سوق عكاظ انتخابي يبدأ اليوم والمحاصصة تحكم تشكيلة الدستوري

النوع: 

 

اختلط حابل تأليف هيئة الإشراف على الانتخابات، وما استتبعه من عودة إلى السجال على «الثلث المعطل»، بنابل المطالبة بتعديل الطائف، والردود عليها انطلاقاً من خلفيات مختلفة، وخصوصاً داخل «البيت الطرابلسي الواحد». فيما اختتم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان زيارته إلى الأردن، أمس، بحضور مناورة عسكرية للقوات الأردنية الخاصة بمكافحة الإرهاب، وزيارة مركز تدريب للعمليات الخاصة، إضافة إلى لقاء الجالية في عمان، التي أكد أمامها «الحاجة الملحة إلى المباشرة بورشة إصلاح واسعة تبدأ بتطبيق اللامركزية الإدارية، وتتناول الإدارة والقضاء والجامعة وأسلاكاً أخرى».

وقد نوّه حزب الكتائب، إثر اجتماعه الدوري أمس، بتحريك سليمان لموضوع اللامركزية الإدارية، وطالب بكشف مصير «الموقوفين في السجون السورية»، ومصير عضو مكتبه السياسي بطرس خوند، وبالعمل لتأمين عودة «العائلات اللبنانية الموجودة في إسرائيل».

وأمس، استهل وزيرالدفاع الياس المر زيارة لروسيا، تستمر ثلاثة أيام مع وفد عسكري رفيع المستوى، بلقاء مع رئيس وأركان الهيئة الفدرالية الروسية للتعاون الدولي، جرى خلاله البحث في تفاصيل اللائحة التي كانت قيادة الجيش قد أعدّتها سابقاً عن الحاجات، وسلّمت إلى الجانب الروسي الذي أكد الاستعداد الكامل لتعزيز القدرات القتالية للجيش. ومن المقرر أن يلتقي المر اليوم نظيره الروسي أناتولي سيرديوكوف وعدداً من كبار المسؤولين في الكرملين والخارجية الروسية.

وفي بيروت، دعا رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، أمام وفد من المشاركين في المؤتمر العربي التاسع للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، إلى جهد مضاعف لردم الهوة «بين ما نحن عليه وما هو عليه العالم»، قائلاً: «آن الأوان لكي نقف كأمة حتى يحسب لنا حساب»، وأعرب عن تطلّع العرب واللبنانيين إلى الاستفادة من مصادر الطاقة الذرية للأغراض السلمية، و«هو حق تقرّه الأنظمة والقوانين التي وضعتها منظومة الأمم المتحدة».

في هذا الوقت، يستعد اللبنانيون لمتابعة سوق عكاظ انتخابي تطلقه جلسة مجلس النواب لمناقشة الحكومة على مدى ثلاثة أيام، اعتباراً من يوم غد، وتنتهي بانتخاب البرلمان لحصته من أعضاء المجلس الدستوري، والتي يبدو أن التوافق السياسي عليها تم كما جرت العادة سابقاً، وهو بند كان على جدول أعمال الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة، وخصوصاً أن هناك مشكلة قد تبرز على اسم المرشح الكاثوليكي أنطوان مسرة الذي تسعى مراجع الى إمراره بدل القاضي ميشال أبو عراج، برغم وجود فروق واضحة في كفاءة كل منهما.

وكما جرت العادة أيضاً، فإن مجلس الوزراء سينعقد في وقت لاحق لاختيار خمسة أعضاء ولمعالجة احتمال أن ينتخب المجلس خمسة دون مراعاة التوازن الطائفي الذي يعطي كلاً من الموارنة والسنة والشيعة عضوين وعضواً لكل من الدروز والأرمن والكاثوليك والأرثوذكس.

