السنيورة: لـ( نيو تي في): باسيل اساء لموقع رئاسة الجمهورية وانا اؤيد موقف البطريرك الراعي واشد على يده والمطلوب حكومة ترضي اللبنانيين

النوع: 

 

أجرى الإعلامي جورج صليبي من محطة  ( نيوتي في) حوارا مع الرئيس فؤاد السنيورة ضمن برنامج (وهلق شو) تركز حول التطورات الراهنة في البلاد وفي ما يلي نصه:

س: نلتقي الليلة وللمرة الأولى من منزل دولة الرئيس فؤاد السنيورة الركن المؤسس لنادي رؤساء الحكومات السابقين والشاهد على حقبات حريرية وحكومات الوفاق وتلك التي خرجت يوماً من ثوب التوافق والميثاقية. هو حديث في الحكومة إذاً وفي التمثيل والطائف والصلاحيات والمعايير والثلث الضامن أو المعطّل ومصير العهد وانقطاع حبال الوصل السياسي المؤدية إلى التأليف. الأسئلة كثيرة وعلى حجم انهيار بلد لا تزال مدنه تسكنها عصف بيروت وتبحث من قاض إلى آخر عن حقيقة تلفها الحصانات السياسية. ونبدأ مباشرة هذه الحلقة من دولة الرئيس فؤاد السنيورة على أن نترك للصحة مكاناً في الاستديو مع الدكتور فراس الأبيض حول الكورونا واللقاح وإلى ما هنالك وأيضاً تحقيقات المرفأ. وبضع أسئلة للدكتور محمد عبيد. مباشرةً أبدأ مع دولة الرئيس فؤاد السنيورة مساء الخير دولة الرئيس.

ج: مساء النور لك ولجميع المشاهدين. وشكراً على هذه الاستضافة.

س: انتظرنا هذه المقابلة وقت حتى حصلت. من تأجيل إلى تأجيل. فنحن نقول لك أهلاً وسهلاً فيك على شاشة الجديد ونحن موجودين عندك في المكتب في هذه الاطلالة الأولى الشاملة عبر قناة الجديد وفي هذا البرنامج بالتحديد. دولة الرئيس كما ذكرت في المقدمة ومثل ما كنا نذكر في الاعلان الترويجي لهذه الحلقة لدينا عدة محاور وعدة أسئلة لكن المنطلق هو من الحكومة والتعقيدات الحكومية وننطلق من كلام رئيس التيار الوطني الحر اليوم الوزير جبران باسيل. اليوم الوزير باسيل تحدث عن الحكومة وعن الرئيس الحريري وعن العقدة الحكومية إلى آخره وأعطى مبادرة للحل، كان الجواب من بيان المستقبل أنه يعيش في ال"لالا لاند". ولكن نحن نظل بين رد ورد مضاد، ولكن إذا نريد أن نتكلم بالوقائع وبالمنطق السياسي، الذي طرحه اليوم جبران باسيل هل هو مرفوض قطعاً أم يبنى عليه؟ المبادرة التي طرحها يعني.

ج: أنا قرأت البيان الصحفي للوزير باسيل. وفعلياً، لفت انتباهي عدة ملاحظات. أولاً أنه يختلط الأمر لدى القارئ إذا كان يسمع كلام رئيس التيار الوطني الحر من مركز الشالوحي أو يسمع كلام المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية من القصر الجمهوري.

س: اعتقدت أنك ستقول إنه سيعتقد أنه يسمع الرئيس.

ج: لا أعرف ذلك. أنا أعتقد أن جبران باسيل آذى موقع رئاسة الجمهورية اليوم بأنه سحب منها أهم عنصر من العناصر التي يتميّز بها نظامنا الديمقراطي وموقع رئاسة الجمهورية، وهو موقع الحيادية والموضوعية، وموقع الحكم لرئيس الجمهورية الذي ينبغي أن يتمتع بهذه الصفات، صفات العلاقة الوثيقة والانفتاح لرئيس الجمهورية مع كافة الفرقاء السياسيين، ولاسيما بأنّ الرئيس هو فوق كل السلطات، وهو حامي الدستور ورمز وحدة الوطن. وبالتالي، لا يمكن له أن يكون فريقاً.

الأمر الثاني، وهو أنّ الوزير باسيل اعترف بكلامه أنه لا يجاريه بمواقفه هذه إلا حزب الله في الداخل والنظام السوري في الخارج، وهما اللذان من خلال أدواتهما في لبنان يمارسان ما يسمى الوصاية على لبنان، وهو ما تكلم عنه في مؤتمره الصحفي.

الأمر الثالث، وهو أنّ جبران في حديثه حاول أن يلعب على الوتر الطائفي ومحاولة استثارة العصبيات الطائفية. وأنا أعتقد أن هذا الأمر لم يعد مجدياً بل مخزياً. لحقيقة أنّ اللبنانيين وفيما بينهم أقروا باتفاق الطائف الذي هو وثيقة الوفاق الوطني، وأقروا أيضاً الدستور اللبناني، وأكدّوا على حرصهم على العيش المشترك وحرصهم على عروبة لبنان وعلى ديمومة ونهائية لكيان اللبناني وعلى المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، وهذا الموضوع ليس بحاجة لمنة من أحد في ذلك، ولا أحد يقبل أن يكون هناك تمنين في هذا الأمر على عكس ما يحاولون الترويج له. الحقيقة أن اللبنانيين تراضوا فيما بينهم وقبلوا بالمساواة بين المسيحيين والمسلمين دون أي تمايز أو تفضيل، وقف العد ليس تمنيناً أو تفضلاً على الإطلاق من المسلمين على المسيحيين بل هو حاجة وطنية للبنان بالدرجة الأولى، وحاجة اسلامية بالدرجة الثانية. فلبنان لا يكون ولا يمكن أن تكون له هذه الميزة إذا فقد هذا التنوع. أنا أعتقد أن هذه النقاط الأساسية وهناك عدد من النقاط الثانية، وهو أيضاً قام بتحميل الرئيس الحريري ولامه بأنه استقال بعد 17 تشرين، وهو ما كان ينبغي على الحريري القيام به بنتيجة اندلاع شرارة تلك الانتفاضة.

س: عن الطعن بالظهر والانقلاب، أن الرئيس الحريري بعد ثورة تشرين لا زالوا يعانون من طعن سماها الطعن بالظهر.

ج: هو يقول ويتّهم الفرقاء المسيحيين الآخرين الذين لا يؤيدوه فعلياً. أليس هو من تنكر للاتفاق الموقع في معراب؟

س: هم يعتقدون أن القوات هم من أخلوا بهذا الاتفاق وتكلم اليوم أنهم هم من انقلبوا على هذا الاتفاق.

ج: أنا لا أعرف من انقلب ولكن على أي حال، نرى من تنكر لهذا الاتفاق. الذي أريد أن أقوله في مسألة تأليف الحكومة، أنّ ما نراه يجري في لبنان، ما هو إلاّ عملية الهاء الناس عن ما ينبغي أن يصار إلى التفكير فيه ومحاولة القيام به لجهة إيجاد الحلول الصحيحة للمشكلات التي يعاني منها لبنان. المشكلة في لبنان أن هناك انهياراً للثقة وأن هناك خطراً وجودياً حقيقياً على لبنان كما قاله غبطة البطرك، وكما قاله أيضاً قداسة البابا في الثامن من شباط الحالي بأنّ هناك خطر على التنوع في المشرق. فبالتالي، فإنّ هناك حاجة ماسة الآن لإيجاد حل له، حل يتناغم مع ويلبي ما يطلبه اللبنانيون، ومع ما يتوقعه منا المجتمعان العربي والدولي. في المقابل-وياللأسف- ما يتم البحث فيه هو كيف سنؤلف حكومة نوزع فيها الحقائب والمصالح والمراكز بين الأحزاب الطائفية والمذهبية. هذا الأمر هو بالفعل خلافاً لما يتوقعه اللبنانيون وخلافاً لما فيه مصلحة لبنان.

