“ميشال عون” الجنرال الذي تحالف مع أعدائه ليحقق حلم الرئاسة (1/2)

النوع: 

 

كان النظام اللبناني قبل اتفاق الطائف نظام رئاسي، أي أن رئيس الجمهورية المسيحي الماروني، كان يتمتع بصلاحيات واسعة، من ضمنها تسمية رئيس الحكومة السنّي، ووزراء الحكومة، وعزلهم متى أراد، كما يحق له حل المجلس النيابي متى شاء وفي أي وقت أراد ولأكثر من مرة، كما يقوم بتعيين المدراء العاميين وقائد الجيش.

هذا النظام الذي كان يشوبه العديد من الإشكاليات التي تراكمت مع مرور الزمن، ليمر لبنان بعدة محن، وكان أهمها أحداث ١٩٥٨ و٦٩ و٧٣، والحرب الأهلية عام ١٩٧٥، التي استمرت خمسة عشر عاماً. ميشال عون

عند انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل، حيث كان مجلس النواب منقسم بسبب الحرب، ولا يستطيع الاجتماع لانتخاب رئيساً جديداً للجمهورية، مما سيؤدي إلى فراغاً في موقع رئاسة الجمهورية، وقبل ساعات من انتهاء ولايته تم تعيين بيار حلو رئيساً انتقالياً للحكومة كما حصل سابقاً مع الرئيس بشارة الخوري عندما تم إسقاطه من قبل الشعب، حيث عيّن فؤاد شهاب كرئيس حكومة بصلاحية واحدة، وهي تأمين انتخاب رئيس للجمهورية عبر مجلس النواب حسب الدستور، وبعدها بخمس ساعات تقريباً تبيّن للحلو أنه من المستحيل تأمين تشكيل الحكومة قبل انتهاء الوقت المحدد، أي في الساعة الثانية عشر ليلاً، من أجل أن يتم توقيع مرسوم تشكيل الحكومة من قبل الرئيس الجميّل، فقرر التنحي من المهمة.

وقبل الساعة الثانية عشر ليلاً عيّن الرئيس أمين الجميل قائد الجيش ميشال عون الماروني رئيساً لحكومة انتقالية، وفور تبلغ عون، كان حاضراً بأسماء الوزراء التي أخرجها من جيبه، ومكونة من ستة أشخاص، ثلاثة من المسيحيين، وثلاثة من المسلمين، وكانوا جميعهم من ضباط الجيش، وبعد إعلان مرسوم تشكيل الحكومية وتوقيعه من قبل الرئيس أمين الجميل، أعلن الضباط المسلمون انسحابهم فوراً من الحكومة.(كل التفاصيل الدقيقة عن تلك الساعات التاريخية، معروفة للجميع، ونشرت في معظم الصحف آنذاك عن تلك المرحلة المصيرية والتاريخية…، ولو لم يتم تسمية عون لم جرت كل أحداث 88 و90 إضافة إلى ما نراه اليوم، علماً أن الضباط الذين كانوا قريبين منه آنذاك، يؤكدون أن عون كان بصدد التحضير لانقلاب عسكري)، فأصبح للبنان حكومتين، الثانية برئاسة سليم الحص السنّي والذي رفض الاستعفاء، مما جعل حكومة في بيروت الشرقية وأخرى بالغربية. ميشال عون

عون لم يحترم الدستور والمهمة الموكلة إليه بجمع مجلس النواب وانتخاب رئيس للجمهورية بل رشح نفسه للرئاسة على قاعدة أنا أو لا أحد، فأرسل عدة مبعوثين لسوريا من أجل مفاوضة سوريا من أجل هذا الهدف، وجميعهم أدلوا بعدة تصريحات إعلامية فيما بعد حول هذا الموضوع، واضعا كل خدماته بتصرف (الرئيس) حافظ الأسد عارضاً تصفية “القوات اللبنانية”، كما أنه ذكرهم كيف أنقذ إيلي حبيقة بعد الاتفاق الثلاثي الذي يمنح السوريين السلطة الكاملة على لبنان، وكانت “القوات اللبنانية” والرئيس أمين الجميل قد طردوا حبيقة وتمت محاصرته من قبل “القوات اللبنانية” في مبنى بمرفأ بيروت، حيث هدد عون “القوات” أنه في حال لم يتم الإفراج عن حبيقة الذي كان على وشك أن يسلم نفسه ورفاقه ومن ضمنهم الوزير السابق الياس المر لجعجع، فانه سيشن هجوماً على “القوات اللبنانية”، فتم الإفراج عن حبيقة وتم تسليمه لعون شريطة أن لا يتعاطى السياسة نهائياً وأن يغادر لبنان، وهذا ما تم بالفعل حيث وقع حبيقة ورقة يتعهد فيها عدم التعاطي بالسياسية وتم إعلانها بشكل علني ومن ثم غادر إلى فرنسا.

