شاتيلا لـ«اللواء»: فلنناقش إخواننا العرب بمسألة سلاح المقاومة

النوع: 

 

أكد رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا أنّ «العروبة الحضارية الجامعة هي الحل لأزمات الوطن العربي»، مشدّداً على أنّ الصهاينة والمستعمرين يعملون بصورة هيستيرية لضرب العروبة الجامعة لمصلحة مشروع الشرق الأوسط الكبير لتقسيم البلاد وتحطيم ركائز الدولة الوطنية».

واعتبر أنّ «أزمة لبنان مع بلدان الخليج العربي موضوع معقد»، رافضاً «الإساءة الأمنية لأي بلد عربي»، ومطالباً بمناقشة الإشقاء العرب بالبنود الخلافية في «المبادرة الكويتية»، لايسما سلاح المقاومة. ورأى أنّ «الطائفة السنية في تتمسّك بالسلم الاهلي»، و»تيار المستقبل أراد الاستفراد بالشارع السني بمفرده وهذا مستحيل»، لافتاً إلى انّ «الارتباك والخوف سائدان في أوساط احزاب السلطة من الانتخابات المقبلة».

شاتيلا وفي حديث إلى «اللواء»، وردّاً على سؤال حول صلاحية المبادئ التي دعا إليه «المؤتمر الشعبي» منذ عقود للحاضر والمستقبل، قال: «في الاساس، نحن تفاعلنا مع الدعوة العروبية الناصرية، وحركتنا حلقة في سلسلة النضال الوطني اللبناني. فيما مبادئنا ارتكزت على الايمان الديني بجوهر الرسالات السماوية الخالدة وخاتمتها الاسلام، وليست فيها عصبية وتطرف وإلحاد، فهل يخضع الايمان الديني للتغيير او التعديل؟؟ طبعا لا. أما الحرية بمعنى تحرير المواطن من الاستعمار والتبعية وتحرر المواطن من الاستغلال والاستبداد أليست صالحة للحاضر والمستقبل».

وتابع: «كما طرحنا مبدأ العدالة وبناء نهضة اقتصادية وعدالة اجتماعية في مواجهة الاقطاع وحكم الطبقة إلاّ نرى أن ذلك ضرورة وطنية في حاضرنا والمستقبل.. إضافة إلى دعوتنا لسلطة قوى الشعب العاملة والمنتجة والمحرومة لأنها الأغلبية الشعبية الديمقراطية، أليست هذه الأمور ما يحتاج إليه شعبنا، الخاضع لحكم الطبقية ولا يزال»، متسائلاً»: «ألم تكن انتفاضة تشرين عام 2019 تعبيراً عن انتفاضة الاغلبية ضد حكم سلطة الطبقية، من هنا نحن طرحنا كمبدأ من الثوابت الاستقلال القومي كجوهر لسياسة عدم الانحياز دوليا أليست امتنا بحاجة الى هذه السياسة اليوم ومستقبلا».

إلى التكامل دُرْ

*أضاف: «أما مبدأ الوحدة التكاملية العربية على قاعدة الوحدة الوطنية، بعيدا عن حكم الطبقة وسيطرة الحزب الواحد أليس حاجة قومية عربية ووطنية لبنانية، خصوصا أنّنا اعتبرنا دائما أنّ لا يمين ولا يسار بل العروبة الحضارية هي المعيار، فهل نبدّل هذه المفاهيم وهي مطالب أحرار الأمة والوطن، من هنا يبدو أنّ المبادئ التي التزمها وناضل من أجلها اتحاد قوى الشعب العامل ل تزال حيّة ومعبرة عن الناس».

واستدرك: «أما التجربة المستمدة من المبادئ فهي برنامج للعمل، ويحصل فيها تغيّرات وانتصارات ومواجهات، وقد قال القائد عبد الناصر يوما: «إنما نراجع أساليبنا ولا نتراجع عن أهدافنا»، دون أن يعني ذلك استنساخ مرحلة الستينات بما فيها من أخطاء ونجاحات، فالاجتهاد في الناصرية مطلوب، وقد مارسناه  بإصدار دراسات هامة التزمت بها قوى وحدوية عربية، فالمعلم عبد الناصر دعا إلى مراجعة الميثاق (1962) بعد 10 سنوات، وهو الذي قام بتقديم التجربة والأخطاء ببيان 30 آذار / مارس 1968، حينما أكد على التضامن العربي وقومية المعركة ومراجعة التجربة الداخلية وكان يستعد لإطلاق التعددية السياسية بعد إزالة اّثار العدوان كما يقول مساعده الاستاذ سامي شرف».