عندما أتى الرئيس ماكرون إلى لبنان ونزل إلى الشارع واجتمع باللبنانيين الشباب كان مطلب اللبنانيين أننا نريد منطقاً آخر ومقاربات من نوع آخر. وبالتالي، نريد حكومة من نوع جديد تستطيع أن تلبي طموحات اللبنانيين. والذي قام به الرئيس ماكرون هو أنه صاغ مبادرته على هذا الأساس وقدم هذه المبادرة على أساس أن يصار إلى احترامها. وبالتالي، أن تتألف حكومة من اختصاصيين غير حزبيين مستقلين تستطيع أن تضم فريقاً متجانساً من الوزراء. في هذا الشأن، أرجو أن يكون واضحاً. العمل الحكومي هو اتخاذ القرارات، الحكومة هي مركز القرار وليس مركز للحوار. الحوار يحصل في مجلس النواب. في الحكومة يتم اتخاذ القرارات. إذا لم تتألف حكومة على هذا الأساس فعبثاً نحاول.

أنا قبل شهر ونصف كنت عند الرئيس بري، وقلت بعد خروجي من عنده أنّ هناك خياران على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أن يقوما باختيار واحد منهما، ليس هناك من خيارات أخرى. إماّ حكومة ترضي الشعب أو حكومة ترضي السياسيين.

س: ولكن هنا دولة الرئيس أريد بشكل سريع أن أستعرض معك عدة نقاط وردت. يعني هنا رفع العدد من 18 إلى 20 أو 22 أين العلة في ذلك؟ يعني إذا كان هناك مبادرة أو كان هناك كلام عن رفع العدد هل هذا أمر مستحيل؟

ج: هذا الأمر ليس فقط عن العدد الذي يقصد منه الاحتفاظ بما يسمى بالثلث المعطل.

س: اعتماد مبدأ واحد بالتسمية مثلما قال اليوم جبران باسيل، إذا كنا نعتمد مبدأ ثنائي شيعي يسمي ورئيس حزب التقدمي الاشتراكي سيسمي لماذا المسيحيين لا يستطيعون أن يسموا؟ هذه المعايير وهذه الاقتراحات هل هي صعبة؟

ج: ما تقوله في الأمر هو مثل الذي يطلق شائعة ومن ثم يصدقها ويبني عليها نتائج. الحقيقة، أن الرئيس الحريري، ومنذ البداية يقول إنّه يريد تأليف حكومة من الاختصاصيين المستقلين غير الحزبيين.

أريد أن أعطيك مثالاً على ذلك: هو يقول إنّ الاستاذ وليد جنبلاط هو الذي رشح المرشح في هذه الحكومة. هذا غير صحيح. الوزير جنبلاط رشّح شخص يمتاز بكثير من الكفاءة اسمه عباس الحلبي، وأنا أعرفه، وهو لديه كل الكفاءة، ولديه كل المواصفات التي تؤهله. ولكن، ولأن من اقترحه وليد جنبلاط- وليس تقليلاً من دور وليد جنبلاط- ولكن حتى لا يتخذها الآخرون ذريعة من أجل أن حصلوا على نفس المعاملة. وبالتالي لم يؤخذ باقتراحه. كذلك، فيما خصّ الوزراء الشيعة الذين سمّاهم سعد الحريري وليس الرئيس بري وهم لم يمانعوا بذلك حتى نكون دقيقين بذلك.

س: لم يمانعوا يعني هم كانوا موافقين على الأسماء.

ج: ذلك بعد أن وضع القاعدة في أن يكونوا مستقلين كفوئين غير مستفزين.

س: لماذا الرئيس الحريري لم يكشف عن حكومة الـ18 كأسماء أمام الرأي العام؟ هكذا يكون الرأي العام على بينة، وهي التشكيلة التي لم يقبل بها الرئيس من تضم.

ج: أنا أعتقد أنني ممكن أن أجيب على سؤالك بطريقة ثانية. لو كان في تلك التشكيلة أي اسم يشعر فخامة الرئيس أو جبران باسيل أنه لا تنطبق عليه هذه القاعدة أو أنه ليس بالمستوى لكنت شفت الرئيس وأيضاً جبران باسيل "ما ترك أحد منهما ستر مغطى".

س: برأيك لماذا الرئيس الحريري لم يعلن عن الأسماء؟

ج: حتى لا يحرق هذه الورقة.

س: هل هي لم تحترق بعد؟ عندما تكون لدى رئيس الجمهورية منذ شهرين وهو لا يوافق عليها، هل تكون ما زالت قابلة للحياة أم تكون قد احترقت؟

ج: ما أريد أن أقوله في هذا الصدد، أنّه لم يعد وليس لدينا خيارات أخرى. نحن ما زلنا نلف وندور ونحاول أن نلهي الناس بطروحات جانبية كله في النهاية يأخذنا إلى وضع يزداد ويتفاقم فيه الانهيار. دعني أقول لك أن كل يوم تأخير بعدم تأليف الحكومة، يعني وعلى الأقل شهراً اضافياً من الأكلاف والأوجاع التي سيتحملها اللبنانيون.

س: دولة الرئيس بموضوع الصلاحيات أيضاً هناك سجال عن موضوع الصلاحيات ودور رئس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف بعملية التأليف والتشكيل. يعني اليوم عندما يقول الوزير باسيل أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف شريكان متساويان بالتشكيل وسوياً يجب أن يتفقا معاً على كل شيء، على شكل الحكومة وعددها وتوزيع الحقائب والأسماء وكل هذا، هل هذا من وجهة نظرك دستوري؟

ج: في هذا الشأن الدستوري، دعني أكون واضحاً، وهو أنّ أي دستور في العالم، أنا هنا آخذ عبارة رددها أحد كبار الدستوريين في فرنسا، في أن الدستور يعتمد على حسن نوايا الذين يطبقوه.

طبيعي العلاقة ما بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يفترض بها أن تكون علاقة وفاق وتعاون وليس علاقة تصادمية على الاطلاق. يفترض بهما أن يتعاونا سويةً على تأليف الحكومة.

إنّه، وحسب الدستور الذي يتولى التشكيل هو رئيس الحكومة، لنتكلم استناداً إلى النصوص الدستورية. وهنا أنا أريد أن أستعين بمقال تم نشره منذ يومين بالنهار لعضو المجلس الدستوري زغلول عطية الذي تكلّم عن المادة 53 والمادة 64 من الدستور، واللتان تحددان هذه الصلاحيات وهذا الحق. إذ يقول: "يتضح من هذه النصوص صراحةً أنه يعود لرئيس الجمهورية حق وصلاحية الموافقة على التشكيلة الوزارية". أساساً رئيس الجمهورية له الحق في اعطاء رأيه بكل وزير. والحقيقة، أنّ الحكومة كلها لرئيس الجمهورية، ولكن ليس هناك من حقيبة مسجلة باسمه ورئيس الجمهورية. فالرئيس هو فوق الجميع وفوق جميع السلطات، وهو الحَكَم بين الجميع وهو الذي يدافع عن الدستور. فبالتالي، لا يجوز أن نصغر رئيس الجمهورية ونجعله يتسابق مع الآخرين للحصول على حقائب وزارية. الدستور قال بأن رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء لا تصوِّت على القرارات، ليس تقليلاً من قيمته بل ترفيعاً له وتنزيهاً له على أنه يغوص بالتفاصيل وبالتالي يأخذ مواقف منحازة لفريق ضد فريق.

س: ولكن يؤخذ عليكم كفريق سياسي، وكأنكم تتعاونون مع رئيس الجمهورية على أساس أنه فقط هو يوقع على التشكيلة الوزارية، وكأنه ليس له رأي بهذه التشكيلة.

ج: أنا أقول لك كلاماً واضحاً أنه للرئيس الحق بأن يعطي رأيه في كل وزير من الوزراء المقترحين وليس س: يعني هو شريك في التشكيل أم ليس شريك؟

ج: دقيقة واحدة. تبدأ الفرضية بتحديد طبيعة الحكومة التي ستتألف. طبيعي، يفترض بها في هذه الحالة أنها حكومة غير حزبية وغير مسيطر عليها من قبل أي حزب من الأحزاب لننطلق من هنا. وبالتالي، لا يجري عندها اقتراح الأسماء المنتمية للأحزاب. هذا الأمر طبيعي.

