حزب الله ليس غرندايزر حمى الله لبنان

النوع: 

 

من المهم ان تقتنع فئة من الناشطين الناقمين على حزب الله اخيراً، ان حزب الله ليس غراندايزر قادر على كل شيء. وانه يقدم تنازلات، وان تستنتج هذه الفئة عند كل مفصل سياسي، المعنى الحقيقي للحدث وان تضعه في سياق الوضع الاقليمي والسياسات الدولية، ولانعاش الذاكرة فقط والكف عن متابعة اللطم اوضح الامور التالية:

أراد السيد نصرالله ان يمنع إستقالة الحريري وإستقال.

أراد أيضا أن يحافظ على موقع جبران باسيل وتم إبعاد باسيل.

أراد عودة الحريري بشروط سيطرة حزب الله، رفض الحريري، وأجبر حزب الله على الإتيان بـ حسان دياب، عارياً من أي دعم شعبي لبناني ومكبلاً بقطيعة عربية واضحة.

أصرت الثنائية الشيعية على حكومة سياسية، فيها إختصاصيون تسميهم الأحزاب وأطلق عليها نصرالله حكومة مشاركة، لكن قوى ٨ اذار سلمت بعدم مشاركتها بالحكومة العتيدة، وكل المناورات الآن تنحصر بالتسلل إلى الحكومة عبر أسماء تحمل صفات الكفاءات، لكن الرئيس المكلف يتبرأ من مشاركة الأحزاب التي سمته، والأمر تحت المراقبة.

تلقت الثنائية الشيعية تحذيراً أوروبياً من دولة تحرص إيران على إدامة علاقات جيدة معها، من الإمعان بممارسة العنف والبلطجة ضد الحراك السلمي أكان ذلك في العاصمة أو مدن الأطراف.

أسقطت مقولة الميثاقية وأصبحت ماضياً منسياً، وهي كانت تلفيقة فكرية تنطلق من حيثيات "تحالف الأقليات" بقيادة إيران، وتموّه الإذعان لحزب الله والخضوع لإملاءات سلاحه، وتمكنه من الفيتو السياسي الذي يمارسه في الحياة العامة بعد إتفاق الدوحة.

لم يطرح ديفيد هيل في القصر الجمهوري قضية ترسيم الحدود وقضية النفط، بل رئيس الجمهورية هو من طرح ذلك، وتلقى إجابات عابرة ليس بها أي التزام أو وعد بإجراءات محددة. وهذا يكشف زيف ونفاق الأطروحات التي تبنتها منابر الممانعة حول أن الحراك ما هو الا ستار لضغوطات اميركية إسرائيلية تستهدف ملف النفط وترسيم الحدود.

ليس صحيحا أن سعد الحريري وما كان يعرف بـ "قوى ١٤ أذار" هم بأزمة، كرة النار الشعبية بمواجهة الحراك في ملعب الطرف الآخر، كرة إستعادة علاقات لبنان العربية والأوروبية في ملعب الجنرال عون، ولن يستطيع بعد اليوم السيد حسن أن يشتم دول الخليج أو أن يرسل مجموعات أمنية إلى الكويت والامارات، ولا أن يفتخر بأدواره باليمن وسورية دون أن يتلقى عقاباً مباشراً. وقد أظهر هذا الآمر في خطابه الأخير حيث أعلن تجنبه العلني والصريح إنتقاد دول الخليج وإمتنع عن شتمهم بعد أن إعتاد طويلاُ على ذلك.

الآمر الأهم هو تعديل وظيفة سلاح حزب الله، فلأول مرة منذ تأسيس حزب الله يعلن أمينه العام أن إيران تدافع عن نفسها ومن أراضيها وليس من لبنان، وهو أمر إذا تم الإلتزام به، سيكون بداية جديدة لوضع إستراتيجية دفاعية تضع سلاحه في كنف الدولة اللبنانية.

لم يتلقى لبنان وهو في عز أزمته المالية والإقتصادية أي وعد أميركي أو عربي بمد يد المساعدة اليه، بل وللأسف الشديد والمخيف، تلقت طبقته السياسية ما يشبه التأنيب والإدانه للقصور والإهمال في تنفيذ إصلاحات بنيوية ملحة، وتم تكرار الموقف القائل بأن المساعدات تأتي بعد التنفيذ الكامل للإصلاحات، فيما صدرت تلميحات مؤسفة عن تخلي دول فاعلة عن التزاماتها في مؤتمر سيدر.

تفيد معلومات من جهات مطلعة على كواليس الإتصالات الإقليمية والدولية، أن حكومة الكفاءات المستقلة هي موضوع إجماع عربي ودولي يبدأ من دول الخليج ويمر بفرنسا والمانيا وينتهي بروسيا وأميركا، وأن هذا القرار تجاوز مواقف ورغبات سفراء بعض من هذه الدول في لبنان، وأتخذ في أعلى مستويات أصحاب القرار.

أما ما ينتظرنا في الأسابيع والأشهر القادمة فسيشتد الحصار على مصادر حزب الله المالية إبتداء من إيران، وستقفل الرئة التي يتنفس منها في العراق، وسيتم منع قطر من تمرير مساعدات له.

سيصبح الوضع السوري عبئاُ على روسيا وإيران بعد صدور قانون قيصر، وستندر في دمشق كل الحاجات اليومية والمستوردات الضرورية من الخارج وهو أمر يضع نهاية لأحلام بعض اللبنانيين والعرب الخليجيين بإعادة إعمار سورية.

لبنان ذاهب إلى أيام صعبة جداُ لم نشهدها من قبل، ورئاسة الوزراء في واقع مخيف كهذا ليست مكسبا أبدا. وأخال سعد الحريري يقول في سره؛ الخير فيما حصل. الله يهدي البال حمى الله شعب لبنان!!

الكاتب: 
د. حارث سليمان
التاريخ: 
الجمعة, يناير 24, 2020
ملخص: 
أسقطت مقولة الميثاقية وأصبحت ماضياً منسياً، وهي كانت تلفيقة فكرية تنطلق من حيثيات "تحالف الأقليات" بقيادة إيران، وتموّه الإذعان لحزب الله والخضوع لإملاءات سلاحه، وتمكنه من الفيتو السياسي الذي يمارسه في الحياة العامة بعد إتفاق الدوحة.