الحل بالعروبة الجامعة

ولفت إلى أنّ «اجتهادنا حول الوحدة العربية يكون من خلال (على سبيل المثال) تكامل الوطنيات واحترام خصائص كل بلد في إطار العروبة الجامعة، فحكم الحزب الواحد غير مقبول، إنما المطلوب حريات عامة وتعددية واحترام كل حقوق الانسان ومواطنة متساوية»، مشددا على أنّ «ثقافتنا الاتحادية عبر عقود انتشرت بصورة واسعة جماهيريا، واليوم نرى أن خصوم الناصرية من عصبيات طائفية أممية أو إيديولوجيات أممية أو عصبيات قطرية عجزت عن التنمية المستدامة مع أن بعض الأقطار حقق تنمية محدودة لكن العصبية القطرية التي ناهضت التضامن العربي وانكفأت لم تستطع معظمها حماية وحدتها الوطنية ولا استطاعت مواجهة الحركة الصهيونية».

وأكد أنّ «العروبة الحضارية الجامعة هي الحل، لذلك فإنّ الصهاينة والمستعمرين يعملون بصورة هيستيرية لضرب العروبة الجامعة لمصلحة مشروع الشرق الأوسط الكبير الصهيوني الأميركي لتقسيم البلاد وتحطيم ركائز الدولة الوطنية، فلا خلاص للأمة إلا بالتضامن العربي الجاد، وتطوير الجامعة العربية باتجاه اتحادي والابتعاد عن العصبية القطرية، وأي بلد لا يستطيع حماية نفسه من قوة إقليمية طامعة أو دولية معادية أو تمدد صهيوني إلا بإحياء التضامن العربي، الذي حقّق انتصار تشرين 73 ضد العدو، وقبله في الانتصار على العدوان الثلاثي على مصر الناصرية عام 56».

وأمل أن «تكون قمة الجزائر فاتحة خير لتجديد الوفاق العربي واستعادة مصر دورها وتوفير المناعة الوطنية لكل بلد عربي بإحياء مقرّرات شرم الشيخ عام 2015 بتشكيل قوّة عسكرية مشتركة للأمن القومي والتكامل الاقتصادي، وإحياء معاهدة الدفاع العربي المشترك، فلا التطبيع ولا التطويع يحمي أي قضية عربية، فالتطبيع ليس فقط  انحرافاً عن قضية فلسطين، إنما هو اختراق مُعادٍ لكل بلد عربي،  فلا حماية لأي بلد إلا بالتضامن العربي الجاد»؟

عروبة لبنان راسخة

وإذ سئل عن المخاطر على عروبة لبنان، لاسيما الأزمة الناشبة مع دول الخليج، أجاب: «نعم، فلبنان يتعرض لأخطار على وحدته وعروبته واستقلاله، خاصة من الحصار الأميركي، لكن عروبة لبنان راسخة منذ الكنعانيين، ثم مع الفتح العربي، فعلى مر الغزوات والاستعمار والحروب، صمدت عروبة لبنان وانتصرت مهما كانت قوى دولية واقليمية مناهضة لها».

وأردف: «أما بخصوص أزمة لبنان مع بلدان الخليج العربي، فهذا موضوع معقد، لأن لبنان يعيش على حرية التعبير، وهذا حق دستوري، إنّما حينما يستهدف أي طرف في لبنان بلداً عربياً بالإساءة الأمنية فذلك يُسيء لصاحبه ويسيء لكل لبنان، وقد يتسبب بعزل لبنان عن محيطه، في وقت لبنان بأشد الحاجة إلى التضامن العربي الشامل معه إزاء  الكوارث التي يتعرّض لها، خاصة أنّ جزءاً من أرضنا لا يزال محتلاً من العدو في مزارع شبعا، فلا نتحمّل صراعات إقليمية ودولية على أرضنا»، مستطرداً: «لا ننسى أنّ اتفاق الطائف نص وقبله «الميثاق الوطني»، على ألا يكون لبنان مقراً أو ممراً للاستعمار وغيره للإساءة الى سوريا والبلدان العربية».

المبادرة الكويتية؟!

وتعقيباً على «المبادرة الكويتية - العربية» لتصحيح العلاقة الخليجية مع لبنان»، قال شاتيلا: «بلدان الخليج العربي وقفت إلى جانب لبنان في السراء والضرّاء، والوفاء العربي اللبناني يتطلب الاعتراف بهذا الموقف، رغم كل الملابسات، لكن الجامعة العربية كلها لم تتابع تطبيق «اتفاق الطائف» بل دعمت طبقة سياسية وشخصيات معينة تجاوزت الدستور، وصاغت نظامها الخاص الذي دمر البلاد والعباد».

