برّي يردّ: معروف من ضد "الطائف" ولا يطبق الدستور
على منوال ما فعل الرئيس ميشال عون، أمس الثلاثاء.. استضاف الرئيس نبيه برّي، وفد نقابة المحررين اليوم الأربعاء، وأجرى معه حواراً موسعاً حول كل الملفات الخلافية، كردّ سريع على معظم ما أعلنه الرئيس عون أمس.
قال برّي: "معروف من لم يؤيد الطائف ولم يطبق لا القانون ولا الدستور. والثنائي (الشيعي) لا يريد أبداً تطييف القضاء. وأقول، (الثنائي) لا يريد تطيير البيطار. وما نريده فقط العودة إلى القانون والدستور. والانتخابات حاصلة ضمن المهلة الدستورية، ولا مناص من إجرائها". وتساءل: "هل يعقل التصديق أن إسرائيل العدو انفتحت على العرب على النحو الذي يحصل اليوم، والعرب يقفلون أبوابهم على لبنان، الذي دفع أثماناً باهظة من أجل تثبيت عروبته وهويته؟"
وفي سياق آخر، قال الرئيس بري: "نعم المجلس النيابي يطلب ضمانات لحفظ حقوق المودعين قبل إقرار الكابيتال كونترول".
القوانين والشِعر والحصار
وأكد رئيس مجلس النواب خلال لقائه نقيب المحررين وأعضاء مجلس النقابة، أن 99% من الذي نعاني منه في لبنان أسبابه داخلية ومن "عندياتنا". وهو لم يحصل في يوم أو أيام أو سنة، إنما منذ إقرار الطائف عام 1989. ومعروف من لم يؤيده ولم يطبق لا القانون ولا الدستور. للأسف هناك عشرات القوانين، أكثر من 75 قانوناً لم يطبق، لا في هذا العهد ولا في العهود التي سبقته. مثلاً القانون الخاص بالكهرباء، التي سببت هدراً تجاوز 45% من نسبة العجز في مالية الدولة. هذا القانون صدر قبل أكثر من عشر سنوات. وكذلك الأمر بالنسبة للهيئة الناظمة، التي تطالب بها كافة الوفود الدولية والمنظمات الراغبة بتقديم المؤازرة والدعم للبنان. حتى الرئيس ماكرون طالب بها.
وفي الشأن المتصل بتفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية والمالية، ومستقبل الوضع في لبنان أستشهد الرئيس برّي بالشاعر محمود درويش قائلاً: "الليل نحن إذا انتصف الليل"، للأسف لبنان في منتصف الليل، والصمت يجول بيننا. في الداخل نتجاور ولا نتحاور. ولكي نصل إلى الحلول لا بد من التحاور. فلا يجوز التفرج على اللبنانيين وهم يسافرون. والأخطر أنهم يهاجرون من وطنهم. ورغم ما يعاني من أزمات الجميع مسؤول عنها، لكن علينا أن نقر أن لبنان يتعرض للحصار. هل يعقل التصديق أن اسرائيل العدو انفتحت على العرب على النحو الذي يحصل اليوم، والعرب يقفلون أبوابهم على لبنان؟ لبنان الذي دفع أثماناً باهظة من أجل تثبيت عروبته وهويته، نعم لبنان يتعرض لحصار.
"تطييف" القضاء
وحول موضوع الانتخابات النيابية، قال: "بالتأكيد، ومع الاحترام للقرار الذي سوف يتخذه المجلس الدستوري، سواء مع أو ضد، فالانتخابات حاصلة ضمن المهلة الدستورية، ولا مناص من إجرائها. ولا أعتقد ولم أسمع من فريق داخلي أو خارجي أنه لا يريد الانتخابات.
وفي الشأن الإصلاحي والدور الرقابي لمجلس النواب، أكد الرئيس برّي أن المجلس النيابي في المبدأ هو الذي يجب أن يحاسب السلطة التنفيذية. لكن للأسف هذا يمكن أن يحصل لو أننا لسنا في بلد طائفي. أما في لبنان، والحال على هذا النحو من الطائفية والمذهبية، فكيف يمكن أن تستقيم الأمور؟ سائلاً، لقد أنجز مجلس القضاء الأعلى في هذا العهد تشكيلات قضائية، ولم توقَّع. لماذا؟ سهيل عبود ليس ابن عمي، وليس نبيه برّي من اقترحه. معروف من اقترحه. فلماذا لم توقّع التشكيلات القضائية؟ بصراحة، لو كان هناك مجلس قضاء أعلى يمارس دوره لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من تطييف وتمذهب في القضاء.
