إشكالية المادة ٩٥ من الدستور: المنطلقات والمفاهيم

النوع: 

 

لا يكفي أن نشتم القدَر ونقف عاجزين عن مواجهة أزماتنا المستفحلة، لنصطفّ مذاهب وقبائل وأتباعًا، نتبادل الاتهامات ونلعن حظنا التعيس، فنكيل الشتائم للسياسيين وفي النهاية نراوح مكاننا.

  علينا في البداية أن نعترف بأن الأزمات التي نعاني منها، ليست قدَرًا محتومًا لا نفاذ منه، فهي النتيجة الحتميّة لنظامٍ سياسيّ يؤدّي بحكم تكوينه وديناميّة عمله إلى كلّ ما نعانيه من فسادٍ وترهّل في بنية الدولة. لكن وعلى الرغم من تعاقدنا في مؤتمر الوفاق الوطني في الطائف على كون التخلّي عن هذا النظام هو السبيل الوحيد لقيام الدولة الزمنية الديمقراطية، عدنا إلى كنفه مهرولين كما لو أن الميثاق لم يعد مرجعيتنا، وكما لو أن المادة ٩٥ من الدستور وضعت لتبقى حبرًا على ورق.

  في الأوضاع الحرجة التي تمرّ بها بلادنا اليوم، لم يعد من الجائر قبول هذا الانفصام اللافت بين الخطاب السياسي والممارسة، وبين القول والفعل. فكيف ندّعي التزامًا باتّفاق الطائف في الوقت الذي نرفض تطبيق البند الأهمّ في هذا الاتّفاق، الذي هو جوهر الاتّفاق ذاته.

  من الراهن أن الحديث عن إلغاء الطائفية السياسية يثير حساسيات وهواجس. لكن تجاهل النصّ الدستوري الذي قضى بأن يُعهد إلى الهيئة الوطنية للحوار مهمّة اقتراح الطرق الكفيلة لإلغاء الطائفية السياسية يطرح تساؤلات حول نزاهة أدعياء الدفاع عن الاتفاق. فما هو البديل عن تطبيق المادة ٩٥ من الدستور؟ وهل قرّرت المؤسّسة السياسية المضي في المماطلة والتسويف للالتفاف حول الميثاق لتعطيل الدستور، بانتظار ظروفٍ قد تتيح لها التنكّر لموجباته وهل ننتظر فتنة جديدة تقودنا إلى مؤتمر وفاق جديد وإلى كارثةٍ أكثر تدميرًا؟

  لقيام الدولة ولتفادي الفتنة بات من الضروري وضع حدّ للمراوغة والتسويف والمضي في تطبيق اتّفاق الطائف الذي يبدأ وينتهي بإيجاد النظام البديل لنظام المحاصصة، مع مراعاة المسلّمات التالية:

1- أن لا جدوى من تغيير نظامنا السياسي عن طريق العنف لتفادي القفز إلى المجهول.

2- أن لا فرصة للتغيير الديمقراطي ما لم يتولّى المجتمع المدني العابر للطوائف مسؤولية حماية المشروع التغييري.

3- لا بد أن يكون لحراك الشارع الكلمة الفصل في التغيير، مما يستدعي تكريس الشارع ساحة للقاء القوى المتضررة من النظام الطائفي بدل أن يكون مسرحًا للممثّلين في المؤسّسة السياسية المتوجسة من التغيير والمتحالفة ضمنًا لأنتشاله.

  يخيّل لنا أن الرياح العشوائية العاصفة في أشرعة الوطن المترنحة، لن تترك للاعبين الكبار فرصة للمزيد من التذاكي أو التشاطر. السفينة ستغرق حتمًا إن لم تجد طريقها قبل فوات الآوان. إذا كان وراء كلّ عملٍ كبير حلم صغير، فهل لملتقى التأثير المدني أن يساهم في وضع آلية وإجراءات تشكيل هيئة وطنية للحوار وأن يقود حراك الشارع بمسؤولية وتعقّل لبوغ الأهداف المرتجاة.

1- نظام المحاصصة والدولة المستحيلة

  وجد نظام المحاصصة الطائفيّ القائم على تقاسم المجال العام بين الطوائف، مبرّراته الأخلاقيّة في تقاسم السلطة بين الطوائف من أجل الحؤول دون إلغاء مكوّن أو حرمان سواه. لكن هذا الهدف لم يتحقّق، لأن النظام تحوّل إلى نقيض ما سعى إليه، حيث إنه وطّد في الممارسة التشابك بين أغراض المواقع الطائفية وبين المصلحة العامّة، نتيجة للنزوع الطبيعيّ لممثّلي الطوائف المتوافقين على التقاسم، إلى التنازع والتصارع على حجم الحصص. اِنعكست هذه اللعبة على حساب موازين القوى بين الطوائف، وشرَّعت استغلال العصبيّات وتوظيفها في صراعات النفوذ داخل الطوائف ذاتها، مما أدّى في النهاية إلى احتدام الصراعات وبروز التناقضات العموديّة بين الجماعات.

