نائب الطائف الوحيد في مجلس 2018 الوزير السابق الدكتور البير منصور: مجلس 1972 كان يمثل الـتـنـوع الطائـفـي ذا التوجـه الوطنـي والمجلس الحالي يمثل التعدد الطائفي المتعصب والمتشنج!
تشكل مجلس نواب 2018 في معظمه من الشباب الجدد وقد خلا لأول مرة في تاريخه من نواب اتفاق الطائف المخضرمين ما عدا نائباً واحداً هو الوزير السابق البير منصور الذي فاز عن المقعد الكاثوليكي في دائرة بعلبك – الهرمل رغم أنه كان يترشح منذ العام 1992 ولم يحالفه الحظ، إنما هذه المرة فاز بالتحالف مع الحزب القومي السوري الاجتماعي ليعود مجدداً الى المجلس بعد 26 سنة من الغياب. فماذا يقول عن هذا المجلس واتفاق الطائف وتشكيل الحكومات وقوانين الانتخاب؟
<الأفكار> التقت الدكتور البير منصور في مكتبه في ساقية الجنزير وحاورته في هذا الخضم بالإضافة الى شجون وشؤون منطقة بعلبك – الهرمل والسيل الذي ضرب بلدة رأس بعلبك في الأسبوع الماضي خاصة وان الدكتور منصور هو ابن بلدة الرأس.
سألناه بداية: الدكتور البير منصور هو الوحيد الباقي من نواب اتفاق الطائف في مجلس 2018 فماذا يعني ذلك؟
– هذا صحيح، وأول ما دخلت المجلس شعرت بوجع، خاصة وانني افتقدت غالبية الذين كانوا معي في مجلس العام 1972 والذي كان يضم مقامات سياسية من الطراز الرفيع، فهناك ريمون اده، كميل شمعون، بيار الجميل، أمين الجميل، الياس بوشرف، بطرس حرب، إدمون رزق، طوني فرنجية، مخايل الضاهر، جورج سعادة، رينيه معوض،أوغست باخوس، رشيد كرامي، صائب سلام، أمين الحافظ، نزيه البزري، عادل عسيران، صبري حمادة، كامل الأسعد، كمال جنبلاط، بهيج تقي الدين، حسين الحسيني، حسن الرفاعي، نجاح واكيم، زاهر الخطيب وغيرهم.
ــ ما الفارق بين الأمس واليوم؟
– الفارق هو أنه كان آنذاك تنوع طائفي قاعدته التوجه نحو الوطنية والمواطنة. لكن لسوء الحظ فاليوم هناك تعدد طائفي توجهه نحو التعصب والتشنج والبعد عن الوطنية والمواطنة.
ــ أليس قانون الانتخاب هو السبب؟
– صحيح في جزء منه، فقانون الانتخاب هو نتيجة لهذا التطور الذي حصل على صعيد التشنج الطائفي والمذهبي الذي يقتل المواطنة بشكل نهائي ويعترض طريق بناء وطن، فهناك فيدرالية طوائف وهي لا تبني وطناً ودولة، إنما تؤدي الى مشاريع حروب دائمة واقتتال طائفي، والى نظام مزرعة كما نشهد اليوم حيث الاقتتال اليوم على مجلس الوزراء بسبب الحصص رغم ان مجلس الوزراء لم يكن يوماً محاصصة.
لا بد من العودة الى جوهر الطائف
ــ وماذا عن القانون الحالي وما الذي أثبتته تجربة الانتخابات في تقديرك؟
– أثبت هذا القانون أنه الأسوأ بين قوانين الانتخاب، بعدما شهد تشنجاً مذهبياً وطائفياً بامتياز وبشكل مخزٍ، وشوّه قانون النسبية بشكل كامل، وبالتالي أدخل الفكر الصهيوني القائم على مبدأ التفتيت الى الفكر الوطني، ولذلك إذا أكملنا بهذا القانون ولم نعد الى اتفاق الطائف وأنجزنا مجلساً خارج القيد الطائفي وحصر الطائفية في مجلس الشيوخ، كأننا نذهب نحو التفتت المذهبي والطائفي الذي يؤدي الى صراعات مفتوحة ومميتة، وبقينا في حكم المزرعة كما الحال اليوم حيث نشهد الصراع على الحصص، لكن الى متى تستمر هذه المزرعة قبل أن تولد الاقتتال والحروب الأهلية فلا أعرف.