ويأتي ذلك في أجواء لم تهدأ فيها بعد ارتدادات ما واكب إقرار هيئة الإشراف على الانتخابات، وبرزت أمس حملة طرابلسية متعددة الخلفيات على مطالبة الرئيس عمر كرامي بتعديل اتفاق الطائف للتخلّص من الطائفية. فدون أن يسمّيه، رأى الرئيس نجيب ميقاتي أن هذا الموقف «اجتهاد خاطئ»، مشيراً إلى أن «الطائف نفسه نصّ على إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية»، ورأى أن المطلوب «تطبيق للدستور نصاً وروحاً». ووصف النائب أحمد فتفت ما قاله كرامي بـ«الكلام غير المسؤول»، معتبراً أن «المدخل الحقيقي للتخلّص من الطائفية البغيضة هو العمل الجدي لتطبيق كامل بنود اتفاق الطائف قبل البحث في تعديله». وإذ رأى رئيس جبهة العمل الإسلامي فتحي يكن أن الطائف ليس نصاً مقدساً وهو قابل للمراجعة والتعديل، قال إن الدعوة إلى تعديله في ظل المناخ السائد «لعب بالنار ودخول في المجهول».

وفي ظل تواصل ردود الفعل على طريقة إنشائها، استهلت هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية نشاطها، أمس، باجتماع حضر جزءاً منه الوزير زياد بارود الذي أكد ثقته بأعضائها جميعاً ودعمه الكامل لها. وقال إن ما جرى في مجلس الوزراء «انتهى عند باب المجلس»، ثم غادر الاجتماع تاركاً لرئيس الهيئة وأعضائها بدء عملهم، ولا سيما وضع النظام الداخلي.

ولكن باب المواقف بقي مفتوحاً. ففيما رأى الوزيران خالد قباني وتمام سلام أن من الطبيعي حصول اختلاف في الرأي على بعض المسائل في مجلس الوزراء، رأى ميقاتي أن ما جرى «يطرح علامات استفهام كبرى على التعيينات والتشكيلات اللاحقة»، وأن طريقة إقرار الهيئة «وضعتها في إطار المحاصصة السياسية، ما يضرب صدقيتها وحيادية أعضائها، وبالتالي موجب تأليفها».

ومع اعتبارها أن تأليف الهيئة إنجاز، تمنّت الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات لو أتت هذه الخطوة «بعيداً عن التجاذبات السياسية»، معتبرة أن اختيار اسم من خارج لائحة بارود «هو خرق لقانون الانتخاب».

واتفق النائب أحمد فتوح ومنسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد على اعتبار ما جرى في الجلسة خرقاً لاتفاق الدوحة، وأعاد كلّ منهما طرح موضوع السلاح، فدعا الأول إلى «تطبيق القرارات الدولية وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية»، فيما ربط الثاني مجريات الجلسة بالـ«تهديدات بسابع أيار تأتي على لسان بعض رموز 8 آذار»، في إشارة إلى الوزير طلال أرسلان، داعياً إلى «تدارك ما حصل ووضع حدود واضحة للتمادي والابتزاز اللذين يمارسهما هذا الفريق كنهج سياسي». ورداً على ما كان رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع قد قاله عن كلام أرسلان، اتهم الحزب الديموقراطي اللبناني «بعض أوساط الموالاة، وفي مقدّمتها» جعجع بـ«الدأب على تحريك آلة التزوير لتشويه تصريحات قادة المعارضة»، موضحاً أن أرسلان لم يدع للعودة إلى ما قبل 7 أيار، بل «طالب الجميع بالإقلاع عن خطاب التوتير والتأزيم وإشاعة الكراهية وإثارة النعرات والغرائز، لأن هذا الخطاب من شأنه أن يعيد لبنان إلى ما قبل 7 أيار واتفاق الدوحة».

على جبهة أخرى، رأى الحزب التقدمي الاشتراكي أن بعض وسائل الإعلام «حوّرت (...) كلاماً منقولاً» عن النائب وليد جنبلاط عن «دعوة أحد الفعاليات السياسية إلى المختارة»، موضحاً أن ما قاله رئيسه لم يكن المقصود منه «أي دعوة سياسية للقاء أحد» بل تأكيد «حرية التنقّل بهدف القيام بالواجبات الاجتماعية». وليلاً زار جنبلاط النائب سعد الحريري في قريطم.