إلا أنه توجه من فرنسا إلى سوريا وأعلن أن هذه الورقة لا قيمة لها وبناء على طلب من السوريين افتتح مكتباً للقوات في زحلة. كما عرض عون أيضاً التخلي عن العلاقة مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، عارضاً الوقوف مع سوريا والتخلي عن العراق، (كانت الجامعة العربية قد اتخذت قرار بتجميد عضوية سوريا تضامناً مع العراق بسبب الموقف السوري الداعم لإيران تماماً كما هو الحال اليوم). ميشال عون

حافظ الأسد تقبل الطرح، الا أن الأسد أبلغ الموفدين من أنه سيتشاور بالموضوع مع الإدارة الأميركية، حيث أن موضوع رئاسة الجمهورية بلبنان، لا يتم إلا من خلال التوافق السوري- الأميركي، وهذا هو العرف عند حافظ الأسد، الجواب الأميركي لم يتأخر وجاء سريعاً وسلبياً ومن أنهم لا يريدون سماع هذا الطرح، إضافة إلى رفض جميع الأطراف اللبنانية لعون آنذاك.

فتم إبلاغ عون بالجواب السوري، حيث بدأ فجأة بقصف الجيش السوري في كل الأماكن، وصولاً للبقاع، فسقط العديد من عناصر الجيش السوري إضافة إلى سقوط أطفال كانوا في باص مدرسي في بيروت الغربية، (وبعد عدة أشهر وبعد ارتفاع أصوات جمعيات حقوق الإنسان بالعالم وتحميل عون مسؤولية مجزرة الباص، أعلن عون كاذباً عبر تصريح من أن القوات اللبنانية هم الذين قصفوا الباص المدرسي دون تقديم أي دليل أو برهان).

وعقد عون مؤتمراً صحفياً وأعلن حرب التحرير معترفاً من أنه قد بدأ بهذه الحرب، وأضاف أن بيروت قد تدمرت تاريخياً سبعة مرات، فلتكن ثماني مرات. كما قام بتطويق السفارة الأميركية في بيروت، وحاول اقتحامها، ولكن الدبلوماسيين الأميركيين غادروا بواسطة الهليكوبتر، وتم تحذيره وتهديده من محاولة اقتحام السفارة، فأبقى على حصار السفارة ومنع الخروج والدخول لبقية طاقم السفارة الذي بقي بداخلها).

تدخلت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وجميع الدول العربية، من أجل وضع حداً للحروب الدائرة في هذا البلد. والبحث عن دستور جديد لحل كل المعضلات الدائرة في لبنان وكان “اتفاق الطائف”. ميشال عون

هذا الدستور الجديد الذي أبقى الرئاسة للموارنة، إلا أنه سحب صلاحيات رئيس الجمهورية واعطاها للحكومة مجتمعة برئاسة رئيس حكومة سنّي، ورئيس المجلس النيابي الذي احتفظ به للشيعة، والذي أصبح سيداً على نفسه، وهو من يملك حل المجلس فقط، بالإشارة إلى أن المجلس النيابي اللبناني له خصوصية مقارنة مع مجالس النواب في الدول، حيث يعطي لكل طائفة عدداً من النواب بالمناصفة بين المسيحيين والمسلمين وكل طائفة لها حصتها.

معظم الشخصيات السياسية، والروحية، والقوى الحزبية، أيدت اتفاق الطائف، خصوصاً بكركي الممثلة بالبطريرك الراحل “مار نصر الله بطرس صفير” والقوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، بإضافة إلى التأييد العالمي بالإجماع، ألا أن الوحيد الذي اعترض ورفض اتفاق الطائف في لبنان وقرر إلغاءه هو رئيس الحكومة الانتقالية آنذاك ميشال عون، والذي أعلن حل المجلس النيابي مخالفاً الصلاحيات والقانون كونها محصورة بالدستور قبل الطائف برئاسة الجمهورية وليس برئاسة الحكومة، وفشلت محاولته كونها ضد الدستور، فحاول اغتيال عدد من النواب، لمنعهم من انتخاب رئيس للجمهورية، مما جعل النواب يغادرون لبنان متوجهين إلى فرنسا من أجل أمنهم، فاستكمل عون القصف بكل الاتجاهات، وعندما تم الاتفاق على انتخاب رئيس، تم نقل النواب إلى مطار قليعات شمال لبنان، ونجح الرئيس الراحل رينيه معوض بالانتخابات بأغلبية الأصوات، مقابل الرئيس الياس الهراوي، كأول رئيس للبنان مع الدستور الجديد في ٥ نوفمبر ١٩٨٩. ميشال عون

