دار الفتوى يدعم ميقاتي ويطالب برئيس يحترم القسم ويلتزم به
مع اقتراب دخول البلاد الخميس المقبل المهلة الدستورية بدا ان الفريق العوني ممعن في فقد اعصابه، على خلفية الكشف عن العرقلات الحاصلة بشأن تأليف الحكومة، والتمسك بشروط تعجيزية تتجاوز الدستور والمألوف ايضاً. فيما البلاد غارقة في «عتمة العهد».
ومع انضمام السفراء بالخارج للاضراب، الذي دخل شهره الثالث في ما خص موظفي الادارة العامة، ودخله قضاة لبنان الاسبوع ما قبل الماضي، بلغ السيل الزبى، وخرج دار الفتوى عن صمته، واعلن التحذير الحاسم من الالتفاف على القيم والمبادئ الدستورية التي أتى بها اتفاق الطائف، كما اعلن تأييده للرئيس المكلف نجيب ميقاتي في مسعاه لتشكيل الحكومة، مؤكداً الحرص على صلاحيات رئيس الحكومة في حماية المهام المنوطة به والمحددة له في الدستور واتفاق الطائف».
إلا ان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بعد تكذيبه «اولاد الحرام الذين يقوِّلون الرئيس ما لم يقله، ويحملونه وزر افعال لم يفعلها»، قال في بيان له ان «مواقف الرئيس عون من تشكيل الحكومة الجديدة تستند الى قناعة ثابتة، بضرورة حماية الشراكة الوطنية، والمحافظة على الميثاقية، وتوفير المناخات الايجابية التي تساهم في مواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد».
وعليه مع التشديد على عدم اضاعة فرصة تأليف الحكومة لانهاء الاستغراق في «لعبة عبثية» لا جدوى منها، لم يستبعد مصدر مطلع ان يزور الرئيس المكلف بعبدا اليوم او في اي وقت خلال الـ72 ساعة المقبلة لاستئناف البحث في التشكيلة التي قدمها لرئيس الجمهورية في 29 حزيران الماضي.
ووصفت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة الجديدة مسار الاتصالات الجارية لتقريب وجهات النظر بين الرئيس عون وصهره النائب جبران باسيل والرئيس ميقاتي بانها تراوح مكانها، ولم تحقق اي اختراق ولو جزئي، لاستمرار كل طرف على مواقفه السابقة، بما قد يؤدي إلى تجميد الاتصالات والمشاورات نهائيا إذا استمرت المراوحة بملف التشكيل على حالها، وقد تطوى عملية التشكيل، وتتابع حكومة تصريف الأعمال مهماتها حتى انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وكشفت المصادر النقاب عن اتصالات جرت خلال اليومين الماضيين، ولكنها لم تصل الى نتائج إيجابية، بالرغم من طرح اكثر من حل لانهاء التباين الحاصل وقالت: طرح موضوع اعادة تعويم حكومة تصريف الأعمال من خلال حل مشكلة تعيين وزيرين،بدل وزير الاقتصاد ووزير المهجرين واصدار مراسيم تشكيلها من جديد، واستمر الخلاف على من يسمي الوزيرين، فأصر عون على التسمية، وهو ما رفضه ميقاتي رفضا كاملا، لانها تؤدي إلى حصول التيار العوني على الثلث المعطل والتحكم بقرارات وعمل الحكومة المعومة، ويشل حركتها متى يشاء كما فعل مرارا بالسابق .
واشارت المصادر إلى ان طرح الحكومة الموسعة الذي اقترحه عون لتضم ثلاثين وزيرا بينهم ست وزراء دولة، يتضمن حصول التيار الوطني على الثلث المعطل أيضا فيها،الامر ألذي يرفضه إلى جانب ميقاتي، معظم الاطراف المشاركين بالحكومة، ما يبقي الامور تدور في حلقة مفرغة .
وحددت المصادر ما دار في الاتصالات والمساعي المبذولة لحلحلة ازمة تشكيل الحكومة والخلافات التي تناولها النقاش وقالت ان الرئيس المكلف ابلغ هؤلاء الوسطاء، ما يقبل به وما يرفضه بوضوح، مؤكدا رفضه الكامل للحكومة الموسعة، وتمسكه بالتشكيلة الوزارية المؤلفة من ٢٤وزيرا او تعويم الحكومة الحالية من دون اعطاء اي طرف ومن بينهم التيار الوطني الحر الثلث المعطل تحت اي ظرف كان.
كما تناول النقاش بعضا من شروط ومطالب النائب جبران باسيل القديمة والجديدة ومنها ابدال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بآخر من المحسوبين على التيار، وتعيين موظفين يختارهم التيار بالمراكز الوظيفية الاساسية بالدولة ةالحصول على ضمانات بعدم فتح ملفات مقربين من التيار بالعهد المقبل. وقد ابدى ميقاتي رفضه الالتزام بتنفيذ هذه المطالب .
وفي سياق متصل، لفتت مصادر مطلعة «اللواء» إلى أن البيان الذي صدر من بعبدا اوحى وكأنه يأتي في سياق المعركة المتصلة بالملف الحكومي في حين أن نقاطه واضحة وليس المقصود منه هذا الأمر بالتحديد وأكدت أنه وضع الأمور في نصابها منعا للتحليل. من جهة ثانية، أكدت المصادر نفسها أن الملف الحكومي لم يعلق لكنه ليس في أفضل حالاته وينتظر ما قد يطرأ هذا الاسبوع في حال قام لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.
