هل تفرض المثالثة نفسها في لبنان؟

النوع: 

 

سمح تعثّر المفاوضات الماراثونية وعدم توصّل رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري إلى الإعلان عن فريقه الحكومي، بظهور بعض المؤشرات السياسية التي تفيد بأن بعض الأطراف السياسية الشيعية تسعى إلى المزيد من دوائر الأزمة السياسية في البلاد بالدفع نحو إحداث تغييرات في النظام السياسي عبر التمرّد على اتفاق الطائف للمضي قدما في المرور من صيغة المناصفة إلى المثالثة.

وبعدما أطل نظام المثالثة برأسه من جديد على الساحة اللبنانية، تشير كل الكواليس السياسية في البلد إلى أن الأطراف الدافعة بقوة إلى ذلك تتمثل أساسا في حزب الله الذي يريد فرض ذلك بطريقة مبطنة دون أن يعلن ذلك على الملأ.

ويحذّر مراقبون للساحة السياسية اللبنانية من أن يأخذ جدل تشكيل الحكومة أبعادا خطيرة قد تتجاوز مطبّات العقد الطائفية لتصل إلى حدّ تفخيخ صلاحيات رئيس الحكومة وتوزيعها على المكونات السياسية المشكلة لها، ليتجاوز النقاش مسألة توزيع الحقائب ويصل إلى حد المطالبة بتغيير النظام السياسي المرتكز على اتفاق الطائف المبرم عام 1989 والذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية.

هذه التعديلات التي تروج في المشهد اللبناني، ترتبط أساسا بمؤتمر تأسيسي على غرار "اتفاق الطائف"، الذي أنهى حربا أهلية بين الفرقاء اللبنانيين دامت 15 عاما، وتم التوصل إليه في 1989، بوساطة سعودية.

وتماشيا مع اللوائح المعمول بها بعد الاتفاق، الذي أسس للمحاصصة الطائفية، يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس مجلس النواب شيعيا، ورئيس مجلس الوزراء سنيا.

ويعتبر العديد من المشرعين اللبنانيين أن خطورة الأمر قد تعيد لبنان إلى مربع ملتهب ساهم في نشوب حرب أهلية دامت 15 عاما، وأن الرئيس ميشال عون الذي لم يعترف باتفاق الطائف عام 1989، يحاول اللجوء إلى ممارسات لتفخيخ صلاحيات الرؤساء الأخرى، ولاسيما رئيس الحكومة، من خلال أعراف لا تتسق مع النظام السياسي اللبناني الراهن.

وتهدف تعديلات المثالثة المطروحة إعلاميا، بحسب تخوفات المسيحيين، إلى تقليص الدور المسيحي في كافة مؤسسات صنع القرار، وهو ما جعل من الحديث عن تلك التعديلات كابوسا يراود الطوائف المسيحية في لبنان.

وظهر ذلك جليا في صرخة أطلقها الكاردينال الماروني اللبناني، مار بشارة بطرس الراعي، قبل أيام، خلال لقاء جمع 34 شخصية مسيحية من رؤساء الكتل النيابية ونوابهم، في البطريركية المارونية شرقي العاصمة بيروت.

قال الكاردينال الماروني إن "من أسباب الأزمة السياسية عدم تطبيق الدستور واتفاق الطائف، مما جعل المؤسسات الدستورية ملك الطوائف لا الدولة، في حين يُحكى في السر والعلن عن مؤتمر تأسيسي ومثالثة في الحكم تضرب العيش المشترك".

ويعترف العارفون بخبايا الأزمة السياسية بأن المثالثة هي مطلب مبطن لـحزب الله، فرغم أن الحزب الشيعي لم يطالب بذلك في العلن فإنه في المقابل لم يستنكره ولم يتمسّك باتفاق الطائف.

والمقصود بـ"المثالثة" هو تقسيم عملية صناعة القرار بين السنة والشيعة والمسيحيين، بدلا من المناصفة الحالية بين المسلمين والمسيحيين، مما يعني، بحسب تخوفات مسيحية، الانتقاص من الدور المسيحي.

وتناهض الطوائف المسيحية اللبنانيةُ المثالثةَ، باعتبار أن أي تغيير في النظام السياسي يعني بالضرورة تقليص تمثيلها، وتحجيم دور المسيحيين الفاعل في السياسة على مستوى القرار، عبر مثالثة تشكّل خطرا على الدور السياسي المسيحي.

التاريخ: 
السبت, يناير 26, 2019
ملخص: 
يحذّر مراقبون للساحة السياسية اللبنانية من أن يأخذ جدل تشكيل الحكومة أبعادا خطيرة قد تتجاوز مطبّات العقد الطائفية لتصل إلى حدّ تفخيخ صلاحيات رئيس الحكومة وتوزيعها على المكونات السياسية المشكلة لها، ليتجاوز النقاش مسألة توزيع الحقائب ويصل إلى حد المطالبة