وأضاف: بعيداً عن التجني الذي يقال بحق الثنائي الذي يسمونه شيعياً، وهو ثنائي وطني. هذا الثنائي لا يريد أبداً تطييف القضاء. وأقول، لا يريد تطيير البيطار. وما نريده فقط العودة إلى القانون والدستور. هذا ما قلته لغبطة البطريرك. فليطبقوا بنود ومواد الدستور خاصة في الموضوع المتعلق بانفجار المرفأ. مطلبنا كان ولا يزال ممارسة كل سلطة لصلاحياتها في هذا الإطار. لقد اعطى القانون حقاً خاصاً لمحاكمة القضاة، وأعطى حقاً لمحاكمة النواب والرؤساء والوزراء. لماذا لم يتم الالتزام بهذه القواعد والأصول؟ خارج هاتين المؤسستين، بقيت الصلاحيات له (القضاء) على كل لبنان.
لقد تم التوافق على هذه العناوين مع غبطة البطريرك، وأعلنها غبطته أن الرؤساء أيضاً التزموا. لكن تم الانقلاب على هذا التوافق وتطييره قبل صياح "الديك".
وأشار الرئيس برّي إلى أن من نسف هذا التوافق هم العاملون في الغرفة السوداء، التي تدير العمليات في هذه القضية.
ووجه الرئيس برّي، من خلال نقابة المحررين، رسالة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى جاء فيها: القضاء في لبنان شبيه بالمحيط الهائج تقوده ساقية، وحسبنا ما جاء في القرآن الكريم: "والسماء رفعها ووضع الميزان" لولا العدالة لما قامت الأرض ولا السماء، وعلى مجلس القضاء الأعلى مسؤولية حسم هذا الموضوع.
الكابيتال كونترول
وفي الشأن المتصل بموضوع قانون الكابيتال كونترول والودائع، قال الرئيس برّي: إنني غير مستعد لتشريع أي شيء، حتى لو اتهموا المجلس النيابي بالتمرد، قبل تأمين ودائع الناس كاملة حتى آخر قرش. فلا مصارف من دون ودائع. وهذا ما أبلغته حرفياً لحاكم مصرف لبنان.
وأضاف: ولكي لا نبقى في أجواء التشاؤم، لبنان ليس بلداً مفلساً رغم انعدام السيولة. المجلس النيابي أقر قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، والذي -رب ضارة نافعة- لم يطبق. كما تم إقرار قانون الشراء العام. وهما قانونان مهمان جداً. فلبنان لا يزال يملك كل اصوله وقطاعاته. لبنان يحتوي على بلوكات نفطية وغازية مهمة وعلى قول المثل "بس يطلع صيتك أنك حصاد بتحط منجلك وبتستريح". المطلوب فقط أن نبادر وأن نثبت بالنوايا الصادقة أننا عازمون على الاستثمار بهذه الثروة، التي يخطىء من يظن أن أحداً في العالم لا يريد للبنان الاستفادة منها، ناهيك عن ثروة لبنان المغترب.
وأضاف: هناك 13 بلداً في العالم اقتصادها بيد اللبنانيين، واقتصاد لبنان غير موجود. المطلوب قبل أي شيء آخر استعادة ثقة اللبنانيين المقيمين والمغتربين وطمأنتهم وضمان ودائعهم كاملة في المصارف. بذلك يمكن إعادة الثقة بلبنان وبنظامه المصرفي وإنقاذ اقتصاده.
وجزم رئيس المجلس بالقول: نعم المجلس النيابي يطلب ضمانات لحفظ حقوق المودعين قبل إقرار الكابيتال كونترول.
العودة إلى الطائف
وحول مصير اتفاق الطائف، وما يحكى عن انتهاء صلاحيته، قال الرئيس برّي: علينا أن لا ننسى أن الطائف قد عبّد الطريق وأوقف الحرب بين اللبنانيين. نعم هناك ملاحظات عليه. وهو ليس إنجيلاً ولا قرآناً كريماً. هو اتفاق يمكن تطويره أو تعديله. لكن علينا أولاً أن نطبقه، وعلى البعض أن يقتنع أن لبنان لا يمكن أن يتطور إذا بقينا طائفيين. الحفاظ على الطوائف شيء والطائفية شيء آخر. فهل الجميع مستعد لتطبيق كل ما هو منصوص عليه في اتفاق الطائف، لا سيما البنود الإصلاحية، من إقرار قانون انتخابات خارج القيد الطائفي، وإنشاء مجلس شيوخ وتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية.
وختم الرئيس بري: فلنطبق الطائف مع قليل من المرونة و"بيمشي الحال".