س: من يضمن أن الأسماء التي أتى بها الحريري أن لا يكون هواؤها مستقبلي؟

ج: أجبتك على ذلك وفي البداية. لو كان هناك أي أحد من تلك الأسماء الذين اقترحهم الرئيس الحريري لما انتظر الرئيس وجبران باسيل، ولما تركوا عندها ستر مغطى.

دعني أكمل ماذا يقول العضو السابق في المجلس الدستوري زغلول عطية: "لكن من البديهي أن تكون هذه الصلاحية مقيدة وفي سبيل المصلحة العامة وليست مطلقةً بحيث تصبح صلاحية نقض. والقيود هذه ناشئة عن مبادئ الدستور ونصوصه". هذه الحكومة التي ينبغي تأليفها يجب أن تكون أعين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على النتيجة، هل ستكون حكومة قادرة على أن تضم أعضاء يشكلون فريق عمل متضامن؟ هل هذا الفريق سيكون قادرة على أن يأخذ زمام الأمور بالبلد، وأن تكون أيضاً حكومة العهد أيضاً. الذي يستفيد من هذه العملية لبنان في المقدمة العهد وخصوصاً أن رئيس الجمهورية سينهي بعد قليل النصف الأول من السنة الخامسة. لذا، فإني هنا في الحقيقة، أنا أناشد رئيس الجمهورية أن يبادر إلى إعادة النظر في الأمور لما فيه مصلحة للبنان بدايةً ومصلحة للعهد ولسمعته الـLegacy التابعة للرئيس، لسمعة رئيس الجمهورية وانجازاته خلال عهده وسنواته الست، ما أنجزه وما هي الاصلاحات التي تم القيام بها؟ ما هو الإنجاز الذي حققه على الصعيد الاقتصادي والصعيد المعيشي للبنانيين؟ ماذا جرى؟ كلّها أسئلة أساسية.

س: ولكن سيقول لك هذا نتيجة تراكمات 30 سنة انفجرت في وجهه وليس في عهده وهو كان يقود الاصلاح ويريد الاصلاح.

ج: هذا موال الـ30 عاماً غير صحيح. بدايةً، لأنهم كانوا موجودين خلال 12 عاماً من أصل هذه الثلاثين عاماً.

س: "ما خلونا"، دائماً نسمع هذه الكلمات.

ج: هذا الموضوع في الحقيقة غير صحيح. هم أمسكوا بكل الصلاحيات وفي حكومة ميقاتي كان عندهم كل الحكومة. بالتالي هذا الأمر لم يعد ينطلي على الناس.

س: ولكن كان الرئيس ميقاتي موجود وهو من النادي.

ج: هذه الادعاءات والحجج والأعذار لم تعد تنطلي على الناس. دعني أضع هذه النقطة بكل وضوح. رئيس الجمهورية لديه كل القدرة بأن يسهم بانتقاء كل وزير من الوزراء ولكن ضمن القواعد. وبالتالي، علينا أن نتوقف أمام مسألة مهمة: من يتحمل المسؤولية في عملية تشكيل الحكومة؟ الذي يتحمل المسؤولية هو رئيس الحكومة، ولكن الأمور تتم من خلال سيادة روح والرغبة في التعاون. ولكن لما رئيس الحكومة يصرّ على رأيه، وبالتالي وأنا لو كنت مكان رئيس الجمهورية كنت وقعت على التشكيلة، لأنه هو الذي سيتحمل المسؤولية، وإذا كان رئيس الحكومة على خطأ، فإنه هو الذي سيسقط في الامتحان. وكل الكلام الذي يقال غير ذلك هو غير صحيح. الحكومة ستنزل بعدها إلى مجلس النواب، وبالتالي صلاحية مجلس النواب في أن يعطيها ثقة وإذا مجلس النواب لم يعطها الثقة ماذا يحصل؟ رئيس الحكومة يذهب إلى البيت والحكومة تذهب إلى البيت. ثاني شيء حتى ولو أخذت الثقة، فإنه بامكان مجلس النواب في أي يوم أن يسحب الثقة من الحكومة، اليس كذلك؟

س: ولكن هل حصل هذا الأمر من قبل؟ إذ ان سحب الثقة أو عدم إعطائها بحاجة إلى توافق سياسي بين الكتل الموجودة داخل مجلس النواب.

ج: صار مرة، عندما جرى استعمال الثلث المعطل لإسقاط الحكومة وقت ذهب الرئيس سعد الحريري إلى واشنطن. بالتالي، برأيي ان كل ما يجري هو محاولة لإلهاء الناس بكل هذه ما يسمى الخصومات الجانبية والمشكلات الجانبية بينما سفينة الدولة تنهار وبالتالي تغرق. هذا الأمر كيف يكون من الممكن معالجته؟ هذا هو دور رئيس الجمهورية الحقيقي والمطلوب منه فعلياً أن يتصرف كرئيس جمهورية بكونه الحامي للدستور وأيضاً المحتضن لجميع اللبنانيين وليس محسوباً على فريق دون فريق، هذا هو رئيس الجمهورية. الذي يحصل أننا نصغر رئيس الجمهورية ونطلب منه أن يحمل حقائب بينما الدستور يقول لك أنه لا يصوت على قرارات الحكومة، والذي لا يصوت مباشرةً لا يصوت مداورة؟

س: ولكن الدستور يقول وأستشهد هنا بالكلام الذي ورد عن لسان الوزير باسيل، يقول أن بمحاضر الطائف وبشهادة عدد من النواب ومنهم المرحوم جورج سعادة أن الثلث هو جزء من الدستور ومنصوص كيفية استعماله بالتفصيل كضمانة للشراكة في مجلس الوزراء وهو حق لرئيس الجمهورية كتعويض عن الصلاحيات المأخوذة منه. هذا ما ورد بمحاضر حسب الدكتور جورج سعادة.

ج: حتى في الطائف هناك من يحاول تحميله أفكاراً ليست فيه. كل واحد تكلم بكلمة في الطائف يعتقد أن ما حكاه هذا هو الطائف. الطائف بالنهاية هو ما صدر في وثيقة الطائف. أما ان يصار إلى الاستناد إلى ما حكاه أو ما قاله كل واحد، كل واحد حكى. وعندها هل يجوز اعتبار ما قاله هو جزء من الطائف هذا غير صحيح. الذي أقر وأصبح فعلياً الوثيقة التي تربط اللبنانيين، والتي بُني عليها الدستور اللبناني هو الذي صدر في وثيقة الوفاق الوطني. غير ذلك هذا كله كلام. الذين اجتمعوا في الطائف جلسوا عشرون يوماً وكل واحد كان لديه مطلب وكل واحد أدلى بدلوه. بالنهاية وصلوا إلى هذه النتيجة، وبالتالي نحاسبهم على هذه النتيجة ويجب أن ننظر إليها من هذه الزاوية ومن هذه الزاوية فقط.

س دولة الرئيس السؤال الأساسي، العقدة هل هي داخلية ومن عندياتنا، كما يقول الرئيس بري؟ أم عقدة التأليف هي خارجية وننتظر أمر ما من الخارج كي يترجم بتسهيل التأليف؟

ج: أنا أقول هناك مثل لبناني يقول: "اللي من إيدك بكيدك"، بما معناه أن هناك أشياء حتماً تقتضي منا بالداخل اللبناني مواقف تدفع باتجاه التسهيل والإنجاز. الأمر المطلوب هو من فخامة الرئيس أن يقوم به. وبالتالي، أن يقوم بمبادرات تجمع اللبنانيين، وليس أن تزيد من حدّة النفور فيما بينهم. بالتالي هناك عقد داخلية يبدو أن فخامة الرئيس يقوم بها ويقوم بها جبران باسيل. وبالتالي، هما يعقدان عملية التوصل إلى توافق بشأن الحكومة، وعليهما أن يبادرا إلى حلحلتها.

من جهة ثانية، أعتقد أن هناك أيضاً عقدة خارجية تُمارس عبر حزب الله، بتقديري أن حزب الله يتلطى وراء رئيس الجمهورية وهو لا يريد تأليف الحكومة الآن ويحاول أن يحتفظ بهذه الورقة ليضيفها إلى الأوراق الأخرى التي يجمعها لصالح إيران من أجل أن تُحسّن وتُعزّز قدرات إيران التفاوضية مع الولايات المتحدة الأميركية.

