جبران باسيل إذ يدفع ميراث الطائف

النوع: 

 

الفبركات الإعلامية التي يبثها من هاتفه وزير تعود الانحناء حتى الانبطاح خلال سلامه على هذه المرجعية أو تلك، مصحوبةً بزجليات عن "حب وهيام" بالقطاع العام لا تلغي بحال من الأحوال أن ما صاره البلد الآن هو ميراث كامل للطائف، وهو ميراث لم يُعف من ضريبة التركات كغيره من مواريث دُبجت لها مراسيم في ليل شديد السواد.

فأن يتنصل أعمدة اتفاق الطائف من ممارساتهم على مدى عقود ثلاث متعاقبة وينسحبوا إلى الوراء كعادتهم بالانقلاب على الحلفاء كما الخصوم، فهذا لا يُلغي ضرورة البحث في وضع بلد وجزء من شعبه تتداعى للتظاهر حيناً بدعوى اسقاط النظام، وحيناً آخر بدعوى الإصلاح وهو مطلبٌ أساس حمله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي صار يتلقى وحده السهام حتى صارت النصال تتكسر على النصال .

فالهتاف الشوارعي ضد باسيل وتحميل العهد ما ليس فيه وما لا علاقة له به، انما يعني استعمال الاصلاح لمسح ميراث اتفاق الطائف وهو على هذا القدر من الشبهات والالتباسات الوطنية والاخلاقية لمرحلة مديدة اتسمت بالصفقات والمحاصصة من الترويكا وصولاً إلى مرجعية تحولت للتجارة بالساعات والسيوف المُذهبة.

فالمدى الفاصل بين إقرار الطائف وبين وصول العماد عون الى سدة الرئاسة الأولى هو تاريخ وسردية متماسكة لحكايات الفساد وابتزاز اللبنانيين بالرضوخ للطائفيات التي راحت تتمول من حقوق اللبنانيين وقوتهم اليومي ناهيك عن الهيمنة على ممتلكاتهم وتلزيمات غب الطلب التي توزعت على الأقارب والمحاسيب . وهذه حقبة لها شعب له وزنه وحجمه لم ينزل بعد إلى الشارع ليرفع الصوت الصادق سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وقبل كل شيء وطنياً خالصاً لا تغويه سفارات ولا عطايا ومكرمات من هذه الدولة أو ذاك المتمول أو المتعهد.

وإذا جاز تعيين المسؤولين الأوائل عن الوضع الكارثي فهو لن يكون سوى أركان الطائف الذين تواطؤوا على لبنان وشعبه. وما يحصل منذ 17 تشرين الأول هو النتيجة الطبيعية والواقعية لسياسات الإفقار والإتجار بالطائفية بينما كان البلد يئن من الاحتلال الاسرائيلي والوصاية السورية. وهو النتيجة الطبيعية أيضاً لسياسات حولت الشعب اللبناني الى شعوب خانها الارهاق والتعب. وهو النتيجة الطبيعية أيضاً وأيضاً لمنع لبنان من الانتقال من وضعية دولة محتملة الى مجرد ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات وملعب لتصفية الحسابات .

ميراث الطائف الذي أنهك اللبنانيين جميعهم لن يدفع جبران باسيل ولا العهد ثمنه، فهذا حق مستحق على الذين صاغوا قوانين انتخابية مشوهة "لمرة واحدة وأخيرة". وهذا ميراث يجب أن يتحمله الحريري الشهيد ومعه الحريري الابن وحامل تفويض التوقيع في أحد المصارف فؤاد السنيورة. ومعهم وليد جنبلاط الذي لا يُذكر اسمه إلا ويأتي مصحوباً بانقلاب على الداخل واستدعاء للفتن. وكذلك نبيه بري الذي امتهن صناعة المخارج للأزمات بناء على نصيبه وحصته من الترويكا .

ولمن لا يعلم فان ميراث الطائف الثقيل القيد هو قصور شُيدت على رمال وأوهام اقتصادية يجب ان تنهار على بُناتها، ومتى وقعت ستقع على رأس من شيدوها. وحتماً لا علاقة للعهد ولا لباسيل بهذا الميراث وعلى الورثة سداد الضريبة والثمن .

الكاتب: 
جورج غرّة
المصدر: 
التاريخ: 
الاثنين, أكتوبر 28, 2019
ملخص: 
وإذا جاز تعيين المسؤولين الأوائل عن الوضع الكارثي فهو لن يكون سوى أركان الطائف الذين تواطؤوا على لبنان وشعبه. وما يحصل منذ 17 تشرين الأول هو النتيجة الطبيعية والواقعية لسياسات الإفقار والإتجار بالطائفية بينما كان البلد يئن من الاحتلال الاسرائيلي والوصاية