في "عيده" الـ32 ... اتفاق الطائف "وحده القابل للحياة"
بعد مرور اثنين وثلاثين عاماً على ابرام اتفاق الطائف واقراره بقانون من قبل مجلس النواب ، لا يزال في معظم بنوده حبراً على ورق، حيث نقطتين اساسيتين لم يتم الالتزام بهما اطلاقا: حلّ التنظيمات المسلحة وبسط سيادة الدولة، ووضع قانون انتخاب يؤمّن التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب وأجياله.
الطائف الذي رمى نصا وروحا إلى العبور من الطائفية الى دولة المواطنة، ما زال يُنتهك من قبل مذهبية ومحسوبية تنهشان المادة 95 من الدستور، التي تنص على "الغاء الطائفية السياسية" وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية مهمتها دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بهذا الالغاء.
وثيقة وفاق لبلد تعددي
ورغم عدم التطبيق والالتزام، يشدد الوزير السابق ادمون رزق على ان هذا الاتفاق وحده القابل للحياة ووضع اسس "العيش معا".
رزق الذي كان وزيرا للعدل وقتذاك، وشارك في صياغة البنود الدستورية، يؤكد ان اتفاق الطائف هو وثيقة الوفاق الوطني لبلد تعددي مؤلف من عدة طوائف ومذاهب، ويحتاج دائما الى القواعد التي تؤدي الى العيش معا بوفاق.
وفي حديث الى وكالة "أخبار اليوم"، يوضح رزق انه في المطلق هناك اربع اختلافات بين الناس: العرق، اللغة، الدين، الطبائع الاجتماعية. ومن بين هذه الاختلافات توجد في لبنان تعددية دينية، تؤدي الى اشكالية خلافية. ويذكر ان البطريرك الياس الحويك- الذي كان له دور فاعل في إرساء وجود لبنان الكبيرـ راهن على التعددية الدينية فطالب بضم الشمال والجنوب والبقاع الى جبل لبنان وبيروت، ليشكل هذا البلد نموذجا حضاريا من التعددية الدينية والعيش معا... ولكن في الواقع هذا ما ادى الى اشكالات مستمرة انتجت نوعا من المناوشات او الحروب او الثورات الداخلية... واخذت الى عقد اتفاق الطائف بعد معاناة نتيجة حرب اهلية اوقعت آلاف الجرحى والقتلى.
المجلس الأعلى للكاثوليك: خطر الانهيار يزداد وهجرة الشباب تؤشر الى مستقبل قاتمالمجلس الأعلى للكاثوليك: خطر الانهيار يزداد وهجرة الشباب تؤشر الى مستقبل قاتم صراعات حزبية مقيتة تمنع التأليف.. والحريري يساهم في التحريف !صراعات حزبية مقيتة تمنع التأليف.. والحريري يساهم في التحريف !
وطن نهائي
ويشير رزق الى ان "الطائف" وضع اسس العيش معا، والحد من اشكالية "نهائية الوطن"، فاتى النص ان "لبنان وطن سيد حر مستقل، وطن نهائي لجميع ابنائه"، وبالتالي لا مرجعية خارجية له.
ويعتبر رزق ايضا ان هذا الاتفاق وضع اسس الحد من اساءة استعمال السلطة، بعدما كان هناك نوع من الاعتراض على رئيس الجمهورية وما لديه من صلاحيات، يأتي بمن يريد ويقيل من يريد بدءا من رئيس الحكومة الى الوزير، ولديه سطوة على كل المؤسسات. في حين ان نظامنا برلماني، لا يمكن ان يتمتع الرئيس فيه بصلاحية تشبه الانظمة الرئاسية، لا بل كانت لديه صلاحيات المفوض السامي.
العبور الى المواطنة
ويقول رزق: خلق "الطائف" نوعا من التوازن في نظام الطوائف، وبالتالي العبور من المذهبية والطائفية الى المواطنة، وفقا لما نصت عليه المادة 95 من الدستور التي تشكل خارطة طريق على هذا المستوى.
واذ يأسف الى عدم تطبيق المادة 95 من الدستور، ينتقد رزق بشدة موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الداعي الى انتخاب اعضاء مجلس النواب وفق قانون النسبية والدائرة الواحدة، قبل انشاء الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية التي تضم مفكرين واختصاصيين الى جانب المسؤولين السياسيين من اجل وضع خريطة طريق للعبور الى المواطنة.
العلة الاساسية
ويعتبر رزق ان العلّة الاساسية التي يعاني منها لبنان هي ان الذين تعاقبوا على الحكم وخصوصا رؤساء الجمهوريات لا يعرفون تفاصيل اتفاق الطائف ولا يعرفون الدستور، لا صلة لهم بروحية اتفاق الطائف، وكيفية تطبيقه، وبالتالي الكلام عن اصلاحات سياسية في غير مكانة، لان الطريق اليها موجود في الاتفاق، مشددا على انه لا يمكن كل فترة لا تتجاوز الثلاثة عقود الاختلاف حول امور مبتوتة اساسا، مع العلم ان القرارات اللازمة متخذة ولا بدّ من اتخاذ قرار تطبيق الدستور، مع العلم ان رئيس الجمهورية هو المؤتمن عليه، وبالتالي ليس صحيحا ان ليس لديه صلاحيات، بل على العكس لديه الصلاحيات الكافية والوافية لكي يقوم بدوره، وما اخذ منه كان اساسا لغيره، وفقا للنظام البرلماني الديموقراطي.
وهنا، يشدد رزق على ان رئيس الجمهورية هو صمام الامان للحفاظ على الدستور، معتبرا ان حل المشاكل يكون بتعيين الناس المؤهلين اخلاقيا وعلميا، وليس بتغير القواعد وتفصيلها على قياس البعض، قائلا: "لا تُغيَّر الاسئلة من اجل التلميذ الكسول، ولا يمكن خفض مستوى الشهادات من اجل منحها الى الأميين".
وبالتالي يؤكد رزق ضرورة وضع قانون انتخاب يؤمّن التمثيل الصحيح لكافة فئات الشعب واجياله كما نص اتفاق الطائف، وليس قانون ينصف الناس على اساس الاموال واو السلاح.
ويختم مشددا على ضرورة بسط سيادة الدولة على كل اراضيها بقواها الذاتية.