إنقلاب عون على الطائف
إن الحجة التي يتذرع بھا رئیس الجمھورية لكي يبرر بھا عدم توجیه الدعوة لاجراء الاستشارات النیابیة الملزمة إنما ھي حجة واھیة، بل وباطلة، لأنھا مخالفة لأحكام الدستور ولوثیقة الوفاق الوطني التي صدرت عن اتفاق الطائف، بقدر ما تشكل انقلاباً موصوفاً على الاتفاق نفسه، بما يعیدنا أكثر من ثلاثین سنة إلى الوراء حیث رفض العماد میشال عون من موقعه كرئیس للحكومة الانتقالیة التي شكلھا يومذاك الرئیس أمین الجمیل لتجنب الوقوع في الفراغ ھذا الاتفاق، وأصدر مرسوماً بحل المجلس النیابي الذي وافق علیه.
إن ما يمارسه رئیس الجمھورية الیوم علي ھذا الصعید إنما ُيؤكّد انه لا يزال على رأيه الرافض الاعتراف باتفاق الطائف وبالدستور الذي صدر عنه، ولا تعدو الأسباب التي استخدمھا لتبرير ما أقدم علیه من انقلاب موصوف على الدستور سوى امعان منه في ھذا الانقلاب والعودة بالنظام إلى ما كان علیه قبل حصول اتفاق الطائف، أي إلى النظام الرئاسي حیث كان رئیس الجمھورية وفق دستور ھذا النظام ھو الذي ُيسمي الوزراء ويختار من بینھم رئیساً للحكومة العتیدة.
.. ولم يحصل أي موقف صارم من أي من المكونات السیاسیة في البلاد ضد ھذا الانقلاب الموصوف على اتفاق الطائف، حتى ان الفريق المعني مباشرة برئاسة الحكومة وصلاحیاتھا وبمبدأ تعاون وتوازن السلطات، ما زال يتحدث بخجل عن الخرق الحاصل، ولم يتخذ الموقف الذي ُيعید الأمور إلى نصابھا الصحیح، مما يترك انطباعاً عند غالبیة الشعب اللبناني يشي بسقوط اتفاق الطائف ودستوره، والعودة إلى النظام الرئاسي القديم.