طريق الخلاص يمرُّ بالطائف
٣٣عاماً مرَّت على توقيع الميثاق الوطني بين اللبنانيين في مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية، هذا الاتفاق الذي أوقف الحرب الأهلية ووضع حد لبركان الدم بين اللبنانيين على مدى ١٥ عاماً.
٣٣عاماً شهد فيها لبنان العصر الذهبي من خلال الإنماء والإعمار والإزدهار الاقتصادي والخدماتي وإرتفاع نسبة التعليم حتى عرف عن لبنان انه جامعة ومستشفى الشرق.
فطوال تلك الفترة وما شهدتها من مطبات لم يتمكن أحد من إلغاء الطائف رغم محاولات البعض للانقلاب عليه عبر ابتداع أعراف جديدة ومحاولة مصادرة صلاحيات مجلس الوزراء ورئيسها، ورغم محاولات بعض السفارات في تمهيد فكرة عقد إجتماعي جديد لكن هذه الخطوة دفنت في مهدها.
فهذا الاتفاق وما يمثل للمعنى الوجودي لكيان لبنان العربي الهوى والهوية، هو الحجر الأساس لبناء الدولة ومؤسساتها الرسمية وفق الدستور يخضع له الجميع سواسية، لا يستقوي قويهم على الضعيف.
لكن ما نشهده اليوم من أزمة اقتصادية و سياسية جراء التراكمات والترهلات سببها عدم تطبيق كافة بنود الطائف، فكل طرف سياسي يريد تطبيق بند غب طلبه وهنا تكمن المشكلة.
فعلى سبيل المثال، جميع العناوين العريضة التي رفعت خلال الانتخابات الأخيرة من الإصلاحات وصولاً إلى إلغاء الطائفية السياسية جميعها يمكن حلّها بتطبيق الطائف، فهو المدخل الوحيد لحل المشاكل العالقة بين الأطراف السياسية.
وما نشهده اليوم من فراغ ما هو إلا بسبب ارتباط كل طرف أجندة خارجية، في ظل انعدام وضوح المعالم السياسية القادمة بسبب حروب المنطقة وصراع الامبراطوريات القديمة على استعادة نفوذها، فالمطلوب تغليب المصلحة الوطنية، وجلوس جميع الأطراف السياسية على طاولة حوار ومناقشة كل طرف هواجسه لتجنيب انجرار الصراع السياسي إلى الشارع، وبالتالي الاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية حقيقي قادر على جمع اللبنانيين والحكم فيما بينهم وفق الدستور والقانون، فلا مكان للإنقسام وان كان البعض يفضّل الذهاب إلى التقسيم والفدرلة بسبب التطرف والحنين لزمن الكانتونات، ومن هنا أتت مبادرة سفارة المملكة العربية السعودية مشكورة عبر عقد المؤتمر الوطني لترسيخ فكرتين «وحدة اللبنانيين وعروبة لبنان»، فهذه هي الفرصة الأخيرة لبناء دولة حقيقية وإلا على الدنيا السلام.
من هنا ومن إصرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن خلال رؤيتهم لهذا الاتفاق الذي يحقق السلام الذاتي والاستقرار المنشود، خصوصاً أن لبنان يدخل في رؤية ٢٠٣٠ من خلال الاستثمارات التي تحقق المكاسب لهذا الوطن الجريح، واليوم بعد ٣٣ عاماً للطائف نقول شكراً للملك فهد والملك عبدالله وللشهيد رفيق الحريري والأمير سعود الفيصل، وللاخوة العرب وللسفير وليد بخاري ومنتدى الطائف، شكراً للمملكة العربية السعودية وشعبها الطيب، رغم كل المحاولات يبقى تنفيذ اتفاق الطائف هو المدخل الوحيد لحل المشاكل العالقة بين الأطراف السياسية المختلفة والمتنازعة على السلطة، لهذا هل نستطيع اغتنام الفرصة خصوصاً انني لاحظت خلال مشاركتي في المؤتمر حماس الحاضرين والحرص على تطبيقه أم اننا تعوّدنا على أن نضيّع الفرص؟