بعد ساعات من الانتخابات اقتحم بكركي عبر الآلاف من عناصره ومناصريه مستهدفاً البطريرك الراحل صفير بسبب مواقفه السابقة وتهنئته للرئيس معوض، وكان عون قد صرّح في نفس الوقت انه هو القائد الأعلى للمسيحيين وليس البطريرك، كما صرّح لاحقاً بعدة تصاريح منها أن يسوع المسيح قد بشر بمجيئه هو، وأضاف أن يسوع المسيح عندما بعث كانت الشعوب متخلفة وكان خطاب يسوع المسيح بمستوى هذا التخلف لكي يفهمه الشعب اليهودي آنذاك، والآن أصبحت الشعوب متطورة وهو صاحب الرسالة الحقيقة والنهائية والتي ستصدر عنه لاحقاً من هذه الأرض المقدسة كونها يجب أن تصدر الرسالة من أرض من هذه المنطقة المقدسة وتعم شعوب العالم أجمع.

بعد ردود فعل الكنيسة الغربية التي استهجنت تصرف عون ببكركي أتهم كذباً كعادته القوات اللبنانية بهذا الهجوم !.

بعد ١٧ يوماً من انتخاب الرئيس الراحل رينيه معوض تم اغتياله في ٢٢ نوفمبر من الشهر نفسه في عيد الاستقلال أثناء عودته من حفل التهنئة بهذا العيد وكان شجاعاً، حيث كشفت المعلومات انه كان على علم بمخطط اغتياله في هذا اليوم إلا أنه أصر على الذهاب، وفي نفس اليوم والتوقيت أقام عون استعراضاً عسكرياً في اليرزة، ولم يذهب عون شخصياً للمشاركة في الحفل وأرسل عنه الجنرال ابو جمرة، وذهب عون إلى غرفة العمليات تحت الارض، وكان قد أبلغ كل القريبين منه أنه في ٢٢ من هذا الشهر سيتم تحول وتغيير كبير في سياسة المنطقة، (من يريد المزيد من المعلومات يمكنه أيضاً مراجعة تصريحات جبران تويني قبل اغتياله عبر التلفزيونات والذي كان مقرباً جداً من عون آنذاك أو الذين كانوا بجانبه في ذلك الحين).

عاد النواب بأجمعهم إلى فرنسا وبشكل سريع مجدداً وتم حجز فندق رويال منصور كاملاً لهم لتأمين حمايتهم جميعاً، وتم منعهم من الخروج من الفندق حرصاً على أمنهم، كما قام البطريرك صفير بتهنئة الرئيس المنتخب كذلك فعلت القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع، فقرر الجنرال عون تصفية كل القوات اللبنانية، فحاول اغتيال جعجع الذي قتل مرافقه في هذا الاستهداف، وبعد أن طمئن عون كاذباً القوات اللبنانية هاجم وبشكل مفاجئ في الصباح الباكر كل مراكز القوات اللبنانية بلبنان في محاولة منه لتصفيتهم جميعاً.

قتل في الساعات الأولى عدد من عناصر القوات، وانتقلت المعارك الطاحنة إلى داخل كل المناطق المسيحية بين الجيش والقوات اللبنانية التي لم تستسلم وواجهته وإن بشكل غير منظم كونهم كانوا مطمئنين بسبب كلام عون السابق، وبعد عدة أيام من المعارك تثبت كل طرف بموقعه مع استمرار القصف، عون احتفظ ببعبدا والمتن والقوات اللبنانية احتفظت بالعاصمة بيروت في الحي المسيحي بالأشرفية، وكسروان، جبيل، وعدة مناطق، وكان الهدف الرئيسي لعون توحيد مصير المسيحيين وربطه بمصيره الشخصي، كما فعل هتلر بربط مصير كل الشعب الألماني بمصيره الشخصي.

