عون يؤنّب الحاكم.. ويتجاوز صلاحيات الحكومة! ماذا يعني أنه بات للبنان ناطق رئاسي؟
في خطوة غير مسبوقة، فوجئ اللبنانيون ومعهم الأوساط السياسية والنيابية، ببيان يتلى حول ما دار في اجتماع الرئيس ميشال عون مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وتتساءل الأوساط، عن المآل الذي وصلت إليه الممارسات الدستورية، في هذا البلد، كلفه اتفاق الطائف، ودستوره ما لا يقل عن خمس عشرة سنة حرب، وتدمير عاصمته، وسقوط ما لا يقل عن 100 ألف ضحية، عدا عن الجرحى والمعاقين، ليصير سهل التجاوز، وتصبح المادة 53 من الدستور التي تتحدث عن صلاحيات رئيس الجمهورية، فضفاضة لدرجة استدعاء الموظفين الكبار، وإعطاء التعليمات والتوجيهات لهم، واتخاذ القرارات نيابة عن كل المؤسسات، وفي مقدمها مؤسّسة مجلس الوزراء، التي ناط بها، وفقاً للمادة 55 من الدستور، التي تنيط بمجلس الوزراء: وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات، ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية، واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها.
في الممارسات الرئاسية لا مكان لمجلس الوزراء، ولا حتى رئيس مجلس الوزراء، وفي الممارسات التشريعية، يمضي التشريع، عبر اقتراح القوانين، وكأن لا حكومة، ولا مجلس وزراء، تكون مسؤولة عن إدارة الدولة، وطلب التشريعات الملائمة للاستقرار العام، وتلبية احتياجات الدولة والمجتمع، واخرها اقتراح قانون معجل من تكتل لبنان القوي، الذي يرأسه النائب جبران باسيل، ويقضي بإعطاء سلفة خزينة للمؤسسة بمليار دولار أميركي (ألف وخمسماية مليار ليرة لبنانية) لتسديد عجز شراء المحروقات، وتسديد فوائد واقساط القروض لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، وذلك من حساب 2021.
وصفت مصادر سياسية البيان الصادر عن بعبدا بعد اللقاء الذي عقده بين الرئيس عون والحاكم سلامة، بانه محاولة ممجوجة لقلب الوقائع للتهرب من مسؤولية الرئاسة الاولى بالتسبب بالازمة السياسية وتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة وتحميل مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي الناجم عنها لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وقالت إن البيان المذكور لم يجسد انفصام الرئاسة الاولى عن الواقع العام في البلاد فحسب، بل يذهب ابعد من ذلك الى كون ما تضمنه من عبارات على خلفيات كيدية بمثابة مضبطة اتهام للحاكم واعتباره مسؤولا عن التدهور المالي والاقتصادي، فيما الوقائع تكشف بوضوح ان مسببات الازمة المالية والاقتصادية، تكمن في تفاعل الأزمة السياسية بسبب تشبث الرئاسة الاولى بشروط ومطالب تعجيزية.
ولذلك فالكل يعلم ان الازمة سياسية بامتياز، وتداعياتها تتسبب بالازمة المالية والاقتصادية وليس عكس ذلك، وكان الاجدى بالرئاسة الاولى الاعتراف بهذا الواقع والمباشرة بحل أزمة تشكيل الحكومة العتيدة، وليس القفز فوق كل هذه الوقائع والتنصل من مسؤولياتها ومحاولة الصاق الفشل والتعطيل المتعمد والتدهور المالي بالحاكم على خلفية تصفية الحسابات والمكايدة السياسية، لان مثل هذه الأساليب لن تؤدي الى حل الازمة وتوقف الانهيارالمتواصل، بل تزيد من استفحالها.
وإذا كان الرئيس المكلف سعد الحريري غادر عصر أمس إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن النائب السابق وليد جنبلاط، لاحظ ان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب «معتكف» و«هذا مخالف للدستور فحكومة تصريف الأعمال تستطيع ان تحكم وتسير الامور».
