هذا ما جنيناه من اتفاق الطائف
مرّ ربع قرن على إقرار وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باسم "اتفاق الطائف".
- اجتهادات في تعريف دور رئيس الجمهورية، وهل يكون صاحب صفة تمثيلية ام وسطياً ووسيطاً، إضافة الى تعدد التفسيرات لآلية انتخاب رئيس الجمهورية، كلما تعذر التوافق، بحيث ترتفع اصوات تدعو الى انتخابه "بالنصف + واحد"، وليس بالثلثين.
- تباينات في تحديد مفهوم المناصفة والشراكة، وبالتالي شعور المسيحيين بالغبن منذ العام 1992 حين جرت الانتخابات النيابية برغم مقاطعتهم لها، ثم شعور السنة بالإحباط في أعقاب اغتيال الرئيس رفيق الحريري العام 2005، وإحساس الشيعة بالتهميش بعد العام 2006 إثر استقالة وزراء «أمل» و«حزب الله» وإصرار الرئيس فؤاد السنيورة على اعتبار الحكومة شرعية، في حين وصفها خصومها بأنها مبتورة وغير ميثاقية.
- إشكاليات في تركيبة الحكومة وصناعة توازناتها، وصولاً الى ابتكار «فريق 8 آذار» «الثلث الضامن»، كما حصل في أكثر من مرة، للتعويض عن غياب الضمانة السورية بعد 2005.
- عدم وجود ضوابط زمنية للتأليف الحكومي الذي ضرب ارقاماً قياسية في هدر الوقت عند تسمية كل من الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام.
- انعكاس الشغور الرئاسي او استقالة رئيس الحكومة تعطيلاً لمجلس النواب، برغم الفصل المفترض بين السلطات.
- تقييد رئيس الجمهورية بمهلٍ زمنية لنشر القوانين والمراسيم وتوقيعها، بينما لا تسري هذه القيود على رئيس الحكومة والوزراء.
تسبّب هذا التراكم في عوامل الخلل وسوء التطبيق، في المزيد من التشوه في «الطائف»، فيما بقيت بنود جوهرية في نصه معطلة عن سابق تصور وتصميم، ومنها ما يتصل باللامركزية الادارية، الإنماء المتوازن، تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، إنشاء مجلس الشيوخ، وضع قانون انتخاب عصري بعد إعادة النظر بالتقسيمات الادارية، إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي في الإدارة باستثناء وظائف الفئة الأولى وما يعادلها، وغيرها من البنود.
لقد أصبح واضحاً من هذا المسار المتعرج، أن «اتفاق الطائف» يفتقر في بنيته الى الانتظام والانسجام وصمامات الامان ومخارج الطوارئ، ما أدى الى انكشاف كل سلبياته ومساوئه دفعة واحدة، مع تراجع تأثير «الراعي» الاقليمي أو «الوكيل الحصري» لـ«الطائف» بفعل خروج الجيش السوري من لبنان، وبعد ذلك انفجار الازمة في سوريا العام 2011 ، ليجد اللبنانيون أنفسهم فجأة امام حقيقة عدم أهليتهم لإدارة شؤونهم من دون الاستعانة بوصاية خارجية.