  من الطبيعيّ أن يؤدّي تحاصص المناصب العامّة وتملّكها من المواقع الطائفية، إلى جنوح من تولّى الموقع، في سبيل تحصين حيازته له، إلى التجييش الطائفيّ أو المذهبيّ الغرائزي، مع ما يستدعي ذلك من ابتداع هواجس وتظهير تناقضات مع المواقع المقابلة، ما يؤدّي، حتمًا، إلى فقدان السلطة أحاديّة نصابها وتراتبيّتها وحيادها، وإلى إفقادها الشرعيّة وغياب المرجعيّة المولجة بالفصل في التناقضات بين مصالح الأطراف. هذا الواقع يستتبع واحدًا من أمرين، كلاهما خطير ومُذِلّ، فإمّا استعارة مرجعيّة خارجيّة لتمارس دور الحَكَم، وتتحوّل تاليًا إلى حاكِم، وإمّا استقواء المواقع الفئويّة بطرف خارجيّ في لعبة موازين القوى ما يعني التبعيّة لهذا الطرف، وتحويل بلدنا ساحة لتصفية حسابات الآخرين.

  نظام المحاصصة هو أيضًا أصل العلّة التي نشكو منها في ضمور شعورنا بالمواطنة، إذ أدّى هذا النظام إلى تنصيب المذهب وسيطًا في كلّ شؤون الدنيا بين المواطن والدولة المغيّبة. وعلينا أن نُقِرّ بأنّ نظامنا السياسيّ القاصر عن طرح مشروع وطنيّ يستقطب حماسة الأفراد، هو المسؤول عن جعل الولاء للمذهب يتقدّم على الولاء للوطن، وهو المسؤول تاليًا عن جعل الإنسان اللبنانيّ فردًا في رعيّة، بدلًا من أن يكون مواطنًا في دولة.

  من غير المفيد التوسّع في محاكمة هذا النظام المُدان في أدبيّات مجتمعنا. يكفي أن نتذكّر أنّه المسؤول الأساسيّ عن ترهّل الإدارة وفسادها، حيث يضطرّ الموظف، المغلوب على أمره، لموالاة من ولاّه الموقع. نظامنا، هو كذلك المسؤول عن إلغاء الحياة السياسيّة، وعن تحويل المحاسبة والمساءلة إلى اشتباك طائفيّ أو عشائريّ. وهو المسؤول أيضًا عن اقتصادنا المأزوم وأمننا السائب وهجرة شبابنا المريعة وتفريغ الوطن من قواه الحيّة. والأهمّ من كلّ ذلك، أن نظام المحاصصة هو المسؤول عمّا نعانيه من ولاءات لدول خارجية وجدت مبررها في أستقوائنا بهذه الدول في حساب موازين القوى المعوّل عليها في الصراع على الحصص.

2- وثيقة الوفاق الوطني -التسوية التاريخية

  كان من الطبيعي ان يُجمِع المؤتمرون في الطائف على أن نظامنا الفاسد هو علّة فشل الدولة والسبب في حروبنا. واعتبر التخلي عن النظام المارق جوهر الميثاق، بل الميثاق كلّه، لأن ذلك يختصر المسافة بين الثرثرة والقرار وبين ممارسة التقية وشجاعة الرأي والموقف.

  لم يكن بالإمكان، في تلك المرحلة المضطربة، الولوج إلى تفاصيل التسوية التاريخية المنشودة التي تستدعي إقرار عقدٍ اجتماعيٍ يتناول القضايا التي كرّست عناوينها وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، لذلك فضّل المؤتمرون تأجيل البحث إلى مرحلة لاحقة، ليتمّ التوافق على صيغةٍ بديلة مقبولة من كافة الأطراف، تتيح التخلّي عن نظام المحاصصة الطائفي المفخّخ.

  جاء اتّفاق الطائف بمثابة مشروع لتعديل الدستور، إذ جمع بين القضايا الميثاقية الجوهرية التي كان الخلاف عليها أساسًا للحروب بين اللبنانيين وبين الشؤون الإجرائية العائدة لعمل السلطة وترابط مؤسّساتها وتوازنها. فهو حاول أن يوفّق بين مقتضيات المرحلة الانتقالية التي أنهت الحرب، وثوابت التسوية التاريخية المنشودة لقيام الدولة، التي أوكل أمر بلورتها للحوار بين اللبنانيين أنفسهم عندما تستقر الأوضاع.