س: السيد نصر الله بكلامه هذا الاسبوع قال بأن كل هذا الكلام عن انتظار الاتفاق النووي وإيران هذا كلام ممجوج قال إنه يريد حكومة بأسرع وقت.

ج: "أسمع كلامك يعجبني أشوف فعالك أستعجب".

س: فتح ثغرة في الجدار.

ج: هو يقف وراء رئيس الجمهورية. بعبارة أخرى، يعني ما لا يقوله هو يبادر رئيس الجمهورية من طرفه إلى قوله.

س: يعني كلام السيد نصر الله عن أنه نتفهم مطلب الرئيس الحريري بوزارة الداخلية ونتفهم عدم القبول بالثلث المعطل أو الضامن لأي جهة وننصح بحكومة بدل 18 20 هذا االكلام برأيك ألا يفتح الباب؟

ج: الذي يقول بدل 18 لتكن الحكومة 20، فإنّه يقول بطريقة أو بأخرى أنه يريد الثلث المعطل. دعني أوضح لك هذا الأمر، نحن الآن نحصد نتيجة سنوات من هذه الممارسات غير المسؤولة التي أوصلتنا إلى أنه لم تعد لدى الحكومات اللبنانية على مدى السنوات العشر الماضي قرار حقيقي في مجلس الوزراء. هذا الأمر سأشرحه لك بما يسمى باستدلالات حسية وملموسة. أنه، وبسبب هذه الممارسات التي أصبح ينعدم فيها القرار، فإنه ومنذ العام 2011 وحتى الآن، كل المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية تبين حالة الانهيار الذي بدأ في العام 2011 بشكل كبير، والذي تراكم إلى أن وصلنا إلى ما وصل إليه لبنان اليوم. هذا كلّه نتيجة ممارسات، نتيجة ما يسمى في الإمعان والتسبب بالاختلال في التوازن الداخلي في لبنان وأيضاً الاختلال في التوازن الخارجي. هذا الأمر الذي أوصلنا إلى هنا، ولا يمكن الخروج من هذه المآزق المنهالة على لبنان إذا استمرّت هذه الممارسات.

س: بالنسبة إلى العقد الخارجية، يعني حضرتك دولة الرئيس ذكرت عن موضوع حزب الله ودوره وعن موضوع الدور الايراني لزيادة أوراق التفاوض. ولكن بالمقابل ثمة من يرى أن الرئيس الحريري غير قادر على تشكيل حكومة لأنه ينتظر وجهة النظر السعودية، الموقف السعودي، الذي قد يتظهر بعد لقاء ماكرون وزيارته إلى السعودية، وبعد القمة الفرنسية السعودية وأيضاً بانتظار وجهة النظر الأميركية. والأميركان والسعوديين لا يريدون في هذه الحكومة أن يكون فيها مجرد وجود ولو مقنَّع لحزب الله. لذلك الرئيس الحريري مكبل وغير قادر على تشكيل حكومة. ما ردك على ذلك؟

ج: ردّي أنا، أنّ الفكرة هو بإنشاء حكومة من المستقلين غير الحزبيين، ومن الأشخاص القادرين الكفوئين وغير المستفزين. هذا الأمر طبيعي عند تحققه يسحب كل الأعذار. الذي يريد تأليف الحكومة يسحب كل الأعذار، أنا باعتقادي أن من يريد أن يرد الطابة، وأن يتحجّج بالقول أنّ الرئيس الحريري غير قادر. كلا، هو قادر، وها هو قدّم تشكيلة وزارية، فبالتالي هذا هو الحل؟

س: قدم تشكيلة وهو يعرف سلف أن هذه التشكيلة لن تمر مع رئيس الجمهورية وكأنه يقول انه عمل الذي عليه ولكن قدم تشكيلة ليست قابلة للحياة. هذا ما يقال.

ج: أنا أقول لو كان رئيس الجمهورية يريد أن يختبر هذا الأمر، لكان بادر ووافق عليها. وأكرّر هنا أنه لو كان هناك اسم من تلك الأسماء الواردة في التشكيلة عليه شكوك، لكان الرئيس تكلّم عنها. لم يستطيعوا التكلم عن اسم واحد غير كفؤ في هذه التشكيلة.

س: اليوم الرئيس فؤاد السنيورة ماذا ينصح أو ماذا يقول للرئيس سعد الحريري؟

ج: أن يصمد على موقفه. بدون شك وهذا الموقف الدستوري والسياسي الصحيح.

س: ولكن إلى متى؟ منذ مدة وليد جنبلاط نصحه بالاعتذار ثم عاد منذ يومين وقال إنّه هو أدرى. هل تنصحه بالاعتذار إذا بقي الباب مغلق بهذا الشكل؟

ج: أنا أعتقد كما قلت منذ البداية أن هناك خياران لا ثالث لهما. البديل الآخر لما تقوله ان تؤلف حكومة يجري فيها إرضاء السياسيين والأحزاب وتعرف ما هي النتيجة. هذه النتيجة سوف تقدم حكومة لن تأتي للبنان بأي نوع من المساعدات من المجتمعين العربي والدولي بل أكثر من ذلك أنها لن تستطيع أن تحظى بثقة اللبنانيين. نحن يجب أن يكون لدينا الهمّ الأساسي أولاً وهو أن تحظى الحكومة العتيدة بثقة اللبنانيين. الثقة بالحكومة هو المدخل الأساس للدخول إلى ما يسمى إيجاد حلول للمشكلات، والعمل من أجل البدء باستعادة الثقة هو الباب الأساس.

س: اليوم ما هي الخيارات أمام الرئيس الحريري يعني برأيك هو اليوم أمام أي خيارات؟ إذا قدم تشكيلة ولم يتم التوافق عليها ونسمع الكلام ونسمع السجال، هل ما زال هناك من امكانية للتعايش بين الرئيس الحريري ورئيس الجمهورية والعهد؟

ج: أنا أعتقد أنّ فخامة الرئيس ببعد نظره وبحرصه على انجاح ما تبقى من سنوات عهده قادر على التعالي على المشكلات والاستعصاءات الجانبية، وقادر على الإسهام بتأليف حكومة. أن تؤلف حكومة عينها على اللبنانيين وما الذي يرضي اللبنانيين وليس ما الذي يرضي هؤلاء السياسيين، هذا الأمر، إذا تمّ تأليف حكومة لإرضاء الأحزاب السياسية والطائفية سيكون الوضع أصعب، لماذا؟ لأنّ صمود الحريري معناه أننا مازلنا متأملين بأنه ستتألف الحكومة. إمكانية تأليف حكومة ترضي السياسيين والأحزاب الطائفية ستكون مستحيلة بسبب أنها ستكون حكومة مثل الموجودة حالياً وبالتالي لن تستطيع أن تأتي برغيف خبر واحد.

س: من الآن إلى وقتها، تنصح الرئيس الحريري بالصمود؟

ج: نعم، وأناشد رئيس الجمهورية بأنه ينظر إلى مصلحة لبنان واللبنانيين، وأن ينظر بتبصّر إلى كل هذه القضايا الأساسية التي يفترض أنها الأسباب التي تستدعي تأليف حكومة. البلاد الآن في حالة فراغ لا يمكن أن نذهب إلى أي شخص أو دولة ونطلب منه أو منها أن يقف بجانبنا. لا يمكننا أن نذهب إلى اللبنانيين وأن نقول لهم أنهم بامكانهم أن يثقوا بنا من دون أن يكون لدينا حكومة قادرة على الإيحاء بالثقة لديهم ولدى المجتمعين العربي والدولي وتبدأ عملياً ببذل كل جهد ممكن من أجل استعادة الثقة.