ومن أجل عدم فضحه وفشله بمواجهة القوات اللبنانية صرّح عون مدعياً من أن البابا جان بول الثاني، اتصل به وطلب منه أن يتوقف عن القصف، وأضاف أنه ارتكب خطأ كونه وافق على هذا الطلب، وبعد مرور وقت من الزمن، أعلن أنه لن يجيب على اتصالات البابا من أجل منعه من تصفية القوات اللبنانية لاحقاً، في حين أنه لم يستطيع أن يهاجم عائلة فرنجية في زغرتا بالرغم من أن موقفهم كان مثل موقف البطريرك صفير والقوات اللبنانية فيما يتعلق بالطائف والرئيس معوض، كون الجيش السوري كان متواجداً وبقوة عند جسر المدفون وصولاً للحدود السورية شمالاً.

تم اعادة النواب من باريس إلى دمشق ثم غلى شتورا بلبنان، من أجل انتخاب رئيساً جديداً داخل الأراضي اللبنانية، فتم عرض الموضوع آنذاك من قبل النواب على بيار حلو الذي أجاب رافضاً “لا أريد أن يتم اغتيالي”، إلا أن الرئيس إلياس الهراوي الذي كان مرشحاً سابقاً، وافق على الترشح وتم انتخابه عبر تسوية وكان المرشح الوحيد، كما تم تجديد ولاية مجلس النواب، تخوفاً من أن يتعرض الرئيس الهراوي للاغتيال ايضاً، تزامناً مع انتهاء ولاية المجلس، مما يمنع انتخاب رئيس جديد مع انتهاء ولاية المجلس وتشكيل حكومة وتعيين قائداً للجيش.

فتم تعيين إميل لحود قائداً جديداً للجيش في نفس الجلسة، وكانت إقامة الرئيس الجديد الهراوي داخل ثكنة عسكرية بالبقاع حرصاً على أمنه.

بعد فقدان الأمل بأية حلول أو مبادرات سياسية، قررت أميركا إنهاء حالة عون عسكرياً، وتكتيكياً كانت الجهة الوحيدة تمتلك هذه القوة في لبنان هي سوريا، فعلم عون بذلك، حيث ألزم كل المدارس المسيحية بإيقاف التدريس ونقل الطلاب يومياً إلى بعبدا، مستخدماً هؤلاء الطلاب كدروع بشرية، وكان يتم إلزام هؤلاء الطلاب بإنشاد الأناشيد الوطنية مثل “بالروح وبالدم نفديك يا جنرال”، كما كان يفعل قيصر

(Ave césar , morituri te salutant) من أجل استخدام مقتل هؤلاء الأطفال كبروبوغندا ضد سوريا، وجعل من بعبدا مركزاً للكرنفال مع إقامة عدة خيم تتوافر فيها كل أنواع المحرمات وكل شيء ممنوع!، وبدأ استخدام رجال الدين من أجل التعميد والزواج باسمه في بعبدا، كما جلب أجراس الكنائس بواسطة الشاحنات وتم تركيبها ببعبدا.

أعلن من أنه سيأتي بحافظ الأسد إلى لبنان مقتولاً ودفنه من أجل أن يتم فعل الرذيلة على قبره.

بعد عدة أشهر من المفاوضات بين واشنطن ودمشق، حيث سعت دمشق إلى تحسين شروطها وافق حافظ الأسد على اجتياح مراكز عون وإنهاء حالته في ١٣ أكتوبر صباحاً، حيث بدأ القصف والاجتياح، وكان الجيش الموالي لعون بحالة استنفار قصوى، وبدأ الضباط المسؤولين بالبحث عنه من أجل معرفة القرار الذي يجب اتخاذه، فلم يجدوه، وحاولوا الاتصال بزوجته وأولاده بالقصر الجمهوري، الذين أكدوا أنهم لا يعرفون أين هو، إلى ان تم أبلاغهم من قبل سائق الملالة العسكرية الذي أوصله إلى السفارة الفرنسية من أن الجنرال ميشال عون فرّ إلى السفارة الفرنسية، كما أبلغهم أن الجنرال وعند سماع هدير الطائرة وكان بصدد حلق ذقنه وهو بلباس النوم العسكري قرر التوجه فوراً غلى السفارة الفرنسية.

ونذكر هنا ان مؤيدي عون على المستوى الدولي انحصر بثلاثة مؤيدين: العراق، برئاسة صدام حسين، وفرنسا برئاسة فرانسوا ميتران، ومنظمة فتح برئاسة ياسر عرفات، وفرنسا التي أبلغته سابقاً أنها على استعداد مساعدته معنوياً، ودبلوماسياً، وليس عسكرياً، (ولا نريد أن نشرح تفاصيل هذه العلاقة في هذا المقال، ولكن لا بد من الإضاءة الى نقطتين تهم الفرنسيين، وهما أخذ الثأر من السوريين بمقتل السفير الفرنسي في بيروت دولامار، وتفجير مركز للمارينز الفرنسي في دركار).

