الطائف أم "ذاك الشيء"؟

النوع: 

 

ثمة جانب منطقي في الحيثيات الواقعية التي دفعت برئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه القانوني الى توجيه الرسالة الى رئاسة مجلس النواب في طلب تفسير المادة 95 من الدستور على خلفية الاضطرار الى منع حجب نشر الموازنة بما يحمل الرئاسة تبعة خطيرة. هذه الوجهة تتصل تحديدا بالتباس الممارسات اكثر منها بالتباس النص حول الفترة الانتقالية والمناصفة في الوظائف وهي ليست المرة الاولى تثار فيها في هذا العهد او في العهود المتعاقبة بعد الطائف. ومع ذلك فان تبريرا لجانب من المشهد لا يجيز الاختباء اطلاقا وراء واقع اشد خطورة من اي مسألة دستورية او سياسية وهو واقع الاختلال في ميزان القوى الداخلي المسبب لتعميق كل التباس دستوري وكل ازمة تحمل طابعا ميثاقيا بما يفرض على اي فريق لبناني في اي موقع كان التروي وتجنب الحسابات الخاطئة والانزلاقات القاتلة في فتح مسارب العبث بالدستور. ونقول اي فريق لبناني لا اي فريق مسيحي لان رسالة رئاسة الى المجلس ولو مستوفية الشرط الدستوري لا تعني ان نتائجها ستكون لمصلحة الحسابات التي أملت توجيهها في الظروف والآفاق التي تطل عليها الاوضاع المأزومة في لبنان ومحيطه. فثمة مفارقات لا يمكن تجاهلها في اي خطوة من شأنها ان تقحم الواقع الدستوري في المعارك السياسية من أكثرها فجاجة ان تأخذ فئات من طوائف غير مسيحية على الرئاسة اهمال جوانب لا تقل خطورة على الانتظام الدستوري والطائف فيما تثار فقط مسألة المادة 95 من الدستور. ونعني تحديدا الاعتمال المتصاعد في الوسط السياسي والطائفي السني حيال القضم المنهجي لصلاحيات رئاسة الحكومة، وهو اعتمال لا يحتاج الى تدقيق ولو ان الرئيس الحريري لا يزال معتصما بالتسوية الرئاسية لتجنب الذهاب الى متاهات تفجيرية تطيح بمجمل الواقع الناشئ عنها. اليس من حق هذه الفئة مثلا ان تطالب الرئاسة برسالة مماثلة الى المجلس تطلب بيان الأسباب الحقيقية لاستهداف صلاحيات رئيس الحكومة ولماذا السكوت والى متى ؟ وماذا لو قام الدروز غدا وطالبوا برسالة مشابهة تتصل بما يعتبرونه مخططا طارئا لضرب الغالبية الكبرى لهذه الطائفة من خلال استهداف الزعامة الجنبلاطية؟ الا يشكل ذلك ايضا مسألة ميثاقية من الدرجة الاولى؟ كل هذه الاحتمالات قد تطرح وقد لا تطرح ولكنها تعتمل بقوة في الشوارع السياسية والطائفية المحتدمة بالاحتقانات بما يثير الخشية الكبرى على مجمل الآفاق المقبلة والتساؤل عما يمكن ان يلجم الانزلاقات الخطيرة نحو فتح ازمة ميثاقية بكل ما تحمل من دلالات بالغة الخطورة على لبنان. ولعل الاخطر اطلاقا ان يكون هناك من يظن انه سيخرج من متاهة كهذه بمكاسب سياسية مزعومة او بمزيد من الهيمنة السلطوية او بترسيخ مكانة دائمة فوق بركان يغلي بعصبيات طوائف وشوارع مذهبية. فالاختلال الاول والاخير المتأتي من منطق التحكم بالقوة وبتحالفات الاستقواء مرشح في حالات كهذه للتحول نقطة ضعف قاتلة لاصحاب الحسابات الحالمة والطامحة برعونة وبلا تروي علما ان ليس من لبناني طحنته الازمات لا يعرف سلفا حجم اثمان الانجراف وراء الغلو في السيطرة والهيمنة.

الكاتب: 
نبيل بو منصف
التاريخ: 
الجمعة, أغسطس 2, 2019
ملخص: 
ولعل الاخطر اطلاقا ان يكون هناك من يظن انه سيخرج من متاهة كهذه بمكاسب سياسية مزعومة او بمزيد من الهيمنة السلطوية او بترسيخ مكانة دائمة فوق بركان يغلي بعصبيات طوائف وشوارع مذهبية. فالاختلال الاول والاخير المتأتي من منطق التحكم بالقوة وبتحالفات الاستقواء مر