س: البطريرك الراعي يتحدث عن مؤتمر دولي من أجل لبنان، سمعنا السيد حسن نصر الله يتحدث عن التدويل ويقول أن لا أحد يمزح معنا في هذا الأمر لأن هذا التدويل يؤدي إلى الخراب والحرب. المفتي قبلان اليوم يقول أن التدويل والمؤتمر الدولي هو تهديد لصيغة لبنان، حضرتك دولة الرئيس هل ترى أن الوقت مناسب للحديث عن مؤتمر دولي؟ هل هناك امكانية لمؤتمر دولي؟ هل الوقت مناسب. هل الحديث مناسب عن هكذا أمر؟ أم هذا يخلق لدينا انقسامات أكثر؟

ج: دعني أقول لك شيء. غبطة البطريرك قبل ثلاثة أشهر طرح فكرة ما يسمى تحييد لبنان وهي فكرة مستندة أيضاً إلى اعلان بعبدا ومستندة إلى وثيقة الوفاق الوطني وللدستور اللبناني بأن لا يكون هناك انجذاب أو تورط بما يسمى الصراعات والمحاور في المنطقة. ثم ان البطرك كان يعول على أن يصار إلى تأليف الحكومة. هذه الحكومة- وكما يبدو الآن- أن هناك استعصاء على تأليفها مثلما كان هناك استعصاء مستمر ومزمن على الإصلاح في لبنان. وكذلك الاستعصاء على القبول بمبادرة ماكرون وهناك تخوف حقيقي لدى البطرك مثلما هو تخوف لدى اللبنانيين في أن هناك خطر وجودي على لبنان. وهذا التخوف هو الذي تكلّم فيه أيضاً قداسة البابا. فبالتالي هذا التخوف وهذا الاستعصاء هو الذي دفع البطرك إلى إطلاق هذه الاستغاثة. الاستغاثة بأن علنا أن نحمي لبنان وأن نحافظ على سموّ فكرة هذا العيش المشترك وعلى هذا النموذج الرسالة الذي يمثلها لبنان.

س: هذه النية ولكن هل تصرف على الورق؟

ج: دقيقة صغيرة. فبالتالي طرح غبطة البطرك هذه الفكرة بأن ينعقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة. سؤالي: هل هذه أول مرة يحصل مؤتمر دولي من أجل لبنان؟ القرارات الدولية التي صدرت في العام 1978، 425، وبعدها في العام 1982، والقرارات الدولية بالعام 1993، 1996، 200 أي بصدور القرار 1701.

س: كان هناك احتلال اسرائيلي وقتها.

ج: هذا تحديداً ما أريد أن أصل إليه، وهو أنّ علينا أن نتبصّر لكي نتجنّب بأن نصل إلى الأسوء، بالتالي هذه قرارات دولية مثل 1701، وهذا أيضاً قد حصل في مؤتمرات باريس 1 و2 و3 وسيدر ما هو؟

س: اقتصادي

ج: حسناً اقتصادي ولكن الباقي سياسي أليس كذلك؟ نحن نتكلم عن موضوع المؤتمر الدولي، لماذا يطلب غبطة البطرك هذا الأمر؟ حتى بالنهاية نستطيع إنقاذ لبنان. ماذا يعني أن ننقذ لبنان؟ يعني أن نستعيد الدولة في لبنان والاحترام للقانون والنظام، أن نستعيد الاحترام للدستور، أن نستعيد الاحترام لوثيقة الوفاق الوطني، وأن نستكمل تطبيقها. ولذلك، وبدل أن نطرح هذه الطروحات، دعونا نعود كلنا إلى نفسنا بيننا وبين بعض بأن نرجع ونقول إننا نريد أن نستعيد سيادة الدولة صاحبة السلطة الحصرية على كل أراضيها. أودّ أن أسألك: ما الذي يحصل الآن في لبنان؟ هل سيادته محمية؟ هل هذا السلاح المتفلّت الموجود في لبنان يحمي استقلال وسيادة لبنان. سلاح حزب الله كان بالأساس قد أخذ نوع من المقبولية لدى اللبنانيين على أساس أنّه سلاح موجه ضد إسرائيل. المفارقة، أن أصبح هذا السلاح موجه ضد صدور اللبنانيين، وأصبح موجهاً أيضاً ضد عدد من الدول العربية، بعدها أصبحنا نحن في لبنان، نتورّط ونتدخل بشؤون الدول العربية وإلى ما هناك.

س: إذا كنت أريد العودة وأريد جواب واضح، هل حضرتك مع عقد مؤتمر دولي أو مع عقد حوار داخلي لترتيب الأوضاع أو العودة للاتزام بالطائف؟

ج: دعني أقول لك أمراً. نحن مررنا بكل هذه التجارب، في الـ2006 عقدنا حوارات من كل الأنواع. كل الحوارات التي قمنا بها في النهاية جرى التنكر لها بطريقة أو بأخرى حتى في مسألة المحكمة الدولية، عندما قررنا أن نذهب إلى الأمم المتحدة، مع أنها كانت البند الأول على جدول أعمال مؤتمر الحوار في العام 2006، وهو المؤتمر الذي جرى في مجلس النواب. ذلك ما اضطرنا أن نذهب إلى الفصل السابع (chapter-7). كذلك الحوارات العديدة التي جرت صارت ماذا حصل فيها؟

س: والمؤتمر الدولي لو افترضنا أنه عقد وكان هناك جزء من اللبنانيين يعارضوه، كيف سيمشي؟ وكيف قراراته واتفاقاته ستطبق؟

ج: أنا ماذا أقول لك؟ البديل عن الذهاب إلى المؤتمر الدولي هو أن نوحّد مواقفنا جميعاً وأن نعمل بصدق وبإرادة عازمة ومثابرة من أجل أن ننفذ مباشرةً استعادة دور الدولة اللبنانية وسلطتها وهيبتها ونشكل حكومة بهذا الإطار لتحقق لنا هذه الأغراض. أنا في غياب هذا التوجه، أنا مع البطرك في طرحه وأشدّ على يده وأؤيده في هذا الأمر، لكن ما أتمناه؟ ما أتمناه أن نرجع إلى ما يسمى تحقيق مصلحتنا الحقيقية. لا يمكن أن يصار إلى انقاذ لبنان إذا لم تستعاد الدولة وتستعاد صلاحيتها وهيبتها وسلطتها الوحيدة والحصرية على كامل الاراضي اللبنانية.

س: بالواقع السياسي دولة لرئيس هل رغبة البطرك أو دعوة البطرك ممكن أنها تترجم أو تتحقق بظل الواقع اللبناني والانقسامات اللبنانية بظل الردود التي نسمعها؟ لنكون واقعيين وصريحين.

ج: برأيي علينا أن نعالج الأمور ونتبصر ونحاول أن نستشرف المتغيرات التي تحصل في العالم وفي المنطقة. كيف من الممكن أن نحمي لبنان؟ نحمي لبنان بأن نرجع إلى التبصر والاهتمام بمصلحة لبنان واللنبانيين. كيف ينبغي علينا أن ننظر إلى الأمور. أول شيء، بأنه من غير الممكن أن تستمر سياسة الاضعاف في لبنان.

دعني أوضح لك أمراً مهماً، وهو أنّ لبنان يحكم بقوة التوازن وليس على قاعدة توازن القوى. قاعدة توازن القوى معنى ذلك أن هذه دعوة لكل فريق من اللبنانيين أن ينمي عضلاته قليلاً ليقول للآخرين تعالوا لأطرح من الأول ولنرى كيف سنتفق من أول وجديد ونعيد النظر بالاتفاقيات المعقودة بين اللبنانيين. بعبارة أخرى، هذه دعوة إلى عدم الاستقرار. بينما قوة التوازن هو الأساس الذي استمر. عندما يصبح هناك استضعاف مستمر لفرقاء من اللبنانيين، فإنّ ذلك يؤدي بهؤلاء إلى أن يفكروا باقامة مؤتمر دولي.

س: من هم المستضعفين الآن برأيك؟

ج: أنا برأيي كل الناس الذين يطالبون بالسيادة اللبنانية هم من المستضعفين.

س: ولكن الكل يطالبون بالسيادة اللبنانيية.

