعى الى تفسير الاتفاق مرحلياً او انتقالياً في الوقت الذي يظهر الافرقاء الآخرون حراسا للاتفاق أقلّه وفق ما بدا في السجال الاخير لان من شأنه ان يفتح أبوابا قد لا تسجل فعلا في مصلحة المسيحيين ولو بدا عكس ذلك موقتا في هذه المرحلة.

الكاتب: 
روزانا بو منصف
التاريخ: 
الاثنين, يناير 29, 2018
ملخص: 
كلام باسيل ينطوي على نقاط لا يمكن تجاهلها وان كان عدم الخروج من ازمة مرسوم الأقدمية دفع الى فتح ملفات اتفاق الطائف على الغارب في ما يعد امرا سلبيا. ففي الأساس ان قانون الانتخاب النسبي الذي تم تشويهه إنما يبنى في الأساس على واقع ان هناك أحزابا سياسية تنتخب