الجزيرة نت

الدستور اللبناني بين التوافق والاختلاف

 

منذ اعتماد اتفاق الطائف دستورا جديدا للبنان عام ١٩٨٩، ما انفكت القوى المسيحية تشكو من الغبن بسبب تقليص كبير لصلاحيات رئاسة الجمهورية، الموقع المحسوب للطائفة المارونية في التوزيع الطائفي للسلطة في لبنان.

وقد تمتعت رئاسة الجمهورية في الدستور السابق -الأول منذ نشوء الكيان اللبناني عام ١٩٤٣- بصلاحيات كبيرة نعتتها بقية الفئات "بالهيمنة".

وأعاد البطريرك الماروني بشارة الراعي طرح تعديل الطائف وإعادة صلاحيات أكثر لرئيس الجمهورية، مستفيدا من الفراغ السلطوي لأربعة أشهر بسبب تعذر تشكيل الحكومة.

ضرورة التصويب

لبنان ومعادلة المقاومة

 

حكمت لبنان لسنوات صيغة "لبنان قوي بضعفه"، وأن استمرار الكيان اللبناني منوط بقدرته على ألا يشكل تهديدا على إسرائيل، وشجعت الحرب الأهلية اللبنانية على استقرار هذه الصيغة، حيث إن الفصائل اللبنانية المقاومة أنهكتها الحروب الداخلية التي دخلتها تحت عنوان محاربة ما سمته آنذاك "القوى الانعزالية اللبنانية المدعومة من إسرائيل" مثل الكتائب ولاحقا القوات اللبنانية.

قوى لبنانية تطالب بإسقاط اتفاق الطائف

 

لم يعد المطالبون بإلغاء اتفاق الطائف وإيجاد صيغة سياسية بديلة عنه لحكم الوضع اللبناني اليوم، يتحدثون كما في السابق ضمن صالوناتهم السياسية المغلقة، بل أصبحت المجاهرة بهذا المطلب تشكل مادة سجال يومية، يتقاذفها فرقاء السياسة وسط سيل من الاتهامات.

ويرى مراقبون في طرح موضوع إلغاء اتفاق الطائف في هذا التوقيت تحديدا، وبدء الحديث عن وجوب استبداله بعقد سياسي جديد يكفل للقوى القائمة حجم أوزانها الحقيقية على الأرض، بداية لعودة لبنان إلى إرهاصات ما قبل الحرب الأهلية.

30 عاما على توقيعه.. ماذا بقي من اتفاق الطائف في ظل الإحتجاجات اللبنانية؟

 

لم ينتبه اللبنانيون في ظل احتجاجاتهم الشعبية الكبيرة ومطالبتهم بإسقاط النظام، إلى أن اتفاق الطائف الذي وضع حدا لاقتتالهم المسلح على مدى 15 عاما (1975-1990)، قد مر على توقيعه ثلاثون عاما.

فهذا الاتفاق الذي أجمع عليه قسم كبير من اللبنانيين، وصار دستورهم الجديد كخطوة أولى نحو تطوير نظامهم السياسي، جاء بعد أن تحققت وظيفة حربهم الأهلية إقليميا ودوليا ومحليا، كما يقول الباحث الاجتماعي نضال خالد للجزيرة نت، فالحرب التي دمرت لبنان سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وخلفت آلاف القتلى والجرحى والمفقودين، لم تزل تئن البلاد من ثقل آثارها وما أنتجته من مآس.

أمراء حرب وزعماء طوائف.. 6 رجال يتصدرون المشهد السياسي اللبناني

 

في خطوة لم يتوقعها كثيرون، نزل عشرات آلاف اللبنانيين إلى الشوارع وصبّوا جام غضبهم على النخبة السياسية، في تحد نادر للعائلات السياسية من مختلف الطوائف وأمراء الحرب الذين يقول هؤلاء إنهم أوصلوا البلاد إلى حد الخراب.

وفي مؤشر لتصاعد حجم النقمة الشعبية، بدا لافتا خروج مظاهرات غاضبة في مناطق محسوبة على تيارات سياسية نافذة، أحرق ومزق فيها المتظاهرون صورا لزعماء وقادة سياسيين، رافعين الأعلام اللبنانية لا الحزبية، ومطالبين بكسرة خبز ولقمة عيش بعيدا عن الانتماءات والحسابات الطائفية الضيقة.

لبنان

 

 

الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان منذ عام 2005 حتى الآن، لم يكن وقعها المتصاعد، نتيجة للحدث الهام، المتمثل باغتيال رفيق الحريري -زعيم تيار المستقبل- لكن الاغتيال وبالطريقة التي حصلت، أشعل فتيل أزمة قديمة لها تاريخها وحضورها في الحياة السياسية والاجتماعية اللبنانية.

جدل اللبنانيين حول تاريخهم

يقال: "التاريخ يكتبه المنتصرون دائماً". قاعدة ثابتة لا تخطئها العين في كلّ المصنفات التي أرّخت لحقبات وأحداث اجتماعية وسياسية. في لبنان يكاد الأمر يختلف بعض الشيء، إذ إنه بعد حرب دامية وصلت إلى كل بيت لم يخرج منها منتصر ومهزوم –على الأقل– وفقاً لما تقوله الأحزاب والطوائف التي انخرطت في الحرب التي دامت قرابة عقدين من الزمن، وبما أنه لم يوجد منتصر استطاع أن يحمل خصومه على الاعتراف بهزيمتهم، ولم يوجد مهزوم أقرّ لمنتصر بنصره، بقي الشعب اللبناني حتى كتابة هذه السطور دون كتاب تاريخ موحد يؤرخ للحرب الأهلية وصولاً إلى يومنا هذا.

اشترك ب RSS - الجزيرة نت