إذاً، فيما ينتظر الجميع لقاء الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي هذا الاسبوع لإستكمال البحث في تشكيل الحكومة، استمر الاستحقاق الرئاسي طاغياً على التحركات والاتصالات والمواقف، حيث اعلن عضو مجموعة نواب التغيير النائب ميشال دويهي «اننا سنطرح سلّة أسماء لرئاسة الجمهورية، ومبادرتنا قائمة على السيادة الوطنية وإخراج لبنان من حرب المحاور وسنطلب مواعيد من كل الكتل النيابية بينها كتلة «الوفاء للمقاومة» ونريد رئيساً لكل اللبنانيين» .
وأضاف: نريد رئيس دولة وليس رئيس طائفة، والنواب التغييريون الـ13 سيكون موقفهم موحّداً بشأن المبادرة الرئاسية، ولا خلاص للبنان إلا بدولة قوية ونحن حزب الدولة اللبنانية. ولا نريد رئيساً وسطياً بل رئيساً يملك حلولاً، ونبحث عن شخص مدنيّ لتولّي رئاسة الجمهورية.
لكن عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم اوضح أن الرئيس نبيه بري «لن يدعو الى جلسة انتخاب رئيس جمهورية إلا عندما يرى أن الوقت مناسبٌ وأقله عندما تتوفر حدود الدنيا من التوافق حول اسم الرئيس». وقال: أن رئيس المجلس لم يتأخر ولا مرة عن المساعدة بتشكيل الحكومة وغير الحكومة انطلاقاً من دوره الانقاذي لتفادي الأزمات ولو انه لا يعلن عن أي جهد يقوم به.
وقال: أن لا شيء يمنع من تشكيل الحكومة ضمن مهلة الشهرين الدستورية ويمكن أن يحصل ذلك قبل دعوة الرئيس بري الى جلسة انتخاب.
المجلس الشرعي والتعطيل
وفي السياق السياسي، عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسته الدورية في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، وتم التداول في الشؤون الإسلامية والوطنية وآخر المستجدات على الساحة اللبنانية، واصدر بيانا تلاه عضو المجلس الشيخ فايز سيف قال فيه: توقف المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى مطولا أمام ظاهرة شاذة تتمثل في الإلتفاف حول قضية انتخاب رئيس جديد للجمهورية والإهتمام بقضية مصطنعة لتشكيل حكومة جديدة، أو تعديل الحكومة الحالية التي يترأسها الرئيس نجيب ميقاتي. ويؤكد المجلس الشرعي ان لبنان يحتاج الى رئيس جديد للجمهورية خاصة بعد سلسلة العثرات والمواقف الارتدادية عن روح الدستور اللبناني واتفاق الطائف وميثاق العيش المشترك، انه يحتاج الى رئيس جديد يحترم قسمه الدستوري ويلتزم به، غير ان ما يجري في الوقت الحاضر هو الإلتفاف على هذه القيم والمبادئ، أحيانا بالطعن بشرعية الحكومة الحالية والإلتفاف عليها، وأحيانا أخرى بطرح شعارات التمثيل الطائفي والمذهبي.
أضاف: بينت المرجعيات الدستورية في لبنان كيف ان هذه المواقف التعطيلية المتعمدة لدور الحكومة ولإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها تُشكّل انتهاكاً للدستور واتفاق الطائف. ويدعو المجلس الشرعي الى احترام النصوص الدستورية. ويحذر من ان الإلتفاف على هذه النصوص تحت أي ذريعة لن يؤدي إلا الى المزيد من المتاعب والإضطرابات التي تدفع لبنان نحو الهاوية، بدلا من أن تنتشله مما هو فيه من معاناة».
وتابع: يناشد المجلس الشرعي جميع القوى السياسية للتعاون والتضامن وتوحيد الصف لإيجاد الحلول الوطنية الناجعة لولادة الحكومة، ويرى أن الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة هي ثمرة اللقاءات والاتصالات والمشاورات التي أجراها الرئيس نجيب ميقاتي مع القوى السياسية والتكتلات النيابية كافة لإنجاز تأليف الحكومة والتي هي الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لإنقاذ البلد، ويؤكد المجلس دعمه وتأييده للرئيس ميقاتي في مسعاه لتشكيل الحكومة وفي الخطوات التي يقوم بها من اجل وطنه وشعبه.
وبيان الرئيس
واعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهوريّة أنه «منذ بداية البحث في تشكيل حكومة جديدة، تتناوب وسائل اعلام مرئيّة ومسموعة ومكتوبة على نشر اخبار وتحليلات ومقالات تَنسُب الى رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون مواقف وخطوات وإجراءات هي في الواقع ادّعاء في قراءة النوايا، وضرب في الغيب من جهة، ومحض إختلاق وإفتراء من جهة ثانية، وذلك في إطار المخطّط المستمرّ لإستهداف موقع رئاسة الجمهوريّة وشخص الرئيس، من خلال القول بوجود رغبة لديه في تعطيل تشكيل الحكومة حيناُ، او تجاوز الدستور في ما خصّ موعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية أحياناً أخرى. وعلى رغم المواقف التي صدرت مباشرة عن الرئيس، او من خلال مكتب الإعلام في الرئاسة، والتي تدحض كلّ هذه الافتراءات، يواصل البعض من السياسيّين والإعلاميّين المضيّ في الترويج لسيناريوهات من نسج الخيال بهدف الإمعان في الإساءة، وخداع الرأي العام في الداخل والخارج».
وحذّرت «من تمادي البعض في دسّ الأخبار والمعلومات الكاذبة والتحريض الطائفي والمذهبي وتضليل الرأي العام وإستهداف أمن البلاد وإستقرارها، مؤكدة أنّ هذه المحاولات باتت مكشوفة ومعروفٌ من يقف وراءها».