على صعيد آخر، وفي إطلالة تلفزيونية خصصها للحديث عن حصار غزة، وجه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله نداءً إلى «الأمة بمختلف أطيافها وطوائفها وأحزابها للاستجابة الواسعة لدعوة المؤتمرات: القومي العربي والقومي الإسلامي والأحزاب العربية إلى إطلاق تحركات شعبية تضامناً مع غزة»، ابتداءً من يوم الجمعة المقبل، داعياً «أهالي بيروت والضواحي» إلى المشاركة في التظاهرة التي ينظّمها الحزب في الضاحية ضمن هذه الفعاليات. وناشد «الإخوة والقيادة المصرية فتح معبر رفح أمام أهل غزة بشكل دائم ونهائي، وهي خطوة شجاعة سيحفظها لكم التاريخ». وقال للمسؤولين المصريين: «الزمن ليس للمزايدات ولا أحد يريد أن يسجّل نقاطاً على أحد، بل نحن أمام حقيقة مؤلمة، وهذا يتطلب موقفاً تاريخياً مسؤولاً منكم، والأمة كلها ستكون إلى جانبكم في وجه أية ضغوط، إن اتخذتم هذا الموقف».

عون: الانتخابات ستعطينا أرجحية تعيين رئيس الحكومةبهذا برر النائب ميشال عون لمحاوريه، في عشاء أقامه اللقاء الوطني المسيحي في الأشرفية، دعوته إلى تعديل الطائف. وشدد على أن زيارته لسوريا «كانت ضرورية لتنقية الوجدانين اللبناني والسوري، إضافة إلى بعدها الاقتصادي الذي سينتج تحسّناً، لأن سوريا هي شريان حيوي للبنان، ومن المفيد أن ينفتح اللبنانيون على 20 مليون سوري». وبعدما لفت إلى أن سوريا بقيت المتنفّس الوحيد في حرب تموز، سأل: «لماذا نترك 250 كلم شريطاً شائكاً ولا نستعملها وسادة حرير تريحنا؟».

وعن العلاقة مع بكركي قال: «نحن نختلف مع البطريرك في رؤيتنا للموضوع السياسي. فإذا كنا نتطلع إلى دور مسيحي فاعل، فعلينا أن نخرج أنفسنا من العلبة التي نعيش فيها». وتحدث عن المال السياسي، كاشفاً أن أحد النافذين في تيار المستقبل قال في الدوحة «لنترك ميشال عون يقسّم بيروت إدارياً كما يريد، وغداً نشتري الأشرفية بمالنا». وشكا من «احتكار في مشاريع مجلس الإنماء والإعمار الذي لا نوافق عليه، وهناك خلل ومحسوبيات في التوظيفات في معظم الإدارات»، لكنه أضاف: «الخسائر التي لحقت بنا في السنوات الـ18 التي مضت سنعوّضها عندما نأخذ أكثرية الأصوات في الانتخابات المقبلة التي ستعطينا الأرجحية لتعيين رئيس الحكومة».

وليلاً، ردّ تيار المستقبل على كلام عون عن الدوحة، قائلاً إنه «كلام رهيب لا يمتّ إلى الصدق بأي صفة، وهو محاولة يائسة لتسخير المناسبات السياسية لتأجيج النفوس وتأليب اللبنانيين بعضهم على بعض».

التاريخ: 
الثلاثاء, ديسمبر 16, 2008
ملخص: 
ويأتي ذلك في أجواء لم تهدأ فيها بعد ارتدادات ما واكب إقرار هيئة الإشراف على الانتخابات، وبرزت أمس حملة طرابلسية متعددة الخلفيات على مطالبة الرئيس عمر كرامي بتعديل اتفاق الطائف للتخلّص من الطائفية. فدون أن يسمّيه، رأى الرئيس نجيب ميقاتي أن هذا الموقف «اجته