ج: المؤسف أنّ بعض الذين يطالبون بالسيادة هم يمارسون عكسها. ولكن أنا أتكلم عن الرفاء الذين يطالبون بالسيادة اللبنانية، وهم الذين يطالبون بالدولة اللبنانية، وباستعادة الاعتبار للدستور واحترامه، واستعادة الاعتبار للقضاء واستقلاليته، واستعادة الاعتبار لوثيقة الاوفاق الوطني، واستعادة الاحترام لسلطة القانون والنظام وتطبيق القوانين التي لا زلنا حتى اليوم نطالب بها؛ مثل قوانين الكهرباء والاتصالات والطيران المدني. الذين يتكلمون عن الإصلاح الآن هم الذين وقفوا ضد الإصلاحات وضد تطبيق هذه القوانين. ما أقوله لك الآن: كيف ممكن أن نستشرف الأمور وأن نتبصر ونبادر إلى إصلاح شؤوننا ونعالج الاختلال في أوضاعنا الداخلية والخارجية حتى لا نصل إلى مؤتمر دولي. وذلك بأن نطبق الشيء الذي نريده. المثل العامي يقول: "ما الذي احتاجك إلى المرّ قال الأمرَّ منه". ما الذي أحوجنا إلى هذا الأمر أننا نطالب بإصلاح الاختلال ولا أحد يسمعنا. والجميع مستمر بأن يضع لبنان في حالة عداء بينه وبين أهله من جهة وبينه وبين محيطه. هذا الأمر غير مقبول ولا يمكن ان يستمر. نحن لا نكون منصفين فيه لللبنانيين وغير منصفين لمصلحتهم على المدى الطويل.

س: دولة الرئيس لدي سلسلة أسئلة سريعة لها علاقة بالعلاقة مع الأطراف السياسية. اليوم من حلفاءكم أنتم؟ يعني من الحليف الذي تعتبروه حليف لخطكم السياسي؟ يعني رأينا حلفاء الأمس صاروا وكأن كل واحد ابتعد عن الآخر. أقصد القوات والكتائب. اليوم ماذا عن حلفاء الأمس؟ لنبدأ بالعلاقة مع القوات، برأيك ماذا؟

ج: طبيعي العلاقة مع القوات جيدة ولكن نحن حلفاءنا الحقيقيين هم كل الناس الذين يطالبون بأن يعود الاعتبار والاحترام للدولة وسلطتها الحصرية.

س: ولكن هذا شعار الكل يرفعه، كل الناس تريد الدولة. كل الناس تريد محاربة الفساد.

ج: هل تريد أن تعرف كيف يمكن العمل من أجل أن ترجع الدولة؟ سأعطيك وصفة "روشاتة صغيرة". أولاً أنا لو كنت مكان رئيس الجمهورية أول قرار أتخذه بأن أوقع التشكيلات القضائية. هذه رسالة يرسلها الرئيس لكل العالم بأنه يحترم استقلالية القضاء، وأن يتخذ موقفاً هاماً ثانٍ بأن يعلن بأنه مع تطبيق جميع القوانين التي أقرت في مجلس النواب، وبالتالي لم تنفذ حتى الآن مثل قوانين الكهرباء والاتصالات والطيران المدني وغيرها من القوانين. إنه بذلك يعطي صورة بأنه يحترم فعلياً الدستور اللبناني، ويحترم وثيقة الوفاق الوطني، وأنه حريص على الالتزام بالسير على مسارات تطبيقها، وأن يعمد إلى إرسال رسالة بأنه يريد إعادة وصل العلاقة بين لبنان وبين المجتمعين العربي والدولي، وأنه يحترم الشرعيتين العربية والدولية. هذه الأشياء بجلسة واحدة ممكن القيام بها وتغير كل المزاج السائد في البلد.

س: رئيس الجمهورية يريد التدقيق المالي الجنائي بالمرتبة الأولى وبالنقطة الأولى. هل يشكل لديكم الموضوع حساسية؟

ج: سأفاجئك الآن وسأوضح لك الأمر. أول شخص تكلم وعمل في موضوع الاستعانة بتدقيق الحسابات من قبل شركات التدقيق الدولية في لبنان هو أنا. لقد كانت لي محاولات عديدة قمت بها خلال المرحلة التي كنت فيها وزير مالية. وللأسف، أُجهضت في اللجان النيابية. المرة الوحيدة التي نجحت فيها بأننا استطعنا في العام 2001 أن نخضع المؤسسات العامة في لبنان للتدقيق المحاسبي من قبل شركات التدقيق الدولية. ثم في العام 2006، وفي حكومتي الأولى، وفي اجتماعا تمثلت بكامل أعضائها آنذاك، وفي شهر أيار من العام 2006، أرسلنا إلى مجلس النواب مشروع قانون بإخضاع جميع مؤسسات الدولة واداراتها ووزاراتها وكل ما يتعلق بالمال العام في لبنان بكل المؤسسات، وبدون أي استثناء إلى تدقيق تجريه شركات التدقيق الدولية. هذا الأمر أرسل إلى مجلس النواب في العام 2006 وما زال قابعاً في أدراج مجلس النواب.

س: من طيّره أو أوقفه وقتها؟ من وقف في وجهه؟

ج: هذا الأمر هو بيد الرئيس بري. من يطالب اليوم بالتدقيق الجنائي اليوم كان أول من تصدّى ضد هذا المشروع سابقاً خصوصاً من التيار الوطني الحر والنائب إبراهيم كنعان.

س: لماذا برأيك؟

ج: لأن هذا بزعمهم آنذاك لا ينفع. الغريب أنّ كل بلدان العالم في الدنيا يلتزم بهذا الأسلوب، إلا عندنا كان موقفهم لا ينفع. على أي حال لم يجري العودة إلى هذا المشروع ويجري الالتزام به.

س: لماذا إذاً يقال إنكم أنتم من تتحسسون من موضوع التدقيق الجنائي؟ يعني أولاً أنتم مع التدقيق الجنائي؟ بمصرف لبنان وبكل الوزارات والصناديق والمؤسسات منذ زمن إلى اليوم؟

ج: انا لا أقول هذا الكلام في الهواء، هناك مشروع قانون أرسل في العام 2006 ثم عملنا تكراراً بعدها من أجل الالتزام به. لقد أرسلنا اقتراحَيْ قانون من كتلة المستقبل وأيضاً بالتعاون مع عدد من النوب الآخرين في هذا الخصوص ولم يتم البت فيها.

س: ورغم هذا الأمر يشار إليكم بأصابع الاتهام بأنكم ضد هذا الأمر وتحديداً حضرتك لأنك كنت وزير مال ورئيس حكومة. وأيضاً يشار إلى أنك أنت تعارض هذا الأمر ولا أريد العودة إلى موضوع الـ11 مليار لأن حضرتك أجبت عليه.

ج: أنا كنت أتكلم معك منذ قليل في هذا الموضوع. أنا منذ أن بدأت فيها في وزارة المالية، وبكل عملي العام منذ مطلع التسعينات، كنت أهتدي بمثل صغير، مثل طورته بنفسي والكل يعرفه وهو: "أعطي الخبز للخباز...".

س: حتى لا يأكل نصفه.

ج: أنا قلت: "أعطي الخبز للخباز وراقبه حتى لا يأكل نصفه". ولقد قصدت من هذا تحقيق أمرين وهنا مبدآن أساسيان في علم وممارسة الإدارة. أن نعيد الاعتبار للكفاءة والجدارة في التعيينات. وهو الأمر الذي فشلنا في تحقيقه أكثر من مرة. وهو عمل اصلاحي أساسي، عملنا من أجل اعتماده. وأول فشل واجهناه كان في العام 1998 مع الرئيس لحود الذي رفض إقرار الإصلاحات التي كانت جزءاً من مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب. وثاني شيء، بالقانون الذي أقرّ في مجلس النواب وتمّ الطعن فيه. وبعدها أنا استعملت هذه القواعد في ما يسمى عملية إصلاحية أساسية جرت في التعيينات التي نفذتها حكومتي الأولى، استعملتها وقتها عندما كنت أنا رئيس حكومة.