  وافق المجتمع اللبناني، بكلّ أطيافه، على البنود الميثاقية التي التزمت بمضمونها الجماعات المكوّنة للشعب، كحلٍّ نهائي للقضايا التي أدّى التشابك حولها، في الماضي، إلى الحروب والصراعات. وهذه البنود هي حصرًا:

أ‌- إعادة تأكيد ميثاق العيش المشترك واعتباره الشرط الأساس لشرعية السلطة الحاكمة.

ب‌- اِعتبار لبنان وطنًا نهائيًا لكلّ بنيه.

ج- التأكيد على وحدة الانتماء والهويّة العربية.

د- التوافق على تكريس المساواة بين جناحَي الوطن، الذي قضى بأن لا أرجحية بعد اليوم لطائفة على سواها والذي أصبح حقيقة اجتماعية لبنانية لا يجوز تجاهلها أو تجاوزها.

ه- اِعتبار التخلّي عن النظام الطائفي هدفًا واجب التحقيق، يتمّ التوصّل إليه عبر هيئة وطنية للحوار مهمّتها دراسة واقتراح الطرق الكفيلة لإلغاء الطائفية.

  وقضى اتّفاق الضرورة، على أن يستمرّ توزيع السلطة حصصًا بين الطوائف بانتظار إقرار صيغة النظام اللاطائفي البديل، التي يتمّ التوصّل إليها عبر تفاهم اللبنانيين، واعتبار التخلّي عن النظام السياسي الطائفي بند ميثاقي واجب التحقيق على مراحل وهدف وطني تأسيسي لا يجوز تجاوزه.

3- المادة ٩٥ من الدستور

  أجمع المؤتمرون في الطائف على أن نظامنا السياسي الطائفي هو علّةُ حياتنا الوطنية وتعاقدوا على التخلّي عنه، وإقرار نظام بديل له، حيث جسّدت المادة ٩٥ من القانون الدستوري منطلقات الميثاق الذي أقرّه المؤتمرون في الطائف، وقد نصّت على ما يلي:

  "على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين اللبنانيين المسلمين والمسيحيين اتّخاذ الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفيّة السياسيّة وفق خطّة مرحليّة، وتشكيل هيئة وطنيّة برئاسة رئيس الجمهوريّة تضمّ بالإضافة إليه رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وشخصيّات سياسيّة وفكريّة واجتماعيّة. مَهَمَّة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفيّة وتقديمها إلى مجلس النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطّة المرحليّة."

  تفاديًا للالتباس الحاصل الذي يحيط بهذه المادّة من الدستور، وللهواجس التي تكتنف تطبيقها، بات من الضروري توضيح مفاهيمه والكفّ عن التعمية:

  أولًا: الطائفيّة السياسيّة المشار إليها في المقطع الأول من المادّة ٩٥ والموصى بإلغائها ووفقًا لخطة مرحلية تعني نظام المحاصصة الطائفيّ العصيّ على الإصلاح والذي هو أساس علّة واقعنا المأزوم.

  ثانيًا: المقصود بإلغاء الطائفيّة، المشار إليها في المقطع الثاني من هذه المادة: تحرير المجال العامّ من ملكيّة الطوائف والتخلّي عن تقاسمه بين المواقع الطائفيّة، ما يعني فصل الدين عن الدولة تمهيدًا لإلغاء النظام السياسي الطائفي المعتلّ.

  ثالثًا: من الواضح، أنّ المَهَمَّة الأساسيّة للهيئة الوطنيّة للحوار المكلفة بإلغاء الطائفية هي اقتراح الإجراءات الكفيلة بإلغاء النظام السياسيّ الطائفيّ، الذي يعني تصوّر نظام سياسيّ بديل ذي طابع لا طائفيّ.

  رابعًا: نصّت المادّة الدستوريّة المشار إليها على تشكيل الهيئة الوطنيّة للحوار التي يرأسها رئيس الجمهوريّة من شخصيّات سياسيّة وفكريّة واجتماعيّة، بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء. المقصود، أي تشكيل الهيئة من شخصيّات وطنيّة مستقلّة عن الاصطفافات السياسيّة، من أصحاب الرؤية والفكر والفضيلة المشهود لهم بالنزاهة والأخلاق، لتصّور الصيغة المطلوب التوافق عليها.

  خامسًا: المادة ٩٥ من الدستور أوضحت منطلقات البند الميثاقي حول إلغاء النظام السياسي الطائفي القائم واستبداله بنظام سياسيّ آخر يوفّر الشروط الميثاقيّة للعيش معًا، ويؤكّد التوازن بين جناحي الوطن.

