تحليل: ميشال عون في طريقه الى قصر الرئاسة اللبنانية

النوع: 

دلائل على ان مبادرة الحريري وتعويله على فرنجية، صديق الأسد، للرئاسة ستفشل مع تمسك حزب الله والنظام السوري بعون

يبدو أن الأمر بات محسوما، بعد 20 شهرا و35 محاولة فاشلة من قبل البرمان للتوصل الى اتفاق حول تحديد من يرأس لبنان في السنوات المقبلة. في لبنان غير المتوقع هو لسان الحال، لذلك يبدو أن الرئيس اللبناني المقبل سيكون العماد ميشال عون (82 عاما). كالعادة، تُحسم الأمور وراء الكواليس، وفي اجتماعات مقلصة بين كل من يحمل صفة رئيس، إن كان حزبا أم دولة أم تيارا...

كل الأطراف المعنية في لبنان تشدد على ضرورة الاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب فرصة للانتهاء من حالة الشغور الرئاسي في البلاد. لكن أي منها ليس معنيا بالتنازل عن موقفه البتة، ولا عن هذا المنصب المرموق.

منذ عاد العماد ميشال عون الى لبنان في 7 أيار/ مايو 2005 (قبل عشرة أعوام)، لعب دورا مركزيا في المشهد السياسي. فقد حصلت الكتلة النيابية التي شكلها على 21 مقعدا في البرلمان اللبناني عام 2005 لتصبح ثاني أكبر كتلة نيابية، وفي 2006 وقّع على وثيقة تفاهمات مع حزب الله بصفته رئيسا للتيار الوطني الحر، الذي حصل بدوره على خمسة وزارات مع تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في لبنان عام 2008.

كان عون من أشد المعارضين لاتفاق الطائف الذي ينهي الحرب الأهلية ويعطي الوصاية لسوريا على لبنان بوساطة سعودية، لكونه لا يحدد آلية لانسحاب الجيش السوري من لبنان. لكنه بات اليوم حليفا للنظام السوري ولحزب الله في لبنان، ويعتبر ذو مصداقية كبيرة إذ أنه قال عام 1988 إنه اذا انسحب الجيش السوري من لبنان فلا مانع لديه بأن تكون علاقة جيرة طيّبة.

منذ البداية كان عون المرشح الأبرز لرئاسة لبنان، وأصر مرارا وتكرارا على أنه سيكون الرئيس المقبل خلفا للعماد ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في 25 أيار/ مايو 2014، لكنه بعكس سليمان ليس مرشحا توافقيا. كان قد حصل عون على تأييد معظم اللبنانيين. فأظهر استطلاع رأي أجراه "مركز بيروت للأبحاث والمعلومات" في تموز/ يوليو الماضي أن نحو 36.1% من المسيحيين يفضّلون العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. ونال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تأييد 16.7% من المستطلَعين، يليه زعيم تيار المردة النائب سليمان فرنجية (13.8%).

آخر المبادرات في لبنان جاءت من زعيم معسكر 14 آذار ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، والذي طرح اسم النائب سليمان فرنجية، صديق الرئيس السوري بشار الأسد كمرشح لرئاسة الجمهورية. وطرح الحريري هذه التسوية بعد لقاء سري جمعه بفرنجية في باريس. لكن ورغم أن فرنجية - حفيد الرئيس الأسبق سليمان فرنجية ونجل الوزير والنائب طوني فرنجية الذي اغتيل في مجزرة اهدن بأيدي قوات حزب الكتائب اللبنانية - محسوب على معسكر 8 آذار الا أن له تاريخ من التعاون مع المعسكر الآخر، فقد شغل منصب وزير الصحة العامة في حكومة الرئيس رفيق الحريري عام 2003.

لكن بحسب صحيفة النهار اللبنانية فإن هذا الترشيح لا يحظى بمباركة الرئيس السوري بشار الأسد، حيث كتب الكاتب سركيس نعّوم في 13-1-2016 في مقالة له "قال له الأسد عبر مدير مكتبه أيضاً إنّ رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة لا يقرّرها الآن شخص فيها أو جهة، إذ أن هناك محوران يتصارعان إقليمياً ودولياً، ونتائج الصراع هي التي ستحدّد أموراً كثيرة منها الرئاسة المذكورة". ونقل عن الأسد قوله "نحن الآن في وضع إقليمي جيد ومُتحسّن". ودعاه إلى "التشاور" مع السيد حسن نصرالله الأمين العام لـ"حزب الله".

