الحريري والإنذار الأخير قبل السيناريو الأخطر
بعدما ظهر الأمين العام لـ"حزب الله" السيد نصرالله أمام العالم بصورة "الولي"، مثبتاً نظرية أن لبنان بات رهينة لدى الحزب وإيران، على اللبنانيين الاستعداد للسيناريو الأسوأ، وهو "الحصار". ولن يكون مضمونه بعيداً عما سيتطرق إليه الرئيس سعد الحريري غداً الثلثاء، وسط تساؤلات عن امكان اعتذاره. وتؤكد المعلومات أن "الحريري لن يعتذر وسيصارح اللبنانيين ويضعهم أمام الحقيقة، إذ يبدو واضحاً أنه لم يعد قادراً على صد موجة عالمية ضد "حزب الله"، وأفق الأزمة بات مفتوحاً، وكذلك تعامل الحريري مع الأزمة مفتوحاً على كل الاحتمالات بما فيها الأسوأ".
هي معلومات قدمها مصدر سياسي مطلع، يؤكد في كلامه أن الوضع في لبنان لم يعد مرتبطاً بقراءة بالسياسة فحسب، بل المؤشر الاقتصادي بات حاسماً. وبين الخطير والأخطر، يهدد خطاب نصرالله اتفاق الطائف الذي يُعتبر عنصر أمان لبنان ومانع الحرب الأهلية، وانعكاسه خطير على الداخل والخارج، ولأنه لا يستطيع أن يقضي على الطائف، باعتبار أن الأمر يتطلب وفاقاً وطنياً، يحاول "حزب الله" خلخلته، لكن الأخطر هو "أن لبنان أمام حصار اقتصادي غير مسبوق، ومفاعيله أخطر من ضرب الطائف". ويذكّر المرجع بأن كل القيادات اللبنانية تلقت إشارات واضحة من أكثر من دولة أوروبية ومن أميركا ودول عربية ومن أصدقاء لبنان، وكانت النصيحة الأولى بألا يكون "حزب الله" ممثلاً في الحكومة، لأن العقوبات كبيرة، وأتت بعدها النصيحة الثانية بألا يتم اعطاء الحزب وزارة تحصل على تمويل خارجي. ورغم النصائح أخذ الحريري الموضوع على عاتقه، متمسكاً بحكومة وحدة وطنية، لكن عندما بات هناك شعور دولي بأن "حزب الله" يتجه إلى اكتساح الحكومة في ظل "تراند" عالمي وعربي يضع الحزب على لائحة الإرهاب، لم يعد هناك خط أحمر على اقتصاد لبنان، ما دام "حزب الله" ممثلاً بالحكومة. وعبر المرجع عن استغرابه من استمرار الحريري رغم مطلب الحزب الانقلابي الذي أتى ضمن موجة تعليمات من إيران.
وليس مصادفة أن ينسجم رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب السابق وليد جنبلاط في اعطاء اشارات للمجتمع الدولي، فالأول، وللمرة الأولى خاطب نصرالله من القصر الجمهوري، لكنها كانت أيضاً رسالة إلى المجتمع الدولي لعدم ترك الاقتصاد اللبناني ينهار، فيما الثاني كان واضحاً في تغريداته المعبرة عن الوضع الاقتصادي وعن حاجته إلى الضمان الاقتصادي. ويؤكد المرجع أن "الأجواء الدولية تم نقلها إلى القيادات اللبنانية، وأن محاذير الضربة الإقتصادية تبدأ بعقوبات على "حزب الله"، لتشمل بعدها كل من يتعامل مع الحزب، وبالتالي لبنان، ولم يعد هناك غطاء مالي أو اقتصادي للبنان في الغرب، كما لم يعد التلويح بموضوع اللاجئين نافعاً. الأميركيون لا يهتمون بهذه الأمر، كما أن الأوروبيين قادرون على مواجهة موضوع اللاجئين بمزيد من الضبط والأمن في البحر".
ويصف المرجع السيناريو المطروح بأنه "حصار سياسي ومالي يشبه الإطباق على العراق وسوريا"، ويقول: "لن تكون أوروبا بعيدة عن الأميركيين في هذا، بل ستكون سنداً لهم، وكندا أيضاً والعالم العربي. وحذّر الروس القيادات اللبنانية من أنها لم تعد قادرة على تحسين الوضع في لبنان أو مواجهة العقوبات المحتملة، ونصحوا القيادات بعدم اللعب بالمعادلة اللبنانية، وبأن الآتي أسوأ. فنحن أمام إطباق دولي وعدم قدرة على المواجهة"، مشدداً على أن "سعد الحريري الذي صمد وصبر استثنائياً، وضعه حزب الله في موقف ربما يدفع الأول إلى اطلاق الانذار الأخير، ونتجه بعد الثلثاء إلى مرحلة جديدة يقف فيها لبنان أمام انهيار اقتصادي في حال أكمل نصرالله بتوجهاته، فهو اعتاد أن يقول لن نغير موقفنا، بما يعني أن وضع لبنان ومصيره أمام تحد مع المجتمع الدولي". ويضيف: "موهوم نصرالله إذا فكّر إنه قادر على تهديد المجتمع الدولي، فالعراق وسوريا جربا وأخيرا إيران، فتلقت صفعة قوية".
وختم: "على اللبنانيين أن يستعدوا للسيناريو الأسوأ، وباكورته قرار بسحب كميات من ودائع الأجانب في المصارف اللبنانية، ثم هروب المستثمرين، وهكذا لا يستطيع أحد أن يصمد، وشهدنا تكاملاً بين الحريري وعون وحتى جنبلاط بوجه حزب الله لأن الرسائل التي تصلهم واضحة".