  كان التخلّي عن النظام السياسي الطائفي البندَ الجوهري في ميثاق الطائف، وقد واكب إقرارَه شبهُ إجماع وطني، على اعتبار أنّ نظامنا البائس يختزن في تكوينه، وفي آلية عمله، علّة كلّ أزماتنا وحروبنا ومآسينا الماضية والحاضرة، ويؤسّس لحتمية الصراع بين الطوائف على حجم حصصها، ولحتمية النزاعات على المغانم والمكاسب بين المواقع النافذة لدى كلّ من المكونات الطائفية. فهو نظام سياسي فاسد في جوهره وفي ممارسته وفقًا للقول المأثور لأفلاطون في "جمهوريته": "النظام السياسي الفاسد يقود حتمًا لدولة فاسدة، والدولة الفاسدة تكون حتمًا دولة فاشلة، وفي الدولة الفاشلة يفقد المجتمع المدني تماسكَه ويهمَّش دوره".

4- الانقلاب على الميثاق

  نتج عن إهمال تطبيق المادة ٩٥ من الدستور تجارة رابحة لأطراف مؤسسة الأحتراف السياسي حيث تمّ توظيفها من قِبل غلاة الطائفيين، مادّةً وسلاحًا طائفيًّا بامتياز للإنقلاب على الميثاق ولإثارة الهواجس حوله، بغية تفريغه من جوهره المؤسِّس لفكِّ التشابك بين الدين والدولة ومن ثم العبور نحو الجمهورية الزمنية الديموقراطية، على قاعدة التعاون والتكامل بين المؤسسات الدستورية، والثنائية بين رئيس الجمهورية والسلطة الإجرائية.

  قاد الارتجال والغموض في نص التعديلات الدستورية، إلى تشابك هذه النصوص وإلى التباس في دور رئيس الجمهوريّة، واعتباره شريكًا طائفيًّا، شأنُه شأنُ سواه من رؤساء المؤسسات الطائفية؛ لا رئيسًا لجمهوريّة موحدة النصاب، تراتبية، وحيادية بالنسبة لكافة مواطنيها، لا حصة للرئيس في خيراتها ولا يجوزُ له أن يقبلَ بحصة لسواه.

  بغية الالتفاف على ميثاق الطائف وإفراغه من محتواه، استحدثت مؤسسة الاحتراف السياسي بِدعةً مارقة أطلق عليها إسم الديموقراطية التوافقية، هذه البِدعة تقود حُكمًا إلى شريعة الغاب عند الفصل في الخلافات بين الطوائف أو بين المواقع الطائفية كبديل عن وفاق مستحيل على توزيع الوطن أوطانًا على إقطاعيات وأطراف طائفية ملتبسة. ففي غياب أيّة مرجعية قانونية توفر المعايير التعاقديّة للفصل في الخلافات الناجمة عن تناقض المصالح بين المواقع الطائفية، لا بديل عن الاحتكام إلى موازين القوى المتبدلة أو إلى الاستقواء بأوصياء من الخارج وفقًا لتبدل هذه الموازينَ، مما يؤدي إلى إيصال النظام إلى نهاياته المحتومة. فيصبح الخَيار، إما في العودة عن بِدعة الديموقراطية التوافقيّة أو العودة إلى العنف والوصاية الخارجية.

  قاد التنكّر للموجب الميثاقيّ، إلى أزمة النظام المستحيلة، حيث تتعارض طبيعة نظام الدولة مع دستورها الذي أُضفي عليه، عن قصد أو عن جهل، هالة ميثاقيّة حالت منذ ربع قرن دون تعديل أيّ من بنوده، وأستعيض عنه بالقرار "التوافقيّ" بأن لا عودة عن الدستور ولا عودة إلى الميثاق، بل الانجرار من جديد إلى أزمة نظام.

  التوافق، شرط تأسيسي لقيام الأوطان يكرّس في إرادة اللبنانيين للعيش معًا في الوطن الذي أرادوه لتحقيق مصائرهم، فلا يجوز ترويج تجارة التوافق، تحت ستار بدعة «الديمقراطيّة التوافقيّة» التي تعني في مضمونها، شريعة الغاب حيث تتحكّم موازين القوى الظرفيّة والتدخّل الخارجيّ والسلاح، بالقرار التوافقي المزعوم.

  فكيف يمكن لثماني عشرة طائفة أو أكثر، التوافق على كلّ قرار أو رأي؟ وما هي المعايير لتحديد ما يجب أن يتّفق عليه بالإجماع، وما يجوز تقريره بالأكثريّة؟ ولأيّ من المذاهب حقّ "الفيتو"؟ وماذا تعني الديمقراطيّة البرلمانيّة المجرّدة عن مرجعيّة للفصل في تضارب الآراء وتناقض المصالح؟

  إنّ فرضيّة اتخاذ القرار الوطنيّ، خارج أصول الممارسة الديمقراطيّة التي تقضي بالاحتكام إلى المرجعيّة الدستوريّة، يؤدّي إلى واحد من الخيارات الآتية:

  إعطاء أرجحيّة في السلطة لإحدى الطوائف، لتفرض على سواها التوافق معها، كما كان حاصلًا حتى الحرب الأهليّة عام 1975.

