حرب: المشكلة الحقيقية تكمن في من يتولّى الأحكام
إعتبر النائب السابق بطرس حرب أنه بدلاً من أن "تتم معالجة إشكالية الطائفية الاجتماعية والسياسية، التي اعتمدت بصورة موقتة والتماساً للعدل والوفاق بتمثيل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف العامة وبتشكيل الوزارة من دون أن يؤول ذلك إلى الإضرار بالمصلحة العامة، تحولت إلى صراع مستمر بين الطوائف والمذاهب، ما ساهم في إطلاق الثورات والأزمات".
وقال حرب خلال محاضرة دعت إليها رابطة أصدقاء كمال جنبلاط بعنوان "الدولة العلمانية - الحل لإنقاذ لبنان من الصراع الطائفي والمذهبي وإقامة دولة المواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية": استفحلت الأحداث، ففاقت كل المعايير، ووضعت لبنان وشعبه في عين عاصفة هوجاء، هدّدت وجود الدولة ووحدة شعبها ومؤسساتها، وهجّرت قسماً كبيراً من شعبها، هرباً من الاقتتال والتدمير، وتفتيشاً عن أمن واستقرار.
وأضاف: "بعد أن تكرست ملكية كل مذهب لمواقعه في الدولة، انحصر قرار ملئها بالمذهب وبالقيمين عليه، بحيث لم يعد يستطيع مسيحي إبداء رأيه في تعيين أي مسؤول غير مسيحي، ولم يعد للمسلم أي حق في إبداء رأيه في تعيين مسؤول غير مسلم، بل أكثر من ذلك، لم يعد لرئيس الجمهورية والوزراء المسيحيين حق في المشاركة بتعيين مسؤول غير مسيحي، ولم يعد لرئيس مجلس الوزراء المسلم السني رأي في تعيين مسؤول شيعي أو مسيحي، ولرئيس مجلس النواب الشيعي والوزراء الشيعة رأي في تعيين مسؤول سني أو مسيحي، ولم يعد لهم إختيار مسؤول درزي، وانحصرت كل الصلاحيات، المنوطة دستورياً بالمؤسسات الدستورية، في رؤساء الأحزاب الطائفية عامة والمسؤولين في المذهب المعني لوحده، واقتصر دور السلطات الدستورية على المصادقة على ما يقررون عنها".
ورأى أنه "لم يعد للنواب الأحرار المستقلين وجود عملي في المجلس إلا ما يندر، نواب يقررون ما يقتنعون به ويخالفون ما لا يؤمنون به، وقد وُضع قانون الانتخاب لتحقيق هذه الغاية ونجحوا في ذلك، نعم نجحوا في تدجين المؤسسات الدستورية، فأصبحت أداة طيعة في يدهم. وإن سمعنا بعض المواقف المنسجمة مع تطلعات المواطنين، وهي مواقف تدعونا لاحترام أصحابها، إلا أنها مواقف وأصوات في البرية، لا فعالية لها في مجرى القرارات السياسية. فالمشكلة الحقيقية تكمن في من يتولّى الأحكام وفي عدم توافر الإرادة والتصميم لديهم وعدم إقتناعهم في وجوب السعي الجدّي لبلوغ الدولة العلمانية كما تكمن في قبول المواطنين بذلك وسكوتهم، إذ متى تولى الأحكام رجال صالحون صادقون مثقفون مؤمنون بوطنهم، وساعون لتطوير دولتهم ومتى استرد المواطنون دورهم في محاسبة المسؤولين، لن يبقى عائق أمام النجاح".
وأكد أنه "إذا لم يتغير القيمون على الأمور، أو يبدّلوا ما في أنفسهم، وإذا لم يتخلوا عن سياساتهم الفئوية ومصالحهم الشخصية، ويقتنعوا بأهمية قيام دولة العدالة والمساواة، وإذا لم نسعَ إلى إسقاط دويلات الطوائف والمذاهب والمصالح، فلا حياة للبنان ولا مستقبل للمواطن اللبناني. فالعودة إلى الطريق القويم تبدأ عند المواطن المذعن المستسلم القابل والساكت، فيوم يستفيق هذا المواطن من ثباته، ويوم يجتمع أصحاب المبادئ والهمم ويصممون على المواجهة، يومها يعود الأمل بانبعاث دولة الإنسان الحر في لبنان، الدولة المدنية العلمانية والنظام الديمقراطي البرلماني الذي يحترم الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد". (نص كلمة بطرس حرب كاملة على الموقع الالكتروني).