جنبلاط يقلّب دفاتره القديمة.. أو أكثر؟

النوع: 

 

نشر النائب وليد جنبلاط عبر تويتر صورة له تجمعه والنائبين السابقين سمير فرنجية وفارس سعيد بعدما تناولا طعام العشاء إلى مائدته في منزله بكليمنصو، وأرفق الصورة هذه بتغريدة كتب فيها: "سمير فرنجية وفارس سعيد رفيقا نضال قديم في معركة احترام الدستور وسيادة لبنان واستقلاله".

الصورة دفعت كثيرين إلى السؤال عن هدف "اللقاء الثلاثي" في هذا التوقيت بالذات، وعمّا إذا كان جنبلاط في صدد إعادة تموضع ولو جزئية في السياسة بعدما انسحب من "14 آذار" بعد انتخابات العام 2009، والتزم "خط التسوية" مع "حزب الله"؟ علماً بأن آخر لقاء جمعه بسعيد كان في صيف 2009، بينما دأب على لقاء فرنجية صديقه.

ما يزيد من "واقعية" هذا التساؤل أنّ اللقاء هذا جاء بعد أيام من احياء جنبلاط ذكرى مصالحة الجبل السبت في المختارة بعد 15 عاماً على اتمامها بزيارة البطريرك نصرالله صفير إلى قصر آل جنبلاط في المختارة. ومعلومٌ أنّ هذه المصالحة تمّت في ظلّ مناخ سياسي جديد في البلد بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب في أيار من العام 2000، والذي تلاه صدور نداء شهير عن مجلس المطارنة الموارنة في أيلول من العام نفسه كان الشرارة الأولى للمطالبة بخروج الجيش السوري من لبنان ومما جاء فيه: "وبعدما خرجت إسرائيل، أفلم يحن الوقت للجيش السوري ليعيد النظر في انتشاره تمهيدا لانسحابه نهائياً، عملاً باتفاق الطائف؟". وقد تلقف جنبلاط هذا النداء فما كان منه إلا أن طالب من مجلس النواب باعاداة انتشار الجيش السوري إلى البقاع.

ومعلوم أيضاً أنّه كان لفرنجية وسعيد دور أساسي وقتذاك بثبيت هذا المناخ المستجد وقد أسسا لقاء "قرنة شهوان" الذي كان جزءاً أساسياً من حلقات التواصل التي نشأت بعد نداء أيلول بين بكركي وجنبلاط ومن ثمّ الرئيس رفيق الحريري في العام 2004.

من هنا، يصبح السؤال عن هدف جنبلاط من لقاء فرنجية وسعيد ونشر صورة لهم مرفقة بتغريدة تتحدث عن "احترام الدستور وسيادة لبنان واستقلاله مشروعاً.

فهل يقلّب جنبلاط دفاتره القديمة أمّ أنّه بصدد تحرك سياسي ما؟

طبعاً الوضعية السياسية الراهنة مختلفة عن تلك التي عاشها لبنان منذ العام 2000. لكنّ عناوين مثل احترام الدستور والسيادة والإستقلال لا تزال عناوين راهنية إلى حد ما، لكنّها تحتاج إلى قوى سياسية تحملها وتجعلها في صلب خطابها ومشروعها، لاسيما في ظل الخلاف على سلاح "حزب الله" الذي يصنفّه خصومه بأنه ذو وظيفة إقليمية وتحديداً إيرانية، حتى أنّ سعيد يتحدث تكراراً عن "وصاية إيرانية" على لبنان بواسطة سلاح الحزب.

وإذا كان هذا السلاح وارتباطه جدلياً بموضوع سيادة الدولة اللبنانية على أرضها واستقلالها، هو موضوع "حساس" بالنسبة إلى بعض القوى السياسية ومنها جنبلاط الذي يرى أنّ سلاح الحزب مسألة إقليمية أكثر منها لبنانية وحلّها مرتبط بمعطيات إقليمية، وتحديداً ايرانية، فإنّ موضوع احترام الدستور يمكن أن يشكّل عنوان تلاق بين جنبلاط وسعيد وفرنجية، لاسيما أن الأخيرين كانا قد أصدرا بياناً عشية انعقاد "خلوة الحوار" في الأول من آب- وقّع عليه زهاءَ 200 شخص بينهم سياسيون وإعلاميون ونشطاء في المجال المدني والسياسي- يدعو إلى التسمك بـ"التسوية التاريخية اللبنانية التي عبّر عنها اتفاق الطائف والدستور". وهما اليوم في صدد صوغ "بيان تأسيسي لمتابعة هذا العمل".

فهل لدى جنبلاط توجه للتصلّب أكثر في موقف الدفاع عن اتفاق الطائف ومنع استبداله بعقد جديد يعكس تبدّل موازين القوى في البلد والتي يعتبر البعض أنها باتت تميل بوضوح لمصلحة "حزب الله"؟

هذا هو السؤال الأبرز الذي يُطرح بعد "اللقاء الثلاثي" في كليمنصو، لاسيما أنّ فرنجية وسعيد يشتغلان في السياسية بـ"الإبرة والخيط"، أي أنّهما يراكمان خطاباً سياسياً في انتظار التوقيت المناسب للتحرك، وهو ما تدلّ عليه تجربة "قرنة شهوان".

المصدر: 
التاريخ: 
السبت, أغسطس 13, 2016
ملخص: 
هل لدى جنبلاط توجه للتصلّب أكثر في موقف الدفاع عن اتفاق الطائف ومنع استبداله بعقد جديد يعكس تبدّل موازين القوى في البلد والتي يعتبر البعض أنها باتت تميل بوضوح لمصلحة "حزب الله"؟ هذا هو السؤال الأبرز الذي يُطرح بعد "اللقاء الثلاثي" في كليمنصو، لاسيما أنّ