  اِستعارة مرجعيّة خارجيّة، لممارسة السلطة فعليًّا، تحت ستار رعاية الوفاق بين الأطراف، كما حصل إبّان الوصاية السوريّة.

  تعطيل الحكم وشلّ المؤسّسات على غرار المشهد الراهن.

  بعد مرور تسعة وعشرين سنةً على ميثاق الطائف، وبعد الإدمان الوبائي على النظام المكلّس، وفي مواجهة ما يتمّ ترويجه من خرافات وألغام طائفية من قبل المتضررين من التغيير، بات واضحًا تعذر التخلّي عن الصيغة الطائفية المتخلّفة، ما لم يتوافق اللبنانيون على صيغة بديلة تستمد شرعيتها من أعرافهم ومواثيقهم التي كرّستها شرعة الوفاق الوطني في الطائف، وما لم يتم تكريس هذه الصيغة في عقد اجتماعي مستدام واضح ونزيه وشجاع، يحدد الشروط والمعايير التي يقرّها اجتماعنا التعددي للعيش معا،ً بحرية غير مرتهنة وبكرامة غير منتقصة.

5- تشكيل الهيئة الوطنية للحوار/بداية الطريق إلى الدولة

  هل يتاح للمجتمع المدني اللبناني والتيّارات الديمقراطية التي تشكّل الأكثرية الصامتة من شعبنا، طرح صيغة بديلة لنظام المحاصصة، توفّر الأسس لقيام دولة مدنية زمنية حيادية وعصرية، دولة حق وعدالة تلغي الطائفية كبديل لنظام طائفي يلغي الدولة؟

  من البديهيّ، أن لا مجال للنهوض الاقتصاديّ أو للإصلاح السياسيّ أو للتنمية البشريّة أو للسلم الأهليّ ما لم يتوافق اللبنانيّون على تأكيد أعرافهم وثوابتهم، بما في ذلك ميثاق الطائف والميثاق الوطنيّ لعام 1943، في عقد دائم نزيه وشريف يتناول القضايا الجوهريّة التي لا تزال الفئات المكوّنة للاجتماع الوطنيّ تعتبرها أساسيّة لتحقيق ذاتها في المساواة والكرامة.

  إذا كان من الصعب تجاوز النظام الطائفيّ دون مواجهة الهواجس والريبة والخوف من المجهول، فلن يتاح التخلّي عن هذا النظام بالإكراه ولا بالتشاطر. الطريق الوحيد الآمن هو الحوار الصريح والشجاع بين اللبنانيين أنفسهم، يشارك فيه المجتمع المدنيّ والمفكّرون وأصحاب الرأي والرؤية من كافة شرائح المجتمع المدنيّ المعوّل لتأكيد مفاهيم التسوية التاريخيّة وإجراءات تطبيقها والتقيّد الشجاع والنزيه بها.

  لكن مهما كان الاجتماع زاخرًا بالقدرات وبالحماسة، يبقى من المتعذّر عليه ممارسة دوره الأساسيّ في عمليّة  التغيير ما لم تنضوِ فعّاليّاته وتنتظم في هيئات ناشطة، ومن الطبيعيّ أن يؤدّي الحراك المواكب للحوار الوطنيّ المقدّر أن تتولاه نخب من الفعاليّات الفكريّة والاجتماعيّة، إلى إعادة الروح والأمل إلى المجتمع المدنيّ لمواكبة الحراك الفكريّ والسياسيّ الوطنيّ. ومن البديهيّ أيضًا أن يستقطب الحوار، الذي من المفترض أن يرعاه رئيس الدولة، كافل الفضاء السياسيّ والفكريّ، وأن يثير حماسة الفعّاليّات الاقتصاديّة والقوى الاجتماعيّة، فالحوار بين اللبنانيّين بعد كلّ ما عانوه، يبقى الوسيلة الوحيدة لإعادة الأمل في قيام الدولة اللبنانيّة، ويبقى للمجتمع المدنيّ الدور الأساسيّ في دعم مسيرة النهوض والتحديث.

  لقد أوكل الدستور إلى الهيئة الوطنية للحوار مسؤولية إقتراح ميثاق يؤسّس لأمننا وسلمنا الأهليّين ولإستقرار مجتمعنا وقيام دولة المواطنة على أنقاض البنى المتخلِّفة لسلطة الطوائف المتوافقة والمتصارعة؛ هذا هو جوهر الطائف وعلّة وجوده.

