أندبندت عربية

بطرس حرب: النظام السوري وميشال عون اجتمعا على ضرب اتفاق اللبنانيين

هل يؤجج حزب الله الاحتقان الطائفي ويوقظ "لبنان الفيدرالية"؟

 

شهد الأسبوع الماضي في لبنان تصاعداً في لهجة التصعيد الطائفي، وتلويحاً بمشاريع من نوع الفيدرالية واللامركزية الموسعة، تسببت باتهامات وسجالات بين أطراف عدة، ذكّرت بأيام الانقسام الحاد، حين ظهرت أفكار تقسيمية إبان الحرب الأهلية (1975-1990)، التي انتهت بإقرار اتفاق الطائف وبإصلاحات دستورية طوت صفحة هذه الاتجاهات.

موقف عون من اتفاق الطائف يتأرجح بين رفضه والتزامه

 

مرت الثلاثاء الماضي، الـ 13 من أبريل (نيسان)، الذكرى الـ 46 للحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في مثل ذلك اليوم من عام 1975، وانتهت في آخر عام 1989 بالتوصل إلى اتفاق الميثاق الوطني في مدينة الطائف السعودية، بين البرلمانيين اللبنانيين على إصلاحات دستورية تكرست في الدستور اللبناني الجديد عام 1990، الذي ما زال يخضع للتجاذب حول تطبيقه، فيما تهب بين وقت وآخر موجات تدعو إلى تعديله وسط تمسك قوى رئيسة به في الخارج والداخل.

تحذير بري من الفيدرالية في لبنان يذكر بطروحات الحرب

 

لماذا حذر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري قبل يومين من "الأصوات النشاز التي بدأت تعلو في لبنان منادية بالفيدرالية كحل للأزمات التي يئن تحت وطأتها لبنان"؟

فحديث الفيدرالية في لبنان يتسم بحساسية عالية وصولاً إلى اعتباره من قبل بعض الأوساط السياسية، لا سيما في الساحة الإسلامية، بأنه يعبر عن اتجاه تقسيمي يذكر بأيام الحرب الأهلية التي وقعت بين عامي 1975 و1990، والتي أنهاها اتفاق الطائف باتفاق (وثيقة الوفاق الوطني) على توزيع جديد للسلطة والصلاحيات بين مواقع الحكم في النظام الطائفي اللبناني، في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وفي المواقع الإدارية العليا، سواء بالنص أو بالعرف.

لبنان يغرق في "الفوضى السياسية" بموازاة العقوبات الأميركية دعوات إلى تغيير النظام والفيدرالية تعمق الفرز الطائفي

 

شرّعت الأزمة الاقتصادية المالية في لبنان الأبواب على طروحات للتغيير في النظام السياسي خلال الأشهر الأخيرة، وأخذ العديد من الفرقاء يطرح أفكاراً جديدة وقديمة في شأن تعديل الصيغة السياسية التي يُحكم لبنان على أساسها.

مستقبل لبنان بين استكمال تنفيذ الطائف أو زوال الميثاق/بنود أخرى لم تُبحث أبرزها إنشاء مجلس للشيوخ وإلغاء الطائفية السياسية واعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة

 

أكثر من 31 عاماً مرت على وثيقة الوفاق الوطني اللبناني، التي وضعت بين الأطراف المتنازعة في لبنان، بوساطة سعودية في 30 سبتمبر (أيلول) 1989 في مدينة الطائف، وأُقرت بقانون بتاريخ 22 أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه منهية الحرب الأهلية اللبنانية بعد أكثر من 15 سنة على اندلاعها، حاسمة الجدل حول عروبة لبنان بتأكيدها أنه دولة عربية مؤسسة في جامعة الدول العربية.

بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" علاقة يحكمها تبادل الخدمات باسيل يحاول تثبيت دعم الحزب له من خلال طرح فكرة "المؤتمر التأسيسي"

 

على الرغم من تأكيد "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" على أن تحالفهما هو تحالف وطني يصب في مصلحة لبنان والدولة القوية والقادرة، فإن كثيرين ينظرون إلى هذا التحالف على أنه "حلف المصلحة الخاصة" حيث يسعى كل طرف إلى تحقيق مصلحته مستفيداً من هذه العلاقة الثنائية.

من المعلوم أن التيار الوطني الحر (حزب رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون)، الذي سعى منذ تأسيسه إلى نيل السلطة بهدف "بناء الدولة" كما يقول، وعمل على الوصول إلى رئاسة الجمهورية، لم يجد يوماً مشكلة في الانتقال من ضفة إلى أخرى لتحقيق هذا الهدف، حتى لو كان ذلك على حساب مبادئ وأفكار جاهر بها مؤسسه، رئيس الجمهورية ميشال عون.

دعوات إلى دولة مدنية في لبنان من أمام طريق مسدود

 

الدعوات دورية منذ اتفاق الطائف قبل ثلث قرن. كلما حدث تأزم في لعبة السلطة والمحاصصة الطائفية لوح مسؤولون وأمراء طوائف بالدعوة إلى دولة مدنية. ولا أحد يأخذ هذه الدعوات بجدية، حتى أصحاب الدعوات فإنهم يتصرفون على أساس أنها شعارات لتحقيق أهداف أخرى تحت عنوان الحقوق الطائفية والمذهبية.

من اللعب بجوهر الطائف إلى تعديله قبل التطبيق

 

ليس أمراً قليلَ الدلالاتِ في حرارة كارثة بيروت، أن يواجه لبنان استعجالَ الخروج من الطائف وحتى عليه قبل الدخول الحقيقيّ فيه.

فلا الدورانُ حول اتفاق الطائف الذي صار دستوراً هو مجرد حراك سياسي دستوري. ولا كل من يلحّ على تعديله يريد ذلك نحو الأفضل انطلاقاً من المخرج الذي نصّت عليه "وثيقة الوفاق الوطني" الموقّعة في الطائف عام 1989.

فالاتفاق كان تعبيراً عن الحال التي وصلت إليها موازين القوى بعد 15 سنة من حرب محلية وعربية وإقليمية ودولية تميّزت بالانخراط المباشر لكل القوى، واستعجال التعديل يأتي من طرفين حليفين كانا ضد الاتفاق أصلاً.

اشترك ب RSS - أندبندت عربية