مطلوب سياسة دفاعية وخارجية واحدة لئلا تنفجر الحكومة من الداخل

النوع: 

 

الى متى تستطيع حكومة الأضداد والتناقضات أن تستمر وموقفها ليس واحداً من أمور كثيرة، ولا سيما من السياسة الدفاعية ومن السياسة الخارجية، ولا تنفجر من الداخل في أي وقت؟!

إن الحكومة اذا لم تكن قادرة على وضع استراتيجية دفاعية تضبط استخدام سلاح “حزب الله” وتحدد له متى وأين وكيف يُستخدم، لأنه بحسب الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري ليس مشكلة لبنانية فقط، بل هو جزء من مشكلة اقليمية، فليكن الاتفاق مع الحزب أقلّه على استخدام سلاحه بقرار يصدر عن مجلس الوزراء تطبيقاً للدستور، فيتساوى استخدامه عندئذ بسلاح الجيش والقوى الأمنية والذي لا يُستخدم الا بقرار من الحكومة. إن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يكرر القول إنه سيرد على أي اعتداء اسرائيلي يقع على لبنان، ولا خلاف على هذا الرد، إنما الخلاف هو مَن يقرر الرد. أهو “حزب الله” وحده أم السلطة اللبنانية والحزب ممثل فيها أفضل تمثيل؟ وقوله أيضاً إنه سيقف ضد أي حرب على ايران، فأي علاقة للبنان بمثل هذه الحرب إذا وقعت وأياً كان مَن يقوم بها؟. وينسى نصرالله سياسة الناي بالنفس المطلوب التزامها بحسب ما تقضي به مصلحة لبنان وليس أي مصلحة أخرى.

لقد استقالت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لأن “حزب الله” خالف سياسة الناي بالنفس عندما قرر منفرداً التدخل عسكرياً في الحرب السورية دعماً لنظام الرئيس بشار الأسد وفي لبنان انقسام حاد حول هذا النظام، واستقال الرئيس سعد الحريري من الرياض احتجاجاً على تكرار “حزب الله” مخالفة سياسة الناي بالنفس، ولم يرجع عنها إلا بعد تأكيد حكومته بجميع أعضائها التزام هذه السياسة. واذا بـ”حزب الله” يعود مع الحكومة الحالية الى مخالفة هذه السياسة باعلانه وقوف لبنان مع إيران ضد أي اعتداء يقع عليها، وهو بموقفه هذا يدخل لبنان في لعبة صراع المحاور المكلفة كثيراً للوطن والمواطن.

لقد بات مطلوباً من الرئيس عون والرئيس الحريري، وقبل فوات الأوان، دعوة مجلس الوزراء الى الاتفاق على سياسة دفاعية وسياسة خارجية واحدة يلتزمها كل أعضاء الحكومة لئلا تنفجر من الداخل وفي ظرف صعب ودقيق لا يتحمل لبنان فيه أزمة وزارية قد تصبح مفتوحة على كل الاحتمالات.

لذلك على “حزب الله” ألا يتخذ قراراً بمفرده يخرج به لبنان من سياسة الناي بالنفس قبل العودة الى مجلس الوزراء الذي يقرر التزام هذه السياسة وفقاً لكل حالة مطروحة ووفقاً لمصلحة لبنان، فلا ينأى بنفسه مثلاً في مواجهة اسرائيل أو في الدفاع عن القضية الفلسطينية، لكنه ينأى بنفسه في صراع بين دولة ودولة عربية شقيقة وبين دولة ودولة أجنبية صديقة حرصاً على التضامن الوزاري وعلى الوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الأهلي.

إن الأمين العام لـ”حزب الله” يكرر القول كل مرة إن اسرائيل اذا اعتدت على لبنان فسوف يرد عليها في أي مكان وفي أي زمان، وكأن لا دولة في لبنان ولا حكومة ولا دستور، بل عليه أن يقول إن الحزب سيطلب من مجلس الوزراء اتخاذ قرار بالرد، حتى اذا ردّ الحزب فإن الرد يكون مغطى بهذا القرار، وإلا دفع الوطن والمواطن ثمن الرد على اعتداء اسرائيل غالياً عندما يقرر الحزب منفرداً.

لقد بات مطلوباً، وقبل أن “يفلت الملّق”، تأكيد التزام سياسة دفاعية واحدة ضد أي اعتداء اسرائيلي على لبنان، وتأكيد التزام سياسة النأي بالنفس عن صراعات المحاور، وان يُترك لمجلس الوزراء قرار التزامها بحسب مصلحة لبنان وليس لمصلحة أي خارج، وإلا أدّى استمرار الخلاف على هذه السياسة بين أعضاء الحكومة التي لا انسجام ولا تجانس فيها الى انفجارها من الداخل وفي غير الوقت المناسب.

الكاتب: 
اميل خوري
التاريخ: 
الجمعة, سبتمبر 13, 2019
ملخص: 
لقد استقالت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لأن “حزب الله” خالف سياسة الناي بالنفس عندما قرر منفرداً التدخل عسكرياً في الحرب السورية دعماً لنظام الرئيس بشار الأسد وفي لبنان انقسام حاد حول هذا النظام، واستقال الرئيس سعد الحريري من الرياض احتجاجاً على تكرار “حزب ا