  هذا الميثاق لن يأتي من فراغ. عليه تجسيد الأعراف والمسلّمات المكتوبة أو الضمنيّة لمعالجة القضايا، التي شكلّت في الماضي، ولا تزال تشكّل، أساس الهواجس والتشابك بين الطوائف. سيكون على الهيئة بشراكة المجتمع المدني تصوّر وإقتراح صيغة النظام البديل الذي يوفر للجماعات اللبنانية الشروط الأساسية للعيش معًا، والذي يتناول حصرًا المحاور التالية:

6- محاور العقد الأجتماعي

  المحور الأول: القيم الذاتية التأسيسية للجمهورية

  لا فرصة لقيام دولة محققة مستقرة محررة من سجون الطوائف ما لم يتوافق اللبنانيون، في البداية، على القيم الذاتية الجامعة لجمهوريتهم، كالحرية والثقافة والديموقراطية والكرامة الإنسانية والوطنية، وعلى حرية الضمير والحق بالمساواة وبالعدالة؛ دون المسّ بالقيم والمعتقدات الخاصة بالمذاهب والطوائف، حتى لا يعني فصل الدين عن الدولة إلغاء الطوائف، والتنكر لقيمها الروحية وكيانها الثقافي.

 

  المحور الثاني: الهويّة الوطنية والهوية القومية

  لا سبيل لتفادي الإنقسامات العمودية حول صراع الهويات ما لم يتم التوافق على هوية وطنية جامعة إرادية مستقبلية تجسدها القيم الذاتية للجمهورية، كبديل عن الهويات الفئوية الماضوية أو الهويات القومية المتخيّلة، وما لم تلتزم الأطراف، بأن الولاء لهذه الهوية يتقدم على كل ما سواه، دون الإنتقاص من أهمية الأنتماء للطوائف ومن تمايزها وخصوصياتها. أضف إلى ذلك أن الاعتراف بالهوية الوطنية الجامعة وأسبقيتها على ما سواها من هويات هو السبيل الأسلم لتكريس الخصوصية اللبنانية.

المحور الثالث: فصل الدين والدولة

  الدولة المدنية الزمنية المحققة والمحررة من المحاصصة الطائفية هي البديل الميثاقي عن الدولة الطائفية التي تلغي إمكانية قيام دولة منجزة، وهي تطرح اشكالية: فصل الدين عن الدولة، وفصل دائرة الإيمان عن دائرة السياسة. فهل نعدم سبيل التوافق في ما بيننا على نظام زمني خاص بنا، دون اقتباس نظام علماني غربي، ودون الحاجة إلى تجاهل خصوصيات المذاهب والطوائف؟ هل باستطاعة الهيئة الوطنية للحوار طرح الحلول التي تصون حرية الضمير والمعتقد، دون أن يؤدي ذلك إلى تكريس العلمانية كدين جديد للدولة، أو إلى إبقاء المؤسسات الروحية كبديل عن المؤسسات المدنية الزمنية؟

  لم يجد الفريقان الطائفيان جوابًا عن هذا السؤال إلا بتبادل طرح ما يستحيل قبوله من الفريق الآخر. ففي حين يطرح أحد الأطراف "الديمقراطية العددية"، كحل مبسط، كما لو أن هذه البلاد مجتمع أعداد لا مجتمع تعدد، وكما لو أنه يجوز هكذا وببساطة، التنكر للثوابت الوطنية بدون ضوابط ؛ يلّوح طرف آخر "بالعلمنة الغربية الطراز"، كحل مثالي، كما لو أن بالإمكان فرض الإنصهار والتطابق والتماثل على مجتمعنا التعددي الذي يعاني من تنامي العصبيات التفكيكية. من البديهي أن الفريقين معًا على معرفة تامة باستحالة التوافق على أي من الحلّين، وفي اعتقادهما أن طرح ما لا يمكن قبوله يزيل الحرج عن نواياهما ويؤدي إلى استمرار نظام المحاصصة الطائفية وستر عوراته تحت شعار "الديمقراطية التوافقية" التي لا علاقة لها، لا بالديمقراطية ولا بالوفاق.

المحور الرابع: تكوين السلطة

  النظام السياسي الذي ارتضاه الإجتماع اللبناني للعيش معًا هو الديمقراطية المرتكزة على مبادئ اصبحت من النظام العام، الذي يتقدم في تراتبية المعايير القانونية على الميثاق وعلى الدستور. من أهم هذه المبادئ اعتبار حقوق المواطن بالمساواة والعدالة حقوقًا طبيعية مكرّسة، لا يجوز الإنتقاص منها، وهي تندرج على الجماعات وعلى الأقليات الدينية والإتنية، وتتقدم على منطق الأعداد والتعداد، وعلى إرادة الأكثرية، مهما تنامى حجمها.

  اللبنانيون مجمعون في أدبياتهم السياسية على اعتبار مبدأ التوازن بين جناحي الوطن بمعزل عن التعداد والأعداد كإحدى المسلمات الميثاقية للعيش معًا. السؤال المطروح لتكريس هذه المسلّمة يمر بالتوافق على الضوابط التي تحدّ من تنامي المتحدات التفكيكية والانقسامات العمودية الملازمة لشهوة الأستحواذ أو لنوازع ألغاء الآخر وإقصائه.