ثاني أمر، في موضوع التدقيق. بالتالي هذين الأمرين الأساسيين كانا أعمالاً إصلاحية لإضفاء الحوكمة على أعمال الدولة اللبنانية ولا خيار لدينا غيرهما. يجب أن نعود إلى أن تكون التعيينات مبنية على أساس اعتماد آلية صحيحة لاختيار أصحاب الكفاءة والجدارة، وتضمن الحوكمة الحقيقية لا أن تصبح أو تستمر الوزارات مزارع للأحزاب السياسية. وبالتالي، هذا ما نعاني منه الآن. لقد صارت فعلياً كل وزارة ملك لحزب ولا أن يكون عملية التدقيق أيضاً هي على همة البعض، بل هو عمل واجب على الجميع ويجب أن يكون كل أمر الدولة خاضعاً لعملية التدقيق والمساءلة. هذا الأمر هو الذي نحن دافعنا عنه.

س: أريد أن أعود دولة الرئيس لموضوع الحلفاء. من حلفاءكم اليوم؟ عندما نرى أن حتى حلفاء الأمس الكل يغرد لوحده. اليوم أنتم مع من تتفقون أكثر؟

ج: أنا أعتقد أن البوصلة التي يجب أن نهتدي بها يجب أن تكون الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وكل واحد يمشي على هذه البوصلة هو حليفي. أنا أعتقد أن هذا هو الدستور، وهذا هو الطريق نحو استعادة الدولة اللبنانية واستعادة الاحترام للشرعيتين العربية والدولية.

س: يعني مثلاً بالتفاصيل، القوات والكتائب يدعون لانتخابات نيابية مبكرة، هل برأيك أنتم مع هذا الطرح أو تعارض هذه الفكرة؟

ج: أنا لا أعارض. أنا أقول دعونا نكون عمليين pragmatic في هذا الموضوع. حتماً هناك من يقول باستقالة رئيس الجمهورية، ولكن هذا الأمر عملية مستصعبة لأسباب متعددة. انتخابات مبكرة تقتضي أن مجلس النواب يقيل نفسه وهذا الأمر أيضاً غير ممكن. يعني الناس الذين استقالوا من قبل، 8 نواب، فعلياً لم يلحق بهم أحد. لذلك، إذا كان أي من هذين الاقتراحين ممكن فهذا أمر جيد. ولكن إذا لم يكن ممكناً، فإذاً دعونا أن ندعم ونقوم بتشكيل حكومة تستطيع أن تسترد هذه الثقة المفقودة وتتم الانتخابات بعد سنة ونصف.

س: أريد أن أنتقل معك إلى موضوع العلاقة مع حزب الله بهذه المرحلة هناك من يعتبر أنه تحت الطاولة هناك هدنة بين الرئيس الحريري والثنائي الشيعي. هل فعلاً هناك هدنة؟

ج: أنا أعتقد، دعني أكون واضحاً، أنا أتكلم عن رأيي، طبيعي إذا كنت تريد أن تسأل سعد الحريري فاسأل سعد الحريري.

س: أنا أتكلم عن تيار المستقبل، عن الفريق السياسي.

ج: ليس هدنة، أنا أعتقد أن موقفنا واضح ويجب أن يكون واضحاً جداً أمام اللبنانيين بأننا مع عودة الدولة وهذا الأمر طبيعي لا يمكن أن تستقيم الأمور بوجود دولة ووجود دويلة تبتلع الدولة. هذا أمر لا يمكن أن يستقيم. وبالتالي، فإن السؤال كيف تمكن المعالجة. المعالجة هي من ضمن القيام وبنية صحيحة وصادقة وعازمة بأن علينا أن نسترد الاعتبار للدولة لمصلحة جميع اللبنانيين. هذا الأمر طبيعي ليس بالخصام ولا بالعنف، بالعكس، بالحوار وأيضاً بالحوار الصحيح وليس الحوار من أجل الحوار الذي لا ينتهي.

س: هل تدعو إلى الحوار مع حزب الله حول بعض الأمور أو نقاط الخلاف؟

ج: إذا كان هناك نوايا صافية من أجل التقدم الحقيقي على مسارات الحلول لهذه المواضيع، نعم. أما إذا كان الحوار من أجل الحوار فقط مثلما جرى في الماضي، ليس هناك من داعٍ لذلك. لا نريد أن نعذبهم ونعذب أنفسنا ونعذب اللبنانيين الذين ينتظرون حلولاً وليس وعوداً.

س: دولة الرئيس أريد أن أنتقل لأتحدث عن موضوع المرفأ. يعني هذه الجريمة التي من بعد ستة أشهر وصلنا إلى مكان أنه قد تم كف يد القاضي صوان وتعيين القاضي بيطار. هل عدنا إلى نقطة الصفر برأيك؟ هل يمكن أن نصل إلى مرحلة تكشف فيها كل الحقائق؟ ماذا عن هذا الملف وعن هذه الجريمة؟ وهل أنت مع التحقيق الدولي كما يطالب البعض؟

ج: أنا لست مع التحقيق الدولي فقط بل أكثر من ذلك. دعني أقول لك أمراً، إنه باليوم الثاني، يوم 5 آب في العام الماضي لوقوع التفجير، اجتمعنا كرؤساء حكومة سابقين وبالتالي طالبنا بأن يصار إلى الاستعانة بلجنة تحقيق دولية. ولقد صدقت هواجسنا وتوقعاتنا بأن هذه العملية فعلياً فيها الكثير من الريبة والشكوك. بل أكثر من ذلك، أنا أقول لك أمر، وهذا الكلام قلته أكثر من مرة على كل شاشات التلفزة بلبنان وخارج لبنان، وذلك استناداً إلى المعلومات التي تسرّبت عن التفجير وأداء الإدارات والأجهزة في المرفأ. وجهة نظري أنه، وكأن هناك يداً خفية كانت موجودة في المرفأ منذ العام 2013، وكانت ترافق هذه العملية ولغاية سنة 2020 كانت فعلياً ترعى أن تقوم كل الأجهزة والموظفين والأجهزة القضائية كلهم يتبادلون الرسائل والاحالات. كل واحد كتب وأرسل إحالات إلى بعضهم بعضاً ومن مكان إلى مكان ولكن النيترات بقيت مكانها. وكان يتم عملية السحب من تلك الكمبات وكل ذلك تحت رعاية تلك اليد الخفية.

س: من اليد الخفية برأيك؟

ج: التحقيق يجب أن يبينها.

س: هل هناك رسم تشبيهي بتحليلك السياسي؟

ج: من هو صاحب المصلحة. أنا لا أريد أن أستبق التحقيق بهذا الشأن. ولكن هذا الأمر هو حقيقة الذي جرى. نحن يا سيدي طالبنا بتحقيق دولي. إذ أنّ هذه لبقضية فعلياً، هي من أهم القضايا في العالم وليس فقط بحجم تأثيراتها ولكن هي بحد ذاتها وأنها موجودة أين؟ بجانب المناطق السكنية. من حق اللبنانيين أن يعرفوا كل الحقيقة ولذلك أيضاً ينبغي على التحقيق الذي يجري ويعالج كل الجوانب. أنا لا زلت مؤمناً أننا بحاجة إلى تحقيق دولي. لكن الآن وبما أنه قد تمّ تعيين قاضي والذي هو عليه أن يستفيد من كل التجارب التي جرت وأن يحترم القواعد الدستورية الصحيحة، وطبعاً أتمنى له كل التوفيق، وهو رجل نزيه وبالتالي كما يقال عنه لأنه كفؤ، أنا لا أعرفه ولكن أنا حريص دوماً على استقلالية القضاء. فبالتالي انه ينبغي أن يكون لديه وتتوفر له كل الامكانات والتسهيلات اللازمة حتى يستطيع أن يستعين بالقدرات التقنية اللازمة من الخارج. لأن هذا الأمر الذي حصل في لبنان ليس بامكان قاضي واحد أن يتولاه وبالتالي ان يعرف القاضي كل هذه الأمور والتفاصيل. يجب أن نستعين بهذه القدرات التكنولوجية من الخارج ومن الدول حتى يستطيع الثاضي أن يقدر فعلياً وأن يحيط بكل هذه الاشكالات ولأن الذي جرى حتى الآن بالنسبة للتحقيق الماضي، مع القاضي صوان، بدا وكأن التركيز هو على الموظفين الموجودين وعلى الأجهزة الموجودة في المرفأ. طبيعي يجب محاسبتهم ولكن المشكلة ليست هنا. وهذا ما أقوله عن ما يسمى سياسات الالهاء بالبلد وحرف الانتباه حيث البعض يصور أن المشكلة مع الموظف الفلاني أو غيره، الكل يجب محاسبته ولا أحد فوق رأسه خيمة، لكن التركيز يجب أن يكون على من أتى بتلك المواد المتفجرة إلى لبنان وكيف ومن كان وراءها؟ بالتالي يجب أن تكون لدى هذا الشخص أو الجهة صلات دولية حتى تمكنه بأن يأخذ كل هذه المواد ويخزنها في مرفأ بيروت وان يستطيع من سحب كميات منها حسب الحاجة بما يصل إلى حوالى ثمانين بالمائة من أصل الكمية.

