حلقة استهداف الطائف تتوسع في حال فشلت 8 آذار الفوز بالأكثرية

النوع: 

 

عندما اعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري باسم المعارضة ككل، يوم الاحد الماضي، رفضه للمثالثة، او وجود نية لدى المعارضة، لطرح تقصير ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وملقياً مسؤولية اثارة هاتين المسألتين الخلافيتين على عاتق قوى الاكثرية، كانت المواقف الصادرة عن بعض نواب <حزب الله> حليفه الاساسي في المعارضة، ووقائع الحملة الانتخابية لخصمه اللدود في المعارضة النائب ميشال عون تظهر عكس ذلك تماماً· فمطالبة نواب من <حزب الله> بتعديل اتفاق الطائف لم تتوقف منذ مدة، والإلحاح على تبديل تفسير هذا الاتفاق كما اعلن عنها مؤخراً المرشح على لائحة الحزب نواف الموسوي، تغاير كلياً التفسير الذي اعلنه رئيس المجلس بنفسه يوم الاحد الماضي، بعدما طرح الحزب من قبل تثبيت اتفاق الدوحة ليشكل مرتكزاً اساسياً لتشكيل الحكومات المقبلة استناداً الى صيغة الثلث المعطل التي اعتمدت مؤقتاً لتمرير مرحلة حساسة ودقيقة من تاريخ لبنان، بدلاً من اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الاهلية التي مرت على لبنان واسس لمرحلة السلم الاهلي بين اللبنانيين·

لم يقتصر الامر عند هذا الحد، بل وصل الى حد اعلان المرشح نفسه عن <حزب الله> نواف الموسوي بان هدف الحزب من الانتخابات النيابية هو تغيير النظام اللبناني بأكمله بما يتناسب و مصالحه وتطلعاته الاستراتيجية· ولم تكن مطالبة <حزب الله> بتغيير الطائف او استبداله باتفاق الدوحة، ان كان من خلال بعض المواقف النيابية او البيانات، او حتى التصريحات القيادية حيناً، معزولة عن تطلعات حليفه التيار الوطني الحر الذي جاهر رئيسه مراراً وعلناً بأنه ضد هذا الاتفاق كلياً، بل تكاد تكون منسقة بدقة بينهما، كون كل طرف يسعى للافادة من هذا التغيير ولو من جوانب مختلفة وليست متطابقة في بعض الاحيان، إلا ان هدفهما مشترك لاسقاط او تعديل هذا الاتفاق بما يناسبهما في النهاية·

وتأتي في هذا الاطار الشعارات النافرة التي ضمنها التيار الوطني الحر لحملته الانتخابية والتي تتركز على ولادة <الجمهورية الثالثة> اضافة الى ما تسرب لوسائل الاعلام عن فحوى <الاختبارات> التي اجراها التيار لكل الاشخاص المطروحين للترشح على لوائحه عن اهليتهم للالتزام بفحوى برنامج سياسي مستقبلي يتضمن إحتمال طرح تقصير ولاية رئيس الجمهورية الحالي، في حال فوز تحالف قوى 8 آذار بالاغلبية، من اجل افساح الطريق لايصال رئيس التيار النائب ميشال عون الى سدة الرئاسة الاولى، كما كان يسعى باستمرار لتحقيق هذا الهدف الاسمى في حياته، منذ تسلمه مهامات رئاسة الحكومة بعد انتهاء عهد الرئيس السابق امين الجميل وحتى اليوم·

هذه الوقائع والمؤشرات، لا يمكن تجاهلها او التغاضي عنها، او فصلها عما يحصل، كونها تؤكد وجود نوايا مبيتة ورغبات حقيقية لدى <حزب الله> والتيار الوطني الحر، لاستبدال اتفاق الطائف باتفاق الدوحة، بالرغم من محاولات التنصل او اعادة الالتفاف على المواقف المعلنة بهذا الخصوص، في كل مرة تتصاعد فيه حملات الرفض لأي محاولة لاستبدال الطائف، او خرقه، كما حدث اكثر من مرة في الآونة الاخيرة·

وبالرغم من ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حاول ان يميّز موقفه الرافض للمثالثة وتأكيده على الالتزام باتفاق الطائف خلافاً لما يصدر عن حليفة <حزب الله> في هذا الخصوص، وعن موقف التيار الوطني الحر، إلا أن اصراره على اعطاء تفسير ملتبس لصيغة الديمقراطية التوافقية استناداً الى اتفاق الدوحة، بات يشجع الطرفين الحليفين على التمسك بطرح تعديل الطائف او استبداله باتفاق الدوحة، او حتى اسقاطه نهائياً، كما يرغب بذلك ضمنياً رئيس التيار الوطني الحر، الذي يأمل عبر ذلك التمكن من تحقيق طموحاته الشخصية التي تتبدد في كل مرة يكاد الوصول اليها·

ولذلك، فمن المرجح، ان تزداد حمى المواقف المتناقضة من اتفاق الطائف في الاسابيع المقبلة، وقد تزداد تفاعلاً بعد الانتخابات النيابية وتبيان نتائجها النهائية، وقد يقوى التجاذب السياسي لاعتماد اتفاق الدوحة كصيغة ثابتة في الحياة السياسية للمرحلة المقبلة، في حال لم تحقق قوى الثامن من آذار طموحها بالفوز بالاكثرية النيابية والسيطرة على المجلس النيابي المقبل·

لقد اراد رئيس المجلس النيابي اتهام الاكثرية بإثارة موضوع <المثالثة> في هذا الظرف بالذات، ولكنه في الواقع كان يبلغ حلفاءه في <حزب الله> انه ضد طرح هذه المسألة، وانه غير مستعد للسير فيها بعد الانتخابات النيابية، او مجاراة عون بما يحضره من سيناريوهات لتقصير ولاية رئيس الجمهورية·

الكاتب: 
معروف الداعوق
التاريخ: 
الجمعة, مايو 15, 2009
ملخص: 
لم تكن مطالبة <حزب الله> بتغيير الطائف او استبداله باتفاق الدوحة، ان كان من خلال بعض المواقف النيابية او البيانات، او حتى التصريحات القيادية حيناً، معزولة عن تطلعات حليفه التيار الوطني الحر الذي جاهر رئيسه مراراً وعلناً بأنه ضد هذا الاتفاق كلياً، بل تكاد