وثيقة الطائف خيارنا
تعمد المنظومة الحاكمة، جزء منها عن سوء نية وجزء آخر عن غباء أو لتغطية الفساد والفشل، الى التهجم على اتفاق الطائف والقاء مسؤولية خراب البلاد عليه، واتهامه بتهميش المسيحيين وشلّ المؤسسات الدستورية وتعرضه لحقوق رئيس الجمهورية. في حين أن هذه المزاعم هي غير صحيحة ومسيئة لروح وهدف وثيقة الوفاق الوطني، وللتذكير نوضح:
١-ان اتفاق الطائف ليس وليد صدفة في العام ١٩٨٩، بل هو ثمرة تفاهم وحوار لعدة عقود حول جملة مسائل دستورية جرى تبنيها في الطائف.
٢-تضمن اتفاق الطائف تعديلات دستورية تنسجم مع مفهوم النظام البرلماني الكلاسيكي الذي يعتمده الدستور اللبناني أصلاً، وقد كرس الاعراف السائدة في الحياة الدستورية ومبادئ الميثاق الوطني، التي حرصت على تعزيز مبدأ تعاون السلطات وتوازنها.
٣-انهى اتفاق الطائف الحرب وأرسى مصالحة وطنية شاملة وحقق عودة وانتظام الحياة الدستورية، كما فرض جملة اصلاحات اهمها الانماء الشامل والمتوازن وتطبيق اللامركزية الادارية الموسعة والغاء الطائفية السياسية ومنع التوطين والتجنيس.
٤-فرَضَ نزع السلاح من أيدي الميليشيات وحصره بالجيش والقوى الأمنية على كامل الاراضي اللبنانية.
فلماذا السعي الى نسف اتفاق الطائف والبحث عن اتفاق بديل؟
لا شك ان السعي الى مؤتمر تأسيسي جديد سيؤجج الصراع بين مشروعين يتربصان ببعضهما البعض : الأول ينادي بالفيدرالية، دون تحقق اجماع على رؤية ومشروع واضحين حولها، ذلك ان دعاة الفيديرالية، وإن اتفقوا على المبدأ، انما انقسموا على التفاصيل.
والثاني، بعمقه ومغزاه مذهبي فئوي، ينادي بتعديلات جوهرية أهمها انشاء موقع نيابة رئاسة الجمهورية، وفرض المثالثة، وتكريس التوقيع الثالث عبر تخصيص وزارة المالية لاحدى الطوائف، ويؤسس الى تمدد مؤسسات وسلاح محور الممانعة على حساب الدولة اللبنانية، بحيث يخدم هذا المشروع محور الممانعة وال Momentum الايراني في لبنان.
ان المؤتمر التأسيسي الموعود يهدد لبنان بالتقسيم والتشرذم وحتى بالحرب بفعل حدة هذين المشروعين المتناقضين وانتفاء أية امكانية للتوصل الى حل مشترك وانعدام أسس الحوار بين فريقيه.
ان اتفاق الطائف يشكل الاساس الصالح لتكريس نهائية الكيان اللبناني وبسط سلطة وسيادة الدولة على كامل أراضيها، وان تطبيقه يشكل المدخل الاساس للنهوض بلبنان ولأية رؤية مستقبلية تطويرية او تعديلية لنظامنا. فهل يركن اللبنانيون الى هذا الاتفاق ويطالبون بتنفيذ كامل بنوده أم يذهبون الى مجهول أقله التقسيم؟