  لا مجال للمحاجة، بأن الشرط الحتمي لقيام الدولة المدنية العصرية، يكمن في الكف عن تقاسم الانصبة بين الطوائف. مما يعني، تحرير كافة المراكز في السلطة، ابتداءً من رئاسة الجمهورية حتى أدنى المواقع، من التخصيص والتقنين، ويعني أيضًا توفير الفرصة لأي مواطن بمعزل عن طائفته وانتماءاته، بارتقاء أي منصب عام. أي، تحرير المنصب من ملكية الطوائف وإعادته إلى المواطن بمعزل عن دينه ومذهبه وانتمائه، وبدون تمييز بين مواطن وآخر، لا في القوانين والأنظمة ولا في التطبيق.

  السؤال الذي ينتظر الجواب من الهيئة الوطنية للحوار ومن المعنيين بهذا الوطن ولمستقبل أجياله هو التالي:

كيف يمكن تجاوز نظام المحاصصة الطائفيّة داخل السلطة والمرافق العامّة، دون التنكّر لمسلّماتنا وثوابتنا الوطنيّة القائمة على الحضور المتوازن للمسيحيين والمسلمين في السلطة، وفي المجال العام؟ هل من الممكن، إذا تخلّينا عن الطائفية السياسية، وعن توزيع السلطة حصصًا بين الطوائف، أن نصل إلى صيغة بديلة توفّر الظروف لإنتاج سلطة وطنيّة تشارك فيها الجماعات اللبنانيّة على قدم المساواة من دون هيمنة فريق على آخر؟ وما هي الآليّة التي توفّر الديمومة لهذه الصيغة، وتحافظ على التوازن والسلم الأهليّ وتكون صمّام الأمان في الأزمات الوطنيّة؟

  الجواب على هذا السؤال ما زال يشكل جوهر وثيقة الوفاق الوطني في الطائف.

المحور الخامس: إنجاز الميثاق (العقد الأجتماعي)

  اللبنانيون، من مختلف المشارب، مجمعون على إدانة النظام الطائفي وتحميله مسؤولية حروبهم وتقزيم وطنهم وتعكير صفاء عيشهم، ولكنهم ما برحوا متوجسين من التخلي عن نظام جرّبوه ومواجهة ما يجهلونه، ما لم يُطرح عليهم استبداله بنظام آخر يؤمن قناعة لديهم بقابليته على صون حرياتهم وحقوقهم بالعدالة والمساواة.

  إذا كانت إرادة العيش معًا هي اللبنة الأساسية في نشوء الأوطان واستقرارها، واذا كانت هذه الارادة مسلّمة طبيعية في الأوطان المنصهرة عرقيا واجتماعيًا ودينيًا، فهي ليست كذلك في الاوطان الناشئة، مثل وطننا، حيث تطرح ضرورة ارساء العيش معا على أساس عقد اجتماعي ميثاقي له صفة الديمومة، يحدد الشروط التي ترتضيها الجماعات للعيش معا، والالتزامات المتبادلة في ما بينها لانتظام عيشها المشترك، التي لا بد منها لتوفير مرجعية قانونية للفصل في الإشكالات والمعضلات الناتجة عن تناقض المصالح أو الاهواء في ما بينها.

  هناك التباس شائع وشبه إجماع في الوسط السياسيّ وفي الإعلام على اعتبار كلّ ما نصّ عليه دستور الطائف ميثاقًا ملزمًا لا يمكن تغييره أو تعديله. هذا الالتباس ناجم عن التماهي في أذهان اللبنانيّين بين الدستور والميثاق وعدم التميّيز بين المفاعيل القانونيّة لكلّ منهما، وعدم التنبّه إلى تراتبيّة المعايير القانونيّة.

  لقد بات من المسلّم به، أنّ للحقوق الطبيعيّة الأساسيّة للأفراد وللجماعات (Droits naturels) الأولويّة المطلقة في تراتبيّة المعايير القانونيّة، وهذه الحقوق الطبيعيّة تتقدّم على كلّ ما سواها، لأنّها تستمدّ مشروعيتها من منطلقات النظام العام (Ordre public) القائم على القواعد والمبادئ، التي يعتبرها المجتمع مرجعًا يُحتكَم إليه في إدارة العلاقات بين العناصر التي تمارس دوراَ في صون الحياة ونموّها.

