قراءة في الحروب الأهلية المديدة في لبنان (1).....
مقدمة لا بد منها .....
اليوم الاثنين يصادف مرور 45 عاما على بدء الحروب الأهلية في لبنان والتي بدأت في 13 نيسان 1975.وعلى رغم مرور هذه الفترة الطويلة ، ما زالت هذه الحروب تفتقد إلى قراءة موضوعية يتفق عليها اللبنانيون من أجل بناء مستقبل واحد لهم . كتب التاريخ المدرسية تتجاهل هذه الحروب .واضعو المناهج التربوية اختلفوا حسب مواقعهم السياسية .ويتجنب معظم اللبنانيين الذين عاشوا فترات الحروب من نقاشها أمام أولادهم ، وإذا اضطر أحدهم للحديث عن الحرب فإنه يطرح وجهة نظره كما عاشها في تلك اللحظة من الحرب تعبر عن رأي مجموعة من اللبنانيين فحسب بوعي منه أو بدون وعي.
ماذا وصل للشباب من الحرب ؟
قبل سنوات، وفي حلقة نقاش حضرها نحو 30 شابا وشابة من مناطق لبنانية مختلفة في حلقة التنمية والحوار في صيدا ، تحدث بعضهم عما وصل إليه عن الحروب الاهلية، قال أحدهم : حصلت الحرب بعد أن احتل المسلحون الفلسطينيون الأراضي اللبنانية فتصدت لهم مجموعة من اللبنانيين دفاعا عن سيادة لبنان واستقلاله. وقال آخر : وقعت الحرب لأن أصحاب الامتيازات رفضوا تقديم بعض التنازلات عن امتيازاتهم. أحدى الصبايا رأت أن الحرب وقعت دفاعا عن الثورة الفلسطينية .وشاركها رفيق لها أشار إلى أن سبب الحرب، كما عرف، يعود لاحتلال إسرائيل لاراضٍ لبنانية . واحدهم أشار إلى حرب الإلغاء وآخر إلى حرب إقليم التفاح بصفتهما حروب أهلية كما وصلت إليهما .أحد الحاضرين فاجأ الحضور عندما سأل : هل احتلت إسرائيل صيدا فعليا ؟
كان واضحا أن كل مشارك وصلت إليه أخبار الحروب الأهلية بطريقة مختلفة، وبالتالي كان صعبا أن يتفقوا على قراءة واحدة للعوامل التي أدت إلى الحروب الأهلية .
ماذا عن الأطراف السياسية ؟
معظم الأطراف السياسية وخصوصا من شارك في هذه الحروب لم يجر نقدا موضوعيا لما حصل من عام 1975 وحتى اليوم .في أواخر القرن الماضي أجرت منظمة العمل الشيوعي في لبنان، وهي من الاطراف التي شاركت في الحرب، قراءة ونقدا لتجربتها لكنها بقيت داخل الإطار الحزبي ، إلى أن أعلن عنها الأمين العام للمنظمة محسن إبراهيم في خطاب تأبين جورج حاوي عام 2005،ومفادها أن اليسار أخطأ عندما رأى في الحرب الأهلية طريقا للتغيير، وان اليسار توسل السلاح الفلسطيني من أجل ذلك ، وقد حملت الحركة الوطنية الوضع اللبناني فوق طاقته دفاعا عن الثورة الفلسطينية . الزعيم الدرزي وليد جنبلاط قال إنه خلال الحرب دفاعا عن عروبة لبنان وتطوره الديموقراطي ارتكبنا أخطاء كثيرة وخصوصا في الجبل .. وأشار الرئيس آمين الجميل إلى ارتكاب أخطاء أيضا في الحرب التي حصلت دفاعا عن سيادة لبنان واستقلاله.
أحد قادة القوات اللبنانية السابقين أسعد شفتري كتب في النهار عام 2000 اعتذارا من اللبنانيين والفلسطينيين عما ارتكب من أخطاء بحقهم خلال الحروب الأهلية وأعاد ذلك إلى عدم فهمه للمسيحية كما يجب، في محاولة منه للوصول إلى الخلاص الفردي الإلهي. بعد ذلك التف حوله عدد من المشاركين في الحروب الأهلية من منابت مختلفة للقيام بحملات توعوية ضد الحروب الأهلية كطريق لحل النزاعات وضرورة تجنبها .
ماذا بعد توقف الحروب المسلحة ؟
بعد اتفاق الطائف وتوقف الحروب المسلحة ، تحدث الجميع عن النتائج الكارثية للحروب لكن أحد لم يتحدث عن الأسباب والعوامل الداخلية والخارجية إلتي أدت إلى الحرب ، وكيف يمكن معالجتها لعدم تكرار ما حصل . البعض رأى أن العوامل الداخلية هي التي أدت إلى الحرب، والبعض الآخر رأى أن الحرب انفجرت بسبب العوامل الخارجية .كل هذا النقاش لم يؤد إلى وعي لبناني مشترك لتجربة الحرب لمنع تكرارها. الآن لبنان في أزمة عميقة، النظام السياسي الطائفي عاجز عن تقديم أية حلول للانهيارات المالية والاقتصادية والاجتماعية. وأتت أزمة الكورونا لتزيد من صعوبة حياة اللبنانيين .السلطة لا تملك حلا إلا القمع ونهب المال العام والخاص من خلال المصارف، والخوف بعد الكورونا، وبسبب دفاع أقوياء الطوائف عن نظامهم المولد للحروب، أن نذهب إلى الفوضى الكيانية كي يبقى النظام الطائفي ...
لذلك من الضروري قراءة الحروب الأهلية في لبنان والعلاقة الجدلية ما بين العوامل الداخلية والعوامل الخارجية التي تؤدي دوما إلى حرب أهلية . لذلك للقراءة تتمة .