واسترسل: «اليوم طُرِحَتْ المبادرة الكويتية ولم نحصل رسميا على نسخة كاملة منها، لكن لاحظت هجوما كاسحاً من أطراف سياسيين عليها، لذلك وبعد قراءتي لأهم بند بالمبادرة وهو تطبيق اتفاق الطائف، الذي تم تجاوز معظمه من السلطات كلها، فإنّ هذا المطلب هو أصلا يعبّر عن انتفاضة تشرين ووطنية أغلبية اللبنانيين، ثم مطالبة المبادرة بضبط ووقف تصدير الممنوعات لبلدان الخليج فهو امر طبيعي ايضا، وإذا كان في المبادرة مسائل تتعلق بالمقاومة، فإنها تحتاج الى مناقشة من الاطراف الرسميين والقوى الوطنية الشعبية، فلا مشكلة في مناقشة السياسة الدفاعية داخلياً، لأنّ لبنان منذ العام 2006 دخل في حالة توازن ردع مع العدو الصهيوني، الذي استباحة 40 عاما ولا يزال محتلا جزءاً من أرضنا».

واستدرك: «فلنناقش إخواننا العرب في هذه المسألة، كيف نستعيد أرضنا المحتلة وبأي وسائل؟.. وأظن أن المقاومة اللبنانية لا تستخدم السلاح في الداخل، وهي حذرة تماما، كما أن السلاح كما يقولون حالة دفاعية، ولو افترضنا تحجيم موضوع سلاح المقاومة، وتمّت إزالة توازن الردع مع العدو، مَنْ يضمن من الإخوة العرب ان الكيان الاسرائيلي لن يعود الى استباحة لبنان؟.. إنه سؤال من احرار لبنان بغض النظر عن موقف حزب الله.. طبعا، قرار الحرب والسلم ينبغي أن يكون وطنيا والمعني الاول هو الجيش الوطني والجيش ممنوع تسليحه بأسلحة نوعية اكراما للعدو، فكيف نتصرف ازاء هذا الموضوع فالحوار العربي اللبناني ضروري».

العلاقة مع حزب الله

وعن علاقة «المؤتمر الشعبي» بحزب الله قال شاتيلا: «نحن قمنا بالمقاومة ضد العدو قبل حزب الله في منطقة العرقوب والجنوب بسنوات طويلة، ونحن على موقفنا الدفاعي ضد اعتداءات الكيان الصهيوني، وأي طرف لبناني مستعد لمواجهة اعتداءات العدو نتضامن معه، ولكن ليس هناك تطابقا بيننا وبين حزب الله في مسائل لبنانية وعربية عديدة، وهو امر طبيعي بين قوى متعددة فكرياً.. والآن المشاورات بيننا وبين الحزب باردة نسبياً لأسباب عديدة».

المستقبل اليوم والأمس

وحول «تجميد الرئيس الحريري لنشاطه السياسي» قال: «الرئيس سعد الحريري شخصية سياسية حر في مواقفه كغيره من الناس، ومن المؤسف أن تيار المستقبل من الاساس خاصمنا، ونحن لم نطرح العداء معه وخاض ضدنا معارك. الخطيئة الاساسية كانت من المستقبل بأنه اعتبر نفسه الممثل الوحيد للطائفة الاسلامية السنية، فعمل على ضرب القيادات في بيروت، بدءاً من الرئيس سليم الحص، وصيدا وطرابلس وخالف اصول الديمقراطية، التي تنص على التعدّدية السياسية، المتواجدة في كل المذاهب، بل أراد المستقبل طوال 30 عاما احتكار السياسة وقلنا هذا مستحيل في واقع لبنان، خصوصاً أنّه أراد إلغاء وجودنا ودورنا ففشل، لأن لنا جذورا نضالية ثابتة، وبدون أن يكون له رصيد وطني في الساحة، نحن بلا أموال ونظم وارتباطات، خضنا الحرب ضد التقسيم الاسرئيلية، ومعظم بنود الطائف نحن شاركنا بها، وأنشأنا  مؤسسات اجتماعية وصحية في معظم المحافظات ودافعنا عن حقوق الناس بإخلاص ونجحنا في الدخول الى النيابة في بداية السبعينيات من تبرعات الناس ومع النفي والاعتقالات ومحاولات الاغتيال والحصار الشامل علينا حتى الآن بقينا صامدين والحمدلله».