فوجئ السفير الفرنسي مرتين أولا بوجود عون امام باب السفارة، وثانياً بعدم علمهم بالهجوم السوري، بما أن الأميركيين لم يبلغوا الفرنسيين بالهجوم تكتيكياً، ففتحت الأبواب له، ورفض حرس السفارة دخول سائق الملالة ومرافقه إلى السفارة، وطالب عون بحمايته من قبل فرنسا كلاجئ سياسي، فاتصل السفير الفرنسي ببلاده، وتمت الموافقة على لجوء عون وطلب منه أن يصرّح رسمياً بوقف المواجهة مع الجيش السوري والجيش اللبناني الرسمي الذي يترأسه العماد إميل لحود وطلب منه رفع الراية البيضاء وتم بثها عبر الصوت في وسائل الإعلام وتوقف القصف من قبل السوريين، (الراية البيضاء تعني الاستسلام للعدو وتسليم السلاح، وإعطاء للطرف الآخر حسب اتفاق جنيف العالمي)، وعندما شاهد السوريين الراية البيضاء، بدأوا بالتقدم بشكل مكشوف وطبيعي، فاتصل عون بالضباط من داخل السفارة بواسطة جهاز لاسلكي ليبلغهم من أن الراية البيضاء هي تكتيك وبجب ان تطلقوا النار على السوريين وقتلهم وهذا ما حصل، وبعد مقتل العديد من السوريين، مما جعل الجيش السوري يستشرس وقام بعملية التفاف وتصفية الضباط والجنود، الذين قاموا بهذه العملية، ويحتفل العونيون سنوياً في ١٣ اكتوبر بعد عودته الى لبنان في ذكرى هذا الحادث.

هذا الخرق للراية البيضاء هو خرق لاتفاقية لاهاي الموقعة عام ١٨٩٨ وتم تسجيلها في جنيف ١٩٤٩ والتي تعتبر أكبر جريمة حرب بخطورة خاصة مما يعرض مرتكبها لأقصى العقوبات.

بقي عون داخل السفارة الفرنسية من 13 أكتوبر/تشرين الأول عام 1990، ومنها جرى ترحيله من السفارة إلى باريس وبناء على طلب من الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران في 29 أغسطس/آب 1991 براً إلى شاطئ ضبية، ومنها إلى قبرص، ومنها إلى باريس عبر بارجة حربية فرنسية.

واشترطت فرنسا على عون عدم إعطاء تصاريح أو نشاط سياسي يتعلق بلبنان، وطبعاً لم يحترم ولا شرط.

بقي في باريس لمدة خمسة عشر عاماً، (لا نريد الدخول في تفاصيلها لأنها ليست موضوع هذا المقال)، حاول فتح قنوات مع سوريا معترفاً بأخطاءه، في حين أظهر عن إمكانية تسبب الضرر لهم، من خلال إطلالاته عبر الفضائيات الفرنسية، والتي كان يتهجم فيها على السوريين،كما توجه إلى الكونغرس الأميركي شارحاً لهم الأفعال التي تقوم بها سوريا في لبنان، فتم اتخاذ القرار ١٥٥٩، وقد وصف نصر الله عون آنذاك بالصهيوني، واكد أيضا أنه وبموجب تأييد معظم المسيحيين له مما يمكنه من تجبيرهم لصالح عائلة الأسد، إلا أن محاولات عون مع حافظ الأسد لم تنجح ورفض التجاوب معه ،لغاية وصول بشار الأسد الذي تجاوب مع عون أكثر، ولكن تكتيكياً، فسمح له بالعودة إلى لبنان بعد تأمين الضمانات التي لا تسمح لعون بالخيانة، وطلبت دمشق من حزب الله وحلفاءها أن يتم تغيير موقفهم من عون، كون سوريا قررت تغيير سياستها اتجاهه مع طلب الانفتاح عليه مع وضع القيود والضوابط لمنعه من تغيير موافقه كما هو معروف عنه.

 

الكاتب: 
طوني الأسود
المصدر: 
التاريخ: 
السبت, يوليو 4, 2020
ملخص: 
أعلن حل المجلس النيابي مخالفاً الصلاحيات والقانون كونها محصورة بالدستور قبل الطائف برئاسة الجمهورية وليس برئاسة الحكومة، وفشلت محاولته كونها ضد الدستور، فحاول اغتيال عدد من النواب، لمنعهم من انتخاب رئيس للجمهورية