واستطرد قائلاً: لكن في هذه الحالة نحن ذاهبون نحو الانهيار إذا لم نعد الى جوهر اتفاق الطائف وعمدنا الى بناء نظام قائم على أساس المواطنة والدولة الوطنية والخروج من هذا التمحور المذهبي والطائفي وأعادة بناء لبنان الدولة، فالطوائف والمذاهب لا تبني دولة بل تبني مزرعة.
ــ وهل يقول الطائف بتوزيع الحصص الوزارية لاسيما حصة للرئيس الذي خسر الكثير من صلاحياته وأصبح الأمر عُرفاً؟
– لم يقل اتفاق الطائف بتوزيع الحصص لأحد، لا لرئيس الجمهورية ولا لرئيس الحكومة، فالوزارة تشكل عادة لحل المشاكل التي يعاني منها البلد ويؤلف من أجل ذلك فريق عمل، ورئيس الجمهورية بحكم الدستور يستفتي مجلس النواب حول تكليف شخص بتشكيل الحكومة ويتعاون معه في التأليف لتشكيل فريق عمل متجانس ولا يتم توزع الحصص، فلا أحد له حصة بل ان مجلس الوزراء هو فريق عمل يؤلف لمواجهة المشاكل المطروحة في البلد.
وأضاف:اليوم لدينا أزمة اقتصادية كبيرة ومشكلة مديونية مخيفة ومشكلة فساد وهدر مال بشكل فظيع، ولدينا نقص في الخدمات العامة سواء الكهرباء والمياه أو التأمينات الاجتماعية، وبالتالي هذه الأزمات تستلزم وجود فريق عمل يواجهها ويعمل على حلها وليس فريق عمل يوزع الحصص، فهذا أمر جديد علينا ولا يعتمد إلا في بلد المزرعة.
ــ وهل التكليف في تقديرك مفتوح؟ ولماذا لم يتصد النواب في الطائف لهذه المشكلة؟
– لم ينتبه أحد الى هذه المشكلة، وتصدى لها في اتفاق الطائف الرئيس الراحل صائب سلام وقال أن لا لزوم لتحديد مهلة لسبب بسيط، وهو ان هذه التجربة دلت أن الكثير من الرؤساء المكلفين اعتذروا عن التأليف بدءاً منه الى الرئيس رشيد كرامي عندما تتعرقل الأمور مع رئيس الجمهورية، فهذا هو التقليد الذي كان سائداً ولذلك لم نجد أي مبرر لتمديد مهلة بالنص.
ــ وكيف تقرأ أجواء التأليف اليوم؟
– لست في هذه الأجواء، ولكن كما أرى فإن هناك ممارسات غير طبيعية بالنسبة لما عهدته، فهل من المعقول ألا يباشر الرئيس المكلف التأليف قبل زيارة الخارج ودول اقليمية، إضافة الى مطالبة الكتل بحصص على قياسها وتوزيع الوزراء بحيث يحصل كل 4 نواب على وزير؟! فهذا أمر غريب وكأننا نبني مزرعة أو نوزع حصصاً في شركة.
ــ وهل الحزب القومي سيتوزر؟
– هذا أمر يهتم به الحزب وأنا حليف له.
ــ وما عدا ما بدا حتى تحولت الأمور بهذا الشكل وأصبحت حليف الحزب القومي ومرشحه مكان النائب السابق مروان فارس؟
– كل عمري كنت حليفاً للأحزاب الوطنية والتقدمية، فأنا كنت حليف الحزب القومي والحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي أيام الحركة الوطنية، إضافة الى <المرابطون> والأحزاب الأخرى، فكل هذه القوى كنت حليفها، واليوم صدف أن نوعية قانون الانتخاب المطروح حكمت بالتحالف مع الحزب القومي.
ــ وهل كنت راضياً عن التصويت الكاثوليكي في دائرة بعلبك – الهرمل؟
– أنا لم أكن راضياً عن التصويت كله كونه أصبح طائفياً ومذهبياً، ففي كل حياتي لم أعتمد على التصويت الطائفي والمذهبي بل كنت في أجواء وطنية، لكن للأسف فهناك جو طائفي ومذهبي رافق الانتخابات ونوع من التجييش بهذا الخصوص، رغم أن القسم الاكبر من الصوت الكاثوليكي كان معنا وبقي في الجو الوطني، لكن للأسف هناك تقدم كبير للجو الطائفي والمذهبي لسوء الحظ نتيجة التشنج الحاصل وبسبب قانون الانتخاب ما ساعد على هذا التمحور الطائفي والمذهبي.