أحوال الطوائف

وفي ما يتعلق بأحوال الطائفة السنية اليوم، اعتبر انّ «كل الطوائف بخير، لكن التجارة بالطائفية هي المشكلة. إذ إنّ كل سلطات الطوائف بحالة ارتباك وتراجع، فانتفاضة 17  تشرين 2019 أطاحت بالكثير من قواعد السلطويين، وهم من كل الطوائف، لكن الانتفاضة على قاعدة الوحدة الوطنية الشعبية ألحقت خسائر ضخمة بالسلطويين. أما الطائفة السنية فهي كغيرها من الطوائف تتمسّك بالسلم الاهلي، وتسعى للتغيير بتطبيق دستور الطائف، وليست بوارد إشكالات داخل الصف الاسلامي الشامل، وليست طرفا فأي صراع اسلامي مسيحي. والسُنّة كغيرهم من الطوائف لم يكونوا في تاريخهم وراء زعيم واحد كما يشاع دائما فالتعددية كانت سائدة دائما ولا تزال».

وزاد: «نحن لنا برنامجنا وحضورنا في معظم المحافظات ولسنا بصدد وراثة اي طرف، كما نعمل مع إخوتنا في مؤتمر بيروت للعروبيين اللبنانيين، ووسائل الاعلام بما فيها إعلام حزب الله يتجاهلون حضوره ومواقفه ونتعاون مع مؤسسات اهلية نظيفة وطنية، لا خوف على السُنّة ولا على اي طائفة وقوى وشخصيات فعناصر لبنان متكاملة وقبل الطائف والى الآن والى ما شاء الله. نقول هناك استحالة ان تسيطر طائفة او مذهب او حزب على الآخرين لقد انتهى عهد السيطرة الطائفية عمليا ومن خلال الدستور فكل لبنان لكل اللبنانيين.

الانتخابات .. ولكن!!

وتطرّق رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني كمال شاتيلا في ختام حواره مع «اللواء» إلى ملف الانتخابات النيابية المقبلة، كاشفاً عن أنّ «موقفنا من الانتخابات البرلمانية المقبلة معروف فقانون الانتخاب الحالي هو قانون فيدرالي طائفي مخالف للدستور كليا، وليس غريبا على الاميركيين وبعض الانظمة الاقليمية والعربية أن تشجع على الانتخابات على اساس هذا القانون اللقيط، فالدستور نص على قانون انتخابات على اساس مجلس شيوخ طائفي ومجلس نيابي وطني خالفته الطبقة السياسية منذ ثلاثين عاما ولا تزال، ومن خلال اتصالاتنا بالناس والفاعليات شعرنا بأن معظم المواطنين من كل الطوائف ممتنعون عن المشاركة في الانتخابات على اساس هذا القانون  اللاشرعي دستوريا، ولعل «المستقبل» وكل السلطويين يعرفون ذلك، فالارتباك والخوف سائد في اوساط احزاب السلطة خصوصا، ونحن حتى الآن بحالة مشاورة مع الفاعليات ولم نحدد موقفنا النهائي بعد، فالناس يريدون معاقبة الطبقة السياسية وممارسة احتجاجاتهم بالامتناع والمقاطعة، أما الدوائر المحيطة بأحزاب  السلطة فهي متحمسة بإنتظار الاموال».

بيروت منكوبة

وخلص إلى قول: «بيروت بمواقفها وأصالتها ليست ساحة صراع لقوى اقليمية ودولية، بل طبيعة بيروت توحيدية، إذ لم ولن تقبل أن تكون هونغ كونغ بلاهوية، بل هي عربية عروبية لا شرقية ولا غربية. أهلها الأصلييون منفتحون على كل المحافظات. كانت دائما منارة حضارية للعروبة الجامعة، ومركزاً ثقافياً متقدما، وهي مدينة مناضلة رائدة في مواجهة الاحلاف الاستعمارية والصهيونية فلا تقبل بوصاية او تبعية لأي كان تخالف خصائصها وطبيعتها، إنها قلب الوحدة الوطنية. بيروت منكوبة الآن ولكنها مرحلة عابرة ولبنان واجه كوارث وأعاد النهوض والنهضة.

التاريخ: 
الاثنين, فبراير 7, 2022
ملخص: 
لا ننسى أنّ اتفاق الطائف نص وقبله «الميثاق الوطني»، على ألا يكون لبنان مقراً أو ممراً للاستعمار وغيره للإساءة الى سوريا والبلدان العربية.