وقال جنبلاط: سوء الأداء النقدي والإقتصادي والفساد أدى الى الانهيار الإقتصادي وسابقاً في أول شهرين من الثورة طلبت من الشيخ سعد والرئيس بري الكابيتال كونترول لكنهما رفضا ولو إعتمدنا هذه السياسة لما وصلنا الى هنا.
وأكد: أنا مع «التسوية» ولست متمسكاً بحكومة الـ18، فلم تعد هناك تفاصيل، لأن البلد ينهار والضرورة لتشكيل الحكومة، مشيراً إلى انه كان بالأمس فوضى مصغرة، عند ارتفاع سعر الدولار..
ولاحظ ان «تصرفات إيران في العراق ولبنان وسوريا، وكأن ليس هناك دولة والشرق العربي انتهى».
في هذه الاثناء، استمرت التحركات الإحتجاجية على تدهور الوضع النقدي والمعيشي وقطع الطرقات في بيروت وعدد من المناطق، وحاول الرئيس عون توضيح موقفه منها عبر البيان الذي اصدره بعد لقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امس، الذي رد بطلب بعض الوقت لإستكمال الإجراءات التي يتخذها مع المصارف والاسواق المالية.
وذكرت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية اتى في إطار عرض واقع الأمور واعادة التأكيد على مواقف سبق وأن أعلنها رئيس الجمهورية حول الأموال المنهوبة. ولفتت إلى أن النقاط التي تم التطرق إليها في البيان هي مطلب جميع اللبنانيين معتبرة أن بعض النقاط ستبقى عالقة لاسيما موضوع ارتفاع الدولار.
إلى ذلك فهم من المصادر نفسها أن ما من خطوات تتصل بعملية تأليف الحكومة وأي كلام عن طروحات جديدة تم تبادلها ليس صحيحا والحركة الحكومية متوقفة عند المقاربة المتباينة بين ئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف في هذا الملف والتي لا تزال تحول دون ولادة الحكومة دون إغفال العوامل الخارجية التي تتحكم بهذه العملية وتكاد تكون الجزء الأساسي منها مشيرة إلى أن غياب المحركات المعروفة في التأليف وحتى بيانات الاستعجال من بعض الأفرقاء تستأهل التوقف عندها.
وجاء في البيان الرئاسي: تابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون باهتمام بالغ ما تشهده بعض المناطق اللبنانية منذ مساء أمس من تحركات احتجاجية، على خلفية وصول سعر صرف الدولار الأميركي إلى سقف العشرة آلاف ليرة. وفي هذا الإطار، طالب الرئيس عون، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بمعرفة الأسباب التي أدت إلى ارتفاع سعر الدولار إلى هذه المستويات لا سيما في الأيام القليلة الماضية، وإطلاع اللبنانيين، تأمينا للشفافية، على نتائج التحقيق الذي تجريه هيئة التحقيق الخاصة. كما طالبه بإحالة هذه النتائج إلى النيابة العامة ليصار إلى ملاحقة المتورطين، في حال ثبت وجود عمليات مضاربة غير مشروعة على العملة الوطنية، من جانب أفراد أو مؤسسات أو مصارف.
وسأل الرئيس حاكم مصرف لبنان عما آل إليه تنفيذ التعميم رقم 154 الصادر عنه للمصارف. وشدد على وجوب استعادة جزء من الأموال المحولة سابقا إلى الخارج من جانب كبار مساهمي المصارف وكبار مدرائها والسياسيين والعاملين في القطاع العام، ومعرفة ما هو الحجم الحقيقي للأموال التي جرى استعادتها في هذا السياق، وفقاً للبيان.
وتابع: كما سأل رئيس الجمهورية حاكم مصرف لبنان عن مسار التدقيق الجنائي، بعدما أبلغت شركة «ألفاريز ومرسال» وزارة المالية أنها لم تحصل بواسطتها على أجوبة شافية على الأسئلة التي سبق أن طرحتها على مصرف لبنان.