س: القاضي صوان عندما بدأ يتخطى موضوع الموظفين حيث استدعى وزراء ومدير عام أمن الدولة ورئيس الحكومة، كانت النتيجة في الآخر طيروه.

ج: اسمعني دقيقة، هذا كله في الداخل. المشكلة ليست بالموظف والوزير

س: ولكن لنعرف أكثر ألا يجب استدعاء الوزراء وأصحاب المراتب حتى ينعرف ماذا؟

ج: لنكون واضحين لا نريده أن يكون عملاً يؤدي إلى أن يخالف الدستور حيث يجب على القاضي أن يحترم الدستور والقوانين.

دعني أوضح لك أمراً هنا، إذا كانت وجهة نظر القاضي بأن هذا جرم ارتكب بمعرض أداء أولئك المسؤولين لوظائفهم ومهماتهم الدستورية فواضح أنّ الدستور يجب أن يرسل الملف فيما خصّهم إلى المحكمة الخاصة التي هي في مجلس النواب، هناك 7 أعضاء مجلس النواب و8 قضاة، وبالتالي هم الذين يتولوا الحكم في هذه العملية. وهذا لا يعني ايقاف عمل القاضي، بل يجب أن يستمر القاضي بالتحقيق بالأمور الأخرى.

س: هذه مستحيلة، القاضي حتى يرفع الحصانة عنه

ج: يحاكمهم المجلس الأعلى، اسمعني. أنا أريد أن أقول لك اما إذا كانت هذه جريمة عادية فمن حق القاضي أن يحاكمهم.

س: للمسؤولين والوزراء

ج: نعم، ولكن هناك أيضاً فخامة الرئيس الذي قال إنه قبل 15 يوم عرف بالأمر. فخامة الرئيس ليس رئيساً عادياً هو قائداً سابقاً للجيش ويعلم أكثر من أي شخص آخر. ماذا تعني وجود مثل هذه الكميات المتفجرة في المرفأ. يعني ممكن أن تلوم الدكتور حسان دياب أنه لم يدخل إلى Google وبحث ما هو الأمونيوم نايترايت. ولكن الأمونيوم نايترايت عند فخامة الرئيس، وهو يعرف تمام المعرفة أن هذه البضاعة قابلة للتفجر وبالتالي هو يعرف أنك لتستطيع أن تستورد كلغ واحد من نيترات الأمونيوم إلى لبنان، أنت بحاجة لموافقة مسبقة من مجلس الوزراء. يجب أن ينعقد مجلس الوزراء ليوافق على استيراد كلغ من نيترات الأمونيوم فكيف بوجود 2755 طناً من هذه المواد موجود في مرفأ بيروت.

س: ولكنه قال إنه وكل مستشاره.

ج: عفواً ولكن قصة من هذا النوع لا تستطيع أن تقول أنا وكلت وأنت مسؤول. فاذا كان هو مسؤول في هذا الأمر وكانت جريمة عادية فبالتالي يتم ارسالها ومحاكمة رئيس الجمهورية من قبل المجلس الأعلى.

س: وهذا ما تريد الوصول إليه؟

ج: أنا لا أريد أن أصل إلى هنا، أنا أقول ما هو موجود في الدستور من نصوص وما هو موجود في القانون. والذي أقوله يجب أن يصار إلى الالتزام بأحكام الدستور أولاً وأيضاً أ ن يصار إلى التركيز على القضايا الأساسية التي هي كيف وصلت تلك المواد وكيف تم حفظها ولماذا بقيت هناك ومن كان وراءها. الآن نسمع أن هناك تجار سوريين أليس كذلك؟ منذ شهر سمعنا بهذا الأمر والجريمة حصلت منذ 6 أشهر ونصف. وبالتالي هذا الأمر يعني أننا نضيع الوقت في حين أنه هذا ما كان يجب التركيز عليه. وأنا أعتقد أن القاضي الجديد طارق بيطار ينبغي أن يركز على هذه القضايا وأتمنى له التوفيق وأتمنى أيضاً أن يصار إلى تقديم كل التسهيلات لكي يستطيع أن يقوم بعمله على أفضل ما يرام.

س: على كل حال جريمة بهذا الحجم الذي اعتبر ثالث أكبر تفجير في العالم، جريمة دمرت العاصمة دمرت بيروت وأوقعت شهداء وهجرت ناس من بيوتها وهدمت بيوت وتركت الكثير من المصابين جسدياً ونفسياً ومعنوياً ومادياً يعني نتمنى أن نصل إلى الحقيقة في هذا الملف الذي يعتبر كارثة حلّت على بيروت. أنا أريد أن أشكرك دولة الرئيس فؤاد السنيورة بختام هذا الحوار وهذا الحديث شكراً لك. والسؤال الختامي أنت لديك مبادرة للانقاذ كنت قد طرحتها لا أعرف اليوم أين سلكت وأين أصبحت؟

ج: أنا أكدت في مبادرتي على أهمية العودة إلى وثيقة الوفاق الوطني والدستور. تعرف كما يقول بيت الشعر: " كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ.. والماء فوق ظهورها محمول". هذه الوثيقة التي أؤكد عليها وأقول ما هي الأجواء التي أحاطت بها منذ العام 1990، وأنها هي فعلياً الباب الحقيقي من أجل أخراج لبنان من مآزقه وبالتالي العودة إليها، كي نستطيع فعلياً أن تستكملها، والتي كان ينبغي أن يصار إلى البدأ بتنفيذها بشكل كامل. الحقيقة الأداء والممارسة الخاطئة التي عانينا منها خلال الفترة الماضية التي لم يكن هناك من تطبيق صحيح لها. هذا الأمر الذي يجب أن نعود إليه وليس لدينا خيارات أخرى لأن كل هذه الطروحات، ساعة أحداً يقول لك أنه ينبغي اعتماد الفيدرالية أو كنفيدرالية أو اقتراحات من هنا أو هناك. كل هذه الطروحات سقطت، وعلى سبيل المثال، في سوريا ماذا يحصل؟ بعد كل الذي جرى في سوريا ها هم يعودون ويؤكدون على وحدة الكيان السوري وبالتالي هذا كلّه الذي يجري كلّه لأجل حرف انتباه وتضييع وقت وبالتالي حرق أعصاب للناس وحرق الفرص التي لا يمكن أن تعوض.

س: أنا أريد أن أشكرك من جديد دولة الرئيس فؤاد السنيورة على هذه الاطلالة الليلة أهلا ًوسهلاً بك. ونتمنى في الاطلالة المقبلة نكون نتكلم عن لبنان بصورة أحلى وأن يكون صار عندنا حكومة وعندنا الوضع أفضل اقتصادياً وسياسياً وعلى كل الأصعدة.

ج: إذا أراد المعنيون من السياسيين أن يسهموا فعلياً بهذا الأمر، وأن يعطوا هذه الفرصة لللبنانيين ليتنفسوا بأن تكون لديهم حكومة فعلياً من اختصاصيين تستطيع أن تستعيد الثقة تكون هذه البداية لاخراج لبنان من هذه المآزق المنهالة عليه

 

 

الكاتب: 
جورج صليبي
التاريخ: 
الاثنين, فبراير 22, 2021
ملخص: 
جبران في حديثه حاول أن يلعب على الوتر الطائفي ومحاولة استثارة العصبيات الطائفية. وأنا أعتقد أن هذا الأمر لم يعد مجدياً بل مخزياً. لحقيقة أنّ اللبنانيين وفيما بينهم أقروا باتفاق الطائف الذي هو وثيقة الوفاق الوطني، وأقرّوا أيضاً الدستور اللبناني