 

ويحظى فرنجية بدعم ما في صفوف المسيحيين في لبنان، ورغم كونه تسوية من الحريري ومعسكر 14 آذار، يبدو أن زعيم حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع يميل الآن بعد مرور أكثر من عام ونصف على الشغور الرئاسي الى ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية متنازلا عن ترشيحه هو.

وكانت نقلت صحيفة الأخبار مؤخرا عن أن "التواصل القواتي ــــ العوني وصل إلى مراحل متقدّمة وأبعد من الملفّ الرئاسي، وصولاً إلى تحالف انتخابي ونقابي وعلى المستوى الجامعات". ونقلت عن مصدر مقرب من حزب القوات قوله إن "ترشيح عون هو الخيار الوحيد أمامنا لمواجهة التسوية التي يسعى الحريري إلى تحقيقها".

وفعلا، أعلن عون أمس دعمه لترشيح العماد ميشال عون وقال في مؤتمر صحافي من مقره في معراب أنه "في ظل هذا الوضع السيء الذي بتنا نعانيه على كل الأصعدة كان لا بدّ من عملية إنقاذ غير اعتيادية مهما كان ثمنها، وحيث لا يجرؤ الآخرون، قمنا بتبنّي ترشيح في خطوة تحمل الأمل بالخروج ممّا نحن فيه الى وضعٍ أكثر أماناً واستقراراً وحياةً طبيعيةً". ودعا جعجع قوى 14 آذار إلى الالتفاف حول ترشيح العماد عون "علنا نخرج من حالة الانقسام إلى حالة عنوانها المصلحة الوطنية العليا".

الأكيد أن ما خلصت إليها المفاوضات الرئاسية في الأسابيع الأخيرة هي نتيجة واحدة: خسر الحريري جعجع بعدما كان قد خسر عون، وهو أصلاً خاسر لحزب الله، ويزداد التشنج بينهما ولا سيما في ظل تدهور العلاقة السعودية ــ الإيرانية.

فشل مجلس النواب اللبناني للمرة الـ35 في انتخاب رئيس في جلسته الأخيرة التي عقدت الخميس في السابع من كانون الثاني/ يناير 2016، فحضر فقط 36 نائبا، وهو أقل حتى من الجلسة السابقة في 16 كانون الأول/ ديسمبر 2015 عندما حضر 45 نائبا الجلسة.

التكتيك الذي استخدمه عون وحزب الله حتى الآن لإفشال جلسات انتخاب الرئيس، شرعي، فبمجرد عدم حضور نوابهم الجلسة لم يكتمل النصاب القانوني، أي حضور ثلثي اعضاء البرلمان (أي 86 نائبا من أصل 128) لإجراء عملية انتخاب.

كل الإشارات تدل على أن مبادرة الحريري وتعويله على النائب سليمان فرنجية - صديق الأسد للرئاسة ستفشل في ظل تمسك حزب الله والنظام السوري بعون. ومع تحالف عون وجعجع تبدو مبادرة الحريري ميالة الى الفشل. فقد خسر حليفه الأبرز سمير جعجع الى المعسكر المنافس.

لم يعلن عون ترشيحه رسميا بعد، ولا فرنجية. لكن وراء الكواليس فإن الأزمة السورية والتوتر الايراني السعودي يلقيان بظلالهما على لبنان وبقوة. الأمر المؤكد هو أن درب عون الى قصر بعبدا خضراء.

الكاتب: 
شاهين نصار
التاريخ: 
الأربعاء, يناير 20, 2016
ملخص: 
كل الإشارات تدل على أن مبادرة الحريري وتعويله على النائب سليمان فرنجية - صديق الأسد للرئاسة ستفشل في ظل تمسك حزب الله والنظام السوري بعون. ومع تحالف عون وجعجع تبدو مبادرة الحريري ميالة الى الفشل. فقد خسر حليفه الأبرز سمير جعجع الى المعسكر المنافس.