  في المرتبة الثانية في تراتبيّة المعايير القانونيّة، تأتي الأعراف والمواثيق المعقودة بين الأطراف أو المسلّمات الضمنيّة، التي اعتبرها الشركاء في الوطن أساسًا للشراكة في ما بينهم، عند تأسيس كيانهم المشترك؛ أو التي اعتمدوها في مراحل لاحقة نتيجة تفاهمات لحلّ الأزمات المزمنة التي واجهتهم. فالبنود الميثاقيّة في اتّفاق الطائف التي تناولت القضايا الجوهريّة التي أدّى الخلاف عليها في الماضي إلى المآسي، أصبحت عقدًا ملزمًا لجميع اللبنانيّين في كلّ ما لا يتناقض مع النظام العام.

  الدستور يأتي في المرتبة الثالثة في تراتبيّة المعايير القانونيّة، فهو المرتكز الأساس للنظام السياسيّ، إذ إنه يُعنى بهندسة هذا النظام وتأمين ضبط إيقاعه وأداء وظيفته. فباستثناء بنود الميثاق أي العقد الاجتماعيّ الذي يرفد الدستور بثوابته، فإن النصوص الدستوريّة تتكيّف في ضوء تطوّر حاجات الدولة لتحقيق مشروعها السياسيّ التنمويّ والاجتماعيّ والثقافيّ. وإذا كان من غير الجائز إذًا أن تتناقض البنود الدستوريّة مع الانتظام العامّ ومع الثوابت الميثاقيّة، فلا يجوز في المقابل اعتبار الدستور نصوصًا جامدة ومكرّسة، وبالتالي التغاضي عن الشوائب والالتباسات، واستغلال ذلك لتبرير تعطيل عمل المؤسّسات الدستوريّة.

7 - المجتمع المدني رافعة الحوار

  النظام الطائفيّ القائم على الزبائنيّة والولاء للمواقع الطائفيّة يقود حتمًا إلى تفكيك المجتمع المدنيّ، وإلى انتعاش الروابط الطائفيّة والعشائريّة والأُسَريّة، ويجعل الفرد مرتهنًا في كلّ شؤونه للأسرة أو للطائفة. ذلك أنّ السلطة القائمة في ظلّ هذا النظام، مضطرّة لاستمرارها أو تجدّدها إلى ترسيخ الانتماءات الزبائنيّة، والتصدّي لأيّ عمليّة تحديث لنمط العلاقات الاجتماعيّة التقليديّة، لأنّ من شأن عمليّة التحديث أن تؤدّي إلى تمرّس المجتمع المدنيّ في القيم الديمقراطيّة على قاعدة المواطنة من دون الحاجة إلى وسيط بين المواطن والدولة.

  بالرغم من المشهد الحالي، يبقى الاجتماع اللبنانيّ، الغنيّ بالقدرات، مهيّئًا ولديه توق لتوحيد صفوفه إذا توافرت لديه فرصة جادّة للالتفاف حول مشروعٍ إنقاذيٍّ يجسّد تصميم اللبنانيّين على تحقيق شروط قيام الدولة. اللبنانيّون بما لديهم من قدرات فائقة على التكيّف والتواصل، من أكثر الشعوب قابليّة للحداثة والتحرّر من الزبائنيّة والتابعيّة الـمُذلّة. وقد يغدو هذا المجتمع المدنيّ المغيَّب أو المهمَّش خشبة الخلاص، إذا قُيض له أن ينتعش.

  في لبنان اليوم تيارٌ شعبيٌّ متنامٍ، رافض للتمذهب والتطيّف والتوظيف في صراعات الآخرين. هذا التيّار العاقل من المثقّفين وأصحاب الرأي والناس البسطاء وأصحاب المهن والنشطاء في المجتمع بحاجة إلى مشروع وطنيّ جامع للالتفاف حوله، ولمواكبة تحقيقه وحمايته؛ إنّهم جسر العبور إلى الدولة المدنيّة الزمنية الموحّدة المحبّة للثقافة والفرح ولتراثنا وقيم مجتمعنا المغيّبة. هذا التيار ليس حزبًا أو تنظيمًا؛ إنّه حالة فكريّة جاهزة لإعادة تشكيل المجتمع المدنيّ واستنهاضه عندما يتوافر له الأقتناع بجدوى ما يطلب منه. هل لملتقى التأثير المدني القدرة على قيادة وتفعيل هذه الحالة الشعبية المتنامية.

أعدّ هذه الوثيقة نزار يونس بطلبٍ من ملتقى التأثير المدني

الكاتب: 
نزار يونس
المصدر: 
التاريخ: 
الاثنين, أغسطس 5, 2019
ملخص: 
قاد التنكّر للموجب الميثاقيّ، إلى أزمة النظام المستحيلة، حيث تتعارض طبيعة نظام الدولة مع دستورها الذي أُضفي عليه، عن قصد أو عن جهل، هالة ميثاقيّة حالت منذ ربع قرن دون تعديل أيّ من بنوده، وأستعيض عنه بالقرار "التوافقيّ" بأن لا عودة عن الدستور ولا عودة إل